الطاقة الكهرومائية في باكستان تواجه أزمة بسبب الصين
مي مجدي
في الوقت الذي تواجه فيه باكستان أزمة حادة تتعلق بنقص الوقود وانقطاع الكهرباء، إلى جانب الفيضانات، تشهد الطاقة الكهرومائية عقبة جديدة بعد انسحاب شركة صينية من مشروع نيلوم-جيلوم الضخم.
وأعلن المهندسون والعمال الصينيون وقف عمليات الصيانة والترميم في المشروع العملاق، الذي تبلغ قدرته 969 ميغاواط، ويقع في إقليم كشمير، حسبما نشرت صحيفة "إيكونوميك تايمز" الهندية (Economic Times).
وألقت شركة "تشاينا غيزوبا غروب" الصينية باللوم على الاحتجاجات المحلية ضد المشروع، وفشل الشرطة الباكستانية في توفير الأمن والسلامة لعمّالها.
وأدى الانسحاب الصيني المفاجئ من المشروع إلى حدوث خلاف بين باكستان والصين حول مشروعات الطاقة الكهرومائية المشتركة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
الطاقة الكهرومائية في باكستان
يقع مشروع نيلوم-جيلوم بالقرب من عاصمة الإقليم مظفر آباد، وبدأت عمليات البناء في المشروع خلال عام 2008، بعد تسليم عقد البناء إلى تحالف صيني في يوليو/تموز (2007)، وشهدت المحطة بدء تشغيل أول مولد في أبريل/نيسان (2018).
وفي غضون 3 سنوات من التشغيل، توقّف فجأة المشروع الذي تبلغ تكلفته 508 مليارات روبية باكستانية (مليارين و225 مليون دولار أميركي).
وكشف ذلك عن خلاف كبير بين السلطات الباكستانية والصينية بشأن المشروعات المشتركة، ولا سيما مشروعي توليد الكهرباء "داسو" و"مهمند"، إلى جانب نيلوم-جيلوم.
وكان المهندسون الصينيون يعملون على إزالة الانسداد في نفق مهم؛ لنقل المياه من المحطة إلى النهر.
وتعرَّض النفق البالغ طوله 3.5 كيلومترًا لأضرار بالغة، وأجبرت الشقوق الكبيرة في النفق الخلفي السلطات على إغلاق المشروع، في وقت تواجه به البلاد أزمة كهرباء حادة.
وفي وقت لاحق، صرّحت هيئة تنمية المياه والكهرباء (وابدا) الباكستانية -المسؤولة عن تشغيل محطات الطاقة الكهرومائية- أن النفق الخلفي تعرَّض للانسداد، ونتيجة لذلك أُغلقت محطة الكهرباء لأسباب متعلقة بالسلامة.
من ناحية أخرى، اتهمت إسلام أباد الصينيين بعدم الكفاءة، والتأخير في تنفيذ المشروعات، في حين يعتقد الصينيون أن الحكومة الباكستانية لن تدفع المستحقات في موعدها، وسيؤثّر ذلك في عمليات الترميم.
وأشارت هيئة تنمية المياه والكهرباء (وابدا) في اجتماعات مع مسؤولي الشركة الصينية إلى بطء التقدم المحرَز في المشروع، رغم تمديد المهلة الزمنية وتدنّي جودة البناء وسوء الإشراف والإدارة.
وعن الأضرار المتعلقة بالنفق، اتهمت هيئة تنمية والكهرباء (وابدا) الصينيين بعدم الكفاءة في مرحلة حفر الأنفاق.
هجمات ضد الصينيين
سلّطت هذه الفوضى الضوء على قضية توفير الأمن إلى المواطنين الصينيين العاملين بالمشروعات الباكستانية، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
فقد توقّف الصينيون عن العمل في المحطة خوفًا من تهديدات السكان المحليين، ويعدّ الأمن مسألة شائكة بالنسبة للشركات الصينية التي تعمل في العديد من المشروعات بباكستان، خاصة المرتبطة بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، وهو عبارة عن مشروع اقتصادي ضخم يهدف لتطوير طريق بري يربط بين مدينة كاشغر الصينية وميناء غوادر الباكستاني لنقل البضائع والنفط والغاز.
وردّت السلطات الباكستانية على هذه المزاعم باتهام الصينيين بعدم اتّباع القوانين الأمنية في الموقع.
وبعد توقّف محطة الكهرباء في يوليو/تموز (2022)، وافق مقاول المشروع، شركة "تشاينا غيزوبا غروب"، على تنفيذ عمليات صيانة وترميم النفق دون اتفاق رسمي.
وفي 10 يوليو/تموز، حشدت الشركة الصينية المعدّات والقوى العاملة لتفريغ النفق من المياه لتحديد سبب الانسداد.
وقالت الشركة، إن عمليات الترميم ستستغرق 6 أشهر على الأقلّ، ويعني ذلك استمرار إغلاق المحطة.
وطلبت دعمًا ماليًا قدره 120 مليون روبية باكستانية من شركة "نيلوم غيلوم هيدروباور".
ومع ذلك، لم يقتنع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بالعرض، وأصدر توجيهات لتوظيف أفضل المستشارين الدوليين، يوم 13 يوليو/تموز (2022)، للتأكد من سبب تسرب المياه بمحطة الكهرباء والضغط الشديد في النفق الخلفي.
كما طالب بتقييم القوة الهيكلية للأعمال التشغيلية تحت الأرض، وتحديد الثغرات في التصميم والبناء التي تسببت في الانسداد، وتقديم مقترحات لحلّ المشكلة، والمساعدة الفنية لشركة "نيلور غيلوم هيدروباور" في إعداد إجراءات المطالبة بالتأمين ومباشرتها.
وأمام ذلك، طُلب من مكتب رئيس الوزراء مراجعة هذه التوجيهات؛ بحجة أن الأمر سيستغرق وقتًا طويلًا لتوظيف مستشارين وشركات عالمية لتحديد أسباب الأعطال في النفق، وإيجاد حل مناسب لتشغيل المحطة.
وبسبب الضغوط، شاركت الشركة الصينية مرة أخرى في عمليات صيانة وترميم النفق المسدود، لكنها اضطرت بعد أيام قليلة من تفريغ مياه النفق إلى وقف عملياتها وتسريح القوى العاملة، بعدما عرقل السكان المحليون العمل احتجاجًا على ذلك.
واعترض السكان المحليون على تطوير مشروعات الطاقة الكهرومائية منذ عام 2018، بسبب التوزيع غير العادل للكهرباء والضرائب والتوظيف والآثار البيئية.
أزمة الكهرباء في باكستان
ما تزال باكستان تعاني من أزمة كهرباء حادة، إذ تواجه كل المناطق في جميع أنحاء البلاد انقطاعًا في التيار الكهربائي، واضطرت البلاد إلى فصل الأحمال.
وتواجه البلاد عجزًا في توليد الكهرباء يتراوح بين 4 آلاف ميغاواط و7 آلاف و800 ميغاواط.
وتعتمد محطات الكهرباء في باكستان على الوقود المستورد، ويجعلها ذلك أكثر عرضة لتقلبات الإمدادات العالمية.
وأثّرت أزمة الطاقة العالمية، التي يغذّيها الغزو الروسي لأوكرانيا وزيادة الطلب بعد الوباء، بزيادة تكاليف استيراد مصادر الطاقة في باكستان.
ولمواجهة الأزمة في البلاد، أعلنت الحكومة اتخاذ عدّة تدابير طارئة، من بينها إغلاق الأسواق في تمام الساعة الـ08:00 مساءً، وحظر إقامة حفلات الزفاف بعد الساعة الـ10 مساءً، وإلزام موظفي الدولة بالعمل من المنزل يوم الجمعة، بجانب إجراءات أخرى.
اقرأ أيضًا..
- تحالف أوبك+ لا يريد أسعار النفط أقل من 90 دولارًا (مقال)
- أكبر حقل نفط في الجزائر.. ماذا تعرف عن حاسي مسعود؟
- تغير المناخ وآثاره في الخليج.. حلقة جديدة من أنسيات الطاقة الثلاثاء