دمار الغزو الروسي.. تداعيات بيئية وصحية جسيمة على أوكرانيا (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
يعاني العالم تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على الاقتصاد، مع ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية كافة، لكن هناك مأساة إنسانية وبيئية وصحية تئن منها كييف.
وبعد نمو بلغ 6.1% للاقتصاد العالمي في عام 2021، خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي خلال عامي 2022 و2023، إلى 3.2% و2.9%، وهي التقديرات التي جاءت أقل بنحو 0.4% و0.7% عن التوقعات السابقة، على التوالي، مع استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وبعيدًا عن التداعيات الاقتصادية، حذّر تقرير حديث لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن الحرب الروسية في أوكرانيا أدّت إلى أضرار واسعة النطاق وشديدة على البيئة مثلما تسببت في عواقب فورية وطويلة المدى على صحة الإنسان.
بينما يجب على أوكرانيا القضاء على المخاطر الصحية والبيئية على المدى القصير، يمكن أن يكون هناك انتعاش أخضر بعد انتهاء الحرب، وفقًا للتقرير الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
التداعيات البيئية
فضلًا عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمباني السكنية وغير السكنية، وتقدر حتى الآن بـ100 مليار دولار، لم تسلم البيئة في أوكرانيا من الغزو الروسي.
وتسبب قصف الغابات والنظم الإيكولوجية البرية والبحرية والمنشآت الصناعية والبنية التحتية للنقل والمنازل، وكذلك البنية التحتية للمياه والصرف الصحي وإدارة النفايات، في أضرار جسيمة وواسعة النطاق، مع عواقب فورية وطويلة الأجل على صحة الإنسان والنظم البيئية.
وبالنسبة إلى الطبيعة والنظم البيئية، تقدر أوكرانيا تضرر 900 منطقة طبيعية محمية في البلاد من الغزو الروسي، فضلًا عن معاناة 30% من جميع المناطق المحمية من آثار الحرب، بحسب التقرير، الذي تابعت تفاصيله وحدة أبحاث الطاقة.
وبعد الضربات التي وجهها الغزو الروسي لمصافي التكرير والمصانع الكيماوية ومنشآت الطاقة والمستودعات الصناعية وخطوط الأنابيب، تلوث الهواء والماء والتربة في أوكرانيا بالمواد السامة.
كما أدت العمليات العسكرية إلى زيادة كبيرة في كمية النفايات، تشمل المركبات والمعدات العسكرية التالفة أو المهجورة وشظايا القذائف وحطام المباني والنفايات الطبية وغيرها.
هذا فضلًا عن خسائر منشآت الطاقة المتجددة في البلاد، التي كان وجودها يعني تقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة.
تأثير الغزو الروسي في صحة الإنسان
بالطبع، كل هذه التداعيات السلبية على البيئة وتلوث الهواء، تنعكس على صحة الإنسان داخل حدود أوكرانيا وخارجها.
ويشكل ذلك خطرًا على المدى الطويل من التهديدات الصحية؛ مثل السرطان وأمراض الجهاز التنفسي، كما أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن الآثار ستكون محسوسة خارج حدود أوكرانيا.
ونتيجة للضرر الذي لحق بالبنية التحتية لإمدادات المياه -نتيجة الغزو الروسي- يقدر التقرير أن 1.4 مليون شخص في أوكرانيا ليس لديهم حاليًا إمكان الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، كما أن 4.6 مليون شخص آخر لديهم وصول محدود فقط.
وعلى سبيل المثال، تضرر نظام إمداد المياه من نهر دنيبرو إلى مدينة ميكولايف بشدة جراء القصف الروسي؛ ما أدى إلى قطع مياه الشرب لمدة 3 أسابيع.
وفي يونيو/حزيران 2022، بدأت أوكرانيا فحص البيانات الصحية للكوليرا، وهي عدوى بكتيرية قاتلة ناجمة عن تناول طعام أو ماء ملوث.
وفضلًا عن كل ذلك، تنشأ تداعيات سلبية خطيرة من استخدام الأسلحة على الصحة العامة عن التعرض للمواد الخطرة الموجودة في بقايا الذخيرة التي تسرب مواد سامة إلى التربة وتؤثر في جودة المياه السطحية والجوفية.
حلول قصيرة وطويلة الأجل
على المدى القصير، يجب أن تركز أوكرانيا على إزالة وتقليل المخاطر المباشرة على صحة الإنسان والبيئة من آثار الغزو الروسي.
وترى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن جمع الكميات الهائلة من النفايات العسكرية وغيرها ومعالجتها أو التخلص منها بشكل آمن، سيساعد في تقليل المخاطر الصحية المباشرة.
وفي الوقت نفسه، هناك حاجة ملحة لإصلاح وإعادة بناء بنية تحتية بيئية أكثر كفاءة لضمان توفير مياه الشرب والصرف الصحي المناسب.
وعلى المدى الطويل، يجب استخدام عملية التنمية الاقتصادية بعد الغزو من أجل تحول جذري لأوكرانيا نحو اقتصاد أخضر يدعم الحياد الكربوني، بحسب التقرير، الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.
كما ينبغي أن يُعَاد بناء المساكن والمدارس والمستشفيات بشكل يُسهِم في تحسين كفاءة الطاقة واستخدام مواد منخفضة الكربون.
وتحتاج أوكرانيا إلى سياسات ولوائح ومعايير لحماية البيئة لتعزيز هذا التحول الأخضر من خلال توجيه التمويل المستدام لإعادة الإعمار نحو تحقيق الأهداف البيئية في جميع الأراضي الأوكرانية، وليست المتضررة من الغزو الروسي فقط.
موضوعات متعلقة..
- التنوع سر ضمان أمن الطاقة.. الدرس الأبرز من الغزو الروسي لأوكرانيا
- الطلب على الفحم.. أزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا تعيد الوقود الملوث إلى الواجهة
اقرأ أيضًا..
- توليد الكهرباء من الطاقة النووية عالميًا يسجل ثالث أعلى مستوى في تاريخه
- الطلب على نفط الشرق الأوسط يتراجع في السوق الفورية الآسيوية