بعد اضطرارها إلى توقيفه نتيجة للعقوبات المفروضة عليها، استأنفت إيران العمل في مشروع لإسالة الغاز الطبيعي، وتتوقع أن يجري تشغيله قبل انتهاء ولاية الحكومة الإيرانية الحالية في منتصف عام 2025، لتلبية احتياجات البلاد الاستهلاكية المتنامية.
ويُعدّ مشروع إيران للغاز الطبيعي المسال -الذي تبلغ سعة خطَيْ إنتاجه 10.8 مليون طن سنويًا- واحدًا من 3 مشروعات لتصدير الغاز الطبيعي المسال، حسبما أوردت منصة أرغوس ميديا (Argus Media) في 9 مارس/آذار الجاري.
وخطّطت إيران الغنية بالغاز لإطلاق هذه المشروعات في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، ليتم تأجيلها بعد عدة سنوات بسبب العقوبات الدولية المتعلقة بالبرنامج النووي لطهران، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
والمشروعان الآخران هما محطة بارس للغاز الطبيعي المسال البالغة 10 ملايين طن سنويًا، ومحطة الغاز الطبيعي المسال الفارسية 16.2 مليون طن سنويًا على ساحل الخليج العربي، وكان كل منهما بقيادة شركة توتال إنرجي وشركة شل على التوالي.
وكانت محطة بارس ومحطة الغاز الطبيعي المسال الفارسية ما تزالان في المراحل الأولى من التطوير عندما تخلت عنهما شركتا توتال إنرجي وشل.
في المقابل، تقدّم العمل في مشروع إيران للغاز الطبيعي المسال في عسلوية بمحافظة بوشهر جنوب إيران، إلى درجة أن الاستعدادات لتركيب خطوط الإسالة كانت إلى حد كبير مكتملة.
ومن المفترض في الأصل أن توفر شركة الهندسة الصناعية الألمانية "ليندي" معدات إسالة الغاز، لكن العقوبات التي فُرضت في منتصف العقد الأول من القرن الـ21، ومجدّدًا في أوائل عام 2010 عاقت قدرة شركة ليندي عن توفير التكنولوجيا، إذ لم يتقدم المشروع بعد هذه المرحلة.
إصرار إيران على استئناف المشروع
تصر إيران على أن العمل في المشروع قد استؤنف بالفعل على الرغم من أن العقوبات الأميركية ما تزال سارية للغاية، وتضغط الحكومة الإيرانية من أجل "تسريع" العمل لإكمال المشروع قبل انتهاء مدة ولايتها، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، هذا الأسبوع: "لقد تمكنا من تفعيل مشروع الغاز الطبيعي المسال الإيراني الكبير، الذي تخلت عنه (الحكومة السابقة) لأكثر من 8 سنوات تحت المطر والحرارة الحارقة".
وأضاف أوجي أن هناك 700 شخص يعملون في المشروع اليوم، وأنه جرى تجهيز جميع مرافقه. وأوضح أن وحدات تحلية الغاز في المحطة "ستدخل حيز التشغيل مطلع العام المقبل"، في إشارة إلى السنة التقويمية الإيرانية التي تبدأ 21 مارس/ آذار.
إيجاد إمدادات طاقة بديلة
يأتي الدعم المتجدد من قبل الحكومة لإكمال ما سيصبح أول مشروع للغاز الطبيعي المسال لإيران في وقت تتدافع فيه العديد من الدول، لا سيما في أوروبا، لإيجاد إمدادات طاقة بديلة، لتحل محل الغاز الروسي على المدى الطويل بعد تحرك موسكو لغزو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
ويرى المحللون أن تحقيق هذه الطموحات لن يكون سهلًا، لسببين:
أولًا: لأن إيران ما تزال تخضع إلى حد كبير للنوع نفسه من العقوبات التي عاقت التقدم في المشروع منذ عدة سنوات، ما سيعقّد الجهود المبذولة لتمويل التنمية وتأمين المعرفة اللازمة لإطلاق منشأة تسييل الغاز.
ثانيًا: وربما الأكثر أهمية، أن إيران ستحتاج إلى التغلب على التحدي المتمثل في إنتاج كمية كافية من الغاز، لتغذية ما يمكن أن يكون مشروع تسييل كبير.
في المقابل، تعاني إيران نصيب الفرد الاستهلاكي المرتفع للغاية على الرغم من كونها ثالث أكبر منتج للغاز في العالم، ولديها كميات محدودة للغاية يمكن توجيهها نحو الصادرات.
ومن 256.7 مليار متر مكعب أنتجت في عام 2021، استعملت إيران 241.1 مليار متر مكعب محليًا، ما يترك أقل من 20 مليار متر مكعب متاحًا للتصدير عبر خطوط الأنابيب، خصوصًا إلى تركيا والعراق.
لذلك تبرز الحاجة إلى نحو 13.5 مليار متر مكعب/سنويًا من الإنتاج الإضافي، لتغذية مشروع الغاز الطبيعي المسال في إيران الذي تبلغ قدرته 10.5 مليون طن سنويًا، حسبما أوردت منصة أرغوس ميديا (Argus Media) في 9 مارس/آذار الجاري.
ومن المقرر أن تضع إيران ضعف هذا الحجم في الخدمة من مرحلتين -11 و14- من حقل بارس الجنوبي العملاق خلال 12-24 شهرًا المقبلة كجزء من خطة أوسع، لزيادة الإنتاج المحلي إلى 547 مليار متر مكعب/عام بحلول عام 2030 من نحو 368 مليار متر مكعب/سنويًا، حاليًا.
ويرى المراقبون أنه ما لم تتمكن الحكومة من كبح نمو الطلب الجامح الذي سجلته البلاد على مدار معظم العقد الماضي، وهو أمر فشلت في القيام به لسنوات عديدة حتى الآن، فإن هذه الإضافات قد لا تكون كافية لإيران لتحقيق طموحات تصدير الغاز الطبيعي المسال.
اقرأ أيضًا..
- أكبر منتجي الليثيوم في أميركا اللاتينية يقترحون منظمة على غرار أوبك
- أنس الحجي: أسواق الغاز تأثرت بحرب أوكرانيا.. ما علاقة "الصخري" الأميركي؟ (صوت)
- الصناعة الكيماوية الخليجية بين بوادر الانتعاش إقليميًا وعدم الاستقرار عالميًا (مقال)