شركات النفط الصينية تدخل في نزاع تسعير مع موزعي الغاز بالمدن
تكاليف الاستيراد مفتاح الخلاف.. والحكومة تدرس آلية جديدة
رجب عز الدين
دخلت شركات النفط الصينية في نزاع حول أسعار توريد الغاز الطبيعي إلى الشركات الموزعة للغاز على مستوى المدن والأقاليم الصينية.
وأدى الخلاف حول تسعير الغاز الطبيعي إلى تأخر توقيع عقود توريد جديدة بين الموزعين وأكبر 3 شركات نفط في الصين، وفقًا لمنصة إس آند بي غلوبال المتخصصة (S & p global platts).
وتريد شركات النفط الصينية نقل ارتفاع تكلفة استيراد الغاز الطبيعي إلى عملائها من الموزعين على مستوى المدن الذين يشكون تعرضهم للخسائر ويطالبون بإعادة النظر في تسعير العقود الجديدة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
سبب الخلاف
تبيع شركات التوزيع الغاز للمنازل في المدن والأحياء السكنية بأسعار حكومية إلزامية، ما دفعها إلى إرسال اعتراضاتها للجهات المنظمة لإعادة تسعير الغاز المورد إليها من قبل شركات النفط الصينية الكبرى.
واضطرت شركات بتروشينا، وسينوبك، والشركة الوطنية الصينية للنفط البحري "سينوك"، إلى عرض كميات أقل من الغاز المدعوم على موردي المدن، لدفعهم إلى قبول رفع السعر في العقود الجديدة بحجة ارتفاع تكاليف الاستيراد.
وعادة ما تجدد عقود توريد الغاز في الصين بحلول نهاية مارس/آذار من كل عام، لضمان استمرار تدفق الإمدادات إلى المنازل، والسماح لشركات الغاز في المدن بالشراء من الخارج في حالة اضطراب الكميات المتعاقد عليها.
وتضم قائمة موزعي الغاز في المدن الصينية 5 شركات كبرى هي: كونلون إنرجي، وإي إن إن غروب، وشينا ريسورسز غاز، وشينا غاز، وتاون غاز، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتتولى هذه الشركات مسؤولية نقل الغاز المورد إليها من شركات النفط الصينية الكبرى، ثم توصيله إلى المنازل والمستهلكين على مستوى المدن والأحياء السكنية.
أسعار مدعومة للمنازل
تشتري شركات التوزيع الغاز من شركات النفط بأسعار أعلى، لكنها ملزمة ببيعه إلى المنازل بأسعار أقل، وفقًا لقواعد تفرضها الحكومة الصينية على الشركات.
وترقّب موزعو الغاز تجديد عقود التوريد في مارس/آذار 2023، إلا أن شركات النفط الموردة لم توقع إلا عددًا قليلًا وسط خلافات حول الأسعار والكميات والشروط الأخرى.
وتعكس هذه الحالة تحديًا للحكومة الصينية التي تسعى إلى تنظيم سوق الغاز المحلية بصورة مختلفة عن الاقتصادات الرأسمالية المعتمدة لآلية تحرير السوق والعرض والطلب.
وحاولت الصين نقل جزء من تكلفة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى شريحة من شركات النفط الوطنية، لكن النتيجة كانت قاسية وأدت إلى تكبد الشركات خسائر كبيرة.
ومن المرجح أن تعيد الحكومة الصينية النظر في هذه السياسة مع استمرار الاضطراب في أسواق الطاقة العالمية واستقرار أسعار الغاز العالمية عند مستويات قياسية للعام الثاني على التوالي.
مطالب بإعادة التسعير
قدّمت رابطة غاز مدينة الصين -وهي هيئة تجارية تمثّل موزعي الغاز- تقريرًا إلى اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أكبر الهيئات الاقتصادية المخططة في البلاد، لإعادة النظر في نظام تسعير الغاز بصورة أكثر إنصافًا منذ مارس/آذار 2023.
وقال التقرير إن شركات النفط الصينية الكبرى خفّضت أحجام التوريد المدعوم في العقود السنوية بنسب تتراوح بين 5 و20% كل عام، مع توريد أحجام أخرى غير متعاقد عليها بأسعار مرتفعة للغاية.
واشتكت جمعية موردي الغاز عدم كفاية كميات الغاز المخصصة للمنازل لتلبية الطلب السكني المتزايد، ما يدفعها إلى شراء كميات إضافية خارج الدعم، ما يكبدها -بالتالي- تكاليف باهظة.
وأشارت الجمعية إلى أن شركات النفط الوطنية حددت سقفًا للتوريد في المقاطعات الصينية ذات الطلب الكثيف على الغاز لأغراض التدفئة، ما أجبرها على الشراء بأسعار مرتفعة لضمان استقرار الإمدادات الحيوية إلى الأسر الصينية.
الحكومة تدرس
على الجانب الآخر، تطالب شركات النفط الصينية بتقاسم تكاليف ارتفاع أسعار الغاز العالمية مع شركات الدرجة الثانية والثالثة في السوق المحلية، بالإضافة إلى تقاسم التزامات التوريد الأخرى.
وتتشاور لجنة الدفاع الوطنية والمصالحة في الوقت الحالي مع ممثلي الشركات من الجانبين، للوصول إلى آلية منصفة تربط بين أسعار الغاز الموردة من المنبع وأسعار التوريد إلى المنازل.
ومن المتوقع إصدار مسودة بهذه الآلية خلال النصف الأول من عام 2023، وفقًا لصحفية جيميان نيوز المملوكة لحكومة شنغهاي.
وتعتمد الصين آلية معقدة لتسعير الغاز تضم مستويات مختلفة لتسعير أسعار الغاز المسال المستورد، والغاز الطبيعي البحري، وغاز خط الأنابيب المستورد، وأسعار الغاز في المدن والمقاطعات المختلفة.
كما تربط هذه الآلية بين أسعار الغاز ومشروعات التنقيب التي أُطلقت قبل نهاية 2014، والمشروعات الأخرى التي أطلقت منذ 2015.
وترغب شركات غاز المدينة في الحصول على مزيد من الغاز المدعوم من موردي المنبع حتى تتمكن من تحقيق هوامش ربحية جيدة من بيع الغاز للمنازل.
بينما ترغب شركات النفط الصينية الكبرى في بيع كميات أكبر من الغاز خارج الدعم بأسعار مرتفعة تمرر من خلالها زيادة تكاليف الاستيراد إلى الآخرين، لتحقق هوامش ربحية جيدة -أيضًا-.
ارتفاع الأسعار 15%
ارتفعت أسعار توريد الغاز للمنازل في أحد العقود المجددة حديثًا مع شركة بتروتشاينا بنسبة 15% لعام 2023-2024، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ورفعت بتروتشاينا أسعار الغاز غير المدعوم في كل مواسم العام باستثناء موسم التدفئة الممتد منذ نوفمبر/تشرين الثاني إلى مارس/آذار من كل عام، كما خفّضت حجم إمدادات الغاز المدعوم في مواسم عدم التدفئة.
وأنتجت شركة بتروتشاينا 126.6 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي محليًا في عام 2022، إلا أن أغلبه محدد السعر ويذهب إلى المنازل.
ويمثّل إنتاج بتروتشاينا قرابة 58% من إجمالي استهلاك الغاز الطبيعي في الصين، البالغ 217.8 مليار متر مكعب خلال عام 2022، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
حجم الغاز للمنازل
بلغ حجم الطلب على الغاز السكني في الصين قرابة 73 مليار متر معكب خلال عام 2022، ما يمثّل 20% من إجمالي استهلاك الغاز في البلاد والبالغ 363 مليار متر مكعب خلال العام الماضي.
وتتوسع الصين في بناء محطات الغاز المسال، لزيادة قدرتها على الاستيراد من الخارج، وتلبية الطلب المحلي المتزايد لأكبر تجمع بشري في العالم (1.4 مليار نسمة).
ووقّع المستوردون الصينيون 35 عقدًا طويل الأجل لاستيراد الغاز المسال من دول مختلفة خلال المدة من يناير/كانون الثاني 2022، إلى فبراير/شباط 2023.
واستحوذت شركات غاز المدن ومحطات الكهرباء وشركات الغاز الخاصة على 66% من هذه العقود، بكميات إجمالية تتجاوز 21 مليون طن متري سنويًا.
موضوعات متعلقة..
- الغاز الطبيعي أم المسال.. إلى أين يتجه الطلب الصيني في 2023؟
- أرامكو السعودية تبني مصفاة عملاقة ومجمعًا للبتروكيماويات في الصين
- واردات الصين من النفط تقفز في مارس إلى أعلى مستوياتها منذ 33 شهرًا
اقرأ أيضًا...
- أول شحنة من النفط الروسي تصل إلى باكستان بأسعار مخفضة خلال أيام
- قراصنة يختطفون ناقلة نفط سنغافورية قبالة سواحل ساحل العاج
- وكالة الطاقة الدولية: تخفيضات أوبك+ تخاطر بعجز المعروض النفطي العالمي