ما تداعيات إغلاق ميناء بالتيمور في أميركا على أسواق الطاقة؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- ميناء بالتيمور ثاني أكبر مراكز تصدير الفحم الأميركية بعد هامبتون رودز
- ارتفاع صادرات الفحم المارة من الميناء إلى 25 مليون طن متري في 2023
- الفحم البخاري أو الحجري أكثر الأنواع تصديرًا عبر الميناء يليه الفحم المعدني
- الهند واليابان أكبر المتضررين بالإضافة إلى دول آسيوية وأوروبية ولاتينية أخرى
- واردات الولايات المتحدة من الأسفلت وبعض المشتقات النفطية ستتأثر سلبًا
- تكدس مخزونات الفحم قد يغير مشهد توليد الكهرباء الأميركي خلال الصيف
أثار إغلاق ميناء بالتيمور في الولايات المتحدة مخاوف واسعة من تأثر حركة البضائع وشحنات الطاقة على مستوى البلاد، وسط توقعات بأن يظل الإغلاق مستمرًا لأسابيع ليست بالقليلة.
وانهار جزء من جسر فرنسيس سكوت كي بمدينة بالتيمور الأميركية فجر الثلاثاء (26 مارس/آذار 2024)، بعد اصطدام حاوية كبيرة به، ما أدى إلى سقوط جزء كبير من هيكله المعدني في نهر باتابسكو.
وأدى انهيار الجسر الذي يبلغ طوله 2.6 كيلومترًا إلى إغلاق ميناء بالتيمور، ثاني أكبر مراكز تصدير الفحم في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف واسعة حول حدود التأثيرات المتوقعة في تجارة الطاقة وحركة الصادرات والشحن المارة بالميناء، بحسب أحدث التطورات التي تتابعها وحدة أبحاث الطاقة.
إغلاق ميناء بالتيمور يضر بصادرات الفحم
يمر من ميناء بالتيمور قرابة 28% من إجمالي صادرات الفحم الأميركية بحسب بيانات مكتب الإحصاء الأميركي لعام 2023، ما جعله ثاني أكبر مركز لتصدير المعدن الأسود بعد ميناء نورفولك بمدينة فيرجينيا المعروف باسم هامبتون رودز.
وبلغ إجمالي صادرات الفحم السنوية المارة من ميناء بالتيمور نحو 20 مليون طن أميركي (18.14 مليون طن متري) خلال السنوات الـ5 الماضية، مع استثناء عام جائحة كورونا (2020) الذي شهد انخفاض الطلب على الفحم في جميع أنحاء العالم.
وارتفعت الصادرات من ميناء بالتيمور إلى 28 مليون طن (25.39 مليون طن متري) في عام 2023، بسبب الطلب المتزايد على الفحم الأميركي في آسيا.
(الطن الأميركي = 0.907 طنًا متريًا)
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن يؤثر إغلاق ميناء بالتيمور في حجم صادرات الفحم الأميركية هذا العام (2024)، بحسب تقرير صادر في 28 مارس/آذار 2024.
وكانت إدارة معلومات الطاقة قد توقعت نمو إجمالي صادرات الفحم الأميركية في عام 2024 بنسبة 1% فقط، وذلك قبل إغلاق ميناء بالتيمور، ما يشير إلى احتمالات تحولها للانخفاض إذا استمر إغلاق الميناء لمدة أطول، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
صادرات الميناء في 5 سنوات
يتميز ميناء بالتيمور بالقرب الجغرافي من حقول الفحم الشمالية في منطقة أبالاتشيا الممتدة غرب ولاية بنسلفانيا وحتى شمال ولاية فرجينيا الغربية، إذ تنتج المناجم في هذه المنطقة الفحم المعدني عالي الجودة والفحم البخاري ذا المحتوى الحراري العالي.
ويُعد الفحم البخاري أو الحجري المستعمل في توليد الكهرباء والتدفئة، النوع الأكثر تصديرًا عبر ميناء بالتيمور، وبلغ متوسط شحناته 12 مليون طن أميركي سنويًا (10.8 مليون طن متري) خلال المدة من 2019 إلى 2022، قبل أن يرتفع إلى 19 مليون طن أميركي (17.2 مليون طن متري) في عام 2023.
على الجانب الآخر، تراوح حجم صادرات الفحم المعدني أو فحم الكوك المارة من الميناء، الذي يُستعمل في صناعة الحديد الصلب، من 6 إلى 10 ملايين طن أميركي خلال المدة من 2019 إلى 2023.
ورغم أن المواني القريبة الأخرى من بالتيمور، وأبرزها هامبتون رودز، تتمتع بقدرة إضافية على تصدير الفحم، لكن عوامل جودة الفحم وتسعيره والجداول الزمنية لتصديره ستؤثر في قدرة الشركات في التحول إلى التصدير من ميناء إلى آخر، بحسب إدارة معلومات الطاقة.
أكبر الدول المتضررة من إغلاق ميناء بالتيمور
كانت الهند أكبر مستورد للفحم البخاري الأميركي الذي يُشحن من ميناء بالتيمور على مدى السنوات الـ5 الماضية، إذ كانت صناعة الطوب في الهند من العملاء الرئيسين.
بالإضافة إلى الهند، كانت عديد من الدول الأوروبية التي يجري الوصول إليها عبر مواني هولندا من المستقبلة لشحنات الفحم البخاري المارة من ميناء بالتيمور، فضلًا عن بعض الأسواق الأصغر مثل جمهورية الدومينيكان وكندا ومصر، ما يرجح تأثر حركة التصدير إلى هذه الأسواق خلال الأسابيع المقبلة على الأقل.
على الجانب الآخر، تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة إلى أن صادرات الفحم المعدني أو فحم الكوك من ميناء بالتيمور ذهبت إلى عديد من الدول الآسيوية خلال السنوات الـ5 الماضية.
وكانت اليابان أكبر مستقبل لهذه الصادرات في عام 2023، مع استحواذها على 28% من الفحم المعدني الذي يجري شحنه عبر الميناء، تليها الصين وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى عديد من الدول الأوروبية التي تتلقى الفحم الأميركي عبر مواني هولندا، كما تفعل البرازيل والأرجنتين.
منتجات الطاقة الأخرى المتأثرة بالإغلاق
سيؤثر إغلاق ميناء بالتيمور في منتجات طاقة أخرى مثل المنتجات النفطية المكررة المستوردة عبر الميناء، ويُعد وقود الديزل الحيوي، وتحديدًا مواد خام الديزل الحيوي وزيوت الطعام الأخرى، أكبر واردات المشتقات الأميركية عبر الميناء.
وبلغ متوسط حجم هذه الواردات عبر الميناء 3 آلاف برميل يوميًا في عام 2023، جاء معظمها من أميركا الوسطى وأوروبا الغربية، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
كما يتوقع تأثر واردات أخرى من الأسمدة والمواد الكيميائية الأخرى، مثل مادة الأسفلت التي تمر أكبر كميات منها عبر ميناء بالتيمور مقارنة بأي ميناء أميركي آخر.
وبلغت كميات الأسفلت المستورد عبر الميناء قرابة 4 آلاف برميل يوميًا في عام 2023، جاءت أغلبها من كندا، بحسب بيانات أميركية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
ومن المتوقع أن تتأثر واردات أخرى مثل نترات أمونيوم اليوريا، المطلوبة في تسميد الأراضي الزراعية، التي بلغت كمياتها عبر الميناء ألفي برميل يوميًا في عام 2023.
كيف ستتأثر أسعار الفحم والغاز؟
تمتد توقعات الآثار المرتبة على إغلاق ميناء بالتيمور إلى قطاع توليد الكهرباء في الولايات المتحدة، وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار الإغلاق لأسابيع طويلة إلى تكدس مخزونات الفحم في الداخل مع صعوبة تصديرها للخارج.
وإذا تكدست مخزونات الفحم بصورة كبيرة خلال الأسابيع المقبلة، فمن المتوقع أن تنخفض أسعاره بشدة ليصبح منافسًا اقتصاديًا قويًا للغاز الطبيعي في توليد الكهرباء خلال الصيف المقبل.
كما يتوقع أن تنخفض أسعار الغاز الطبيعي في قطاع توليد الكهرباء بالتبعية مع زيادة الطلب على البديل الأرخص في التوليد، ما قد يؤدي إلى تخفيف الضغوط على السحب من مخزونات الغاز خلال الصيف، بحسب توقعات المحللين في منصة منصة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس المتخصصة "S&P Global Commodity Insights".
يُشار إلى أن مخزونات الغاز في الولايات المتحدة ممتلئة بنسبة 55% من السعة التخزينية، إذ بلغت 2.332 تريليون قدم مكعبة حتى الأسبوع المنتهي في 15 مارس/آذار 2024، بزيادة 678 مليار قدم مكعبة عن متوسط السنوات الـ5، كما يوضح الرسم التالي:
وبلغ إجمالي مخزونات الفحم القاري وشبه القاري في محطات الكهرباء العاملة بالفحم قرابة 127.7 مليون طن بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2023، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
وتغطي هذه المخزونات الطلب في محطات الكهرباء العاملة بأنواع الفحم القاري وشبه القاري لمدة تتراوح بين 154 و177 يومًا، بحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية المستندة إلى بيانات المحطات حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023، ما يشير إلى أن هذه المخزونات مرشحة للزيادة خلال الأسابيع المقبلة بسبب إغلاق ميناء بالتيمور.
وتمتلك شركات الكهرباء في الولايات المتحدة محطات توليد عاملة بالفحم والغاز في الغالب، كما يمتلك بعضها محطات تعمل بالطاقة المتجددة، وعادة ما تفاضل الشركات بين مصادر التوليد حسب أسعارها، فتزيد من نسبة تشغيل محطات بعينها وتخفض الأخرى حسب معادلة التكاليف.
موضوعات متعلقة..
- ارتفاع صادرات أميركا من الفحم الحراري.. ومصر والمغرب بقائمة المستوردين
- صادرات الفحم الأميركي تسجل مستويات قياسية.. مصر والمغرب ضمن كبار المستوردين
- مصر تظهر بقائمة أكبر 5 مستوردين للنفط والفحم من روسيا
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. حقيقة تصدير النفط السعودي لإسرائيل.. و5 دول تؤمن احتياجات تل أبيب
- موريتانيا تستعين بتحالف مصري إماراتي لتطوير حقلي غاز
- قفزة في إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بحلول عام 2030
- إنتاج النفايات الإلكترونية يرتفع 82%.. ومصر تتصدر دول أفريقيا