كثرة مشروعات الهيدروجين الأخضر الإسبانية تثير شكوك الخبراء
انتعاشة مدريد تدفعها إلى احتلال المركز الثاني لأكبر منتج عالميًا
حياة حسين
- إسبانيا تنتج 20% من الهيدروجين الأخضر العالمي
- إيبردورولا العملاقة تعلن مشروعًا ضخمًا لتغذية مصنع أسمدة بالطاقة
- تسرب الهيدروجين يضع صعوبات أمام نقله وتخزينه
- 50 مشروع هيدروجين أخضر تحت الإنشاء في إسبانيا
تثير سرعة تنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر الإسبانية في أنحاء البلاد مخاوف بعض الخبراء بشأن وجود طلب مستقبلًا على هذا الوقود.
وتنبع مخاوف الخبراء من أن الهيدروجين الأخضر ما يزال مرتفع التكلفة، مقارنة بأنواع أخرى من الوقود النظيف، مثل الكهرباء المولدة من محطات الطاقة الشمسية ومزارع الرياح، في وقت ما يزال الطلب عليه غير واضح الاتجاه، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال مدير القطاع الفني في مركز الهيدروجين الأخضر الإسباني ميغول أنجل فريناندز: "إن كل شيء يتحرك بسرعة كبيرة.. هناك عدد كبير من المشروعات التي يجري تدشينها وتصعب متابعتها"، حسبما ذكر موقع "بارونز" في تقرير تحليلي.
الوقود الأحفوري
تستعمل معظم مشروعات الهيدروجين الوقود الأحفوري في عمليات الإنتاج، لكن الهيدروجين الأخضر هو الذي يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة فقط، مثل الشمس والرياح، وفق تقرير "بارونز" التحليلي.
يُذكر أن وزير التغير المناخي والبيئة الإماراتي السابق الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، كان قد أكد -في حوار مع منصة الطاقة المتخصصة، قبل شهرين- أنه لا يوجد هيدروجين أخضر تجاري حتى الآن، وأن كل الهيدروجين المُنتج يعتمد على الوقود الأحفوري، وأنه أكثر تلويثًا للبيئة؛ كونه يصدر بخار الماء الذي يسهم في زيادة درجة حرارة الأرض.
وتسعى الدول إلى الحد من ارتفاع حرارة الأرض أكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الثورة الصناعية، وذلك لمنع تفاقم أزمة تغير المناخ وما يسفر عنه من كوارث طبيعية متعددة مثل الجفاف والفيضانات.
وأطلقت حكومة إسبانيا خطة الهيدروجين الأخضر بتمويلات قيمتها 1.5 مليار يورو (1.7 مليار دولار أميركي) عام 2021، مستعينة بصندوق التعافي من كوفيد-19 الأوروبي.
وتستحوذ مدريد -حاليًا- على 20% من مشروعات الهيدروجين الأخضر العالمية، محتلة المرتبة الثانية بين أكبر الدول في هذا القطاع بعد أميركا.
مشروعات عديدة
ترددت أسماء شركات عديدة انخرطت في مشروعات الهيدروجين الأخضر الإسبانية، مثل "إيبردرولا" العملاقة، التي أعلنت تدشين أكبر محطة في أوروبا العام الماضي (2022).
وأكدت الشركة الإسبانية أن إنتاجها سيُخصص للقطاع الصناعي في القارة العجوز.
وتحصل المحطة على احتياجاتها من الكهرباء البالغة 100 ميغاواط من الطاقة الشمسية، وتخزّنه الشركة في مستودعات ضخمة بيضاء.
وتستهدف الشركة الإسبانية في المرحلة الأولى من المشروع تلبية نحو 10% من الطاقة المطلوبة في مصنع أسمدة قريب منها، تابع لـ"فرتيبريا".
وتمنع محطة إنتاج الهيدروجين المرتقب تدشينها بث نحو 48 ألف طن سنويًا من أحد غازات الدفيئة وهو أكسيد الكربون، وفق "إيبردرولا".
وقال رئيس قسم الهيدروجين الأخضر في إيبردرولا، خافيير بلازا: "إذا حققت المرحلة الأولى من محطة الإنتاج هدفها فستنتقل الشركة إلى المرحلة الثانية الأكثر أهمية، وهي تلبية 100% من احتياجات مصنع الأسمدة من الطاقة".
وأعلنت شركتان من المنافسات لإيبردرولا، هما سيبسا وريبسول، مشروعات شبيهة خلال الأشهر الأخيرة.
وادي الهيدروجين الأخضر
من المقرر تدشين ما يُسمى "وادي الهيدروجين الأخضر" في الأندلس، أكثر مدن إسبانيا المشمسة، إذ تستقبل استثمارات بقيمة 3 مليارات يورو (2.73 مليار دولار أميركي).
كما ينتج مصنعان كبيران 300 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2027.
وقال الأستاذ المساعد في قسم اقتصادات الطاقة بجامعة مدريد كوميلاس بونتيفشال، رفائيل كوسنت: "إن انتعاشة مشروعات الهيدروجين الأخضر الإسبانية تضع البلاد بين قادة العالم في هذا المجال.. قد يعود ذلك إلى وفرة الشمس والرياح لدينا".
وقدّر معهد الهيدروجين الإسباني عدد المشروعات تحت الإنشاء -حاليًا- في الدولة الأوروبية بنحو 50 مشروعًا.
وأشار المعهد إلى أن مشروعات الهيدروجين الأخضر الإسبانية قادرة على إنتاج احتياجات مدريد من الطاقة وتحقيق فائض تصدره إلى دول شمال أوروبا.
ويتسم الهيدروجين الأخضر بارتفاع تكلفة إنتاجه، مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى مثل الرياح والشمس، ما يجعله غير موثوق في الاستعمال الاقتصادي.
وما يزيد الأمر سوءًا في جانب التكلفة، هو أن استعماله يتطلب تعديلًا معقدًا في القطاعات المختلفة مثل المركبات والمصانع، ما يثير شكوكًا حول الطلب المستقبلي عليه، وفق أستاذ اقتصادات الطاقة رفائيل كوسنت.
صعوبات النقل
تخطط الحكومة الإسبانية لنقل الهيدروجين الأخضر في خط أنابيب "إتش 2 ميد" تحت المياه بين مدينتي برشلونة ومارسيليا، الذي تعتزم إقامته، والذي من المتوقع أن ينقل مليوني طن متري سنويًا، إذ يحتاج نقله إلى بنية تحتية مناسبة تفتقر إليها مدريد حاليًا.
ونظرًا إلى صعوبة احتواء الهيدروجين في مستودعات دون تسربه، فإنه من المتوقع بنسبة كبيرة تأجيل تدشين خط الأنابيب.
ومع ذلك، ما تزال سوق الهيدروجين الأخضر الإسبانية تشهد نموًا كبيرًا.
وقال رئيس قسم الهيدروجين الأخضر في إيبردرولا، خافيير بلازا، إنه "من المهم أن تبدأ مبكرًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر، حتى تحصل على مزايا الصناعة، على الأمد الطويل".
وكان وزير التغير المناخي والبيئة الإماراتي السابق الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، قد أشار -في حواره مع منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن كل الدراسات تؤكد اليوم استحالة نقل الهيدروجين في خطوط أنابيب الغاز.
وأرجعَ سبب ذلك إلى أن هذه الأنابيب تعمل تحت ضغط معين، والهيدروجين غاز صاحب كثافة منخفضة، لذلك يتطاير بسرعة في الهواء، ما يعني صعوبة ضغطه، لذلك يجري خلطه بغاز آخر حتى يمكن نقله إلى مسافة محدودة مثل 5 أو 6 كيلومترات مربعة.
وأضاف: "اليوم تقول الدراسات إنه غير ممكن، لأن أطوال أنابيب الغاز وصماماتها غير مؤهلة ولا تصلح لنقل الهيدروجين، وإذا حدث ذلك فسيحدث تسرب للهيدروجين، وهذا أمر خطير جدًا".
موضوعات متعلقة..
- إيبردرولا تبيع 49% من مشروعاتها في إسبانيا إلى صندوق الثروة النرويجي
-
الألواح الشمسية الحرارية في إسبانيا تحقق رقمًا قياسيًا عالميًا
-
المغرب يخسر إيرادات نقل الغاز.. وإسبانيا تجمع 2.1 مليون دولار سنويًا
اقرأ أيضًا..
- اكتشافان نفطيان في أقل من 24 ساعة في غايانا وخليج المكسيك
-
الجزائر تترقب مشروع غاز عملاقًا في نيجيريا لتحقيق طموح "الأنبوب الضخم"
-
وكالة الطاقة الدولية تتوقع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية 35% خلال 2023