الطاقة المتجددة خلاص دول جنوب آسيا لمواجهة تقلبات أسعار الطاقة (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- ألغت الهند مناقصات لاستيراد الفحم بسبب أسعاره المرتفعة.
- باكستان واجهت نقصًا هائلًا في الكهرباء خلال 2022.
- بنغلاديش قد تضطر إلى العودة لتخفيف الأحمال في مارس المقبل.
- أسعار الوقود المرتفعة استنزفت الاحتياطي الأجنبي لدول جنوب آسيا.
تبرز مصادر الطاقة المتجددة كونها أحد الحلول الرئيسة المتاحة أمام اقتصادات دول جنوب آسيا لمواجهة صدمات تقلبات أسعار الطاقة في السوق العالمية؛ خاصة في ظل اعتمادها على الاستيراد.
وبحسب تحليل صادر حديثًا عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، لم تتمكن اقتصادات منطقة جنوب آسيا المتمثلة في الهند وبنغلاديش وباكستان من الهروب من مخاطر تقلبات ارتفاع أسعار النفط والغاز والفحم في السوق الدولية.
وتسببت أسعار الوقود المرتفعة في استنزاف احتياطيات العملات الأجنبية لتلك الدول، وزيادة في معدلات التضخم، بالإضافة إلى تأثيراتها السلبية في قطاعات الاقتصاد المختلفة؛ ما يوضح ضرورة تعزيز دور مصادر الطاقة المتجددة، حسب التقرير، الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.
الاقتصاد يعاني مع الأسعار المشتعلة
يرى معهد اقتصادات الطاقة أن محاولات حكومات دول جنوب آسيا التصدي لآثار ارتفاع أسعار الطاقة كانت غير كافية؛ كونها من الأزمات الخارجية، ومن هنا تبرز الطاقة المتجددة بصفتها بديلًا ذا تكلفة ميسورة يحمي الاحتياطيات الأجنبية لهذه الدول.
وعلى سبيل المثال، تسببت أسعار الوقود المرتفعة في زيادة عجز الحساب الجاري للهند إلى 36.4 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي -الذي ينتهي في مارس/آذار 2023، أي بنسبة ارتفاع 100%، مقارنة بالربع السابق له.
ورغم ارتفاع الطلب على الكهرباء في الهند وتسجيله مستوى قياسيًا في أبريل/نيسان 2022؛ فقد ألغت البلاد مناقصات لاستيراد الفحم بسبب أسعاره المرتفعة، وهو ما تسبب في عجز يومي للكهرباء وصل إلى 1% خلال الشهر نفسه.
ودفع نقص إمدادات الطاقة بالهند إلى ارتفاع أسعار الكهرباء إلى 13.76 روبية (0.17 دولارًا) لكل وحدة مقارنة بمتوسط 3.86 روبية (0.047 دولارًا).
وفي السياق نفسه، توقّفت بنغلاديش -بسبب عدم قدرتها على تحمل التكاليف المرتفعة- عن شراء الغاز الطبيعي المسال من السوق الفورية، خلال يوليو/تموز 2022، مع تعديل أسعار النفط والغاز والكهرباء بهدف تقليل الأعباء المالية.
كما واجهت باكستان نقصًا هائلًا في الكهرباء خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وفقًا لمعهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.
واتجهت الحكومة الباكستانية إلى تطبيق زيادة كبيرة على أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي؛ الأمر الذي تسبّب في تعرض العديد من مصانع النسيج إلى خطر الإغلاق.
ودفعت -أيضًا- أسعار الفحم المرتفعة إلى اتجاه صناعات الأسمنت والصلب في باكستان لتعليق العمل أو الاستمرار بطاقة إنتاجية أقل.
إجراءات غير كافية
توصل التحليل إلى أن جهود دول جنوب آسيا الـ3 (الهند وباكستان وبنغلاديش) لحماية الاقتصاد من صدمات الأسعار الخارجية والحفاظ على قوته، لم تؤدِّ إلى النتائج المرجوة حتى الآن.
واستعرض مثالًا باحتياطيات العملات الأجنبية لباكستان التي تكفي واردات الشهر الواحد بالكاد؛ ما يمنعها من استيراد المزيد من الطاقة التي تحتاج إليها.
وحذر التقرير من تعرض البلاد لأزمة خلال الصيف المقبل، مشيرًا إلى أن التصنيف الائتماني المنخفض بسبب المخاطر السياسية والمصرفية يجعل تأمين عقود الغاز الطبيعي المسال متوسطة أو طويلة الأجل صعبة.
ومن المتوقع -أيضًا- أن تضطر بنغلاديش إلى اتباع سياسة تخفيف الأحمال مرة أخرى خلال شهر مارس/آذار المقبل؛ إذ أدّى نقص الفحم مع الضغوط المالية إلى تعليق تشغيل محطة رامبال لتوليد الكهرباء، مع خطورة أن تواجه محطة كهرباء بايرا (Payra) المصير نفسه، في حالة عدم انخفاض أسعار الفحم.
وبهدف ضمان إمدادات الطاقة، تعمل الهند على زيادة إنتاج الفحم المحلي من خلال التنقيب في المزيد من المناجم، مع سعيها إلى عدم إغلاق أي محطة حرارية حتى عام 2030، مع تجديد المحطات وتطويرها لإطالة عمرها.
لماذا مصادر الطاقة المتجددة؟
على المدى القصير، من غير المتوقع استطاعة دول جنوب آسيا تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد؛ ما يؤكد أهمية التوسع في مصادر الطاقة المتجددة لحمايتها من تقلبات الأسعار، ودرء مخاطر عجز الحساب الجاري وتحسين أمن الطاقة.
وبحسب التقرير، نجحت الهند في توفير نحو 4.2 مليار دولار من تكلفة الوقود بسبب توليد الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية خلال النصف الأول من العام الماضي (2022).
ويشار إلى أن الهند تستهدف تركيب نحو 500 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، كما وضعت خطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ورصدت استثمارات لذلك بـ2.45 مليار دولار بهدف البحث والتطوير.
وبالتوازي، وضعت بنغلاديش خطة طويلة الأجل تضمنت زيادة حصة المصادر المتجددة في مزيج الطاقة إلى 40% بحلول عام 2041.
كما رصدت باكستان خطة تستهدف إنشاء 9 غيغاواط من الطاقة الشمسية، تضمنت حوافز عبارة عن إعفاءات من رسوم الاستيراد والضرائب للمستثمرين في الطاقة الشمسية، بهدف جلب الأموال للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.
ويؤكد التحليل أن انخفاض أسعار مصادر الطاقة المتجددة من شأنه دعم خطط الطاقة النظيفة لهذه الدول، ويمكن أن يغير قواعد اللعبة لديها ويدعمها لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
وتقدر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) أن الطاقة المتجددة قد توفّر 160 مليار دولار لدول جنوب شرق آسيا وتلبي الطلب على الكهرباء بحلول عام 2050.
موضوعات متعلقة..
- إنفيشين إنرجي تتوسع بمشروعات الرياح في الهند وجنوب آسيا
- الطاقة المتجددة قد توفّر 160 مليار دولار لدول جنوب شرق آسيا (تقرير)
- وكالة الطاقة الدولية: اعتماد جنوب شرق آسيا على النفط يزيد من تحديات أمن الطاقة
اقرأ أيضًا..
- أسعار الوقود في مصر تحمل مفاجأة بقرار من السيسي (خاص)
- التفاؤل يسود توقعات الطلب على النفط عالميًا في 2023
- مكافحة تغير المناخ بـ"الطحالب" في مياه البحيرات.. دراسة مصرية جديدة
- أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم.. دولتان عربيتان ضمن قائمة الـ10