كبريات شركات النفط تتوقع أرباحًا استثنائية في الربع الثاني من 2022
ستتجاوز أرباح الربع الأول وربما أرباح عام 2008
مي مجدي
- تتوقع شركات النفط الكبرى تحقيق أرباح قدرها 50 مليار دولار في الربع الثاني
- قد تشهد انخفاضًا طفيفًا وسط مخاطر الركود التي تلوح في الأفق
- هوامش التكرير لن تدوم، والشركات تبدو حذرة رغم ارتفاع الأرباح
- لم تحظ مطالب القادة السياسيين بالتأييد الكافي لتعزيز الإنتاج المحلي
مع مواصلة أسعار النفط تماسكها فوق مستويات 100 دولار للبرميل، وارتفاع هوامش التكرير، تتوقع شركات النفط الضخمة تحقيق أرباح تتجاوز ما حققته في الربع الأول.
وتستعد عمالقة الطاقة لتحقيق أرباح قياسية قدرها 50 مليار دولار في الربع الثاني، إلّا أن الأداء الممتاز قد يحتوي على بوادر تراجعها، حسبما ذكرت بلومبرغ.
وجاءت العائدات المرتفعة نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة التي أدت إلى زيادة التضخم، وزيادة الأعباء على المستهلكين، فضلًا عن زيادة مخاطر الركود، والمطالبة بفرض ضرائب غير متوقعة.
ووسط هذا الاضطراب السياسي والاقتصادي، قد يضطر المساهمون إلى خفض سقف توقعاتهم المتعلقة بزيادة العائدات، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ذروة الأرباح
يرى المحلل في مجموعة "أودو بي إتش إف" للخدمات المالية، أحمد بن سالم، أن أرباح شركات النفط الكبرى أمامها فرصة قوية لتصل إلى ذروتها في الربع الثاني أو الثالث.
وقال، إن أرباح هذه الشركات ستشهد انخفاضًا طفيفًا بعد ذلك، خاصة أن مخاطر الركود التي تلوح في الأفق تساعد في تهدئة الأمور.
وتستعد عمالقة النفط والغاز، مثل إكسون موبيل وشيفرون وشل وتوتال إنرجي وشركة النفط البريطانية بي بي، لِجَني أموال أكثر مما حققته في عام 2008، عندما قفزت أسعار النفط العالمية إلى 147 دولارًا للبرميل.
ولا يرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط الخام جراء الأزمة التي نتجت عن الغزو الروسي لأوكرانيا فحسب، بل بلغت أسعار الغاز الطبيعي وهوامش التكرير مستويات قياسية -أيضًا-.
ووجدت العديد من الأسواق الرئيسة نفسها تعاني من نقص حادّ في الطاقة التكريرية جراء عدّة أسباب، من بينها عمليات الإغلاق، وتعثّر الاستثمارات بسبب الوباء، والعقوبات المفروضة على روسيا، وقرار الصين بالحدّ من صادرات النفط.
كما إن متوسط هوامش مؤشر "كراك 1-2-3" في ساحل الخليج الأميركي، وهو مقياس تقريبي لهوامش الربح من تكرير برميل من النفط الخام، ارتفع إلى 48.84 دولار في الربع الثاني، أي أكثر من ضعف المستوى خلال العام الماضي (2021).
في حين قفز هامش التكلفة المتغيرة لشركة توتال إنرجي الفرنسية من خلال عمليات التكرير الأوروبية إلى 145.70 دولارًا للطن في الربع الثاني، أي أكثر من 3 أضعاف الهامش البالغ 46.3 دولارًا للطن في الربع الأول من العام الجاري (2022).
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، تشكّل عمليات التكرير نحو 26% من تكلفة غالون البنزين في الولايات المتحدة، ارتفاعًا من 14% في المتوسط خلال العقد المنصرم.
وتتوقع شركة شل جني ثمار عمليات التكرير، وتحقيق أرباح بقيمة مليار دولار.
وتتوقع شركة إكسون موبيل، التي تعدّ الأكبر في قطاع العمليات الوسطى (التكرير والتصدير)، أن تتجاوز أرباحها في الربع الثاني أرباح الشركات الـ9 مجتمعة، وفقًا لتقديرات بلومبرغ.
هوامش التكرير لن تدوم
أوضح المحلل في تيودور بيكرينغ هولت، مات مورفي، أن هوامش التكرير الاستثنائية لن تدوم، على الأرجح، لا سيما أن ارتفاع أسعار الوقود المصحوب بزيادة تكلفة المعيشة يضرّ بالمستهلك.
وقال: "الطلب على البنزين أقلّ من مستوى التوقعات، ونلاحظ قدرًا من تدمير الطلب".
وبناءً على ذلك، تبدو هذه الشركات حذرة على الرغم من ارتفاع الأرباح، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويرى المحللون في مجموعة "سيتي غروب" أنه من المحتمل أن تستخدم شركة إكسون موبيل الفائض النقدي لخفض الديون، أمّا شركة شيفرون فقد ترفع الحدّ الأدنى لحجم إعادة شراء الأسهم إلى 10 مليارات دولار خلال العام الجاري (2022).
كما إن شركات النفط الكبرى المعروفة بـ"بيغ أويل" لم تحقق هذه الأرباح القياسية نتيجة الزيادة الضخمة في أسعار السلع الأساسية فقط، فهذه الشركات تنفق أقلّ بكثير مما أنفقته في آخر مرة تجاوزت فيه أسعار النفط حاجز الـ100 دولار للبرميل.
بالإضافة إلى ذلك، تتجه النفقات المالية نحو التوقعات البالغة 80 مليار دولار هذا العام (2022)، لكنها تعادل نصف مستويات عام 2013.
وفي هذا الصدد، قال المحلل في سكوتيا بنك، بول تشينغ، إن التكاليف كانت في اتجاه هبوطي منذ عام 2014، بينما أسعار السلع جيدة، ويشكّل ذلك مزيجًا مثاليًا.
ماذا عن رأي القادة السياسيين؟
الرأي السابق ليس -بالضرورة- وجهة نظر القادة السياسيين، كالرئيس الأميركي جو بايدن، الذين يصارعون لاحتواء تفشّي التضخم وارتفاع تكاليف الطاقة للمستهلك، ولم تحظَ مطالبهم من صناعة النفط والغاز لتعزيز الإنتاج المحلي بالتأييد المطلوب.
ويلتزم المسؤولون التنفيذيون بالحذر حول طول مدة ارتفاع الأسعار، ويخشون من الالتزام بمشروعات الوقود الأحفوري الضخمة، والتي قد تصبح عديمة الجدوى مع انتقال العالم إلى الطاقة النظيفة.
وقد لا تتمكن كبريات شركات النفط من مواصلة خفض النفقات المالية لمدة طويلة؛ نظرًا لحاجتها إلى زيادة الإنفاق وسط التكلفة التضخمية.
وخلال الأسبوع الماضي، كشفت شركة شلمبرجيه عن زيادة بنسبة 20% في المبيعات مقارنة بالعام الماضي (2021)، وترى أن الطلب على خدماتها سيؤدي إلى دورة عمل لعدّة سنوات.
إلّا أن الوضع قد يشهد ردّ فعل سياسيًا عنيفًا، فقد سبق أن فرضت المملكة المتحدة ضريبة غير متوقعة على أرباح النفط والغاز، كما فرضت إيطاليا ضريبة على صناعة الطاقة، وكذلك تدرس فرنسا فكرة فرض ضريبة خاصة قيمتها تصل إلى 3 مليارات يورو (3.1 مليار دولار سنويًا).
ويقاوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذه المطالب، وحثّ شركات النفط، بما في ذلك توتال إنرجي، على تمديد الخصم على الوقود.
وفي الولايات المتحدة، انتقد الرئيس الأميركي، جو بايدن، شركة إكسون موبيل لجني أموال خيالية، متهمًا شركات النفط الأخرى باستغلال أزمة ارتفاع أسعار البنزين، لكن لا يوجد حتى الآن ضغوط سياسية جادة لفرض ضريبة غير متوقعة.
وفي ظل الوضع المتأزم، قد لا يكون الربع الأكثر ربحًا في تاريخ شركات النفط الكبرى سببًا للحفاوة العلنية.
وقال المحل في سكوتيا بنك، بول تشينغ، إن أغلب شركات النفط ستعلن أرباحًا قياسية في هذا الربع، لكنه يتوقع تحفّظ فرق الإدارة، مع احتمال حدوث ركود حادّ، والتذكير بما حدث عام 2020.
اقرأ أيضًا..
- إنتاج النفط الليبي يصعد فوق حاجز المليون برميل يوميًا
- الهيدروجين في مزيج الطاقة.. 10 تساؤلات عن أنواعه واستخداماته وأهميته
- رغم نمو الطاقة المتجددة بوتيرة قوية.. انبعاثات الكربون ترتفع (تقرير)