خبراء: غاز غزة ضحية أزمات سياسية.. ولم يشهد تطويرًا رغم اكتشافه قبل 23 عامًا (فيديو)
غزة تمتلك تريليون قدم مكعبة من احتياطيات الغاز
أحمد بدر
قال خبير اقتصاديات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن الحديث عن غاز غزة يجب أن يأتي في إطار الحديث عن شرق المتوسط، لا سيما مع دخول حفّارة تركية جديدة، وما يشاع بشأن اكتشاف غازيّ ضخم جديد في قبرص.
وأوضح الحجي أن منطقة شرق المتوسط شهدت الكثير من التطورات في الآونة الأخيرة، دفعت إلى التساؤل حول إمكان أن يسهم الغاز القادم من غزة في حل أزمة الطاقة التي تواجهها قارة أوروبا، التي تتوقع أن تتفاقم أزمة نقص الغاز مع دخول فصل الشتاء.
جاء ذلك خلال حديث الدكتور أنس الحجي بحلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، في موقع تويتر، تحت عنوان "غاز غزة: هل يسهم في حل أزمة الغاز الأوروبية بديلًا عن جزء من الغاز الروسي؟"، والتي استضاف فيها خبير أسواق الطاقة والغاز، طارق عواد.
ما هو غاز غزة تاريخيًا؟
قال خبير أسواق الطاقة، طارق عواد، إن غاز غزة، ينتجه حقل "غزة مارين"، وهذا هو الاسم المعترف به دوليًا، ويبعد الحقل نحو 33 كيلومترًا عن شواطئ غزة في المياه الإقليمية الفلسطينية، واكتُشِف عام 1999، أي قبل نحو 23 عامًا.
وأضاف أن حقل غزة مارين هو الذي أعطى الإشارة بأن هناك غازًا في البحر المتوسط قبل الاكتشافات المصرية أو الإسرائيلية والقبرصية واليونانية، حتى إنه عندما انتشرت الأخبار بشأن غاز غزة، نشرت الصحف صور ياسر عرفات والقيادات الفلسطينية يرتدون "العقالات والدشداشات" الخليجية.
وأوضح أنه بسبب المشكلات السياسية، كان الإشراف على غاز غزة من جانب الشركات الأجنبية، أمّا اليوم، فإن حقل غزة مارين مملوك بنسبة 100% لصندوق الاستثمار الفلسطيني "بي آي إف"، الذي اشترى قبل عامين جميع أصول شركة شل في الحقل.
لذلك، وفق عواد، فإنه بعد 22 عامًا، نجد أن هذا الحقل غير المتطور يحتوي على احتياطيات معلنة -رغم أنه ليس مثبتًا مرور وقت كبير عليها- تبلغ نحو مليار متر مكعب من الغاز، وهي كميات تكفي استهلاك الضفة الغربية لمدة قد تصل إلى 15 عامًا.
السلطة الفلسطينية وغاز غزة
أشار خبير أسواق الطاقة طارق عواد، إلى أن السلطة الفلسطينية شريكة في منتدى غاز شرق المتوسط، وهي -وفق تقديره- أكثر منظمة دولية متقدمة من ناحية الحضور والمشاركة.
وتابع: "ما يحدث اليوم هو أن غاز غزة أصبح له ملف مصري، ووُقِّعَت مذكرة تفاهم في شهر يوليو/تموز الماضي بين صندوق الاستثمار الفلسطيني والحكومة المصرية، لتطوير هذا الغاز".
وعن رحلة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبي عمار)، لتدشين بئر غزة مارين، قال، إن (أبا عمار) كان على متن إحدى طائرتين، هبطت إحداهما فوق البئر خلال تدشينه، ولكن لاحقًا تسببت أحداث سياسية في أكتوبر/تشرين الأول 2000 في أزمة، مع وصول آرييل شارون إلى حكم إسرائيل، ومنعه للفلسطينيين من استغلال غاز غزة مارين.
وكشف الخبير بأسواق الطاقة، طارق عواد، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق لشارون، كان إيهود باراك، الذي أعطى أملًا كبيرًا لتحقُّق السلام، ووافق على كثير من العمليات، منها الربط الكهربائي بين جميع المناطق الفلسطينية، وإقامة نظام كهربائي متكامل للسلطة الفلسطينية.
وأردف: "مع خروج حكومة باراك وتولّي شارون، تغيرت العقيدة الإسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين، وهو ما خلق الأزمة التي استمرت حتى اليوم في التعامل مع غاز غزة وحقل غزة مارين، وهي الأزمة التي تُعدّ من إرث شارون والمنظومة العسكرية الإسرائيلية، لذلك لم يتطور الحقل على مدار 23 عامًا".
الاستثمار في غاز غزة
ردًا على سؤال من الدكتور أنس الحجي، حول إمكان الاستثمار في غاز غزة، والشركات التي يمكنها أن تقوم بهذا الاستثمار، قال طارق عواد، إن البنية المتوقعة لاستثمار حقل غزة مارين هي نحو مليار ونصف المليار دولار، بأسعار قبل 4 سنوات، ويجوز أن تبلغ حاليًا مليار و800 مليون دولار.
وأضاف "لكن نحن الآن نتحدث عن بئر استكشافية واحدة، وهناك حوض كبير في هذه البئر يبلغ 33 مترًا، والمميز في الأمر أن عمقها يبلغ 700 متر فقط، وهذا ما يميز آبار غزة عن الآبار التي تديرها إسرائيل، والتي يبلغ عمقها من 2500 إلى 4 آلاف متر، والآبار اللبنانية التي يبلغ عمقها 5 آلاف متر".
وأوضح أن ما نراه الآن هو مزيج ما بين السياسة المحلية والسياسة الإقليمية، مع الخلاف بين حركتي حماس وفتح، وهي كلها أمور تمنع تطوير حقل غزة مارين، أو تحقيق الاستقلالية له.
مصر والأردن والغاز الإسرائيلي
قال الخبير بأسواق الطاقة، طارق عواد، إن الأردن شريك مؤسس في غاز شرق المتوسط، وله حق الفيتو مثله مثل السلطة الفلسطينية، ويفكر بالفعل بالحفر في البحر الأحمر مقابل خليج العقبة، وهناك اتفاقية يحصل بموجبها مصنع الفوسفات الأردني على الغاز الإسرائيلي، الذي خفف الكثير من الضغوط عليه، وحسَّن من إنتاجه ونتائجه.
وبالنسبة لشركة كهرباء شمال الأردن، فهي أيضًا تحصل على الغاز من إسرائيل، والخط الثالث الذي يخرج من إسرائيل عن طريق "آي إن جي إل" باتجاه بيسان، ومن المفترض أن يخرج باتجاه منطقة حدودية تابعة للأردن.
وأوضح عواد أن الأردن ساعد إسرائيل بشكل غير مباشر، إذ إنه بداية تحقيق اكتشافات الغاز في إسرائيل كان هناك نقاش حادّ، حيث لم تكن له أيّ استعمالات، ومن ثَمَّ لم يكن هناك داعٍ إلى تطويره، ولكن بعد توقيع الاتفاقيات مع الأردن، كان هناك ارتياح داخل إسرائيل.
وتابع: "لا يجب أن ننسى خط فجر القديم، الذي يمر من العريش المصرية إلى العقبة، ومنها إلى كل المناطق الأردنية، وهناك ترتيبات حثيثة من جانب شركة فجر المصرية لتصبح لاعبًا رئيسًا في تصدير الغاز إلى الأردن، إذ إن امتيازها لخطوط الغاز ينتهي بعد 6 سنوات، وهناك محادثات بينها وبين الأردن لتمديده لمدة 10 سنوات أخرى".
ولفت إلى أن نظام الغاز الطبيعي داخل إسرائيل فشل، فهناك حاليًا نحو 160 مصنعًا، رغم أن الخطة كانت الوصول إلى 1000 مصنع، ووفق القانون هناك لا يمكن تصدير أكثر من 60% من مخزون الغاز الإسرائيلي، وبالطبع لا يمكن لأحد أن يحزر كمّ المخزونات، ولكن وجود شركة عالمية مثل "شيفرون" في إسرائيل، يعني أن هناك تطورًا عملاقًا من ناحية الطاقة في الشرق الأوسط.
غاز غزة ولبنان والأردن
من جانبه، قال خبير الصناعات الغازية لدى منظمة "أوابك"، وائل حامد عبدالمعطي، إن لبنان يمتلك في إحدى البقاع محل الخلاف احتياطيات تُقدَّر بنحو 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.
بينما -حسب تصريحات عبدالمعطي- تبلغ التقديرات لاحتياطيات غاز غزة، في حقل غزة مارين، نحو تريليون قدم مكعبة، وفق مسح سيزمي أجرته إحدى الشركات هناك.
- الغاز في شرق المتوسط.. قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار أو الحل
- تحويل منتدى غاز المتوسّط لمنظّمة دولية.. وفلسطين تتخلّف عن التوقيع
وفيما يتعلق بالجانب الأردني، قال، إن الأردن يملك غازًا، رغم أنه يستورد الغاز المصري والإسرائيلي، إذ إن لديه حقل الريشة، الذي بلغ إنتاجه في 2010 نحو 100 مليون قدم مكعبة يوميًا.
وأشار إلى أن شركة النفط البريطانية بي بي انسحبت بعد اتفاق يقضي برفع الإنتاج إلى 200 مليون قدم مكعبة يوميًا، لتتولّى شركة وطنية الإنتاج، ليصل إلى 30 مليون قدم مكعبة يوميًا، قبل أن يرتفع الإنتاج حاليًا، ليصبح حقل الريشة أحد الموارد الأساسية لتغطية الاحتياجات الداخلية للأردن.
اقرأ أيضًا..
- نتائج أعمال أرامكو السعودية تتخطى مستوى ما قبل كورونا (إنفوغرافيك)
- أكبر الدول المنتجة للفحم عالميًا.. الصين وإندونيسيا في الصدارة
- هل يضمن تخزين الغاز الطبيعي في تركيا تحقيق أمن الطاقة؟ (مقال)