الصين تكثف واردات زيت الوقود الروسي قبيل تطبيق "السقف السعري" للمشتقات
عبر مزجه ببراميل وقود أخرى في ماليزيا والإمارات
هبة مصطفى
تعكف الصين على زيادة وارداتها من زيت الوقود الروسي، في ظل الاستعداد لتطبيق السقف السعري على المنتجات المكررة من موسكو بحلول 5 فبراير/شباط الجاري.
وقفزت واردات بكين الإجمالية من الوقود، خلال شهر ديسمبر/كانون الأول (2022)، مسجلة أعلى مستوياتها منذ سبتمبر/أيلول خلال العام السابق له (2021)، وفق ما نشرته رويترز اليوم الجمعة 3 فبراير/شباط.
وتسعى المصافي المستقلة في بكين -في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا- إلى الاستفادة من الأسعار المخفضة للنفط الخام والمشتقات المكررة من موسكو، لتعزيز مخزوناتها وتلبية الطلب المحلي وإعادة تصدير بعض الحصص بأسعار السوق ما ينعش خزائنها، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
واردات الصين من زيت الوقود
سجّلت واردات الصين من زيت الوقود الروسي على مدار العام الماضي (2022) قفزة إلى 3.1 مليون طن؛ بما يزيد على الضعف مقارنة بالعام السابق له.
ورغم ذلك؛ فقد تراجعت واردات شهر ديسمبر/كانون الأول المباشرة من موسكو إلى مصافي بكين عن ذروة أكتوبر/تشرين الأول البالغة 554 ألف طن، مسجلة ما يزيد قليلًا على ثلث هذه الذروة (بما يعادل 187 ألف طن).
وبصورة إجمالية، استوردت بكين، في ديسمبر/كانون الأول (2022) ما قُدر بنحو 1.76 مليون طن، في أعلى مستوى للواردات منذ سبتمبر/أيلول عام (2021)، طبقًا لما ورد في بيانات جمركية.
واقتنصت ماليزيا النصيب الأكبر لواردات الصين من شحنات زيت الوقود بنحو 620 ألف طن مسجلة أعلى المستويات خلال عام، بينما وصلت الشحنات من الإمارات إلى 471 ألف طن بما يعادل أعلى المستويات في غضون عامين.
قيود المصافي المستقلة
يسمح استمرار الصادرات بطريقة غير مباشرة -بإعادة مزجها بخامات ومشتقات أخرى- باستمرار تدفقات النفط الروسي ومشتقاته إلى الأسواق، في ظل حزمة العقوبات الأخيرة التي حددت سقفًا سعريًا للخام في نطاق 60 دولارًا للبرميل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتستعد المشتقات لمواجهة المصير ذاته عقب أيام قليلة.
وتعاني بعض مصافي التكرير المستقلة في الصين انخفاضًا في حصص استيراد الحكومة للنفط الخام، وعزز ذلك من الاتجاه لزيادة واردات زيت الوقود الروسي عقب مزجه بالبراميل الماليزية والإماراتية.
وتسعى بكين للاستفادة من إعادة توجيه موسكو لمسار شحناتها من أسواق الطاقة الأوروبية إلى بعض الدول الآسيوية بأسعار مخفضة، في أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية وفرض العقوبات على روسيا.
وعززت الأسعار المخفضة لشحنات زيت الوقود الروسي من هوامش مصافي التكرير المستقلة في بكين، ولا سيما تلك التي عانت نقصًا في حصص الخام وتمثل الشحنات الممزوجة بديلًا لها بأسعار تسمح لها بتحقيق عائدات.
ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- حجم صادرات النفط الروسي والمشتقات لمناطق عدة، من بينها آسيا، خلال العام الماضي (2022):
سقف "فبراير" السعري
تتطلع مصافي التكرير الصينية المستقلة إلى براميل زيت الوقود الروسي، باعتبار أنه لا يخضع لقيود حصص استيراد الخام، بجانب أنه منخفض التكلفة.
وأكد مسؤول تنفيذي بمصفاة تكرير مستقلة في "شاندونغ" أن شركته لجأت إلى شراء زيت الوقود من روسيا بصورة مباشرة العام الماضي (2022)، حتى تتمكن من إنتاج البنزين والديزل؛ إذ إنها لم تتلقَّ أي حصص حكومية من النفط الخام لتكريره.
وسجّلت أحدث أسعار لزيت الوقود -تسليم مصفاة شاندونغ- انخفاضًا عن معيار خام برنت القياسي بنحو 5 دولارات، وبينما تتجه بكين إلى التعافي من إغلاقات جائحة كورونا تُشير التوقعات إلى زيادة الطلب المحلي على الوقود المكرر.
وقد تكون الأسعار المخفضة التي طرحتها روسيا على براميل وقودها أداة لدعم حساسية المصافي المستقلة في الصين لتقلبات الأسعار، بحسب بيانات ريفينيتيف.
ووفق المحلل في "ريفينيتيف"، إيمريل جميل؛ فإن إغلاق الأسواق الأوروبية منافذها بوجه المنتجات المكررة من روسيا، في 5 فبراير/شباط الجاري، سيؤدي إلى مواصلة الأسواق الآسيوية اقتناص براميل زيت الوقود مخفضة السعر.
نقل الشحنات
أدى موردون كبار مثل "فيتول" دورًا كبيرًا في إدارة عملية نقل شحنات زيت الوقود الروسي من سفينة إلى أخرى قبيل وصولها إلى الصين، وقد يزداد دور الوسطاء مع تطبيق السقف السعري على المنتجات المكررة عقب يومين.
وتولّت منشأة تخزين عائمة أُطلق عليها "بريلينت جويل" تابعة لشركة "فيتول" نقل الشحنات المحملة على متن 6 سفن انطلقت من المواني الروسية، بنظام النقل "من سفينة لأخرى" طوال الأشهر الـ4 الماضية.
كما أشرف موردون صينيون -من بينهم "سينوبك" و"بتروتشاينا"- على نقل شحنات زيت الوقود الروسي عالي الكبريت إلى محطات الوقود في شرق الصين.
ونقلت شركات صينية عدة شحنات زيت الوقود من ميناء "تانجونغ بيليباس" الماليزي إلى المصافي في بكين، خلال الأشهر الـ4 الماضية بكثافة، بحسب بيانات الشحن.
واردات غير مباشرة
تتلقى الصين وغيرها من الدول الآسيوية براميل زيت الوقود الروسي عقب إعادة مزجها مع براميل لدول أخرى حتى تضمن الإفلات من العقوبات، ومنذ بداية الربع الثاني من العام الماضي (2022) اتخذت براميل موسكو من ماليزيا والإمارات بوابة لإعادة مزجها وتصديرها لدول أخرى، مثل بكين.
ويبدو أن الالتفاف على العقوبات والسعي لزيادة صادرات زيت الوقود الروسي بأسعار مخفضة لمواقع يجري خلالها مزجه ببراميل وقود من بلدان أخرى سيكون المسار الذي تواصل موسكو من خلاله نشر منتجاتها المكررة، عقب سريان السقف السعري والحظر الأوروبي عليها خلال يومين.
ومن خلال نقل شحنات براميل الوقود من سفينة إلى أخرى، أخذت المراكز في ماليزيا والفجيرة بالإمارات على عاتقها مزج البراميل الروسية مع غيرها، لتجنب العقوبات إذا ما كأن منشأ تلك البراميل موسكو وتمتع نقل الشحنات بحرًا عبر السفن بالغطاء التأميني.
اقرأ أيضًا..
- ما هو غسل النفط؟ وما علاقته بوصول الخام الروسي إلى جميع دول العالم؟ (تقرير)
- استيراد الهيدروجين الأخضر من المغرب أقل تكلفة من إنتاجه في أوروبا (دراسة)
- رسميًا.. انهيار أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم.. ووضع لافتة للبيع