رغم انخفاض أسعار النفط دون 90 دولارًا.. فما زالت أوبك+ بحاجة للتريث والمراقبة (مقال)
فاندانا هاري - ترجمة: نوار صبح
- • الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يشير إلى أن تكاليف الاقتراض ستظل مرتفعة لمدة أطول.
- • أسواق الأسهم في أنحاء العالم شهدت حالة من التدهور الشديد بحلول نهاية الأسبوع.
- • أيّد وزراء أوبك+ رسميًا التزام وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان.
- • تحالف المنتجين سيحاول الدفاع عن نطاق سعري بنحو 90 دولارًا لخام برنت.
- • أسعار النفط الخام قد لا تظل في منحدر هبوطي مستمر.
تعرّضت أسعار النفط الخام لضغوط هبوطية مستمرة من مخاوف الركود للأسبوع الثالث على التوالي.
بدوره، ضخّم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مخاوف الركود تلك، ليس فقط بتنفيذ رفع إضافي لسعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في 21 سبتمبر/أيلول (2022)، وإنما بإشارته إلى أن تكاليف الاقتراض ستظل مرتفعة لمدة أطول
وانخفضت أسعار النفط مؤخرًا؛ حيث تراجعت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط بنسبة 5-6%، يوم الجمعة 23 سبتمبر/أيلول الجاري (2022)، واستقرت عند أدنى مستوياتها في 8 أشهر.
وشعر المستثمرون بالقلق من إشارة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، إلى المزيد من التشديد النقدي الصارم في المستقبل، على الرغم من أنها تزيد من مخاطر الركود في الولايات المتحدة.
وقال باول إن من المرجح أن تتضاءل فرص الهبوط الهادئ"، مكرّرًا رسالة تضمنها خطابه في ندوة "جاكسون هول" الشهر الماضي.
في المقابل، يتوقّع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة من 3 إلى 3.25% الحالية إلى نطاق بين 4% و4.5% بحلول نهاية هذا العام، وفقًا للتوقعات الصادرة بعد الاجتماع.
ويتوقع معظم المسؤولين أن يستقر المعدل حول 4.6% بنهاية عام 2023، ويتوقع نحو الثلث الاحتفاظ به فوق 4% حتى عام 2024.
وشهدت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم حالة من التدهور الشديد مع اقتراب نهاية الأسبوع، بينما واصل الدولار الأميركي تعزيز موقعه باعتباره أحد الأصول المستقرة.
واستقر مؤشر بورصة إنتركونتيننتال إكستشينج بالدولار الأميركي عند أعلى مستوى له في 20 عامًا، بأقل بقليل من 113، يوم الجمعة 23 سبتمبر/أيلول.
انخفاض أسعار النفط وتفادي المخاطرة
شهدت أسعار النفط تقليص العقود الآجلة لخام برنت الآن ثلث ذروة قيمتها 14 عامًا التي حققتها في 8 مارس/آذار، في حين انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بنحو 45% خلال المدة نفسها.
واستقر خام برنت عند 105.09 دولارًا في 22 أغسطس/آب، وهو اليوم الذي أشار فيه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إلى أن تحالف أوبك+ سيخفض الإنتاج إذا استمرت الأسعار في التأثر بالمضاربة على عمليات البيع التي تتناقص مع أساسيات السوق الفعلية، وكانت هذه آخر تسوية له فوق 100 دولار.
في الأيام التي أعقبت ذلك، واصل خام برنت الانحدار هبوطيًا في نطاق الـ90 دولارًا، ليستقر أخيرًا عند 86.15 دولارًا يوم الجمعة 23 سبتمبر/أيلول.
في اجتماعهم في 5 سبتمبر/أيلول، قام وزراء أوبك+ بتخفيض رمزي 100 ألف برميل يوميًا في هدف الإنتاج الجماعي لشهر أكتوبر/تشرين الأول؛ ما يُعَد تراجعًا عن الزيادة الرمزية التي حققوها لشهر سبتمبر/أيلول الجاري.
وأيّد وزراء أوبك+ رسميًا التزام وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان.
تجدر الإشارة إلى أننا لا نشك في عزم أوبك+ على محاولة الدفاع عن الأسعار ضد عمليات بيع مكثفة.
في الأيام الأخيرة، أعدنا فحص ومراجعة فرضيتنا السابقة -التي لاقت قبولًا على نطاق واسع في السوق- وهي أن تحالف المنتجين سيحاول الدفاع عن حدّ أدنى بنحو 90 دولارًا لخام برنت.
نعتقد الآن أن ذلك ليس أمرًا مسلَّمًا به، وسيكون من الأفضل للتحالف اتباع نهج الانتظار والمراقبة.
التراجع التدريجي وإعادة المعايرة المدروسة
اتسمت عمليات البيع المكثفة، يوم الجمعة 23 سبتمبر/أيلول، بالهلع، ومن المحتمل أن تكون مبالغًا فيها، وقد يسترد النفط بعض هذه الخسائر.
بصرف النظر عن ذلك اليوم، تراجعت أسعار النفط تدريجيًا على مدار الأسابيع الـ3 الماضية، واختبرت الدعم عند مستويات مختلفة في مسارها الهبوطي، وتزامنًا مع أصول المخاطرة الأخرى.
علاوة على ذلك، يشير التوجه إلى إعادة معايرة السوق للمشاعر المحسوبة باستخدام المدخلات في توازنات العرض والطلب الحالية والمتوقعة بدلًا من البيع على المكشوف المكثف في عمليات المضاربة.
يمكن القول إن السوق لديه رؤية ضعيفة لطبيعة الانكماش الاقتصادي الوشيك، الذي بدوره يُعَد خطوة بعيدة عن تقييم التأثير في الطلب العالمي على النفط.
بصرف النظر عن المدى الذي يمكن فيه تحليق الإشارات الحالية من البنوك المركزية والمؤسسات المالية المتعددة الأطراف وبيانات الاقتصاد الكلي واتجاهات ثقة المستهلك لتكوين وجهة نظر بشأن الطلب؛ فإن سوق النفط تدرس تأثيرات الانكماش الاقتصادي.
على صعيد العرض، كما لاحظنا في الأسابيع الأخيرة، انحسر الدور المحتمل لنقاط القوة ونقاط الضعف المعتادة، بما في ذلك المخاوف بشأن تعطل الإمدادات الروسية بسبب العقوبات الغربية. وأدى ذلك إلى استبعاد الكثير من مخاطر العرض التي رأيناها في النفط الخام خلال الربع الثاني من هذا العام.
قد يتفاقم الوضع مع اقتراب موعد حظر الاتحاد الأوروبي، في 5 من ديسمبر/كانون الأول، على واردات الخام الروسي المنقولة بحرًا، أو جرّاء حدث غير متوقع، لكن السوق ليست مستعدة لتحديد الأسعار وفق هذه المخاطر حتى الآن.
ويُعَد سبب وطريقة هبوط أسعار النفط الخام بالتحديد أحد التفاصيل المهمة التي نتوقع أن يضعها تحالف أوبك+ في الاعتبار عند تحديد سياسات الإنتاج لديه.
لا يمكن استبعاد ارتفاع أسعار النفط مجددًا
تتمثل مخاطر ارتفاع أسعار النفط الخام في النقص المستمر والمتزايد في إنتاج أوبك+ مقابل أهدافها، إلى جانب المخاطر والقيود الجيوسياسية في الدول المنتجة الرئيسة، واحتمال أن تأخذ حرب أوكرانيا منعطفًا مفاجئًا نحو الأسوأ؛ ما يزيد من ضراوة حروب الطاقة الحالية بين روسيا والغرب.
وقد تجاهل النفط تصعيد الهجوم الروسي في أوكرانيا الأسبوع الماضي.
من ناحيته، جدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تهديداته النووية للغرب، وأعلن خططًا لحشد 300 ألف جندي احتياطي وإجراء استفتاء على الانضمام لروسيا في 4 مناطق محتلة في شرق أوكرانيا وجنوبها.
وبدأ التصويت في لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريزهيا، يوم الجمعة 23 سبتمبر/أيلول، وكان من المتوقع أن يستمر حتى يوم الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول من هذا الأسبوع.
وتعرّض بوتين للوم من جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في وقت سابق من هذا الشهر، بشأن أوكرانيا، وتشير تحركاته الأخيرة إلى يأس لإنهاء الحرب المستمرة منذ 8 أشهر.
هذا بدوره يخلق مزيدًا من الضبابية في سوق الطاقة والسياسة؛ ما يعني أن أسعار النفط الخام قد لا تظل في منحدر هبوطي مستمر.
* فاندانا هاري هي مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- خبيرة بمجال التغير المناخي: التوقف عن حرق النفط والغاز يعطل الحياة (تقرير)
- إيرادات مصر من صادرات الغاز تقفز 13 ضعفًا في 8 سنوات
- تطوير إستراتيجية الهيدروجين في الإمارات بالتعاون مع مؤسستين دوليتين