يستعد النفط الروسي للتدفق إلى باكستان رسميًا وبأسعار مخفضة، ما قد يُسهم في حل أزمة الوقود الحادة التي تعانيها البلاد منذ أشهر طويلة.
وأفاد وزير النفط الباكستاني مصدق مسعود مالك، يوم الإثنين 5 ديسمبر/كانون الأول (2022)، بموافقة روسيا على بيع النفط الخام إلى بلاده بسعر مخفض، وفق ما نقلت عنه وكالة رويترز.
وقال مسعود، في مؤتمر صحفي مصغر بالعاصمة الباكستانية إسلام آباد، إن هذه الموافقة تشمل -أيضًا- توريد المشتقات النفطية، مثل البنزين والديزل بأسعار مخفضة، بجانب النفط الروسي، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
غموض السعر المخفض
لم يحدد وزير النفط الباكستاني السعر المخفض الذي ستدفعه بلاده مقابل النفط الروسي، كما أغفل التطرق إلى سقف الأسعار المحدد عند 60 دولارًا للبرميل، الذي أقرته مجموعة الـ7، والاتحاد الأوروبي، ودخل حيّز النفاذ بدءًا من الإثنين 5 ديسمبر/كانون الأول (2022).
وبالإضافة إلى ذلك، لم يتحدث الوزير عن التزام بلاده بالشراء وفق سقف الأسعار من عدمه، إلا أن موسكو صرّحت بأنها لن تبيع النفط الروسي إلى الدول التي تلتزم بهذا السقف، ما يشير إلى أن السعر المتفق عليه بين روسيا وباكستان ربما يزيد قليلًا على ذلك.
وحتى الآن، لم تعلّق وزارة الطاقة الروسية على مسألة الأسعار المخفضة التي أعلنتها وزارة النفط الباكستانية حتى الآن، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
بدء محادثات عقود غاز طويلة
أشار الوزير الباكستاني مصدق مسعود إلى أن الحكومة الروسية دعت بلاده إلى البدء في محادثات عقود طويلة الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال.
وقال الوزير: "نُجري محادثات مع شركات غاز روسية خاصة بشأن استيراد الغاز الطبيعي المسال".
وتأتي هذه التصريحات بعد أسبوع من زيارة وفد باكستاني رفيع المستوى إلى موسكو في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، للتفاوض بشأن اتفاق خاص بتجارة النفط والغاز بين البلدين في وقت حرج للغاية بالنسبة إلى باكستان.
وتواجه باكستان أزمة ضخمة في شراء الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية، لارتفاع أسعاره الفورية أضعافًا مضاعفة لا تقوى على تحملها، في ظل وضع اقتصادي شديد التدهور وظروف عدم استقرار سياسي متصاعدة منذ شهور.
وترتبط باكستان ببعض العقود طويلة الأجل لشراء شحنات الغاز الطبيعي المسال من بعض الأسواق، لا سيما قطر، لكنها غير كافية لتلبية الطلب المتزايد من قطاعي الصناعة والنقل والمنازل.
شركات التنقيب تخشى باكستان
تعاني باكستان تضاؤل حجم الإنتاج المحلي من الغاز، وعزوف الشركات الكبرى عن التقدم بطلبات تراخيص جديدة للبحث والتنقيب رغم وجود مناطق تحتوي على رواسب غازية.
ويبلغ معدل انخفاض إنتاج الغاز المحلي في باكستان 10% سنويًا، ويحذر خبراء من نفاد الإمدادات المحلية، إذا استمر هذا التردي دون معالجة جادة خلال السنوات الـ10 المقبلة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وشكا وزير النفط الباكستاني مصدق مسعود مالك في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ضعف استعداد شركات النفط والغاز العالمية للاستثمار في باكستان، بسبب ارتفاع المخاطر الأمنية والسياسية مقارنة بدول أخرى منخفضة المخاطر.
وتستحوذ واردات النفظ والغاز والمشتقات النفطية على القسم الأكبر من إجمالي واردات باكستان التي تعاني أزمة حادة في توفير النقد الأجنبي.
الاحتياطي لا يكفي شهرًا
انخفضت الاحتياطيات الأجنبية في باكستان بصورة قياسية خلال الأشهر الماضية لتصل إلى 7.5 مليار دولار فقط، وفقًا لآخر رصد في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وتكفي هذه الاحتياطيات لتلبية احتياجات البلاد لمدة شهر أو أكثر قليلًا، ما يشير إلى حجم الأزمة التي تمر بها البلاد مع ما يُضاف إليها من عجز مزمن في الحساب الجاري وميزان مدفوعات البلاد، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتخشى وزارة الطاقة في باكستان حدوث عجز في شبكة الغاز المحلية في حدود 200 إلى 300 مليون قدم مكعبة من الغاز خلال الشتاء الجاري، ما اضطرها إلى إعلان خطة قياسية لتقنين الاستهلاك المحلي والتجاري.
وتتضمّن خطة الوزارة إتاحة الغاز للمنازل والمحلات التجارية لمدة 8 ساعات يوميًا، بينما سيجري تخفيف أحمال الشبكة لمدة 16 ساعة يوميًا بسبب نقص الإمدادات والواردات.
وتحاول باكستان معالجة هذه الأزمة المضاعفة، عبر تنويع مصادر واردات النفط والغاز، وتخطط موسكو وإسلام آباد منذ عام 2015، لإطلاق مشروع خط أنابيب غاز "باكستان ستريم"، لكن دون نجاح عملي يُذكر حتى الآن، بسبب الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الجانب الآخر.
وتأمل باكستان الحصول على موافقة -حتى وإن كانت سلبية- من قِبل الولايات المتحدة للسماح لها بالمضي قُدمًا في خطط الاعتماد على موسكو لتلبية احتياجات أمن الطاقة، في بلاد هشة سريعة في تغيير الحكومات.
الولايات المتحدة تمول مشروعًا كهرومائيًا
أعلنت الولايات المتحدة -مؤخرًا- تمويل مشروع طاقة كهرومائية في باكستان بقيمة 150 مليون دولار، لمساعدة البلاد على تلبية جزء من احتياجات الكهرباء، لا سيما بعد موجة الفيضانات التي ضربت البلاد ودمرت جزءًا كبيرًا من بنيتها التحتية في أكتوبر/تشرين الأول.
وافتتح رئيس الوزراء شهباز شريف، والسفير الأميركي دونالد بلوم -الإثنين 5 ديسمبر/كانون الأول 2022- هذا المشروع بالقرب من سد مانجلا.
وتبلغ الطاقة التوليدية المتوقعة للمشروع 300 ميغاواط من الكهرباء النظيفة، ما يكفي لتلبية احتياجات 100 ألف منزل ومليوني باكستاني، وفقًا لبيان صادر عن السفارة الأميركية في إسلام آباد.
موضوعات متعلقة..
- أسعار المشتقات النفطية في باكستان تثير القلق.. وإشادة بالدعم السعودي (تقرير)
- باكستان تؤمّن واردات النفط الروسي في زيارة رسمية
- باكستان توافق مجددًا على تراخيص ملغاة للتنقيب عن النفط (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- قرار أوروبا حظر النفط الروسي يدخل حيز التنفيذ
- ردًا على سقف أسعار النفط الروسي.. مسؤول يهدد أوروبا بـ"الندم"
- "فرض" سقف أسعار النفط الروسي مرفوض من الصين والهند (مقال)