كوب 27.. هل تتحمّل الدول المتقدمة فاتورة الخسائر والأضرار المناخية؟
أمل نبيل
تكتسب قمة المناخ كوب 27 أهمية خاصة في ظل ارتفاع الكوارث الناجمة عن التغيرات المناخية في كثير من دول العالم، وتصاعد حدة الدعوات التي تطالب الدول المتقدمة بتحمل الخسائر والأضرار الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري على مدار عقود طويلة من الزمن.
وتضرب الظواهر الجوية كل ركن من أركان العالم، ويبدو كل عام أكثر رعبًا من الماضي، وينهار المناخ بصورة أسرع بكثير حتى من توقعات أسوأ السيناريوهات بطريقة عشوائية وسريعة للغاية، بحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
وتعاني الدول والمجتمعات الأقل إسهامًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بصفة أكبر من غيرها، وهي الأقل استعدادًا للتعامل مع الموت والدمار الناجم عن التغيرات المناخية، وفق ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة.
الخسائر الناجمة عن التغيرات المناخية
بعد عام كارثي ترك 37 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة في منطقة القرن الأفريقي الكبرى المنكوبة بالجفاف، وغمر ثلث باكستان بالماء بسبب هطول الأمطار بشكل غير مسبوق، فمن المتوقع أن نسمع كثيرًا عن الخسائر والأضرار عن التغيرات المناخية في كوب 27.
وتضم منطقة القرن الأفريقي الكبرى، جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا وكينيا والصومال وجنوب السودان والسودان وأوغندا.
وتشير الخسائر والأضرار إلى التكاليف الاقتصادية وغير الاقتصادية التي لا رجعة فيها لكل من الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأعاصير وموجات الحر والجفاف وحرائق الغابات، وكوارث المناخ بطيئة الحدوث مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وذوبان الأنهار الجليدية.
ويتعلق الأمر بتحميل أكبر ملوثي الوقود الأحفوري المسؤولية عن الألم والمعاناة التي تسببها أزمة المناخ، بالإضافة إلى تأمين التمويل المناخي للتخفيف والتكيف لمساعدة الدول النامية على الاستعداد لما هو قادم.
وتشمل الخسائر الاقتصادية سبل العيش والمنازل والنظم الغذائية والأراضي المفقودة بشكل لا رجعة فيه، في حين تشير الخسائر غير الاقتصادية إلي فقدان الأرواح والثقافة والهوية والسيادة والكرامة الإنسانية والتنوع البيولوجي والرفاهية النفسية.
إن أخطر الخسائر والأضرار هي التي تشعر بها أفقر البلدان التي أسهمت بأقل قدر في الانبعاثات الكربونية؛ ونتيجة لذلك أصبح تمويل الخسائر والأضرار ركيزة أساسية في مطالب العدالة المناخية.
وتتفاقم الخسائر والأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية في الدول الجزرية والدول الأخرى المعرضة لتغير المناخ منذ أكثر من 30 عامًا، لكنها أصبحت قضية بارزة ومثيرة للجدل بصفة متزايدة في محادثات المناخ للأمم المتحدة في العقد الماضي، مع تزايد الكوارث الناجمة عن الاحتباس الحراري.
تعويضات مالية
في قمة المناخ كوب 26 في غلاسكو العام الماضي (2021)، التي ترأستها المملكة المتحدة، دعا تحالف من الدول النامية البلدان الأكثر مسؤولية عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى الالتزام بتقديم تعويضات عن الخسائر والأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية.
وطالبت الدول النامية بإنشاء صندوق للاستجابة إلى الخسائر والأضرار الناجمة عن زيادة التأثيرات المناخية، واقترحت الدول الجزرية الصغيرة لأول مرة تعويضات لضحايا الارتفاع المتوقع في مستوى سطح البحر قبل 31 عامًا.
ورُفضت دعوة الدول النامية -التي غالبًا ما تتفاوض وتصوّت في كتلة تسمى (مجموعة الـ77) للحصول على دعم مالي جديد بموجب المادة 9 من اتفاقية باريس (بالإضافة إلى الأموال المخصصة للتكيف والتخفيف)- وسط معارضة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا وغيرها من الدول الغنية المسؤولة عن الغالبية العظمى من غازات الدفيئة منذ العصر الصناعي.
وخلال قمة المناخ للأمم المتحدة في الدنمارك عام 2009، وافقت جميع الدول المتقدمة على توفير 100 مليار دولار سنويًا للتمويل العام والخاص بحلول عام 2020 وحتى عام 2025، لمساعدة الدول النامية على معالجة تغيّر المناخ.
بينما وعدت الدنمارك الدول النامية بمبلغ 100 مليون كرونة دنماركية (13.3 مليون دولار) عن خسائر المناخ، بصفتها أول دولة في الاتحاد الأوروبي تفعل ذلك، بالإضافة إلى إسكتلندا وإقليم "والونيا" البلجيكي.
وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا العام (2022)، وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الخسائر والأضرار بأنها "مسألة أساسية تتعلق بالعدالة المناخية والتضامن والثقة الدوليين".
وأضاف: "يجب أن تتحمل الدول المُلوثة التكلفة، لأن البلدان الفقيرة تحتاج إلى إجراءات هادفة".
هل ستكون كوب 27 مختلفة؟
انتقدت جماعات حقوق الإنسان قرار عقد قمة المناخ هذا العام في شرم الشيخ، بسبب ما وصفته بـ"القيود على حرية التعبير والاحتجاج في الدولة المصرية"، لكن رُشحت مصر من قبل الدول الأفريقية لاستضافة كوب 27، ويرجع ذلك جزئيًا إلى موقفها القوي من الخسائر والأضرار، فضلًا عن مفاوضيها المخضرمين، الذين يأملون في التغلب على تكتيكات المماطلة الغربية، بحسب صحيفة الغارديان.
ويُعقد مؤتمر المناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية خلال المدة من 6 وحتى 18 نوفمبر/تشرين الأول الجاري (2022).
وفي تعزيز لموقف الدول النامية، سُلّط الضوء على الخسائر والأضرار في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ هذا العام (2022)، على الرغم من معارضة الولايات المتحدة، التي يتمثّل هدفها الرئيس في توفير التمويل المناخي في شكل قروض وليس منحًا، في حين تكافح الدول الغربية تبعات فيروس كوفيد-19، والحرب الروسية على أوكرانيا.
ومن المتوقع أن تكون الخسائر والأضرار ضمن الموضوعات المهيمنة على كوب 27، وهي خط أحمر في المفاوضات للعديد من البلدان النامية بما في ذلك باكستان، التي تتولى رئاسة مجموعة الـ77، والصين التي دمرتها الفيضانات والحرارة الشديدة هذا العام.
وقالت وزيرة المناخ الباكستانية، شيري رحمان: "نحن على خط المواجهة، ونعتزم إبقاء الخسائر والأضرار والتكيف مع الكوارث المناخية في صميم حججنا ومفاوضاتنا، لن نحيد عن ذلك".
موضوعات متعلقة..
- قمة المناخ كوب 27.. قادة الأعمال حول العالم متفائلون بجهود خفض الانبعاثات
- صندوق النقد يحدد 3 أولويات حاسمة أمام قمة المناخ كوب 27 (تقرير)
- قبل كوب 27.. مسح أممي: ثلث المصريين لا يدركون معنى تغير المناخ
اقرأ أيضًا..
- محطة سيزويل سي النووية في بريطانيا تشهد تطورات مهمة
- سلطنة عمان على وشك اكتشافات نفطية في حقل مفرق
- فيتول الهولندية تهدد بوقف شحنات الغاز إلى ألمانيا