أنظار أوروبا تتجه إلى موارد بحر قزوين لتعزيز أمن الطاقة (مقال)
أومود شوكري*– ترجمة نوار صبح
- روسيا تجهّز الآن خطة للعودة إلى دبلوماسية الطاقة الشاملة للاتحاد السوفيتي السابق.
- خط أنابيب بحر قزوين هو طريق التصدير الرئيس للنفط القازاخستاني.
- قازاخستان تزوّد سنويًا 67 مليون طن من النفط عبر روسيا إلى أوروبا.
- شكّل مسار خط أنابيب نورد ستريم مصدر قلق أمني خطيرًا لروسيا.
- الدول المصدرة للنفط أو الغاز لم ترفض التجارة مع الدول المنافسة سياسيًا.
- أذربيجان وتركمانستان تمتلكان القدرة على زيادة تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
تتجه أنظار أوروبا مجدّدًا إلى موارد بحر قزوين لإيجاد بديل لمصادر الطاقة الروسية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتشهد إيران وروسيا والدول الساحلية المطلة على بحر قزوين، حاليًا، تحركات وأنشطة مهمة، تتمحور أساسًا حول قطاع الطاقة.
وقد حاولت روسيا، لأكثر من عقدين من الزمن، استبعاد الغاز والنفط في البلدان الساحلية لبحر قزوين من الأسواق المستهدفة لروسيا والدول الأوروبية.
وتعمل روسيا الآن على وضع خطة للعودة إلى دبلوماسية الطاقة الشاملة للاتحاد السوفيتي السابق في صيغة اتحاد أو اتفاق إقليمي للنفط والغاز.
ويعود السبب في تمركز التحركات الأخيرة بين البلدان المطلة على بحر قزوين إلى تطورات الطاقة الجيوإستراتيجية التي تتكشف حاليًا، وتنفّذ الشركات الروسية والصينية غالبًا استثمارات في قطاع الطاقة في قازاخستان، تليها أميركا وأوروبا.
وشهدت هذه الدول تنافسًا للسيطرة على موارد الطاقة في قازاخستان.
ويُعرف خط أنابيب بحر قزوين (سي بي سي) بأنه طريق التصدير الرئيس للنفط القازاخستاني، ويمثل نحو 80% من إجمالي النفط الذي يُضَخ من قازاخستان.
علاوة على ذلك، تزوّد قازاخستان سنويًا 67 مليون طن من النفط عبر روسيا إلى أوروبا، وتُستَخرَج هذه الكميات يوميًا من حقول النفط في قازاخستان، وتنتجها شركات مثل اتحاد خط أنابيب بحر قزوينوشيفرون وإكسون موبيل وإيني وشل.
ويُنقَل ما يقرب من 1.2 مليون برميل من النفط عبر خط الأنابيب.
سياسات الطاقة
كان العديد من دول الاتحاد السوفيتي السابق تستفيد من انخفاض أسعار الطاقة باعتبارها جزءًا من الماضي، بسبب خطوط الأنابيب القديمة التي كانت تعبر حدودها، وفقًا لوجهة النظر الروسية.
في المقابل، قد لا تزال قدرة روسيا على التصدير إلى الغرب متأثرة بسياسات هذه الدول السوفيتية السابقة.
ولم تحقق روسيا غاياتها وفق هذا السيناريو؛ خصوصًا في الوقت الذي بذلت فيه دول أوروبا الغربية الأخرى، مثل أوكرانيا وجورجيا والعديد من الدول الأخرى، جهدًا هائلًا لإعلان استقلالها عن موسكو.
في ضوء ذلك، شكّل مسار خط أنابيب نورد ستريم مصدر قلق أمني خطيرًا لروسيا وأدى إلى خسارة في الدخل لأوكرانيا وجيرانها المجاورين.
وتمثل قلة التزام الدول المنتجة بالاعتبارات والمواقف الجيوسياسية، بدلًا من الأرباح، قضية حاسمة في المناقشات الدائرة بشأن أمن الطاقة، لكن العديد من الدول تميل إلى تجاهلها.
على الرغم من أن سياساتها قد تبدو متعارضة؛ فمن مصلحتها العمل والتعاون مع الدول المستوردة. ولم ترفض الدول المصدرة للنفط أو الغاز حتى الآن التعامل التجاري مع الدول التي تُعَد منافسةً سياسيًا، وهذا يسري على تعاملات روسيا مع العديد من اللاعبين الجيوسياسيين.
وقد تمكّن الدبلوماسية روسيا المعاصرة، في يوم من الأيام، من إعادة صياغة علاقاتها مع جيرانها في أوروبا الشرقية على قدم المساواة.
تجدر الإشارة إلى أن روسيا ستغلق خط أنابيب نورد ستريم 1 بالكامل في غضون 10 أيام بسبب الإصلاحات المقررة، وقد تؤدي هذه الخطوة إلى انهيار أسواق الطاقة.
وقد أشارت صحيفة "بيلد" اليومية الألمانية إلى أن قطع إمدادات الغاز الروسي سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الألماني بنسبة 12.5%.
إمدادات الغاز الطبيعي
لا توجد مصادر غاز أخرى في خطوط الأنابيب يمكن أن تضاهي كمية الغاز الطبيعي التي يمكن لمنتجي قزوين تقديمها في غضون أشهر، وتصل حتى 10 مليارات متر مكعب إضافية.
وتوجد 3 طرق يمكن للغاز الطبيعي المنتج من حقول بحر قزوين، التي تعمل الآن، أن يدعم مؤقتًا توازن إمدادات الغاز في أوروبا.
وتستند جميع هذه الطرق الـ3 إلى فكرة أنه إذا كان الغاز يمكن أن يصل إلى تركيا؛ فيمكن طرح الغاز الطبيعي المسال المتجه إلى تركيا للبيع بسعر مخفض لبقية أوروبا؛ حيث يوجد فائض مريح في قدرة إعادة تغويز الغاز الطبيعي المسال.
وفي ظل القدرة الإنتاجية الفائضة، تستطيع تركمانستان تغذية الإنتاج في خطوط الأنابيب الموجودة حاليًا أو -كما في حالة بتروناس- في خط قصير جديد تمامًا (78 كيلومترًا)، بسعة 10 مليارات متر مكعب.
ووفقًا لمصادر أذربيجانية، من المحتمل أن تتراوح تكلفة خط الأنابيب بين 300 و500 مليون دولار، ويمكن أن يبدأ تشغيله في غضون 4-6 أشهر بعد الحصول على الموافقة.
وعلى الرغم من أن تركمانستان لديها القدرة على إنتاج المزيد من الغاز؛ فإن أي إنتاج يزيد على 5-10 مليارات متر مكعب سيتطلب استثمارًا كبيرًا في تعزيز البنية التحتية المناسبة لخطوط الأنابيب على المدى القصير والمتوسط.
ويُعَد الاعتراف بضرورة توضيح الصعوبات التكنولوجية والتجارية الخطوة الأولى في جعل الحلول المتعلقة بتركمانستان ممكنة.
ويبدو أن خيارات تركمانستان جذابة للغاية فيما يتعلق بعدم وجود خيارات أخرى قصيرة الأجل لخطوط الأنابيب.
الاستثمارات في قطاع الغاز
من بين البلدان الساحلية المطلة على بحر قزوين، تمتلك أذربيجان وتركمانستان القدرة على زيادة تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
وعلى الرغم من ذلك؛ فإنه لا يمكن لهذه البلدان بسهولة توفير الظروف لزيادة تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، في غياب الاستثمارات الأوروبية والأميركية.
وشهدت السنوات الأخيرة توفير الشروط لنقل الغاز من تركمانستان إلى أذربيجان، وسيزداد تعاون هذه الدول مع ربط حقول الغاز في بحر قزوين.
من ناحيتها، لكي تصبح إيران مُصدرة للغاز الطبيعي إلى أوروبا، تحتاج إلى اتفاقية نووية جديدة ورفع العقوبات.
في المقابل، يُعَد الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي في إيران مرتفعًا، وطهران بحاجة ماسة إلى استثمارات كبيرة للتعامل مع أزمة الطاقة التي تلوح في الأفق.
ويمكن لموارد الطاقة في بحر قزوين أن تقلل من اعتماد أوروبا على روسيا على المدى المتوسط، لكن البلدان المطلة على بحر قزوين بحاجة إلى حل مشكلاتها الأمنية والاقتصادية.
وسيصبح استثمار أوروبا في البنية التحتية للطاقة لبحر قزوين والمساعدات الهيكلية والاقتصادية لهذه البلدان صفقة مربحة للجانبين.
* أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
اقرأ أيضًا..
- كيف يستفيد منتجو الطاقة في أفريقيا من الأزمة الأوكرانية؟ (إنفوغرافيك)
- من أين يستورد المغرب الغاز المسال؟.. مصادر تجيب عن الصفقة المنتظرة
- أسعار البنزين المحلية في الدول العربية.. استقرار في السعودية والجزائر وأزمة بالمغرب ولبنان (تقرير)