دراسة سعودية: حظر عقود الغاز طويلة الأجل في أوروبا قد يهدد استقرار السوق
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- أوروبا تخطط لحظر عقود الغاز طويلة الأجل ضمن أهداف خفض الانبعاثات.
- إلغاء عقود الغاز طويلة الأجل قد تنطوي عليه عواقب وخيمة.
- مخاطر كبيرة على أمن المعروض والطلب حال حظر عقود الغاز طويلة الأجل.
- حظر عقود الغاز طويلة الأجل قد يزيد من استهلاك الفحم في أوروبا.
تخطط أوروبا لحظر عقود الغاز طويلة الأجل بعد عام 2049، في إطار خطة القارة العجوز نحو تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، لكن دراسة حديثة ترى عواقب وخيمة تزعزع استقرار السوق الأوروبية، ومن ثم نظام الطاقة بأكمله، جراء هذا المقترح.
وأكدت دراسة صادرة عن مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) في المملكة العربية السعودية، أن العقود طويلة الأجل للغاز الطبيعي هي أداة ضرورية للحفاظ على أمن المعروض للعملاء والطلب للمنتجين في الوقت نفسه.
وترى أن الكمية المطلوبة من الغاز الطبيعي ستظل كبيرة حتى لو تحقق سيناريو شركة النفط البريطانية بي بي بانخفاض طلب الدول الأوروبية على هذا الوقود بنسبة 24% بحلول عام 2050، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
بداية القصة
كانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت، في نهاية عام 2021، فرض حظر على عقود الغاز طويلة الأجل، بالإضافة إلى واردات الغاز التي لم تخفض من انبعاثاتها.
ويتعلق حظر عقود الغاز طويلة الأجل بالكمية التي تستوردها دول الاتحاد الأوروبي من البلدان غير الأعضاء، ويبدأ بعد عام 2049.
وبحسب الدراسة، نص الاقتراح على أنه لن تبرم أي عقود طويلة الأجل لتوريد الغاز الطبيعي تتجاوز مدتها نهاية عام 2049.
ومع ذلك، لم يقدم الإطار التشريعي لهذا الاقتراح أيّ إرشادات واضحة لأسواق الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي والهيدروجين، كما أنه لم يحدد أيّ نوع من الغاز المستورد الذي يجب خفض انبعاثاته أولًا؛ ما يثير حالة من عدم اليقين بشأن العقود المستقبلية.
ويهدف حظر عقود الغاز طويلة الأجل إلى تحقيق الأهداف البيئية التي حددتها الدول الأوروبية، ومنها الوصول إلى الحياد الكربوني داخل الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2050، قبل أن تحدد هدفًا آخر لتقليل الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030.
مخاطر حظر عقود الغاز طويلة الأجل
يرى كابسارك أن حظر عقود الغاز طويلة الأجل سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز بسبب ضرورة أن تكون وارداته منخفضة الكربون، والنقص المحتمل في الغاز الطبيعي التقليدي.
وعلى عكس ما يتوقعه الاتحاد الأوروبي، شددت الدراسة على أن وجود عقود الغاز طويلة الأجل ضرورة لتقليل الانبعاثات الكربونية من عمليات إنتاج الغاز؛ إذ تعد تقنيات خفض الانبعاثات، مثل التقاط الكربون وتخزينه وشراء تعويضات الكربون، مكلفة للغاية.
وبناءً على التكلفة المرتفعة، يجب تداول المنتجات الهيدروكربونية المحايدة للكربون بأعلى سعر بسبب الاستثمارات الكبيرة مقارنة بالمنتجات التقليدية، وهو ما يحتاج عندها المنتجون لعقود طويلة الأجل تضمن لهم أن هناك طلبًا على الغاز منخفض الكربون.
ويوضح الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، الطلب على الغاز الطبيعي في أوروبا:
ومن المتوقع كذلك أن يؤدي غياب الالتزامات طويلة الأجل للعملاء إلى تراجع عزيمة المنتجين للاستثمار في المزيد من الإنتاج؛ الأمر الذي ينتج عنه نقص في المعروض من الغاز، ومن ثم زيادة الأسعار.
وضمن المخاطر -أيضًا- أن إلغاء عقود الغاز طويلة الأجل قد يمثل حجر عثرة في المفاوضات بين الدول الأوروبية والموردين البديلين المحتملين في ظل اتجاه دول القارة العجوز إلى استبدال الغاز الروسي من دول أخرى، التي ستحتاج إلى الاستثمار سواء لزيادة إنتاج منشآت قائمة أو بناء جديدة.
وتوقعت الدراسة اتجاه منتجي الغاز إلى استكشاف أسواق جديدة وبدائل أخرى لتسويق الغاز، على رأسها السوق الآسيوية مع توقعات نمو الطلب على الغاز بالمنطقة بقيادة الدول النامية.
وبحسب الدراسة، من المتوقع أن يؤدي تقلب الأسواق الفورية وافتقارها لأمن الطلب إلى تثبيط عزيمة منتجي الغاز الطبيعي التقليديين على الاستثمار في المشروعات الجديدة.
ويهدد حظر عقود الغاز طويلة الأجل -أيضًا- أمن العرض؛ إذ لن يتمكن المشترون الأوروبيون من الحصول على ضمانات توفير للكميات المطلوبة على المدى الطويل؛ ما يصعب من تحقيق الأهداف المناخية للكتلة، التي ستضطر دولها إلى استعمال أنواع أخرى من الوقود الأحفوري مثل الفحم.
حظر العقود الطويلة غير مفيد لـ4 أسباب
توصلت دراسة كابسارك إلى أن توجه الاتحاد الأوروبي لحظر عقود الغاز طويلة الأجل بعد عام 2049 سيكون غير مُجدٍ؛ لـ4 أسباب.
وتضمن السبب الأول أن معظم العقود الحالية طويلة الأجل لخطوط الأنابيب ستنتهي في عام 2030، ولذلك ما زال بالإمكان تجديدها لمرة واحدة قبل بدء سريان التشريع المقترح في عام 2050، مع الوضع في الحسبان أن مدة العقود تتراوح بين 10 و15 عامًا.
بينما السبب الثاني أن الحظر سيؤثر بصورة بالغة في علاقات الاتحاد الأوروبي مع روسيا، التي تُعَد أكثر الدول حرقًا للغاز، وهو الأمر الذي يهدف الإجراء المقترح -في الأصل- إلى معالجته، لكن في الوقت نفسه لا يمكن لأي مصدر تعويض كميات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي.
ويشير السبب الثالث إلى أن رغبة الاتحاد الأوروبي بعدم إبرام عقود الغاز طويلة الأجل قد تعوق المحادثات مع موردي الغاز الطبيعي المحتملين الآخرين الذين بإمكانهم التعويض عن الغاز الطبيعي الروسي؛ إذ سيحتاج الموردون إلى ضمان الإيرادات المستقبلية قبل المضي قدمًا في المشروعات كثيفة رأس المال.
ورابعًا أرجعت الدراسة رؤيتها إلى أنه حتى لو انخفض استهلاك أوروبا للغاز الطبيعي بحلول عام 2050، سيظل الطلب كبيرًا من حيث القيمة المطلقة.
وبسبب حظر العقود طويلة الأجل، ستصبح علاقات الاتحاد الأوروبي مع مصدري الغاز الطبيعي الحاليين أكثر تعقيدًا، بالإضافة إلى تعقد المحادثات مع الموردين المحتملين أيضًا، وهو الأمر الذي سيهدد أمن الطلب على الغاز.
وتوقعت الدراسة أن يؤدي اتجاه الموردين للأسواق الآسيوية ردًا على مقترح الاتحاد الأوروبي، إلى تراجع أسعار الغاز في آسيا ويزيد من تنافسية المنطقة في كل القطاعات الصناعية، مقارنة بالسوق الأوروبية الأكثر تكلفة.
موضوعات متعلقة..
- صفقات الغاز المسال الفورية تهدد أوروبا بمأزق في الشتاء المقبل
- بعد اتجاهها لعقود الغاز طويلة الأجل.. حلول أوابك قد تنقذ أوروبا (تقرير)
- عقود الشراء طويلة الأجل.. هل تمثل طوق النجاة لتفادي أزمات الطاقة؟
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية تتوغل في قطاع البتروكيماويات الآسيوي بصفقة استحواذ ومشروعات ضخمة (تقرير)
- العراق يسدد مستحقات الغاز الإيراني شهريًا.. والضخ يتضاعف (خاص)
- قيمة واردات مصر من الغاز الإسرائيلي تقفز بأكثر من 100%
تقرير منحاز لدول الخليج التي تعيش على صادرات النفط فكله سلبي عن التحول الى الهيدروجين او الطاقة المتجددة ، والسبب انقطاع ارزاقهم ، حتى انهم لم يذكروا دوافع الاوربيين في التقرير