شحن المركبات الكهربائية ليلًا معضلة تواجه شبكة الكهرباء في الهند (تقرير)
مع التحول إلى الطاقة المتجددة ذات الطبيعة المتقلبة
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- توليد الكهرباء من الشمس والرياح متقلب حسب الطقس
- شحن المركبات الكهربائية ليلًا يضغط على الشبكة في الهند
- وكالة الطاقة الدولية تنصح الهند بتحفيز المواطنين للشحن نهارًا
- خفض تعرفات الشراء نهارًا وزيادتها ليلًا أحد الاقتراحات الفاعلة
- تضاعف مبيعات السيارات الكهربائية في الهند 4 مرات عام 2022
حذّرت وكالة الطاقة الدولية من تحديات شحن المركبات الكهربائية ليلًا في الهند، وسط مخاوف من تعرّض شبكات الكهرباء المتجددة لضغوط شديدة بحلول عام 2030.
ويخشى خبراء الوكالة الدولية من تزايد إقبال أصحاب المركبات الكهربائية على محطات الشحن في أوقات الليل التي تشهد انخفاضًا في توليد الكهرباء من مشروعات الطاقة الشمسية، خلافًا للنهار الأكثر نشاطًا في التوليد لسطوع الشمس مصدر الطاقة.
وينطبق الأمر نفسه على مشروعات طاقة الرياح التي تواجه تقلبات في التوليد مثل الطاقة الشمسية، ولكن لظروف أخرى تتصل بمعدلات هبوب الرياح على مدار العام، ما يتطلب إعادة التفكير في حلول مناسبة لمعضلة شحن السيارات الكهربائية ليلًا، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ولا تواجه المركبات التقليدية هذه المشكلة، لاعتمادها على البنزين والديزل، إذ لا يرتبط تكريرهما بمواعيد أو مواسم معينة، ما يجعلها متاحة في محطات الوقود جميع الأوقات.
خطة الهند بحلول 2030
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تواجه الهند مشكلة كبيرة في شحن السيارات الكهربائية ليلًا، أكثر من أيّ دولة أخرى في العالم، بالنظر إلى حجم التحول المرتقب في قطاع النقل الهندي كاملًا.
وأعلنت الهند في عام 2021 خطة طموحة لتحول الطاقة تستهدف توليد 500 غيغاواط من الكهرباء عبر مشروعات الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وتشمل الخطة المعلَنة في مؤتمر المناخ كوب 26 في مدينة غلاكسو الأسكتلندية 2021، مضاعفة حجم مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الهندي 3 مرات على الأقلّ، مقارنة بأرقام 2020.
وجاء قطاع النقل بفروعه المختلفة البري والجوي والبحري على رأس أولويات القطاعات المراد دعم انتقالها إلى مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030.
وتستهدف الخطة التوسع في إنتاج المركبات الكهربائية لزيادة حصتها في مبيعات السيارات الجديدة إلى 30% بحلول عام 2030، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
مبيعات المركبات الكهربائية في الهند
شهد قطاع المركبات الكهربائية في الهند نموًا متسارعًا منذ إعلان الحكومة خطط الـ500 غيغاواط، إذ ارتفعت مبيعات البلاد من سيارات الركّاب الكهربائية 4 مرات من 12 ألف سيارة في عام 2021، إلى 48 ألف سيارة كهربائية عام 2022،
والمركبات الكهربائية مصطلح جامع يشمل كلًا من سيارات الركاب، والشاحنات الكهربائية متوسطة وكبيرة الحجم، إضافة إلى المركبات ذات العجلات الـ3، وحتى المركبات ذات العجلتين مثل الدراجات الكهربائية.
واستحوذت المركبات الكهربائية ذات العجلات الـ3 على 55% (450 ألف مركبة) من إجمالي المبيعات الجديدة في الهند، لتأتي في المرتبة الأولى عالميًا لمبيعات هذا النوع بعد الصين، التي بلغت مبيعاتها 350 ألف مركبة.
وينصح خبراء وكالة الطاقة الدولية صانعي السياسات في الهند بصياغة خطط شحن السيارات الكهربائية على المستوى الوطني، بما يتناغم مع طبيعة توليد الكهرباء المتجددة من الشمس والرياح.
الشحن نهارًا حل اقتصادي متعدد الفوائد
يمكن للمركبات الكهربائية في الهند أن تمثّل وعاءً يمتص فائض الكهرباء المتجددة في الشبكة، إذا ما أديرت عمليات الشحن بصورة رشيدة، كما يمكنها في الوقت نفسه أن تكون عبئًا ضاغطًا على الشبكة، إذا تركت خطط الشحن لتوجّهات المستهلكين.
ولهذا السبب ينصح الخبراء صانعي سياسات النقل في الهند بضرورة التفكير الاستباقي في حلول تحفّز المواطنين على شحن سياراتهم الكهربائية نهارًا أو في أوقات متناغمة مع تقديرات التوليد المتجدد وضغوط الشبكة وغيرها.
إذ يمكن للهند بهذه الطريقة أن تضرب عدّة عصافير اقتصادية بحجر مناخي واحد، وسيسهم تحول قطاع النقل في تسريع جهود خفض الانبعاثات الوطنية.
وتعدّ الهند ثالث أكبر منتج للانبعاثات الكربونية في العالم، لاعتمادها على الفحم في توليد الكهرباء بنسبة تتجاوز 65%، لتلبية الطلب المحلي لثاني أضخم كتلة بشرية في العالم بعد الصين (1.3 مليار نسمة)، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وسيساعد تنظيم أوقات شحن المركبات الكهربائية نهارًا على امتصاص فائض الشبكة في أوقات ذروة التوليد من الطاقة الشمسية، ما سيؤدي إلى خفض التكاليف على المستهلكين والمرافق، ويسهم بدوره في زيادة حوافز الاعتماد على المركبات الكهربائية بأنواعها المختلفة.
توصيات وكالة الطاقة
تحذّر وكالة الطاقة الدولية من تداعيات ترك عمليات شحن المركبات الكهربائية دون تنظيم، ما قد يؤدي إلى تزايد أحمال الشبكة في وقت الذروة المسائية من غروب الشمس وما بعده.
ويتجه أصحاب السيارات في الغالب إلى إعادة شحن سياراتهم في رحلة العودة للمنازل، تمهيدًا لاستئناف النشاط في الصباح، ما يستدعي التفكير في حلول تحفيزية تصرف الجمهور عن هذه الأوقات تحديدًا لتخفيف الضغوط على الشبكة.
ويستحسن الخبراء فكرة تعديل نظم التسعير وتعرفات الشراء على حسب وقت الاستعمال، عبر تخفيض التعرفات نهارًا وزيادتها ليلًا، ما قد يشجع المستهلكين على الشحن نهارًا، ويصب في صالح امتصاص فائض الشبكة، ويخفف من أحمالها وقت الذروة.
وتعتقد وكالة الطاقة الدولية أن تعديل خطط شحن المركبات الكهربائية باتجاه النهار سيكون مفتاحًا رئيسًا آمنًا بتحقيق خطط انتقال الطاقة في قطاع النقل الهندي، مع تجنّب مخاطر الضغط على الشبكة وقت الذروة.
الحوافز الحكومية
تدعم حكومة الهند نشر المركبات الكهربائية بشتى أنواعها -بما في ذلك السيارات الهجينة- في كل ولايات وأقاليم البلاد، بهدف خفض استهلاك النفط وتقليل معدلات التلوث في المدن.
كما تدعم الحكومة تصنيع البطاريات الكهربائية على نطاق عالمي يستهدف تلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير للخارج، بالتزامن مع تكهنات حول امتلاك الهند احتياطيات ضخمة من الليثيوم، أحد المعادن الأرضية النادرة المستعملة بصورة أساسية في صناعة البطاريات.
وتستعد ولاية تاميل نادو -إحدى ولايات الهند الـ28- لبناء أحد أكبر المصانع في العالم لصناعة المركبات الكهربائية ذات العجلتين والثلاث، وسط توقعات بزيادة الطلب على هذا النوع من المركبات في الهند وخارجها خلال السنوات المقبلة.
وأطلقت الحكومة المرحلة الأولى من مبادرة نشر المركبات الكهربائية في عام 2015، بمخصصات مالية بلغت 5.3 مليار روبية (56 مليون دولار).
كما بدأت المرحلة الثانية في أبريل/نيسان 2019، مع زيادة المخصصات إلى 100 مليار روبية (1.2 مليار دولار) وتوجيه 85% منها لحوافز شراء السيارات الكهربائية.
قفزة في محطات الشحن
استحوذت محطات شحن المركبات الكهربائية ومشروعات البنية التحتية للقطاع على 10% من إجمالي مخصصات التمويل في المرحلة الثانية البالغ 1.2 مليار دولار، لتعزيز اعتماد السيارات الكهربائية، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأسهم نجاح المرحلة الثانية في تمديد المبادرة الحكومية إلى عام 2024، مع إصدار وزارة الطاقة الهندية دليلًا توجيهيًا لقطاع البنية التحتية في مجال شحن المركبات الكهربائية منذ أغسطس/آب 2021.
ونتيجة لذلك، قفزت مشروعات تركيب محطات شحن المركبات الكهربائية بصورة ضخمة من 900 نقطة شحن متاحة للجمهور في عام 2021، إلى 11 ألف نقطة شحن في عام 2022.
وتختلف معدلات نشر المركبات الكهربائية من ولاية هندية إلى أخرى، وفقًا للحوافز المقدّمة في كل ولاية، والخطط الداعمة، إذ ما تزال ولايات دلهي وترايبورا وآسام وكارناتاكا الأكثر في معدلات الانتشار والمبيعات.
وتستهدف دلهي -على سبيل المثال- زيادة حصة المركبات الكهربائية فيها إلى 25% من إجمالي المبيعات الجديدة بحلول عام 2024، مع تشديد القيود على المركبات الملوثة وإعفاء المركبات النظيفة من رسوم التسجيل والطرق.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية 35% خلال 2023
- نقاط شحن المركبات الكهربائية تشهد توسعًا في إسبانيا والبرتغال
- سوق بطاريات السيارات الكهربائية مرشحة للنمو 5 أضعاف بحلول 2035
اقرأ أيضًا..
- شركة صينية تتصدر سوق توربينات الرياح العالمية لأول مرة في 2022 (تقرير)
- صفقتا الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان على وشك الانهيار.. القصة كاملة
-
واردات الغاز المسال العالمية تحقق رقمًا قياسيًا في أبريل 2023