خط أنابيب شرق أفريقيا لنقل النفط يثير الخلافات المناخية مجددًا
دينا قدري
يثير مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا لنقل النفط الخام خلافًا متزايدًا بشأن تداعياته المناخية، وسط دعوات لوقف مشروعات الوقود الأحفوري الجديدة.
ومن المقرر أن يربط المشروع بين بحيرة ألبرت في أوغندا وميناء تانغا الساحلي في تنزانيا؛ وسيسهم بشكل فعّال في إمداد أوروبا بالخام، في الوقت الذي تسعى فيه القارة العجوز لإيجاد بدائل للنفط الروسي.
وبسبب الطبيعة الشمعية للنفط الخام لبحيرة ألبرت، سيُنقل عبر خط أنابيب ساخن، هو الأطول في العالم؛ إلا أن ثلث الاحتياطيات -فقط- البالغة 6.5 مليار برميل، المكتشفة لأول مرة في عام 2006، تُعَد مجدية تجاريًا، وفق ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وتمتلك شركة توتال إنرجي الفرنسية وشركة سينوك الصينية حصة في مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا، الذي تصل تكلفته إلى 4 مليارات جنيه إسترليني (5 مليارات دولار)، بحسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
عوائد اقتصادية لخط أنابيب شرق أفريقيا
يقع 80% من خط أنابيب شرق أفريقيا -البالغ طوله 1440 كيلومترًا (895 ميلًا)، والذي سيجري تشييده في غضون بضعة أشهر- في تنزانيا؛ بما في ذلك منشأة تخزين في تشونغولياني، على بُعد نحو 18 كيلومترًا (11 ميلًا) شمال مدينة تانغا.
ومن المتوقع أن يُستغل أول نفط في غضون 3 سنوات، مع ضخ ما لا يقل عن 230 ألف برميل يوميًا في أوقات الذروة.
كما من المتوقع تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة بالنسبة للبلدين؛ إذ ستحصل أوغندا على عائدات تتراوح بين 1.5 مليار دولار و3.5 مليار دولار سنويًا؛ أي 30-75% من عائداتها الضريبية السنوية.
وبحسب ما ورد، ستكسب تنزانيا 12 دولارًا للبرميل على الأقل؛ أي ما يقرب من مليار دولار سنويًا.
وعلى الرغم من أن مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا يشمل بناء مصفاة في أوغندا للاستهلاك المحلي؛ فإن نفطها الخام سيكون أساسًا للتصدير، خاصةً لأوروبا نتيجة للآثار المتتالية للحرب في أوكرانيا، بحسب ما جاء في تقرير "بي بي سي".
أفريقيا لها الحق في استغلال ثرواتها
أدى توقيت مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا إلى انقسام الرأي في مختلف أنحاء العالم، على الرغم من الفوائد الاقتصادية المتوقعة.
ففي سبتمبر/أيلول 2022، اقتحم الاتحاد الأوروبي الجدل الدائر حول خط أنابيب شرق أفريقيا لنقل النفط الخام، داعيًا إلى إيقاف المشروع، بدعوى وجود انتهاكات لحقوق الإنسان ومخاوف بيئية ومناخية.
وقد رُفض هذا التدخل من قبل الحكومتين الأوغندية والتنزانية اللتين تعُدان خط الأنابيب أمرًا حيويًا لتعزيز اقتصادهما.
كما جادل بعض المدافعين عن التنمية الاقتصادية لأفريقيا بأن للقارة الحق في استخدام ثرواتها من الوقود الأحفوري من أجل التنمية، تمامًا مثلما فعلت الدول الغنية لمئات السنين.
وأشاروا إلى أن أفريقيا أطلقت 3% فقط من غازات الاحتباس الحراري مقارنةً بـ17% من دول الاتحاد الأوروبي.
وبشكل حاسم؛ فإن 92% من طاقة أوغندا تأتي بالفعل من مصادر متجددة، وتبلغ النسبة نحو 84% في تنزانيا؛ في حين تبلغ النسبة في الاتحاد الأوروبي 22%، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- السعة الحالية وقيد الإنشاء لمشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا في عام 2021:
نفاق أوروبي.. ونقص التمويل
وصف عضو غرفة أوغندا للمناجم والنفط، إليسون كاروهانغا، تصريحات الاتحاد الأوروبي حول خط الأنابيب المقترح، بأنها "نفاق".
وأضاف: "على عكس الدول الغنية التي ستظل غنية حتى بعد إزالة عائداتها من النفط والغاز، لا يمكننا تحمل المخاطرة بمستقبل الأجيال الأوغندية على افتراضات".
بدورها، قالت كبيرة مستشاري دبلوماسية المناخ والجغرافيا السياسية لمؤسسة المناخ الأفريقية، فاتن أغاد، إن "الدول الأفريقية لا تتلقى التمويل اللازم للتحول الأخضر".
وتابعت: "لهذا السبب، نرى الدول تتحول إلى الوقود الأحفوري بوصفه وسيلة لتوليد الدخل. أعني أن تمويل الوقود الأحفوري أعلى بـ3 مرات من تمويل الطاقة الخضراء، يعادل 30 مليار دولار مقابل 9 مليارات لمصادر الطاقة المتجددة".
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم اكتشافات النفط والغاز عالميًا منذ عام 2015 حتى عام 2021:
مشروع يفاقم أزمة المناخ
من جانبها، أكدت مجموعة "ستوب إيكوب" -المناهضة للمشروع- أن خط الأنابيب سينتج 34 مليون طن من انبعاثات الكربون الضارة كل عام.
إلا أن شركة توتال إنرجي -التي تمتلك حصة 62% في خط الأنابيب- قالت لـ"بي بي سي" إن المشروع سيكون "أحد أدنى مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للشركة".
وأوضحت شركة النفط الفرنسية العملاقة أنه "صُمِّمَ مسار خط الأنابيب لتقليل تأثيره في المناظر الطبيعية والتنوع البيولوجي"، مؤكدة أنه سيحسن بشكل كبير الظروف المعيشية محليًا.
ومع ذلك، صرح الناشط المناخي الأوغندي "بريان" بأن خط أنابيب شرق أفريقيا سيحوّل أوغندا فقط إلى "محطة وقود" لأوروبا والصين، مشددًا على أن المكاسب المفاجئة للمشروع لن تفيد إلا النخبة في البلاد.
وعلى الرغم من التهديدات بالاعتقال والمضايقات التي يواجهها معارضو خط الأنابيب، يواصل بريان حملته لتتحول البلاد إلى الطاقة الخضراء، وفق التزامها بعد التوقيع على اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015.
وقال بريان: "أنت تستخدم فقط النفط والغاز اللذين طُوِّرَا بالفعل.. في اللحظة التي يبدأ فيها تطوير أنواع جديدة اليوم وغدًا، وبعد شهر وسنوات من الآن؛ فإنك تؤخر عملية الانتقال، وسيؤدي ذلك إلى نقطة تحول".
موضوعات متعلقة..
- هل اقترب مشروع خط أنابيب النفط لشرق أفريقيا من التحول إلى واقع؟
- خط أنابيب شرق أفريقيا لنقل النفط يضع توتال في مأزق.. واعتقالات لمعارضيه في أوغندا
- خط أنابيب شرق أفريقيا يواجه قرارًا أوروبيًا.. وأوغندا ترد: موقف استعماري جديد
اقرأ أيضًا..
- صادرات النفط الروسي إلى الصين ترتفع.. والسعودية تحتفظ بالمقدمة
- سفير الاتحاد الأوروبي: نتفاوض مع دولتين عربيتين لتأمين الغاز.. والطاقة المتجددة لا تكفينا (حوار)
- شركة هيدروجين عمان تقود الطموحات المناخية والاقتصادية للسلطنة (إنفوغرافيك)
- مستقبل واعد لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب (تقرير)