كهرباءتقارير الكهرباءرئيسية

خفض دعم الطاقة يضع آلاف الشركات البريطانية في ورطة

محمد عبد السند

أبدت آلاف الشركات البريطانية مخاوفها من خطط خفض دعم الطاقة الجديدة، التي أعلنتها لندن مؤخرًا، زاعمةً أنها ستقود على الأرجح إلى توقّف العمل بها في نهاية المطاف.

ويتخوف قادة الأعمال من أن تنهار آلاف الشركات في المملكة المتحدة بعدما كشفت الحكومة النقاب عن خطط خفض دعم الطاقة التي من المزمع أن تسري بدءًا من شهر أبريل/نيسان (2023)، حسبما أوردت شبكة "بلومبرغ" الإخبارية.

وتلامس كلفة برنامج خفض دعم الطاقة الجديد 5.5 مليارات جنيه إسترليني (6.7 مليارات دولار أميركي)، لمدة عام، بتراجع حادّ من القيمة التي أنفقتها الحكومة إبان الشهور الـ6 الماضية، والتي لامست 18 مليار جنيه إسترليني (21 مليارًا و835 مليون دولار أميركي)، وفقًا لما صرّح به وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت أمس الإثنين 9 يناير/كانون الثاني (2023)، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

(الجنيه الإسترليني = 1.21 دولارًا أميركيًا).

انهيار مُرتقب

قال رئيس اتحاد الأعمال الصغيرة مارتن ماكتاغ، إن المخاطر الناجمة عن الخفض الكبير في دعم الطاقة قد وضعت الشركات الصغيرة "تحت رحمة" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في إشارة منه إلى التكلفة الباهظة لفاتورة الحرب الشرسة التي تدير روسيا رحاها في أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط (2023)، بحسب تصريحات أدلى بها لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وأضاف ماكتاغ: "إنها لخيبة أمل كبيرة"، مؤكّدًا أن التخلي عن أعداد كبيرة جدًا من الشركات الآن، بعد أن أنفقت الحكومة بسخاء لمساعدتها خلال فصل الشتاء، يعدّ "ضربًا من الجنون".

وأوضح أن واحدة من كل 4 شركات صغيرة ستواجه مصاعب في البقاء إذا واجهت زيادة كبيرة في تكاليف الطاقة، وأن الكثير منها بدأ يفكر جديًا في الانسحاب من السوق.

وتابع: "الشركات الصغيرة توظف 16 مليون شخص؛ ما يعني أن موجة من انهيارات الشركات قد يكون لها تداعيات كارثية على الاقتصاد البريطاني".

وفي معرض ردّه على سؤال بشأن ما إذا كان هناك بعض الشركات التي ستنهار نتيجة خطة خفض دعم الطاقة الحكومية الجديدة، قال وزير الأعمال البريطاني غرانت شابس في تصريحات أدلى بها لراديو "إل بي سي": "آمل ألّا يحدث ذلك".

وبالنسبة لسلسلة "لايت سينما" التي تدير 12 مسرحًا في عموم المملكة المتحدة، فإن القفزة في كلفة الطاقة على مدار الشهور الـ12 الماضية قد رفعت الفاتورة المستحقة عليها من مليون إلى 3 ملايين جنيه إسترليني سنويًا.

وفي هذا الصدد، قال مؤسس ونائب رئيس "لايت سينما" كيث بولينغر في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة: "بالنسبة لشركة في حجم شركتنا، فإن تلك الخطة يمكن أن تحول الشركة من الربحية إلى عدم القدرة على تحقيق الأرباح".

وتعني كلفة أزمة المعيشة أن بولينغر لم يعد قادرًا على تمرير كل هذه التكاليف إلى المستهلكين النهائيين الذين يشعرون في الأصل بوخز هذا الإجراء.

وينتهي عقد "لايت سينما" في أكتوبر/تشرين الأول (2023)؛ ما يعني أنها ستكون عُرضة لسعر الطاقة السوقي المتذبذب.

ولطالما سعى بولينغر إلى توفير التكاليف عبر فتح المسارح في أوقات متأخرة من اليوم، وهو ما علّق عليه بقوله: "نحاول التفكير في تدبير الطاقة، والتوقيت الذي نقوم فيه بتشغيل كل شيء في البنايات".

خفض دعم الطاقة
شبكة الكهرباء الوطنية في بريطانيا من الداخل - الصورة من فايننشيال تايمز

صناعة السيارات

تُعدّ شركات صناعة السيارات من الكيانات المعرّضة -على وجه الخصوص- لبرنامج خفض دعم الطاقة في المملكة المتحدة.

ومن هذه الشركات "كوالباست ليمتد" التي تعدّ جزءًا من سلسلة إمدادات السيارات التي تشتمل قاعدة عملائها على علامات تجارية فاخرة، مثل رولز-رويس وجاغوار لاند روفر، وبنتلي.

وقد أدار ديفيد كارو، شركة كوالباست في برمنغهام لمدة 46 سنة، بيد أن الشهور القليلة الماضية كانت الأصعب على الإطلاق، كما يقول، فخلال الشهور الـ12 الماضية، سجلت فاتورة الكهرباء المستحقة على شركة كوالباست قفزة قياسية بنسبة 454%، لتصل إلى 10 آلاف جنيه إسترليني شهريُا.

وفي هذا السياق، قال كارو، 72 سنة، إنه يتأرجح بين المعاناة والخسارة.. نحن في فصل الشتاء، وعلينا الاستعداد لخدمة أغراض التدفئة، ولدينا 4 مواقد تعمل، ويعني هذا أننا نستعمل معدلات عالية من الكهرباء".

فاتورة الدعم

يستعد وزير الخزانة البريطاني جيريمي هنت، إلى إعلان خفض في الدعم المالي المُقدّم إلى الشركات لمساعدتها على تقليص فواتير الطاقة المرتفعة الخاصة بها، وفقًا لما ذكرته صحيفة "غارديان" البريطانية.

وكان من المتوقع أن تُعرض خطة جديدة لدعم الشركات والجمعيات الخيرية، وشركات القطاع العام، أقلّ سخاءً، مقارنة بخطة الدعم الحالية، على مجلس العموم البريطاني أمس الإثنين 9 يناير/كانون الثاني (2023).

ويضع نظام الدعم الحالي، الذي بدأ العمل به في أكتوبر/تشرين الأول (2022)، سقفًا لتكلفة الوحدة من الغاز والكهرباء لكل الشركات حتى نهاية مارس/آذار (2023).

ومن المتوقع أن تقوم وزارة الخزانة البريطانية باستبدال مبادرة تتيح خفضًا على أسعار الجملة، بدلًا من فرض سعر ثابت، بالخطة الحالية.

ومن المتوقع -أيضًا- أن تحصل الصناعات التي تستعمل معدلات كثيفة من الطاقة، مثل شركات إنتاج الصلب والزجاج، والسيراميك، على خصم أكبر من نظيرتها العاملة في قطاعات أخرى.

وكانت الحكومة البريطانية قد صرّحت، الأسبوع الماضي، بأن خطة دعم الطاقة في بريطانيا تعدّ "من بين أكثر الخطط سخاءً في أوروبا". بيد أنها أشارت إلى أنه "لا توجد حكومة بوسعها حماية الشركات بصفة دائمة من صدمة أسعار الطاقة الآنية".

ويُتوقع أن يسري تطبيق الخطة الجديدة حتى مارس/آذار (2024)؛ ما يساعد على درء سيناريو إنهاء الدعم، وهو ما أثار مخاوف الشركات.

وأقرّ ما يربو على ثُلث الشركات بأنها تواجه مصاعب في سداد فواتير الطاقة المستحقة عليها، حتى في ظل خطة الدعم الحكومية الحالية، وفق ما ذكرته غرفة التجارة البريطانية.

وقالت مجموعة "ميك يو كيه" الصناعية، التي تمثّل 20 ألف شركة تصنيعية في المملكة المتحدة، إن خفض الدعم المالي من شأنه أن يفاقم الخسائر في قطاع التوظيف، ويقلل بدوره من إنتاج المصانع.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق