أين تتجه أسعار النفط عقب التصعيد الأميركي ضد السعودية؟ 5 خبراء يجيبون
دينا قدري
- تدهور العلاقات بين أميركا والسعودية سيزيد من عدم اليقين والتقلب في أسواق النفط
- حرب جديدة لأسعار النفط ليست في مصلحة أميركا والدول الكبرى المستهلكة للطاقة
- ارتفاع أسعار البنزين في أميركا يرجع إلى قرارات إدارة بايدن
- أوبك+ تعهّد بالتدخل لضمان استقرار أسواق النفط العالمية
- قرارات أوبك+ مدفوعة بتوازنات السوق ومخاطر الركود
يستحوذ مستقبل أسعار النفط على اهتمام المشاركين في الأسواق العالمية، إثر قرار تحالف أوبك+ خفض سقف الإنتاج مليوني برميل يوميًا، فضلًا عن التهديد الأميركي بإعادة تقييم العلاقات مع السعودية.
ولوّح الرئيس الأميركي جو بايدن باللجوء إلى الكونغرس لمواجهة سيطرة أوبك على أسعار الطاقة، في ظل تجاهل المجموعة لدعواتها بزيادة الإنتاج، استمرارًا لسعيه إلى خفض أسعار البنزين قبل الانتخابات النصفية الأميركية.
ويأتي هذا التصعيد على الرغم من أن أسعار النفط ما تزال في نطاق 100 دولار للبرميل، كما أن واردات النفط الأميركية من دول أوبك تمثّل 17% فقط من إجمالي واردات البلاد.
في هذا السياق، كشف 5 خبراء -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- عن توقعاتهم حول مستقبل أسعار النفط، وما إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم سحب المزيد من البراميل من احتياطي النفط الإستراتيجي.
قرار أميركا يزيد من حالة عدم اليقين
توقّع رئيس شركة رابيدان إنرجي الأميركية بوب مكنالي أن مستقبل أسعار النفط سيتحدد على المدى القصير من خلال تفاعل الركود الهبوطي، والمخاطر الصعودية لتعطّل الإمدادات الروسية.
وأوضح -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أنه إذا هيمنت مخاطر الركود، ستتجه الأسعار هبوطيًا، على الرغم من أن تحالف أوبك+ سيحاول وقف انخفاضها مع مزيد من التخفيضات في حصص الإنتاج.
وإذا حدث اضطراب كبير في الإمدادات الروسية هذا الشتاء، فسترتفع أسعار النفط نحو أعلى مستوياتها في وقت مبكر.
وأكد مكنالي أنه إذا تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية بشكلٍ حادّ في ظل خفض إنتاج أوبك+ وقرار الرئيس بايدن إعادة تقييم العلاقات الثنائية، فإن ذلك سيزيد من حالة عدم اليقين والتقلب في أسواق النفط العالمية.
وأشار إلى أن أسعار النفط دخلت -على المدى الطويل- مرحلة ازدهار متعددة السنوات مدفوعة بالطلب القوي على النقل، والانخفاضات الحادة في الاستثمار في السنوات الأخيرة، والقدرة الإنتاجية الفائضة المحدودة.
حرب أسعار النفط ليست في مصلحة أحد
من جانبه، يرى كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة في واشنطن الدكتور أومود شوكري أن حرب أسعار النفط الجديدة (أي زيادة التوتر بين العلاقات بين واشنطن والرياض) ليست في مصلحة أميركا والدول الكبرى المستهلكة للطاقة.
وأوضح -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن مصالح السعودية والإمارات وروسيا تُعدّ -حاليًا- في الجانب نفسه بسوق الطاقة.
وقال شوكري: "إذا أُعيدَ تقييم العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية بشكلٍ جادّ من قبل البيت الأبيض، وتوقفت واشنطن عن إرسال أسلحة إلى الرياض، يمكن للمملكة زيادة أسعار النفط عن طريق خفض إنتاج النفط والتأثير في الدول الأخرى الأعضاء في أوبك، وخاصةً الدول العربية".
وأشار إلى أنه في مثل هذه الحالة، سيتجاوز سعر النفط 100 دولار، وإذا لم يكن نطاق التوتر في العلاقات بين الرياض وواشنطن محدودًا، فإن سعر النفط سيصل إلى أكثر من 110 دولارات.
وقال: "لن يكون هناك منتصر في حرب أسعار النفط".
كما أكد كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة في واشنطن أن الولايات المتحدة لا تملك خيارات كثيرة مطروحة على الطاولة للتعامل مع أزمة الطاقة وتخفيض سعر البنزين؛ إذ استفادت إدارة بايدن -في الأشهر الأخيرة- من احتياطي النفط الإستراتيجي.
وفي حالة اندلاع حرب أسعار نفط جديدة، يمكن أن يتسبب سعر نفط واشنطن في سحب جزء آخر من الاحتياطي الإستراتيجي، لكن هذا الإجراء سيكون له تأثير قصير المدى في السوق، على حدّ قوله.
وشدد شوكري على أن القضية الرئيسة هي أن مستوى الاحتياطيات الإستراتيجية وصل إلى أدنى مستوى له في السنوات الأخيرة، ولا يهم أيّ دولة ستعيد ملء الاحتياطي الإستراتيجي بالنفط.
ارتفاع أسعار البنزين في أميركا "شأن داخلي"
من جانبها، أوضحت رئيسة شركة "إس في بي إنرجي إنترناشيونال"، الدكتورة سارة فاخشوري، أن منتجي أوبك يتخذون قراراتهم بناءً على أساسيات السوق واقتصادهم وأولوياتهم المالية.
وأشارت إلى أن هناك توقعات بحدوث ركود عالمي وانخفاض في الطلب على النفط، إذ شهدت الأسواق انخفاض أسعار النفط بسبب انخفاض توقعات الطلب.
وأكدت -في تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة لا يرجع إلى ارتفاع أسعار النفط فقط.
وقالت: "لدينا نقص بطاقة التكرير في الولايات المتحدة نتيجة للسياسات البيئية، كما أن الإدارة الأميركية لا تشجع الاستثمار في الوقود الأحفوري داخل الولايات المتحدة، كما ألغت خط أنابيب (كيستون إكس إل) الذي كان من المفترض أن ينقل النفط من كندا إلى الولايات المتحدة، كل هذا أدى إلى ارتفاع أسعار البنزين داخل الولايات المتحدة".
وشددت الدكتورة سارة فاخشوري على أن استهداف الرئيس بايدن لمنتجي أوبك وتصعيده للأزمة الدولية لن يكون في صالح أسعار النفط العالمية، كما هي الحال بالنسبة لاستعمال احتياطي النفط الإستراتيجي لأغراض سياسية، حفاظًا على البنزين.
وأوضحت أنه من المفترض أن يُستعمل احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي بوصفه احتياطيات طارئة في وقت الأزمات والانقطاعات الكبيرة بإمدادات الطاقة.
ويؤدي خفض مستوى احتياطي النفط الإستراتيجي أكثر من المستوى الحالي -الذي أصبح منخفضًا تاريخيًا- إلى إيجاد نقاط ضعف للولايات المتحدة في حالة الطوارئ، ويشكّل تهديدًا لقدرة الدفاع الأميركية في وقت الأزمة.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مخزون النفط الإستراتيجي في الولايات المتحدة منذ عام 2017 إلى عام 2022:
أوبك+ يضمن استقرار أسواق النفط العالمية
أكد نائب الرئيس الأعلى للتنقيب والإنتاج في أرامكو السعودية سابقًا، الدكتور سداد الحسيني، أنه لا يرى أيّ أسباب تجارية عادية لانحراف أسعار النفط بعيدًا عن النطاق الحالي البالغ 85-95 دولارًا للبرميل من خام برنت.
وقال -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "لقد أوضح تحالف أوبك+ أنه سيراقب الأسواق بعناية شديدة، وأظهر استعداده للتدخل لتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية إلى أقصى حدٍ ممكن".
وفيما يتعلق باحتياطي النفط الإستراتيجي، أعرب الدكتور سداد الحسيني عن شكوكه حول إجراء المزيد من عمليات السحب، لأنه لا يوجد نقص حقيقي في النفط، وأسعار النفط الحالية متوازنة من وجهة نظر المستهلكين والمنتجين على حدٍ سواء.
وشدد الحسيني على أن السعر المنخفض لن يقلل من قدرة أوبك؛ ولكن من شأنه أن يقوض الإمدادات من خارج أوبك، ولن يكون مستدامًا على أساس الصناعة في نطاق واسع، بسبب التكلفة العالية لنسبة كبيرة من العمليات خارج أوبك.
من ناحية أخرى، فإن الأسعار المرتفعة بشكل كبير من شأنها أن تُلحق الضرر بالطلب العالمي، وتقوّض الاقتصاد العالمي؛ الأمر الذي لا يصبّ في مصلحة كل من أوبك والمنتجين من خارج أوبك، وفقًا لما أكده الحسيني.
توازنات السوق هي محرك أوبك+
في سياقٍ متصل، أكد الخبير المتخصص في تحليل أسواق السلع لدى ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس، بول هيكن، أن الحد الأقصى الحقيقي لأسعار النفط هو النفط الصخري، وليس الدبلوماسية الأميركية في حد ذاتها، إذ يضخ المنتجون الهامشيون المزيد بأسعار أعلى.
وأضاف أن السعودية وأوبك+ سيستمرون في تزويد عملائهم بالنفط الخام؛ كما ستستمر الولايات المتحدة في الشراء من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك أعضاء أوبك؛ نظرًا لحاجتها إلى خامات عالية الحموضة لموازنة الدرجات الأميركية الأخف وزنًا.
وقال هيكن -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "أعتقد أن كثيرين تحدّثوا عن التداعيات الجيوسياسية، ولكن من خلال إلقاء نظرة على توازنات السوق، يُمكن تقديم حجة مفادها أن أوبك+ كان يتصرف بناءً على ما يراه في السوق الفعلية، والتحركات الاستباقية إلى حدٍ ما التي كان يقوم بها نظرًا للمخاوف من الركود، خاصةً بالنظر إلى الانخفاض المستمر في الطلب".
وتابع: "كما تحدَّث كثيرون عن الرقم الرئيس البالغ مليوني برميل يوميًا، ولكن مرة أخرى في الواقع، من المحتمل أن يكون أقلّ من نصف ذلك في التخفيضات المحتملة، ولا ينبغي أن يكون المرء متسرعًا في افتراض العودة إلى اتجاه صعودي قوي".
وفيما يتعلق باحتياطي النفط الإستراتيجي، أوضح هيكن أنه من المؤكد وجود القدرة لدى الولايات المتحدة على استعماله مرة أخرى.
إلّا أنها قد تقرر التحلي بالصبر، نظرًا لأنه قد يمهّد الطريق لأوبك+ لخفض الإنتاج مرة أخرى، كما أن الأمر الذي يصعب التنبؤ به ما إذا كان الطلب الصيني قد ينتعش مرة أخرى، فضلًا عن مقدار انخفاض الإمدادات الروسية عندما تدخل العقوبات حيز التنفيذ.
اقرأ أيضًا..
- تكاليف شحن النفط الروسي ومدة نقله للأسواق البديلة تتضاعف خلال 8 أسابيع
- مسؤول: الجزائر تكثف التنقيب عن النفط والغاز.. وأوروبا أكبر أسواقنا للتصدير
- كيف تدعم الطاقة الشمسية في أوروبا خفض واردات الغاز؟.. صيف 2022 نموذجًا
- هيونداي تتربع على عرش مبيعات سيارات خلايا الوقود الهيدروجينية