أسعار الألواح الشمسية في مصر ترتفع 90%.. وشركات تهدد بالإغلاق
داليا الهمشري
- ما تزال أسعار الألواح الشمسية في مصر بارتفاع مستمر
- مطالبات بتسهيل استيراد الألواح الشمسية للقضاء على احتكار المورّدين
- قانون الاعتماد المستندي يتسبّب بارتفاع الأسعار في السوق المصرية
- ارتفاع أسعار الألواح تسبَّب في إغلاق بعض شركات الطاقة الشمسية وتسريح العمالة
لا تزال أسعار الألواح الشمسية في مصر ترتفع، وسط تهديدات بإغلاق الشركات وتسريح العمالة وتقويض إستراتيجية الدولة التي تستهدف زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 42% بحلول عام 2035.
وتطالب بعض شركات الطاقة الشمسية في مصر بتسهيل استيراد الألواح الشمسية للقضاء على احتكار المورّدين الأساسيين في السوق، وكسر حالة الركود التي تسيطر على هذا القطاع الحيوي منذ مارس/آذار الماضي (2022).
وقال المدير العام لشركة أوربت لأنظمة الطاقة الشمسية عرفة محمد منصور، إن الموضوع له شقّان، أحدهما يتعلق بوقف الاستيراد، والآخر بالعلاقة التعاقدية بين شركات الطاقة الشمسية والعملاء النهائيين.
وأضاف -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة-، أن الشق الأول يتعلق بإجراءات البنك المركزي التي عطّلت حركة الاستيراد خلال الأشهر الأخيرة، وتسبّبت في خسائر كبيرة للمستوردين، وشلل في دورة رأس المال.
وأضاف أن زيادة أسعار المواد الخام وتكلفة التصنيع عالميًا أسهمت -كذلك- بزيادة أسعار الألواح الشمسية في مصر.
وكان التقرير الصادر عن شركة البيانات والتحليلات البريطانية الرائدة "غلوبال داتا" -في فبراير/شباط عام 2021- قد تنبّأ بارتفاع أسعار الألواح الشمسية على الأسطح بصورة ملحوظة في عام 2022.
وأفاد التقرير، الذي حمل عنوان "سوق الطاقة الشمسية على الأسطح، لعام 2021: حجم السوق العالمية والحصة السوقية والاتجاهات الرئيسة وتحليل الدول الرئيسة حتى عام 2030"، بأن الزيادة المتوقعة في أسعار الألواح الشمسية تعود إلى الاضطراب اللوجيستي، الناجم عن تفشّي وباء كوفيد 19 خلال الأعوام القليلة السابقة، ونقص مادة البولي سيليكون التي تدخل في تصنيعها.
ولفت التقرير إلى أن الاضطراب في سلاسل التوريد قلّل من حجم الألواح والوحدات الشمسية المتاحة للشحن، لتأخُّر الشحنات بسبب نقص العمّال، متوقعًا ارتفاع تكلفة ألواح الطاقة الشمسية على الأسطح للمنازل السكنية النموذجية في عام 2022، بنحو 1.6 دولارًا أميركيًا لكل واط.
فسخ التعاقدات
قال المدير العام لشركة أوربت، عرفة منصور، إن العلاقة التعاقدية بين الشركات والعملاء النهائيين تأثّرت بالتقلبات السريعة في الأسعار نتيجة قلّة المخزون، مما أدى إلى إخفاق عدد كبير من الشركات في الوفاء بالتزاماته تجاه العملاء.
وأوضح أن الشركات تعاني من صعوبة إقناع العملاء بوجود فارق في أسعار الألواح الشمسية عليهم تحمُّله، مما اضطر بعض الشركات إلى تنفيذ التعاقدات وتحمّل الخسائر، ودفع آخرين إلى فسخ التعاقدات وتحمُّل الشرط الجزائي.
وحول دور مصانع التجميع المحلي في تخفيف أزمة نقص الاستيراد من الخارج، أكد منصور أن كفاءة الألواح المستوردة من الصين لا تزال أعلى كثيرًا من المصنّعة محليًا، بالإضافة إلى أن الطلب أكثر من العرض.
أسعار الألواح الشمسية في مصر 2022
من جانبه، أوضح رئيس مجلس إدارة شركة إلكترو جيبل، المهندس أيمن الجبالي، أن أسعار الألواح الشمسية قد شهدت زيادة كبيرة منذ شهر مارس/آذار الماضي 2022 وحتى الآن، بنسبة 90%.
وأشار الجبالي -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- إلى ارتفاع أسعار جميع مستلزمات تركيب المحطات الشمسية بصورة عامة، إلّا أن أسعار الألواح الشمسية قد شهدت طفرة كبيرة.
وأضاف أن أسعار التركيبات المعدنية قد زادت بشكل محدود، نتيجة ارتفاع أسعار الحديد، كما أن مساهمتها ليست كبيرة في المنظومة الشمسية.
بينما زادت أسعار محولات الجهد "الإنفرتر"، وهي أجهزة كهربائية تحوّل التيار المستمر إلى تيار متردد، وتُعد أحد مستلزمات تركيب المحطات الشمسية، بنسبة تتراوح ما بين 40-50%.
وأكد الجبالي أن كل هذه العوامل قد رفعت تكلفة تركيب المحطات، ولاسيما تلك التي تُركَّب في الأراضي الزراعية، موضحًا أن سعر الواط في المحطة كان يتراوح ما بين 7.5 و8.5 جنيهًا مصريًا، وفقًا لاختلاف الأنواع والجودة، إلّا أنه أصبح -الآن- يتراوح بين 12.5 و14 جنيهًا مصريًا.
الدولار الأميركي = 24.50 جنيهًا مصريًا (في المتوسط)
وقال الجبالي، إن هذه الزيادة الهائلة في الأسعار تسبّبت بوقف العمل في مشروعات الطاقة الشمسية.
الطاقة الشمسية في مصر
أرجع المهندس أيمن الجبالي الزيادة في الأسعار إلى نقص الألواح الشمسية واقتصارها على عدد محدود من المورّدين يتحكمون في الأسعار كيفما شاؤوا، موضحًا أن هذه أهم المشكلات التي تواجه التوسع في الطاقة الشمسية في مصر -حاليًا-.
ويرى الجبالي أن مشروعات الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية في مصر شبه متوقفة -الآن-، ونسبة العمل في هذه المشروعات لا تتعدى 15 إلى 20% من النسبة المطلوبة.
وقال: "المضطر فقط هو الذي يلجأ إلى الاعتماد على المحطات الشمسية لارتفاع تكلفتها الحالية".
وطالب الجبالي الدولة بتسهيل استيراد الألواح الشمسية، على غرار الاستثناء الذي حظيت به المواد الغذائية الضرورية، محذرًا من أنّ توقُّف العمل في هذه المشروعات قد تسبَّب في إغلاق عدد من الشركات، واضطرار بعضها الآخر إلى تسريح العمالة والموظفين، أو تشغيلهم بنصف الراتب.
تأثير سلبي
سلّط مدير المكتب الفني لشركة غرين إنرجي للتنمية والتشييد "جي آي إي إس" المتخصصة في الطاقة الشمسية، المهندس مهاب عادل، الضوء على الطفرة التي شهدتها أسعار الألواح الشمسية، مؤكدًا أنها تؤثّر بصورة سلبية في الشركات، وتتسبَّب في وقف مشروعات الطاقة الشمسية.
وأوضح عادل -خلال تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أنه منذ شهرين بلغ سعر الواط 9 جنيهات، إلّا أنه قد وصل -حاليًا- 12.60 جنيهًا، بسبب توقّف التصدير.
وأرجع عادل الأزمة إلى استغلال المورّدين الذين رفعوا أسعار الألواح الشمسية في مصر؛ لعدم القدرة على إدخال وحدات جديدة إلى البلاد.
وبدأت الأزمة في مارس/آذار الماضي، عندما بدأت الحكومة في تطبيق قرار الاعتماد المستندي على كل السلع المستوردة من الخارج، ومن بينها الألواح والخلايا الشمسية.
واعتادت الشركات -قبل تطبيق القرار- على التعامل بمستندات التحصيل، والتي يكون التعامل فيها بين المُستورِد والمُصدّر مباشرةً، ويكون البنك وسيطًا في هذه العملية، ولكن الآن أصبح التعامل بالاعتمادات المستندية يقتضي أن تكون المعاملات بين البنك المُستورد والبنك المُصدّر.
وأثار القرار استياءً لدى عدد من الجهات، من بينها اتحاد الصناعات المصرية، وجمعية رجال الأعمال المصريين، والاتحاد العام للغرف التجارية، مؤكدين أنه سيسهم في زيادة أزمة سلاسل التوريد الحالية، وإرباك حركة الاستيراد، وزيادة أسعار السلع بالسوق المحلية.
وكان القرار قد استثنى الأدوية والأمصال والكيماويات الخاصة بها، وبعض السلع الغذائية، وأنواع التبغ المصنّع.
شركات الطاقة الشمسية في مصر
قال مدير المكتب الفني لشركة غرين إنرجي، إن شركات الطاقة الشمسية تحاول التغلب على الأزمة من خلال طرح عروض لمدة 5 أيام -فقط- لتركيب المحطات، قبل أن يرفع المورّدون الأسعار مرة أخرى.
وأضاف عادل أن هذه العروض محددة المدة لا تسهم في حل المشكلة بشكل كافٍ، لأن العميل لا يتخذ قرار تركيب المحطة الشمسية بين ليلة وضحاها، فالشركة أو المصنع -الراغب في التركيب- يحتاج إلى الاجتماع مع الإدارة، وتقييم العروض المُقدَّمة لاختيار الأفضل، ومن ثم يستغرق الأمر بعض الوقت.
ومن الصعب أن ترسل الشركة للعميل كل 5 أيام بلاغًا بتغيير العرض وارتفاع قيمته نتيجة ارتفاع أسعار الألواح الشمسية والخامات.
واستبعد عادل حل هذه المشكلة مع استمرار قرار وقف الاستيراد، لافتًا إلى أن بعض شركات التوريدات تجمع الأموال من شركات الطاقة الشمسية، لشراء حاويات من المعدّات الشمسية.
وتابع أن بعض المورّدين يخدعون الشركات بدعوى جمع أموال لشراء ألواح ومعدّات شمسية.
انخفاض كفاءة الإنتاج المحلي
قال المهندس مهاب عادل، إن هناك مصنعًا في مدينة 6 أكتوبر لتصنيع الألواح بتكلفة أقلّ لا تتعدى 10 جنيهات للواط الواحد، إلّا أن إنتاجه لا يتّسم بالكفاءة المطلوبة.
وأوضح عادل أن هناك نوعين من الخلايا الشمسية، هما المونوكريستالين والبوليكريستالين، لافتًا إلى أن البوليكريستالين كفاءتها محدودة وغير مطلوبة في السوق، ولا تعتمدها شركات توزيع الكهرباء، ومن ثم لا تُستَعمَل في تركيب المحطات المتصلة بالشبكة.
بينما المونوكريستالين التي تستعملها شركات الطاقة الشمسية، وتعتمدها شركة توزيع الكهرباء، غير متاحة، أو أسعارها مرتفعة للغاية.
وكان موقع إيكو ووتش، المعني بالشؤون البيئية، قد نشر -في سبتمبر/أيلول الماضي 2022- مقالًا بعنوان "أيهما أفضل.. الخلايا الشمسية أحادية البلورة أم متعددة البلورات؟"، كتبه استشاري الطاقة الشمسية المهندس ليوناردو ديفيد؛ لتسليط الضوء على نوعي الألواح.
وأبرز ديفيد -في مقاله- أن الخلايا الشمسية أحادية البلورة والخلايا الشمسية متعددة البلورات في تكوين مادة السيليكون، وإن كان النوعان يؤديان الوظيفة نفسها، بتحويل ضوء الشمس إلى كهرباء.
الخلايا أحادية البلورة
تتميز الألواح الشمسية أحادية البلورة "مونوكريستالين" بأن كل خلية شمسية كهروضوئية مصنوعة من بلورة سيليكون واحدة، ومعدل كفاءتها قد يصل إلى 22%.
وتتّسم بدرجة كفاءة أعلى، ويتراوح عمرها الافتراضي بين 20 و40 عامًا، كما يُفضّل استعمالها عند الرغبة في تركيب نظام الطاقة الشمسية بمساحة محدودة؛ لأنها أكثر إنتاجًا لكل قدم مربّعة.
بينما تتكون كل خلية كهروضوئية في الألواح أو الخلايا الشمسية متعددة البلورات "بوليكريستالين" من عدّة قطع "كسر" بلورية من السيليكون، تُدمج معًا في أثناء التصنيع.
ويتراوح عمرها الافتراضي بين 20 و35 عامًا، وتكون عملية إنتاج هذا النوع من الألواح الشمسية أسرع وأرخص إلى حدّ ما؛ لأنها تعتمد على إذابة السليكون الخام، وتكون درجة كفاءتها أقلّ من الألواح أحادية البلورة؛ إذ لا تتعدى 17%.
وتُعدّ الخلايا الشمسية أحادية البلورة أقلّ تأثرًا بالحرارة؛ إذ إن الألواح الشمسية متعددة البلورات تتميز بمعامِلات درجة حرارة أعلى؛ ما يعني أنها تفقد المزيد من الإنتاج عند تسخينها.
ركود السوق
أشار مدير المكتب الفني لشركة غرين إنرجي المهندس مهاب عادل إلى أن مصنع تجميع الخلايا الشمسية في مدينة 6 أكتوبر يُنتج الخلايا الشمسية من نوع البوليكريستالين، والتي نادرًا ما تُستعمَل.
ودعا في تصريحات إلى منصة الطاقة، لتسهيل استيراد الألواح الشمسية للقضاء على احتكار الـ 3 مُوردين الأساسيين للسوق، موضحًا أن سعر الواط قد قفز -خلال عام أو عام ونصف- من 6 جنيهات حتى 12.60 جنيهًا، مؤكدًا أن الأمر خرج عن السيطرة، وتسبَّب بتوقُّف سوق الطاقة الشمسية في البلاد.
بدوره، أكد المتخصص في الطاقة الشمسية والمساعدات الملاحية، مؤسس شركة سمارت سولار للطاقة الشمسية، المهندس محمد جمال، أن أزمة ارتفاع أسعار الألواح الشمسية ما تزال مستمرة، وفي طريقها إلى الزيادة مجددًا.
وأوضح أن سعر الواط أصبح يتراوح -حاليًا- ما بين 11 و12 جنيهًا للماركات الصينية المعروفة ذات الجودة العالية، وفقًا للكميات المطلوبة.
وأضاف جمال -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن شهور الصيف التي تُعدّ موسم عمل بالنسبة لشركات الطاقة الشمسية، شهدت كسادًا كبيرًا لتحكُّم المورّدين في أسعار الألواح الشمسية وارتفاع سعر الدولار وآليات السوق المصرية.
وتابع أن شركات الطاقة الشمسية تعاني -حاليًا- بصورة كبيرة، نتيجة صعوبة استيراد مستلزمات التشغيل، مما تسبَّب في حالة من الركود نتيجة لنقص الطلب من العملاء، بعد ارتفاع تكلفة تركيب المحطات.
سوق الطاقة الشمسية في مصر
أكد المدير التنفيذي لشركة تومورو سولار، المهندس مصطفى نبيل، أن سوق الطاقة الشمسية قد شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار، خاصة فيما يتعلق بالمكون الأساسي الذي يشكّل أكثر من 60% من تكلفة النظام، وهو الألواح الشمسية.
وأشار نبيل -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- لارتفاع سعر الألواح الشمسية بنسبة تقترب من الـ 100% في أقلّ من 7 أشهر، مما أثّر في التكلفة الكلّية، وتسبّب بركود كبير في سوق الطاقة الشمسية، وتوقُّف بعض المشروعات، وسط تطلُّع من المستهلك إلى انخفاض الأسعار مرة أخرى.
وقال، إن مشروعات الطاقة الشمسية قد تأثرت نتيجة زيادة الأسعار، إذ ارتفع عدد السنوات التي يتحقق خلالها العائد على الاستثمار، مما أدى إلى تراجع متّخذ القرار عن التعاقد، بعد أن كان يرى أنها فرصة استثمارية كبيرة.
وأضاف أن البلاد تحتاج إلى التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية لتوفير الغاز الطبيعي للتصدير، إذ تسهم كل محطة طاقة شمسية بقدرة 1 ميغاواط في توفير نحو ١٢ مليون قدم مكعبة من الغاز.
وأوضح، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن إنشاء محطة شمسية بتكلفة مليون دولار يسهم في توفير غاز طبيعي بقيمة 10 ملايين دولار سنويًا.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الألواح الشمسية في مصر 2022.. وهذه العوامل تحدد الأفضل
- أفضل أنواع الألواح الشمسية للاستخدام المنزلي.. الشركات والأسعار
- هل الألواح الشمسية ثنائية الوجه أفضل في توليد الكهرباء؟.. خبراء يحذرون
اقرأ أيضًا..
- الأزمة الأوروبية تنعش "سياحة الطاقة".. ومصر وتركيا تتصدران الدول المستفيدة
- الصين تصنع أكبر محلل كهربائي في العالم لإنتاج الهيدروجين
- محاولات استيراد النفط الروسي في باكستان تفشل.. وهذه هي الأسباب
- جيه بي مورغان: أسعار النفط سترتفع إلى 150 دولارًا في هذه الحالة