تقارير الطاقة النوويةسلايدر الرئيسيةطاقة نوويةعاجل

الطاقة النووية في المغرب.. تقرير يكشف تفاصيل الاتفاق مع روسيا

دينا قدري

اقرأ في هذا المقال

  • استعمال الخيار النووي طال انتظاره في المغرب
  • الاتفاق مع روسيا ينصّ على بناء مفاعل تجريبي، وليس محطة نووية
  • تطوير الطاقة النووية في المغرب يواجه عدّة عقبات
  • الطاقة النووية تظل ضرورية في مزيج الطاقة المغربي

لم يتوقف تطوير الطاقة النووية في المغرب منذ الحقبة الاستعمارية، مرورًا بمرحلة الاستقلال، وحتى الوقت الحاضر، وهو ما ظهر جليًا من خلال الاتفاق الأخير مع روسيا لتعزيز قدرة المملكة.

في الوقت نفسه، يعيد الاتفاق بين البلدين لتطوير الطاقة النووية إطلاق النقاش حول هذا المصدر لإنتاج الكهرباء، نظرًا لعدّة عقبات ومشكلات تعوق نشر هذا النوع من الطاقة.

كما يسلّط الضوء على عدم تخلّي المملكة عن الخيار النووي، منذ الاستعمار وحتى الوقت الحالي، وفق ما نقلته منصة "ميديا 24" المغربية الناطقة باللغة الفرنسية.

وعلى الرغم من العيوب والتحديات العديدة التي تثيرها، تظل الطاقة النووية خيارًا ضروريًا في مزيج الطاقة الوطني لضمان أمن البلاد.

ويُعدّ عام 2030 -من الناحية النظرية- هو الموعد النهائي المعتمد عمومًا من قبل الحكومة لدمج هذا المصدر من الطاقة ضمن مزيج الكهرباء في البلاد، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

روسيا تبني أول محطة نووية في المغرب

استمر طموح الطاقة النووية في المغرب طويلًا؛ إذ حاولت المملكة -من خلال المكتب الشريف للفوسفاط- الحصول على مفاعل نووي في الستينيات بمساعدة أميركية، لكن الظروف التكنولوجية (تدريب الفنيين والمهندسين المغاربة) والجيوسياسية لم تسمح بذلك.

ومن ثم، فإن الاتفاق الحالي -الذي تبنّته الحكومة الروسية في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ونُشر على نطاق واسع- ما هو إلّا عنصر من عناصر تاريخ طويل.

كما يؤكد الحفاظ على الطموح النووي المغربي، رغم التركيز على مصادر الطاقة المتجددة خلال السنوات الـ10 الماضية.

وتنصّ مذكرة التفاهم هذه على الدعم التقني والعلمي في المغرب، كما تخطط لمساعدة البلاد في مجال الوقود النووي وإدارة النفايات النووية.

على عكس ما قيل، أكد التقرير -الذي نقلته "ميديا 24"- أنه لا يوجد لدى المغرب اتفاقية لبناء محطة طاقة نووية مخصصة لإنتاج الكهرباء، بل مفاعل تجريبي، مثل المفاعل الموجود في مركز الدراسات النووية بالمعمورة.

قدرة المفاعلات والمحطات النووية

يستلزم الانتقال من التجربة إلى الإنتاج شروطًا محددة، من حيث القدرة في المقام الأول، وفق ما جاء في التقرير.

فالمفاعل التجريبي -الذي يديره حاليًا المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، في المعمورة- تبلغ طاقته الإنتاجية 2 ميغاواط، أي ما يعادل قوة محرك الطائرة المقاتلة في الخمسينيات.

ويبلغ متوسط قدرة محطات الطاقة النووية التقليدية نحو 1300 ميغاواط، أي ما يعادل محطة صافي لتوليد الكهرباء التي تعمل بالفحم.

وقد بُني هذا المفاعل بين عامي 2004 و2006، بفضل دعم الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، ونقل التكنولوجيا الفرنسية والأميركية.

وقال الخبير المغربي في الفيزياء النووية، رجاء الشرقاوي المرسلي: إن هذا المفاعل "زوّد المغرب بجوهر تقني وعلمي قادر على التحرك بسرعة نحو محطة إنتاج".

ويعمل بالمفاعل ما يقرب من 260 شخصًا، من بينهم 122 مهندسًا وباحثًا وفنيًا، بالإضافة إلى وظائف دعم أخرى، بينما توظّف محطات الإنتاج عمومًا أكثر من ألفي شخص، بين المهندسين والفنيين والموظفين بشكل مباشر.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر 10 دول حسب سعة الطاقة النووية في العالم:

سعة الطاقة النووية

غياب اليورانيوم.. عقبة رئيسة

العقبة الرئيسة الأخرى أمام تطوير الطاقة النووية في المغرب هي الوقود؛ إذ تستهلك المحطة النووية المتوسطة ما يعادل 200 طن من اليورانيوم الطبيعي سنويًا، أي 20 طنًا من اليورانيوم المخصب.

ومن المسلّم به أن الاتفاقية مع روسيا تنصّ على عنصر إمدادات الوقود هذا؛ ولكن مرة أخرى، تظل مجرد اتفاقية إطارية لا تحدد كميات الوقود، خاصةً أن هذه المفاعلات هي في الأساس مفاعلات تجريبية في الوقت الحالي.

ولكي يمكن دخول الصناعة النووية، فإن توافر اليورانيوم -مصدر الوقود- والقدرة على تخصيبه صناعيًا، من الشروط الأساسية.

ومع ذلك، فإن الاستكشافات في المغرب في هذا المجال لم تتوَّج بالنجاح؛ فقد نُفِّذت العديد من مهام الاستكشاف منذ منتصف الأربعينيات من القرن الماضي من قبل الفرنسيين والإنجليز والأميركيين، دون نجاح، أو على الأقلّ، دون اكتشاف رواسب قابلة للتطبيق تجاريًا لهذا المعدن.

وحاول المغرب، بمساعدة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، إرسال عدّة بعثات استكشافية في جبال الأطلس أو الصحراء، دون نجاح دائمًا.

وهكذا جرى التخلي عن استكشاف رواسب اليورانيوم إلى حدٍّ كبير منذ نهاية السبعينيات، بسبب نقص الوسائل والتمويل.

وبدلًا من ذلك، تحوّل المغرب إلى البحث في تكنولوجيا استخراج اليورانيوم الموجود في الفوسفات (يتوفر 0.02% من اليورانيوم في الصخور الخام).

أزمة النفايات المستدامة

يتزامن إنتاج النفايات النووية مع عمر محطة الطاقة النووية، ما يمثّل أيضًا أحد العوائق الرئيسة لهذه التقنية؛ إذ لا يتسبب الإنتاج في نفايات فحسب، بل تصبح أدوات معالجة هذه النفايات نفسها مشعّة، ما يتطلب المعالجة.

في عام 2014، أنشأت الرباط الوكالة المغربية للسلامة والأمن النووي والإشعاعي، وهي كيان مستقل، تحت إشراف رئيس الوزراء، والذي يضمن -من ناحية- الامتثال للسلامة النووية والإشعاعية، ومن ناحية أخرى، الامتثال لالتزامات المملكة الدولية.

كما اعتمد المغرب جميع المواثيق الدولية المتعلقة بأمن منشآت الطاقة النووية.

ومع ذلك، فإن النفايات المنتجة حاليًا في المغرب -لا سيما في المجالات الطبية والبحثية- تُعالَج أساسًا بهدف تخزينها من قبل المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، ولا تُعاد معالجتها لإعادة التدوير أو لتحييدها في الزجاج المصهور، على سبيل المثال.

لذلك، يجب على الهيئات العامة زيادة مهاراتها وأحجامها لدعم طموحات المغرب، بما في ذلك إنشاء نظام بيئي نووي، وفق ما أكده التقرير.

ارتفاع تكاليف المحطات النووية

بالإضافة إلى جوانب السلامة هذه، هناك جوانب اقتصادية لتطوير محطات الطاقة النووية في المغرب وبصفة عامة، لا سيما من حيث التكاليف؛ إذ يمكن أن تتراوح تكلفة محطة توليد الكهرباء -الذي تُعدّ عادةً مرتفعة للغاية- من 10 إلى 15 مليار دولار.

وتُقدَّر تكلفة محطة كهرباء الضبعة في مصر -التي انطلق بناؤها مؤخرًا بالتعاون مع روسيا- بنحو 25 مليار دولار، بإجمالي 4 مفاعلات بطاقة 1200 ميغاواط لكل منها.

حقيقة بناء محطة الطاقة النووية في روسيا
محطة براكة النووية - الصورة من وكالة أنباء الإمارات

كما بُنيت محطة براكة للطاقة النووية في الإمارات -التي دخلت أول وحدة لها بقدرة 1300 ميغاواط في الإنتاج في عام 2020- من قبل شركة كوريا الجنوبية للطاقة الكهربائية (كيبكو)، بالتعاون مع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية.

وتُقدَّر ميزانيتها بـ 24.5 مليار دولار لإجمالي قدرة مركبة -على المدى الطويل- تبلغ 5600 ميغاواط.

ومن ثم، فإن التكلفة لكل كيلوواط كهربائي تبلغ نحو 4500 إلى 5 آلاف دولار أميركي، أي أكثر بقليل من 3 أضعاف تكلفة محطة الكهرباء التي تعمل بالفحم، والتي تعادل قدرتها محطة صافي (1300 ميغاواط).

كما يجب أن تُضاف المشكلات الناجمة عن القدرة؛ إذ قال خبير الطاقة أمين بنونة: "حاليًا، لا تستطيع شبكة الكهرباء المغربية التعامل مع قوة محطة للطاقة النووية"، وفق ما نقلته منصة "ميديا 24".

الحاجة إلى قرار سياسي

هذا الوضع يجعل العديد من المصادر تقول، إن أحدث التقنيات -وهي المفاعلات الصغيرة الروسية بسعة 300 إلى 600 ميغاواط- ستكون الأنسب للمغرب.

سواء لتوليد الكهرباء أو تحلية مياه البحر أو إنتاج الهيدروجين، فإن هذه التقنية تقدّم العديد من المزايا، لا سيما من حيث التكلفة.

إلّا إن التكنولوجيا التي تكون فيها روسيا تنافسية بشكل خاص، تتطلب قرارًا سياسيًا قويًا.

وقال الخبير في مجال الكهرباء، رياض جرجيني: "إنّ تبنّي تقنية نووية معينة يُلزمنا بمورّديها للـ40 إلى 50 عامًا المقبلة".

وأضاف: "بالنظر إلى المخاطر الجيوسياسية الحالية، أجد صعوبة في رؤية المغرب -الحليف التقليدي للولايات المتحدة- ينخرط في هذا النوع من الشراكة مع روسيا".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق