استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة.. تكلفة أقل ونتائج أفضل (تقرير)
الجزائر والمغرب من أبرز التجارب العربية الناجحة
أحمد بدر
يتجه العالم حاليًا إلى دعم استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة، ضمن الجهود المبذولة لتحقيق الحياد الكربوني ومواجهة تحديات تغير المناخ، وأثرها الكارثي على كل مناحي الحياة، ومن بينها القطاع الزراعي.
وتكرّس كثير من الشركات المتخصصة في تصنيع الألواح الشمسية جهودها لتطوير استخدامات المصادر المتجددة في الزراعة، من خلال مضخات آبار الري، التي تعتمد على الكهرباء المنتجة من الطاقة النظيفة، بدلًا من مصادر الطاقة التقليدية، مثل الغاز أو الوقود الأحفوري.
وتتبنّى عدّة دول استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة، من خلال مشروعات داخلية صغيرة، أو من خلال اتفاقيات موسعة مع شركات عالمية، لا سيما مع تشديد الأمم المتحدة على ضرورة تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، ووفاء الدول بالتزاماتها وتعهداتها المتعلقة بهذا الشأن.
وبرزت عدّة دول، من بينها الجزائر والفلبين والمغرب وكينيا وإثيوبيا، بمجال إدخال الطاقة الشمسية في القطاع الزراعي، في توقيت يواجه فيه العالم أزمة ضخمة تتعلق بمصادر الطاقة التقليدية، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وتأثّر العرض في الأسواق الدولية.
استخدامات الطاقة الشمسية زراعيًا
بجانب دورها المهم في توليد الكهرباء لملايين المحرومين منها حول العالم، يسهم استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة في زيادة كفاءة المحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى تحقيق عوائد مادية للمزارعين، خاصة مع انخفاض تكلفة الألواح الشمسية بشكل متواصل، وتوجُّه كثير من الدول إلى رفع قدراتها التصنيعية لها.
ويمتاز استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة، بأنه سهل خاصة في الدول التي يكثر فيها وجود الشمس وتندر فيها أو ترتفع تكاليف استخدام الوقود العادي مثل الديزل أو الغاز، إذ توجد مضخات رفع المياه باستخدام الألواح الشمسية في هذه المناطق، ما يتيح إنتاجًا أفضل وتكلفة أقلّ.
ووفق تقرير لموقع "سولارابيك"، فإن أنظمة الطاقة الشمسية، التي تستخدم لضخّ المياه في الأراضي الزراعية مباشرة، أو رفعها لتخزينها لحين استعمالها، تعدّ أكثر فعالية في مواسم الجفاف والأوقات الصيفية المشمسة، التي تتطلب استخدام كميات أكبر من المياه.
كيفية استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة
تعتمد الزراعة في الأساس على عمليات ضخ المياه للري، لذا تعتمد هذه العملية على توفير آلات ضخّ المياه باستخدام الطاقة الشمسية، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتكون أنظمة الضخ من جزء أول هو الألواح الشمسية، ومهمتها تحويل أشعة الشمس إلى كهرباء لتشغيل الجزء الثاني من الآلة، وهو المضخة التي ترفع المياه من آبار الري، وتعمل بالتيار المتواصل أو المتناوب، والجزء الثالث هو العاكس الشمسي.
وتضم أنظمة الضخ بالطاقة الشمسية أيضًا مكونات أخرى مثل آلة التحكم والتشغيل، وحوض التخزين، وجهاز حماية من الصعق الكهربائي، بالإضافة إلى أجهزة استشعار لتحديد مستوى المياه عند وصولها إلى ارتفاع معين، وأنابيب الضخ.
كينيا تزرع باستخدام الطاقة الشمسية
أجرت جامعة شيفيلد البريطانية تجربة في دولة كينيا، نشرت نتائجها في شهر فبراير/شباط الماضي، كشفت فيها إمكان استخدام أشعة الشمس بشكل مزدوج في زراعة الأراضي، فمن ناحية يمكن استخدامها في توليد الكهرباء، ومن ناحية أخرى توفر الظل للمحاصيل الزراعية، ما يحفظ رطوبة التربة.
ووفق التجربة، التي جرت بالتعاون بين الجامعة ومعهد "ورلد أجروفورستري" ومعهد "لاتيا أجريبرنورشيب"، فإن استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة أثمر عن الحفاظ على المياه ونمو المحاصيل الزراعية بشكل أفضل، حسبما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية.
ووضع الباحثون الألواح الشمسية على ارتفاع 3 أمتار من الأرض، الأمر الذي وفّر للمزارعين مساحة يمكنهم العمل فيها دول انزعاج من وجودها، بالإضافة إلى إتاحة المساحات اللازمة لتحرك الجرارات والآلات الزراعية، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
دور الطاقة الشمسية في الجزائر
في أبريل/نيسان الماضي، وقّعت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في الجزائر، اتفاقية تعاون مع المكتب الوطني لدراسات التنمية الريفية "بنيدر"، لإعداد دراسات حول استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة والرعي وتربية المواشي.
وتسعى الجزائر إلى تعميم اتخدامات الطاقة المتجددة في القطاع الزراعي، خاصة من ناحية ضخّ المياه باستخدام الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى تعزيز عمليات التدفئة والإنارة، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتتضمن الاتفاقية إعداد خرائط احتياجات الأنشطة الفلاحية، وإعداد سجل للطاقة الشمسية في البلاد، مع تطوير خرائط عامة تدمج الأراضي الزراعية والموارد المائية ومصادر الطاقة المتجددة، وشبكات الكهرباء، وذلك ضمن خطة الحكومة الجزائرية لتشجيع استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة، خاصة بالمناطق الجبلية والصحراوية البعيدة عن شبكة الكهرباء.
الزراعة في إثيوبيا
أدى التوجه إلى كهربة القطاع الزراعي واستعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة في إثيوبيا إلى توفير فرص تكوين مجتمع زراعي نموذجي.
ويُنتج القطاع الزراعي في إثيوبيا محاصيل بكميات تكفي لتشغيل 3 مشغّلين، بجانب تحسين اقتصاديات الشبكات، من خلال توفير إيرادات إضافية جراء توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية.
وأجرى معهد "روكي ماونتن" الأميركي تحليلًا لكهربة القطاع الزراعي -خاصة في مجال طحن الحبوب- في إثيوبيا باستخدام الطاقة النظيفة، توصّل إلى أن أحمال الكهرباء المخصصة لمطحنتين كهربائيتين، بإمكانها تعزيز مبيعات الكهرباء بنسبة تصل إلى 22%.
قطاع الفلاحة في الفلبين
في أغسطس/آب من عام 2020، بدأت الفلبين استعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة، من خلال برنامج شراكة لمدة 10 سنوات، قادته وزارتا الزراعة والطاقة.
ويسمح البرنامج باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية، بجانب طاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية صغيرة الحجم، لتوفير الوقود والطاقة، لخفض تكلفة الإنتاج الزراعي ومصائد الأسماك، لتحقيق الأمن الغذائي وحماية البيئة والتنمية المستدامة.
وتعمل الفلبين على التوسع في برامج الطاقة المتجددة، إذ تتوسع باستعمال الطاقة الشمسية في الفلاحة، مثل نظام الري، مع عدم إغفال التوجه إلى الطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الكهرومائية، بوصفها بدائل مهمة للمصادر الأخرى مرتفعة التكلفة.
اقرأ أيضًا..
- مشروع ورزازات للطاقة الشمسية.. حلم المغرب في الطاقة المتجددة (فيديو وصور)
- برنامج ترشيد وكفاءة الطاقة في قطر يوفر 1.1 مليار دولار بنهاية 2021 (صور)
- مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين في مصر تجذب الشركات الإماراتية