موازنة الأردن 2023 تكشف تأثير ضرائب أسعار المحروقات بالأداء الاقتصادي
كشف بيان موازنة الأردن 2023، الذي ألقاه وزير المالية محمد العسعس أمام البرلمان اليوم الإثنين 9 يناير/كانون الثاني، تأثير الضرائب المفروضة على أسعار المحروقات بالأداء الاقتصادي للمملكة.
وقال العسعس، إن الاقتصاد الأردني عانى العديد من الفرص الضائعة واختلال الأولويات التي ورثتها الحكومة، والتي كان أشدّها -طيلة عقود من الزمن- التشوه في النظام الضريبي.
وأشار إلى أن التشوه يرجع إلى الاعتماد على الإيرادات المتحققة من الضرائب على السلع الاستهلاكية، إضافة إلى معضلتي التهرب والتجنب الضريبي، موضحًا أنه جرى التعامل مع هذا التشوه الضريبي خلال العقد السابق من خلال رفع معدلات الضرائب الاستهلاكية، ومنها الضرائب على أسعار المحروقات، الأمر الذي أدى إلى رفع العبء الضريبي على الطبقة الوسطى ومحدودة الدخل.
الضرائب على أسعار المحروقات في الأردن
ارتفعت إيرادات الضرائب على أسعار المحروقات في الأردن من قرابة 463 مليون دينار (652.21 مليون دولار) في عام 2015 إلى قرابة 1070 مليون دينار (1.507 مليار دولار) في عام 2019، وفقًا لبيان وزير المالية الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
تُعدّ الضرائب على أسعار المحروقات في الأردن أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار الوقود وتسجيلها مستويات قياسية، مقارنة بالعديد من الدول العربية.
وتبلغ الضريبة الخاصة التي تفرضها الحكومة على مادَّتَي الديزل والكاز -الكيروسين- نحو 16.5 قرشًا لكل لتر من هاتين المادتين.
بينما تفرض الحكومة ضريبة خاصة على مادة البنزين أوكتان 90 بمقدار 37 قرشًا لكل لتر، و57.5 قرشًا على كل لتر من مادة البنزين أوكتان 95.
وتعدّ عوائد الضرائب على أسعار المحروقات في الأردن ضمن بنود الموازنة العامة للدولة، وتُنفَق على بنود التعليم والصحة وصندوق المعونة الوطنية.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد وجّه مؤخرًا الحكومة بتجميد الضريبة على الكاز –الكيروسين-، الذي يُعَدّ واحدًا من أكثر أنواع الوقود استهلاكًا في المملكة، خلال فصل الشتاء، بهدف تخفيف الأعباء عن المواطنين.
وتراجع سعر لتر الكيروسين بعد تجميد الضريبة على الكاز إلى 62 قرشًا بدلًا من 78.5 قرشًا، إذ تبلغ ضريبة اللتر الواحد من الكاز نحو 16.5 قرشًا، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
تطوير الأداء الضريبي
أكد وزير المالية الأردني أنه في إطار إيمان الحكومة بضرورة معالجة هذا الاختلال في الضرائب على السلع الاستهلاكية جذريًا، والذي يُلقي بأعبائه على الطبقة الوسطى، فقد طورت من توجهات السياسة المالية لتشمل معالجة التشوهات والاختلالات والثغرات في التشريعات الضريبية لمحاربة التهرب ومعالجة التجنب الضريبي.
وأشار إلى أن الحكومة أنجزت بالتعاون مع مجلس النواب تعديلات تشريعية أسهمت في زيادة الالتزام الضريبي وتوسيع قاعدة المكلفين ورفع كفاءة التدقيق والتحصيل الضريبي، وإعادة هيكلة التعرفة الجمركية لمقاربة كلفة التهرب بكلفة الالتزام الجمركي.
وقال، إنه من المقرر في موازنة الأردن 2023 أن ترتفع إيرادات ضريبة الدخل بقرابة 14.4%، وإيرادات ضريبة المبيعات بقرابة 9.2%.
وأوضح أنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الأردني نموًا بنسبة 2.7% لعامي 2022 و 2023، مقابل 2.4% لعام 2021، إذ يعدّ الأردن من الدول القليلة التي توقّعت المؤسسات الدولية أن يحافظ على تحسّن أدائه الاقتصادي.
وأضاف أنه بمراجعة لأداء موازنة الأردن لعام 2022 "سنجد أن الحكومة تمكنت من تحقيق القيم المقدّرة لإيرادات ضريبة الدخل وتجاوزها بقرابة 61 مليون دينار رغم التزامها للعام الثالث على التوالي، بعدم رفع أيّ ضريبة أو رسم أو فرض أيّ ضريبة أو رسم جديد، ولتصل في عام 2022 إلى قرابة 1.350 مليار دينار بزيادة نسبتها 14.4% عن مستواها في عام 2021.
* الدينار الأردني يعادل 1.41 دولارًا أميركيًا.
وأشار إلتي أن تحصيلات الإيرادات من الضريبة العامة على المبيعات بلغت قرابة 4200 مليون دينار، مسجلة بذلك نموًا نسبته 4% عن عام 2021.
وشدد على أن نمو الضرائب على الدخل بوتيرة أعلى من نمو الضرائب على الاستهلاك يعكس سير الحكومة على الطريق الصحيح لمراجعة شاملة للمنظومة الضريبية والعبء الضريبي بشكل متكامل، ينأى عن الاستمرار بفرض ضرائب استهلاكية غير مباشرة وغير عادلة لا تحقق العدالة والتوازن بين دخل الفقير والغني.
كما يأتي ذلك ضمن إيمان الحكومة العميق بأن استمرار الاعتماد على الضرائب الاستهلاكية مضرّ بالاقتصاد والمواطن والخزينة على حدّ سواء، ولذلك ستواصل الحكومة سياستها الهادفة إلى رفع مساهمة إيرادات ضرائب الدخل المباشرة على حساب الضرائب الاستهلاكية غير المباشرة، للوصول إلى مرحلة تتمكن الحكومة فيها من تخفيف عبء الضرائب غير المباشرة تدريجيًا.
وأوضح أن أيّ إجراءات تخفيضية غير مدروسة على هيكل الإيرادات ستؤدي إلى رفع عجز الموازنة، الأمر الذي سيفضي إلى تفاقم الألم الاقتصادي بدلًا من خفضه.
أسعار الوقود في الأردن
قال وزير المالية، إن قرار الحكومة بتثبيت أسعار المحروقات في الأردن لجزء من عام 2022 بلغت تكلفته نحو 505 ملايين دينار.
وأشار إلى أنه تمّ استيعاب تكلفة هذا الإجراء عبر تأجيل نفقات رأسمالية وإجراء مناقلات مالية بقيمة 350 مليون دينار، في حين تمّ استيعاب القيمة المتبقية والبالغة 155 مليون دينار ضمن موازنة التمويل، وستُعكَس في موازنات السنوات الخمس المقبلة.
وسعى الأردن خلال العام الماضي 2022 إلى العمل خفض فاتورة الطاقة من خلال رفع أسعار المحروقات، بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط وتسجيلها مستويات قياسية.
قوبل ارتفاع أسعار المحروقات في الأردن بموجة غضب دفعت سائقي الشاحنات إلى الدخول في إضراب مفتوح خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي وسط مطالب بخفض الضريبة.
كان رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة قد رفض المطالب بتخفيض أسعار الوقود، لا سيما الديزل والبنزين، وإلغاء الضريبة المضافة عليهما، مؤكدًا أن حكومته ستعكس أسعار المشتقات النفطية بالسعر الدولي على الأسعار محليًا، هبوطًا أو صعودًا.
وقال الخصاونة، إن الخزينة العامة لا تملك ترف دعم المحروقات مجددًا، لأن ذلك سيترتّب عليه عجز إضافي للموازنة وارتفاع في المديونية، لا سيما بعد دعم المحروقات بـ550 مليون دينار (774 مليون دولار) خلال 2022.
كانت لجنة تسعير المشتقات النفطية قد قررت، في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، خفض أسعار المحروقات في الأردن خلال شهر يناير/كانون الثاني الجاري.
وجاءت أسعار البنزين في الأردن لشهر يناير/كانون الثاني 2023 والمشتقات النفطية الأخرى، المقرر العمل بها بداية من غد الأحد، على النحو الآتي:
- سعر لتر بنزين أوكتان 90 نحو 900 فلس بدلًا من 920 فلسًا.
- سعر لتر بنزين أوكتان 95 بلغ نحو 1140فلسًا بدلًا من 1170 فلسًا.
- سعر لتر الديزل 820 فلسًا بدلًا من 895 فلسًا.
- سعر الكاز "الكيروسين" 785 فلسًا بدلًا من 860 فلسًا.
- تثبيت سعر أسطوانة الغاز المنزلي (غاز النفط المسال) عند سعر 7 دنانير.
* (1000 فلس تعادل دينارًا أردنيًا = 1.41 دولارًا أميركيًا)
دعم الوقود في الأردن
تضمنت موازنة الأردن 2023 المحافظة على سياسة زيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنية -الدعم النقدي الموحد-، والذي يعدّ أحد المكونات الرئيسة لبرنامج الحكومة لدعم الفئات المهمشة من أسعار المحروقات في الأردن.
ومن المقرر أن يرتفع الدعم في عام 2023، ليصل إلى قرابة 244 مليون دينار، إذ تبلغ مخصصات الحماية الاجتماعية في عام 2023 قرابة 2.276 مليار دينار،بزيادة قدرها 215 مليون دينار عن عام 2022.
وأكد وزير المالية أن الإجراءات الحكومية نجحت في خفض العجز الأولي للموازنة من قرابة 5.6% في عام 2020 إلى قرابة 4.4% في عام 2021، وليواصل تراجعه في عام 2022 إلى ما نسبته 3.7%، متوقعًا أن يصل العجز في مشروع موازنة الأردن 2023 إلى 2.9%.
موضوعات متعلقة..
- تقديم طلب دعم المحروقات في الأردن.. هل يشهد 2023 تطورات جديدة في الملف؟
- تجميد الضريبة على الكاز في الأردن بقرار ملكي.. وهذا موعد التنفيذ
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: استمرار صادرات النفط الروسي يثبت فشل العقوبات في 2022
- دول الخليج تفجر ثورة الهيدروجين الأخضر.. والمنافسة تشتد بين السعودية والإمارات وعمان
- أزمة الطاقة في أوروبا لم تخرج من دائرة الخطر.. و2023 عام الاختبار (تقرير)