كيف يمكن تعزيز دور ائتمانات الكربون في خفض الانبعاثات؟
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- ائتمانات الكربون أداة مهمة لدعم جهود خفض الانبعاثات الضارة
- ائتمانات الكربون فرصة مهمة للقطاعات الثقيلة لخفض انبعاثاتها
- هناك اختلافات بين أسواق الكربون الطوعية والأسواق الإلزامية
- توقعات بنمو سريع لسوق أرصدة الكربون حول العالم بحلول 2030
- الشفافية من بين أكبر التحديات أمام تعزيز دور ائتمانات الكربون
أصبحت ائتمانات الكربون أداة قوية ضمن الجهود المبذولة للحدّ من الانبعاثات، من جانب الدول أو الشركات، لكن الشكوك التي تحيط بها ما زالت تُقيّد النمو المطلوب لتحقيق الحياد الكربوني.
وتنطوي فكرة أرصدة الكربون على قدرة شركة ما التعويض عن كل طن من الانبعاثات التي تتسبب فيها، من خلال الإسهام في مشروع منخفض الكربون، أو عن طريق دفع مقابل مادي يوازي سعر طن الكربون.
لذلك، باتت ائتمانات الكربون أداة مهمة لتمويل مشروعات الطاقة المستدامة، ولتعزيز ذلك، يجب بناء الثقة في السوق من خلال إرساء الشفافية، حسب تقرير حديث صادر عن منتدى الطاقة الدولي.
ويوضح التقرير -الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- ماهية ائتمان الكربون ودوافع نمو هذا السوق والتحديات المحتملة التي قد تواجهها.
كيف تعمل ائتمانات الكربون؟
تسمح ائتمانات الكربون بإصدار طن متري واحد من ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادله من غازات الدفيئة، والتي تمثّل الكمية نفسها التي أُزيلت من الغلاف الجوي في مكان آخر، عبر مشروعات الطاقة المتجددة أو زراعة الأشجار واحتجاز الكربون وخلافه.
وتشتري الشركات، خاصة في القطاعات الثقيلة مثل التصنيع والنقل وغيرهما، أرصدة الكربون هذه بسعر محدد للطن وفقًا للسوق، للتعويض عن الانبعاثات، ما يساعد في إزالة الكربون من الصناعات كثيفة الانبعاثات، وكذلك تمويل مشروعات الطاقة النظيفة.
وبصفة عامة، يمكن تقسيم ائتمانات الكربون إلى فئتين: الأولى هي تجنّب الانبعاثات، وترتبط بالمشروعات التي تقلل الانبعاثات، مثل تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
والثانية تتمثل في إزالة الانبعاثات، وذلك عن طريق إزالة ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، مثل زراعة الأشجار والتقاط الكربون من الهواء مباشرة.
ويوضح الرسم البياني التالي إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد سنويًا (بالمليار طن) حسب المنطقة منذ عام 1750 وحتى عام 2019.
أسواق ائتمانات الكربون الطوعية والإلزامية
تنقسم ائتمانات الكربون إلى أسواق طوعية وأخرى إلزامية، وتسمح الأولى للشركات التي ترغب في تحقيق الحياد الكربوني، ولا تندرج تحت أنظمة لتداول الانبعاثات الوطنية، بأن تحقق أهداف خفض الانبعاثات، سواء من خلال تجنّبها عن طريق زراعة الأشجار -على سبيل المثال-، أو إزالتها عبر استخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
في المقابل، فإن أسواق الكربون الإلزامية تُجبر الشركات على شراء أرصدة الكربون عندما تزيد انبعاثاتها على حدّ معين، من خلال تصاريح تُصدرها الحكومات، وتندرج تحت أنظمة تداول الانبعاثات، مثلما الحال في الاتحاد الأوروبي، كما تستطيع الكيانات الأقلّ إطلاقًا للانبعاثات من الحدّ المسموح به بيع تصاريحها الإضافية.
وتغطي أسواق الكربون الإلزامية، والتي تشمل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وولاية كاليفورنيا، أكثر من 20% من الانبعاثات العالمية، في حين ما زالت الأسواق الطوعية تغطي أقلّ من 1% من الانبعاثات.
ومن أبرز الاختلافات -أيضًا- أن أسواق ائتمانات الكربون الطوعية تتيح خفض الانبعاثات على طول سلسلة القيمة، في حين تغطي الأسواق الإلزامية الانبعاثات المباشرة فقط (النطاق 1).
نمو سريع لسوق ائتمانات الكربون
تنمو سوق أرصدة الكربون بوتيرة سريعة، إذ تواجه الشركات ضغوطًا من كل من السلطات والمستهلكين لتحمّل المسؤولية عن انبعاثاتها.
ويرجّح معهد التمويل الدولي زيادة سوق ائتمانات الكربون 15 مرة بحلول عام 2030، حسب التقرير الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وارتفعت عائدات أرصدة الكربون العالمي بنسبة 60% على أساس سنوي، لتصل إلى 84 مليار دولار في عام 2021، وفقًا لتقديرات البنك الدولي، ولكن هذه الزيادة ما زالت غير كافية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني.
وشهد عام 2021، تنفيذ 4 آليات جديدة فقط لتسعير الكربون، وما زال السعر في معظم الدول أقلّ بكثير من السعر المطلوب لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، بحسب منتدى الطاقة الدولي.
ويوضح الرسم البياني التالي أسعار تعويضات الكربون المتوقعة (بالدولار لكل طن) من عام 2022 وحتى حلول عام 2050:
تحدي الشفافية
تواجه ائتمانات الكربون انتقادات عديدة على رأسها أنها وسيلة للسماح للشركات بمواصلة أعمالها كما هي، بل وإطلاق المزيد من الانبعاثات ما دامت تدفع المقابل ماديًا.
كما أن هناك انتقادات بأن تعويضات الكربون تزيد ظاهرة الغسل الأخضر، من خلال تقديم ادّعاءات مضللة حول انبعاثات الشركات.
لذلك من المهم التأكد من أن شراء ائتمانات الكربون يمكن الوثوق به لتحقيق تخفيضات ملموسة في الانبعاثات، وهذا ما يمثّل تحديًا، بحسب منتدى الطاقة الدولي.
وتعرضت السوق لانتقادات جراء افتقارها إلى الشفافية، ما يجعل من الصعب التأكد من أن الأموال المدفوعة مقابل أرصدة الكربون تذهب إلى الطريق الصحيح لخفض الانبعاثات.
وهناك أيضًا مسألة الفائدة طويلة الأجل من أرصدة الكربون، عندما يكون من الصعب ضمان تجنّب الانبعاثات بشكل دائم، فعلى سبيل المثال، إن الأرض المخصصة للتشجير يمكن أن تزيلها الأجيال القادمة، في حين تغير المناخ يهدد بتدمير الغابات.
ويحدد تقرير سابق لشركة ماكنزي 4 عوامل قد تسهم في بناء الثقة في ائتمانات الكربون؛ وهي: تعزيز طرق التحقق من تداول أرصد الكربون، ومطابقة المشترين والمورّدين بمجموعة من المقاييس المعيارية للمشروعات، وإنشاء بنية تحتية للسوق، ووضع آليات لحماية نزاهة السوق.
موضوعات متعلقة..
- تسعير الكربون.. صندوق النقد يحدد 5 عوامل تدعم تمكين هذه الآلية
- تجارة الكربون.. هل تستفيد الأسواق الناشئة من قواعد خفض الانبعاثات؟
اقرأ أيضًا..
- أحد أكبر حقول النفط عالميًا.. منيفة السعودي ينتج 900 ألف برميل يوميًا
- أبرز المحطات في تاريخ النصر لصناعة الكوك المصرية المقرر تصفيتها (إنفوغرافيك)