خريطة طريق الهيدروجين النظيف في أميركا.. أبرز المحاور والقطاعات المستهدفة (تقرير)
تهدف الولايات المتحدة إلى إنتاج 50 مليون طن بحلول عام 2050
دينا قدري
أصدرت وزارة الطاقة الأميركية مسودة إستراتيجية وخريطة طريق لصناعة الهيدروجين النظيف، استكمالًا لسياسة الرئيس جو بايدن التي خصصت نحو 9.5 مليار دولار بموجب قانون البنية التحتية العام الماضي (2021).
وحددت الوثيقة -التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة- أهداف الولايات المتحدة لإنتاج 10 ملايين طن من الهيدروجين النظيف سنويًا بحلول عام 2030، و20 مليون طن بحلول عام 2040، ليبلغ إجمالي الإنتاج 50 مليون طن بحلول عام 2050.
وشددت على أن الهيدروجين النظيف "سيكون عنصرًا مهمًا في طريق الأمة لإزالة الكربون"، إذ يمكنه خفض انبعاثات الولايات المتحدة بنسبة 10% تقريبًا بحلول عام 2050 مقارنةً بعام 2005، بما يتوافق مع إستراتيجية المناخ طويلة الأجل للولايات المتحدة.
وأكدت أن هناك حاجة إلى الاستثمار والعمل المركز على المدى القريب والمتوسط والطويل لوضع الأساس لاعتماد الهيدروجين النظيف على نطاق أوسع، لخفض تكلفته، وزيادة حجمه بطريقة مستدامة وشاملة.
يُذكر أن الولايات المتحدة تُنتج 10 ملايين طن متري من الهيدروجين سنويًا، مقارنةً بنحو 90 مليون طن سنويًا تُنتج على المستوى العالمي.
أولويات خريطة طريق الهيدروجين النظيف
ركزت مسودة إستراتيجية وخريطة طريق للهيدروجين النظيف في الولايات المتحدة على 3 أولويات رئيسة، تتمثل في استهداف الاستخدامات الإستراتيجية عالية التأثير للهيدروجين، وخفض تكلفة الهيدروجين النظيف إلى 1 دولار/كغم بحلول عام 2031، والتركيز على نشر محاور إقليمية للهيدروجين النظيف.
وأوضحت الوثيقة أنه يُمكن أن يعمل الهيدروجين بوصفه عامل تمكين رئيس لأهداف البلاد، نظرًا لتعدد استخداماته وقدرته على استكمال التقنيات النظيفة الأخرى في 3 من أكثر قطاعات الطاقة والانبعاثات كثافة في الولايات المتحدة: وهي الصناعة والنقل وتوليد الكهرباء.
وتتوافق الإستراتيجية الوطنية وخريطة الطريق للهيدروجين النظيف مع أهداف إدارة بايدن، بما في ذلك خفض انبعاثات غازات الدفيئة في الولايات المتحدة بنسبة 50% إلى 52% في من مستويات 2005 بحلول عام 2030.
كما تشمل تلك الأهداف الوصول إلى كهرباء خالية من التلوث الكربوني بنسبة 100% بحلول عام 2035، وتحقيق الحياد الكربوني في موعد لا يتجاوز عام 2050، مع تسليم 40% من فوائد استثمارات المناخ الفيدرالية إلى المجتمعات المحرومة.
استخدامات عالية التأثير للهيدروجين
تحدد الوثيقة -المؤلفة من 121 صفحة- "الاستخدامات الإستراتيجية عالية التأثير للهيدروجين".
وأوضحت أن تركيز وزارة الطاقة الأميركية سيكون على الهيدروجين النظيف لإزالة الكربون في قطاعات مثل الصناعة والنقل الثقيل التي يصعب تحويلها إلى كهرباء.
وأضافت: "العمليات التي تستخدم الوقود الأحفوري بوصفه مادة وسيطة كيميائية -مثل الأمونيا والميثانول- أو في توليد حرارة عالية الحرارة أو طويلة الأمد، ستتطلب وقودًا نظيفًا -مثل الهيدروجين- لإزالة الكربون".
وشددت الوثيقة على أن نصف الانبعاثات الصناعية ناتجة عن حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الحرارة والكهرباء.
وتابعت: "في حين أن الدرجات المنخفضة من توليد الحرارة تكون مجدية عادةً للكهرباء، فإن نحو 30% من الحرارة المستخدمة في الصناعة تكون في درجات حرارة أعلى من 300 درجة مئوية، ومن المحتمل أن تتطلب وقودًا نظيفًا لإزالة الكربون".
وقالت المسودة: "الأفران التي تحرق الهيدروجين النقي أو مزيج الهيدروجين مع الغاز الطبيعي هي خيارات رئيسة في هذه الاستخدامات".
وردًا على هذا التوجه الأميركي، قال المحلل في مركز الأبحاث الألماني أغورا إنرجيويند، غنيفومير فليس: "فكرة أنه لا يمكن إزالة الكربون من عملية التسخين بدرجة حرارة عالية إلا باستخدام الهيدروجين هي حيلة تسويقية".
كما أشارت إحدى الأوراق العلمية -مؤخرًا- إلى أن حلول التسخين الكهربائية بالكامل متاحة تجاريًا اليوم للصناعات الثقيلة التي يمكن أن توفر درجة حرارة عالية تصل إلى أكثر من 1000 درجة مئوية.
وأظهرت دراسات متعددة، أطلع عليها خبراء منصة الطاقة، أن حرق مزيج من الهيدروجين والغاز الطبيعي هو طريقة مكلفة للغاية وغير فعّالة لاستخدام الهيدروجين عالي القيمة.
استخدام الهيدروجين في النقل
أوضحت خريطة الطريق الأميركية أن الهيدروجين يمتلك عرضًا ذا قيمة قوية في قطاع النقل بالشاحنات، خاصةً بالنسبة للأساطيل ذات المركبات الثقيلة، أو المسارات الطويلة، أو العمليات متعددة المناوبات التي تتطلب إعادة التزود بالوقود بسرعة.
وجاء في الوثيقة: "الهيدروجين هو -أيضًا- مادة أولية أساسية لإنتاج الوقود السائل الذي سيكون ضروريًا لاستخدامات الطاقة على نطاق واسع، مثل الطيران والسكك الحديدية والبحرية".
وأضافت أن الهيدروجين النظيف يمكن أن يحل محل الهيدروجين الرمادي المستخدم في تكرير النفط لتكسير النفط الخام الثقيل وإزالة الكبريت، وكذلك استخدامه لإنتاج الوقود الحيوي من الكتلة الحيوية، وبوصفه مكونًا أساسيًا للوقود الاصطناعي المطابق كيميائيًا للنفط أو وقود الطيران.
وأشارت الوثيقة إلى أنه سيجري استخدام الهيدروجين مباشرةً، بوصفه وقودًا للشاحنات والحافلات المتوسطة والثقيلة.
إذ ذكرت أن "خلايا الوقود قابلة للتطبيق بشكل خاص لاستخدامات مثل الشاحنات الثقيلة التي تتطلب أوقات تعبئة سريعة مقارنةً بالديزل اليوم، أو نطاقات قيادة طويلة تزيد عن 500 ميل (805 كيلومترًا)".
يظهر في التصميم التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين حسب طريقة الإنتاج:
ولا يشير هذا إلى أن المركبات التي تعمل بالهيدروجين الأخضر سيتكلف تشغيلها ضعفين إلى 3 أضعاف تكلفة نظيراتها التي تعمل بالبطاريات الكهربائية بالكامل، أو أن الشاحنات الكهربائية مثل تيسلا سيمي ستكون قادرة أيضًا على السفر لمسافة 500 ميل بشحنة واحدة، بحسب منصة "ريشارج نيوز".
وتنص الوثيقة أيضًا على أن الهيدروجين سيكون مهمًا لإزالة الكربون من الطيران.
إذ قالت: "تطوير وقود الطيران المستدام، مثل الوقود الحيوي وأنواع الوقود التي يمكن استخدامها بدلًا من وقود الطائرات التقليدي، أمر ضروري لإزالة الكربون من هذا القطاع".
ويُمكن دمج الهيدروجين مع ثاني أكسيد الكربون المحتجز لإنتاج وقود طيران اصطناعي يكون -نظريًا على الأقل- محايدًا للكربون.
تقليل تكلفة الهيدروجين النظيف
تسعى مبادرة الهيدروجين -التي جرى الإعلان عنها في يونيو/حزيران 2021- إلى خفض تكلفة الهيدروجين النظيف إلى دولار واحد لكل كيلوغرام واحد في غضون عقد واحد.
وأضافت وثيقة إستراتيجية وخريطة الطريق الجديدة هدفًا مؤقتًا قدره 2 دولار/كغم بحلول عام 2026.
وأوضحت أنه من المرجح أن يُستخدم مزيج من إنتاج الهيدروجين من التحليل الكهربائي للماء، وإنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري مع احتجاز الكربون وتخزينه، وإنتاج الهيدروجين من الكتلة الحيوية ونفايات المواد الأولية في الولايات المتحدة حتى عام 2050 على الأقل.
واليوم، تعد مسارات التحويل الحراري هي النهج السائد إلى إمدادات الهيدروجين في جميع أنحاء العالم، وعادة ما يكون لها تكلفة منخفضة، ولكن انبعاثات عالية.
كما ذكرت الوثيقة أنه "يُمكن أن تساعد تخفيضات التكلفة في نقل وتخزين ثاني أكسيد الكربون، وتكاليف العمليات والصيانة المتغيرة، وتكاليف رأس المال، في تحقيق هدف مبادرة الهيدروجين".
10 محاور إقليمية لإنتاج الهيدروجين
دعا قانون البنية التحتية إلى إنشاء 10 محاور إقليمية على الأقل لإنتاج الهيدروجين النظيف، مع اقتراح محور واحد على الأقل من كل من طرق الإنتاج الـ3: الوقود الأحفوري، ومصادر الطاقة المتجددة، والطاقة النووية، بتمويل يصل إلى 8 مليارات دولار.
ويجب أن يوضح كل محور استخدامات مختلفة للهيدروجين النظيف: توليد الكهرباء والتصنيع الصناعي والتدفئة السكنية والتجارية والنقل".
وأراد مشروع القانون أيضًا أن يكون كل مركز إقليمي موجودًا في أجزاء مختلفة من الولايات المتحدة، باستخدام مصادر الطاقة "التي تُعد وفيرة في تلك المنطقة".
وحدد قانون البنية التحتية مركزًا إقليميًا للهيدروجين النظيف على أنه شبكة من منتجي الهيدروجين النظيف ومستهلكيه والبنية التحتية المتصلة "على مقربة شديدة" من بعضهم البعض.
تنص وثيقة الإستراتيجية على أنه "يُمكن أن يؤدي التواجد في الموقع المشترك للعرض والطلب على الهيدروجين إلى تقليل الحاجة إلى بنية تحتية جديدة بعيدة المدى، ما يقلل من تكلفة نمو السوق المبكر حتى يتطور الطلب المستقر على نطاق واسع على الصعيدين الإقليمي والوطني".
وأضافت أن التمويل البالغ 8 مليارات دولار "سيعزز إنتاج ومعالجة وتسليم وتخزين والاستخدام النهائي للهيدروجين النظيف، ما يتيح منافع إقليمية مستدامة وعادلة بالإضافة إلى استيعاب السوق".
مراحل استخدام الهيدروجين في أميركا
تحدثت وثيقة الإستراتيجية عن مراحل استخدام الهيدروجين النظيف في البلاد، إذ أشارت إلى "الموجة الأولى" التي ستكون في "الأسواق الحالية التي لديها بدائل قليلة للهيدروجين النظيف لإزالة الكربون".
وتشمل هذه الاستخدامات مصافي النفط، وإنتاج الأمونيا، والحافلات، والشاحنات الثقيلة طويلة المدى، والآلات الثقيلة في التعدين والبناء والزراعة، التي تحتاج إلى التزود بالوقود بسرعة وتعمل بعيدًا عن شبكات الكهرباء.
وفي الموجة الثانية -"حيث يوفر الهيدروجين النظيف اقتراحًا متزايدًا للقيمة الاقتصادية، مدعومًا بالتزامات من قبل الصناعة وزخم السياسة- ستكون الاستخدامات إنتاج الصلب، وتخزين الطاقة وتوليد الكهرباء، والطيران، والشاحنات المتوسطة، والعبّارات الإقليمية، وإنتاج بعض المواد الكيميائية مثل البلاستيك.
وسيتبع ذلك موجة ثالثة، حيث "ستصبح الاستخدامات تنافسية مع زيادة إنتاج الهيدروجين النظيف بشكل كبير ومع انخفاض التكاليف وتوافر البنية التحتية".
يتعلق ذلك بسفن الحاويات، وإنتاج الميثانول، والأسمنت، والمزج مع شبكات الغاز الطبيعي الحالية، والكهرباء الاحتياطية والثابتة لاستبدال مولدات الديزل في المرافق المهمة على مدار الساعة مثل المستشفيات ومراكز البيانات.
اقرأ أيضًا..
- حادث يجبر إكسون موبيل على تعليق نشاط أحد مواقعها النفطية في تكساس
- سويسرا تعلن السحب من مخزون المشتقات النفطية للحد من استهلاك الغاز
- المضخات الحرارية تضمن تدفئة المنازل بأقل تكلفة.. وتعمل بالطاقة الشمسية
- هل ما زال شحن السيارات الكهربائية أرخص رغم أزمة الطاقة؟.. تقرير يجيب