نشر الطاقة الشمسية في الأراضي الزراعية.. أزمة تنتظر رئيس وزراء بريطانيا الجديد
ليز تروس تخوّفت من "الأمن الغذائي".. ومزارعون يطرحون حلولًا
هبة مصطفى
تشكّل خطط نشر الطاقة الشمسية في الأراضي الزراعية البريطانية مثار جدل واسع في الآونة الأخيرة مع فتح رئيسة الوزراء المستقيلة ليز تروس المجال أمام حظرها بدعوى اعتبارات الأمن الغذائي.
وكانت تروس قد تبنّت تطبيق خطط الحظر عقب توليها منصبها -قبل أقل من شهرين- غير أن استقالتها المفاجئة الخميس الماضي 20 أكتوبر/تشرين الأول (2022) عزّزت طموحات المزارعين للضغط على رئيس الوزراء المرتقب للعدول عن تلك الخطط، وفق ما نشرته صحيفة الغارديان.
وأرجعت تروس قرارها إلى اعتبارات الأمن الغذائي وتأثُّر المحاصيل، في حين في المقابل أطلقت رابطة الطاقة الشمسية في المملكة المتحدة جرس إنذار من تهديد قرار حظر نشر الألواح الشمسية والمصفوفات في الأراضي الزراعية لإنتاج الكهرباء النظيفة والمشروعات قيد التخطيط، بحسب ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
إلغاء الحظر
كانت الخطط المقترحة تُشير إلى حظر نشر استخدامات الطاقة الشمسية لما يقرب من 58% من الأراضي الزراعية، وفق رؤية رئيسة الوزراء المستقيلة -عقب 44 يومًا من تقلدها منصبها- ووزير البيئة في حكومتها رانيل جاياوردينا.
وتضمّنت آلية تنفيذ الحظر تغيير قواعد تصنيف الأراضي الزراعية، إذ إنه كان يُسمح للأراضي ذات الإنتاج المنخفض فقط باستضافة الألواح الشمسية أو المصفوفات أو غيرها من الأنظمة المستخدمة في هذا الإطار.
وشمل مقترح تروس وجاياوردينا تصنيف الأراضي الزراعية ذات الإنتاج المنخفض بصفتها ذات قيمة، ما يمنع من استخدامها في المشروعات الشمسية.
ومع إعلان الاستقالة قبل يومين، طالب المزارعون بالمملكة المتحدة رئيس الوزراء المرتقب خلفًا لتروس بإلغاء الخطط التي كانت تتهيّأ الحكومة لإقرارها.
وفي المقابل، دافع المزارعون والمعنيون بمشروعات الطاقة الشمسية عن اعتبار الأراضي الزراعية ذات الإنتاج المنخفض موقعًا للمشروعات النظيفة، وأكد مالكو الأراضي أن دمج المشروعات الزراعية والشمسية على أراضيهم أسهم في دعم إنتاج الغذاء خلال السنوات منخفضة المحصول.
الأمن الغذائي في مأمن
أرجع رئيس رابطة الأراضي والمشروعات "سي إل إيه" مارك توفنيل، تمسُّك المزارعين بإقامة المشروعات الشمسية على أراضيهم ورفضهم مقترح تروس إلى الدعم الذي قدّمته تلك المشروعات للغذاء خلال السنوات ذات الإنتاجية المخفضة.
ومن جانب آخر، زوّدت تلك المشروعات أراضي المزارعين ومنازلهم وممتلكاتهم في محيط الأراضي بالكهرباء زهيدة التكلفة والنظيفة في الوقت ذاته، وفق رئيس الرابطة التي تضم 33 ألفًا من مالكي الأراضي الزراعية في بريطانيا.
وأضاف توفنيل أن أصحاب الأراضي منخفضة الإنتاج ذهب اختيارهم للاستثمار في مشروعات أخرى -في إشارة إلى مشروعات الطاقة الشمسية- مشيرًا إلى أن المزارعين يمكنهم التوسع في زراعة محاصيل الغذاء بالأراضي ذات الإنتاج عالي الجودة، ما يضمن عدم الإضرار بالأمن الغذائي.
وقال إن اختزال الحكومة خطط الطاقة الشمسية في نشرها على أسطح المنازل فقط يشكّل صعوبات تواجه إستراتيجيتها، داعيًا إلى تنويع وسائل نشر الطاقة النظيفة سواء على الأسطح بجانب تقديم حلول لمشكلات تسعير الربط بالشبكة في المباني الخاصة الباهظ الثمن.
ويُشير الرسم التالي إلى أبرز ملامح مشروع قانون تعزيز أمن الطاقة في المملكة المتحدة الذي يتضمّن 26 بندًا، أبرزها تعزيز مصادر الطاقة المتجددة، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
خسائر الحظر
كشف الرئيس التنفيذي للهيئة التجارية الصناعية لقطاع الطاقة الشمسية بالمملكة المتحدة، كريس هيويت، عن أن هناك خسائر مادية ضخمة تنتظر القطاع إذ ما أقرت الحكومة البريطانية حظر نشر الألواح والمصفوفات في الأراضي الزراعية.
وأضاف هيويت أن الحظر من شأنه تهديد مصير مشروعات يُخطط لتنفيذها في النصف الثاني من العقد الجاري (2026-2030) والمقدرة بنحو 30 غيغاواط، ما يسبّب خسائر تصل إلى 20 مليار جنيه إسترليني، وفق ما نقلت عنه صحيفة فاينانشيال تايمز (Financial Times) في وقت سابق من الشهر الجاري.
(جنيه إسترليني = 1.13 دولارًا أميركيًا)
ويُشار إلى أن وزارة البيئة طرحت في عهد تروس تعديلات على معيار تصنيف الأراضي الزراعية، إذ إنها كانت في الأساس تُصنّف طبقًا للاعتبارات المناخية وجودة التربة، لكن مقترحات التعديل كانت بمثابة إجراءات تهدف إلى منع نشر مشروعات الطاقة النظيفة بها.
ولاقى مقترح تروس رفضًا من شركة "ستيت كرافت" النرويجية المعنية بمشروعات الطاقة المتجددة، إذ إنها تملك ما يزيد على 20 مرزعة شمسية بريطانية، ويسبب مقترح الحظر تهديدًا مباشرًا لها.
إعادة التأهيل الزراعي
قدّم مالك واحدة من مزارع زراعة الفاكهة التي تضمّ في الوقت ذاته حديقة شمسية كبيرة، هاري تيتشر، حلولًا من وجهة نظره يمكنها ضمان عدم الإضرار بالغذاء ودعم المشروعات النظيفة في آن واحد.
وأكد أن مشروعات الطاقة الشمسية بصورها المختلفة تُقام على الأراضي الزراعية بصورة مؤقتة ضمن عقود لمدة تصل إلى 25 عامًا، ويمكن العدول عنها حال رصد أي معدل نقص بالغذاء وإعادة تأهيل الأرض لإنتاج المحاصيل مرة أخرى.
وقال إن الحديقة الشمسية والألواح الممتدة على مسافة 61 فدانًا بجانب الإنتاج الزراعي المنخفض لأرضه في مقاطعة كينت -منذ عام 2014 حتى الآن- تشكلان مصدرًا لتنوع الدخل له ولأسرته، بجانب أنها تُصنّف بمثابة مشروعات صديقة للبيئة ولا تُسهم في زيادة الكربون.
وأشار إلى أن المخاوف بشأن الإنتاج والأمن الغذائي في غير محلها، معتبرًا أن المخاوف الحقيقية تتعلّق بالتحول نحو الطاقة النظيفة والمشروعات الخضراء.
اقرأ أيضًا..
- أسعار البنزين في مصر.. بشرى سارة للمواطنين
- هل يدعم قادة العراق الجدد قرار أوبك+ خفض سقف الإنتاج؟ (تقرير)
- جيه بي مورغان: أسعار النفط سترتفع إلى 150 دولارًا في هذه الحالة
- تقرير فرنسي: المغرب يتقدم في مشروع الغاز النيجيري.. والجزائر تواجه مخاطر