عامل استثنائي يؤدي لارتفاع أسعار النفط الخام (مقال)
فاندانا هاري - ترجمة: نوار صبح
- • مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ربما يستعد للتخفيف من ارتفاع أسعار الفائدة
- • بنك الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى تخفيف موقفه المتشدد لمنح الاقتصاد بعض التنفس
- • النفط الخام المقيّم بالدولار الأميركي يصبح أرخص نسبيًا للمشترين الذين لديهم عملات أخرى
- • نواتج التقطير المتوسطة لدى بعض الدول الأوروبية آخذة في النفاد
شهدت سوق النفط، الأسبوع الماضي، ظهور عامل مؤثّر واستثنائي، أدى إلى ارتفاع أسعار النفط الخام.
وسادت موجة جديدة من التفاؤل في الأسواق المالية بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ربما يستعد للتخفيف من ارتفاع أسعار الفائدة، ما أدى إلى عمليات بيع واسعة بالدولار الأميركي.
وبدأت الموجة يوم الجمعة الماضي 28 أكتوبر/تشرين الأول، عندما أشار تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، باجتماعه في 1 و2 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2022)، إلى احتمال أن يناقش بنك الاحتياطي الفيدرالي خططًا لرفع سعر الفائدة بشكل أقلّ في ديسمبر/كانون الأول.
وازداد الشعور بالارتياح في أجواء السوق خلال الأسبوع الماضي.
وعلى الرغم من أن رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس هذا الأسبوع قد أُخِذ في الحسبان، فإن السوق انجرفت في التفاؤل بأنه في اجتماع "صانعي السياسة" التالي، منتصف ديسمبر/كانون الأول، سيستقر رأي بنك الاحتياطي الفيدرالي على زيادة معتدلة بمقدار 50 نقطة أساس.
ويشير ذلك إلى تغيير طفيف في سياسة البنك المركزي الأميركي النقدية.
بدورها، عززت البيانات الأميركية الإيجابية بشأن التصنيع، وأسعار المنازل، ثقة المستهلك في الأيام الأخيرة بمؤيدي تغيير السياسة النقدية، الذين رأوا أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى تخفيف موقفه المتشدد لمنح الاقتصاد بعض التنفس.
وحظيت وجهة النظر بتأييد بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، الذين التزموا الحذر، في الأسابيع الأخيرة.
في وقت سابق من هذا الشهر، قالت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، إن صانعي السياسة يجب أن يباشروا التخطيط لخفض حجم الزيادات في أسعار الفائدة.
ضعف الدولار يدعم أسعار النفط الخام
انخفض سعر الدولار إلى أدنى مستوياته في 6 أسابيع ونصف يوم الأربعاء 26 أكتوبر/تشرين الأول، وفقًا لمؤشر الدولار الأميركي في بورصة إنتركونتيننتال إكستشينج.
واستقر المؤشر عند 109.552، في ذلك اليوم، بنسبة 3.9% دون أعلى مستوى له في 20 عامًا، فوق 114 قبل شهر واحد فقط.
ويمكن أن يُعزى انتعاش النفط الخام إلى هذا الرأي القائل بأن تغيير سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي يُعدّ خبرًا جيدًا للاقتصاد، ومن ثمّ للطلب على النفط، ويشير إلى أن السلعة ترتبط عكسيًا بالدولار.
في المقابل، تصبح أسعار النفط الخام المقيّمة بالدولار الأميركي أرخص ثمنًا نسبيًا للمشترين الذين لديهم عملات أخرى، التي ارتفعت قيمتها مقابل الدولار.
وارتفعت أسعار النفط الخام، وزادت العقود الآجلة لخام برنت في بورصة إنتركونتيننتال إكستشينج من 92.38 دولارًا للبرميل، في 20 أكتوبر/تشرين الأول، إلى أعلى مستوى في 3 أسابيع عند 96.96 دولارًا، يوم الخميس 27 أكتوبر/تشرين الأول.
وتبيّن أن التفاؤل بشأن تغيير السياسة النقدية متقلّب.
وفي يوم الخميس 27 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلنت الولايات المتحدة عن نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.6% أفضل من المتوقع للربع الثالث، على عكس الانكماش بنسبة 0.6% في الربع الثاني، الأمر الذي يمثّل تحديًا لرواية التغيير الطفيف في السياسية النقدية.
وارتفع الدولار الأميركي خلال النصف الأخير من الأسبوع.
علاوة على ذلك، تسببت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط في تآكل بعض الارتفاع أوائل الأسبوع، مع إغلاق أكثر ليونة، يوم الجمعة 28 أكتوبر/تشرين الأول، على الرغم من تسجيل أسعار النفط الخام مكاسب أسبوعية.
وما زال يتعين التأكد ما إذا كان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، سيأخذ زمام المبادرة أو يبقي "مسار التغيير" مستمرًا؛ عندما يتحدث بعد اجتماع "صانعي السياسة"، الذي استمر يومين، بعد ظهر الأربعاء بتوقيت الولايات المتحدة.
ومن الممكن أن يقرر الاحتفاظ بأفكاره وخططه بعيدًا عن الإعلان.
وسوف تتضخم المضامين السياسية لكلمات باول لأن الانتخابات النصفية الأميركية مقررة بعد أقلّ من أسبوع من حديثه.
تزايد المخاوف بشأن نقص الديزل
لم يكن موضع السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الحدث الأبرز.
وقد انصبّ اهتمام سوق النفط على الضيق المتزايد في سوق الديزل على جانبي المحيط الأطلسي، والشكوك بشأن حظر الاتحاد الأوروبي المقبل في 5 ديسمبر/كانون الأول على واردات الخام الروسي المنقولة بحرًا، وعلى توفير الخدمات المالية والتأمين لشحنات النفط الروسية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة التكرير الإسبانية "ريبسول"، خوسو جون إيماز، في جلسة الأرباح يوم الخميس 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن نواتج التقطير المتوسطة لدى بعض الدول الأوروبية آخذة في النفاد.
وأوضح أن غياب إمدادات الديزل الروسي وتعطّل الإنتاج في الآونة الأخيرة، بسبب إضرابات العمال في المصافي الفرنسية، أسهم في النقص.
من ناحيتها، تحوم مخزونات نواتج التقطير في الولايات المتحدة، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، عند أدنى المستويات لهذا الوقت من العام منذ عام 1950.
وبلغ متوسط 4 أسابيع لطلب نواتج التقطير في الولايات المتحدة، عند 4.11 مليون برميل يوميًا في الأسبوع المنتهي في 24 أكتوبر/تشرين الأول، مقارنة بمستويات العام الماضي ومستويات 2019 المقابلة، وعلى النقيض من الانخفاض إلى ما دون ذلك بكثير خلال الربعين الثاني والثالث.
وانتشر نقص الديزل في الولايات المتحدة، الآن، من مناطق الشمال الشرقي إلى طول الساحل الشرقي للبلاد، وفقًا لتقرير وكالة بلومبرغ.
وقد يؤدي الحظر الوشيك الذي فرضه الاتحاد الأوروبي في 5 شباط / فبراير على الواردات البحرية من المشتقات النفطية الروسية، التي تشمل نسبة كبيرة من الديزل، إلى تفاقم الوضع على جانبي المحيط الأطلسي.
خطة فرض سقف لسعر النفط الروسي
بدأ الوقت ينفد بالنسبة لخطة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة الـ7 لفرض سقف لأسعار النفط الخام الروسي، الذي يجب أن يُثَبَّت قبل 5 ديسمبر/ كانون الأول.
و أفادت وكالة بلومبرغ أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تخفف من حدّة الخطة وسط التقلبات المتزايدة في أسواق النفط والأسواق المالية.
ومن المحتمل تحديد سقف أسعار النفط الخام القادم من روسيا، في نطاق 40-60 دولارًا للبرميل الذي كان قيد المناقشة، وسيكون أكثر مرونة.
ومن المرجح أن يكون تحالف المشترين المشاركين صغيرًا، إذ تلتزم دول مجموعة الـ7 وأستراليا فقط بالخطة التي تحدد أسعار النفط الخام عن حدود معينة، وفقًا لبلومبرغ.
وذكرت وكالة رويترز، نقلًا عن مصدر مجهول مطلع على العملية، أن سقف أسعار النفط الخام القادم من روسيا، من المرجح تحديده بين 63 و64 دولارًا للبرميل.
وعلى الرغم من أن الرأي المتفق عليه بين المشاركين في السوق والمحللين على حدّ سواء هو أن فكرة تحديد سقف للسعر ليس لها فرصة للنجاح، فقد ولّدت حالة من الضبابية في السوق.
ويمكن لتلك الحالة، إلى جانب نقص الديزل، أن تخفف الضغط الهبوطي على أسعار النفط الخام في نطاق أوسع، وتقلل المخاوف بشأن الطلب على النفط والاقتصاد العالمي، في الأسابيع المقبلة.
* فاندانا هاري هي مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.
هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال الأميركي تواجه خطرًا في 2023 (تقرير)
- حظر المنتجات النفطية الأميركية قد يمثل تحديًا للمصافي المحلية والعالمية (تقرير)
- وزير الطاقة الأردني: نخطط لإنتاج الهيدروجين وتصديره.. وهذه تفاصيل دعم الألواح الشمسية (حوار)
- الرئيس التنفيذي لمجموعة إينوك الإماراتية: هذه خطتنا للتوسع في السعودية ومصر.. ونستثمر في الطاقة النظيفة (حوار)