هل تُنهي الطاقة الكهرومائية أزمات أفريقيا الاقتصادية والاجتماعية؟ (تقرير)
تعالج نقص الكهرباء وتغير المناخ في القارة
حياة حسين
- إمكانات هائلة في القارّة السمراء لتوليد الكهرباء من السدود
- سدذ النهضة الإثيوبي الأكبر في أفريقيا، لكن الخلاف مع مصر عليه مستمرّ
- هناك مئات السدود الصغيرة تنتشر في دول القارّة الأفريقية
- توقعات بنمو سعة الطاقة الكهرومائية عالميًا لتمثِّل 23% من إجمالي الطاقة في 2040
لماذا يُعدّ نمو الطاقة الكهرومائية في أفريقيا ضروريًا؟ سؤال طرَحه تحقيق، نشرته صحيفة إي إس آي أفريكا (ESI AFRICA) الأفريقية.
تناول التحقيق حجم الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، والسدود المنتشرة في دول القارّة السمراء، إضافة إلى إمكانات تنميتها، وفوائدها على كل المستويات، خاصة في مجال توفير الكهرباء المتجددة وعلاج تغير المناخ.
وأوضح معاناة سكان القارّة من شحّ الكهرباء، ونقص نصيب الفرد مقارنة بالمتوسط العالمي، فرغم أن عدد سكان أفريقيا يمثّل 17% من إجمالي سكان العالم، فإنهم لا يستهلكون أكثر من 4% من كهربائه، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
طاقة متجددة
تتّسم الطاقة الكهرومائية بأنها متجددة ومنخفضة التكلفة، وما تزال قارّة أفريقيا لا تولّد أكثر من 38 غيغاواط، وفق بيانات معهد الطاقة الكهرومائية الدولي (إي إتش إيه).
ورغم ذلك تستحوذ الطاقة الكهرومائية على 70% من الكهرباء المتجددة في أفريقيا، مقابل 16% عالميًا.
وقال الباحث في مجموعة أنظمة الخدمة المستدامة التابعة للمعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية، جوليان هنت، إن الطاقة الكهرومائية في أفريقيا ما تزال قادرة على النمو والتطور، إذ إنه حتى الآن تستفيد القارّة بنسبة 10% من إمكاناتها، بينما تصل تلك النسبة في أميركا وأوروبا واليابان إلى ما بين 60-80%.
وأضاف المتحدث باسم "إي إتش إيه"، ويل هنلي: "إن أفريقيا محظوظة بإمكانات توليد الطاقة الكهرومائية، لكنها لا تستغلّها، وبصفة عامة تبلغ كميات الكهرباء من هذا المصدر التي يمكن أن يصل لها العالم، 4 أضعاف السعة الحالية".
مصر وإثيوبيا
تنتشر السدود التي تُولِّد دول أفريقيا الطاقة الكهرومائية منها، ويأتي على رأسها سد النهضة الإثيوبي، الذي يُتوقع أن يولّد نحو 6450 ميغاواط سنويًا، بالإضافة إلى السد العالي في أسوان المصرية، والذي تبلغ سعته 2100 ميغاواط سنويًا.
يُذكر أن كلًا من إثيوبيا ومصر أقامتا السدّين على نهر النيل، لأنهما من الدول المشتركة فيه.
ودشّنت مصر السد العالي في ستينيات القرن الماضي، في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وفي المقابل بدأت إثيوبيا العمل في سدّها قبل عدة سنوات، ولا يزال الخلاف قائمًا بين أديس أبابا من جهة والقاهرة والخرطوم عاصمة السودان من جهة أخرى، بسبب مخاوف الدولتين من تأثير السد في حصتهما من مياه نهر النيل.
ونفّذت إثيوبيا عمليات ملء سد النهضة مرتين خلال العامين الماضيين، ومن المتوقع تنفيذ الملء الثالث الشهر المقبل، رغم أنها لم تتوصل إلى اتفاق حتى الآن، مع جارتيها وشريكتيها في نهر النيل، مصر والسودان، وفق بيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
سدود أخرى
توجد سدود أخرى في أفريقيا لا تدور حولها خلافات، مثل كاهورا باسا في موزمبيق جنوب القارّة السمراء، بسعة 2070 ميغاواط سنويًا.
كما تنتشر مئات السدود الصغيرة في القارّة، مثل سوابيتي في غينيا، ويضم وحدتي توليد تبلغ 225 ميغاواط، وبدأ العمل به في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأيضًا سد كافو في زامبيا بسعة 750 ميغاواط.
وتوقّع المتحدث باسم "إي إتش إيه"، ويل هنلي، أن تزيد حصة الطاقة الكهرومائية عالميًا إلى 23% من إجمالي الطاقة بحلول عام 2040، ونموها في أفريقيا بمقدار الضعف في المدة نفسها، خاصة في ضوء مساعي حكومات القارّة إلى زيادة وصول سكانها للكهرباء.
ورغم أن مشروعات الطاقة الكهرومائية تحتاج استثمارات أولية ضخمة، فإن تشغيلها وصيانتها الأقلّ تكلفة بين مصادر الطاقة المختلفة.
تكلفة منخفضة
قال المتحدث باسم معهد الطاقة الكهرومائية الدولي، إن تكلفة الكيلوواط من هذا المصدر تبلغ 0.05 دولارًا، كما يقلّ إهدار الكهرباء المولدة من تساقط المياه حتى نقلها للشبكة بنسبة 10% فقط، ما يصبغها بالاستدامة.
وأضاف أن مشروعات الطاقة الكهرومائية تولِّد آلاف الوظائف، وتسهم في دعم الناتج القومي للدول، وتقدّم قيمة مضافة على الاستثمارات التي تُضخّ فيها، وتُحسّن من قيمة أرض المشروع والأراضي المحيطة.
وأضاف: "بعيدًا عن توليد الطاقة الكهرومائية، تستطيع السدود تزويد دول أفريقيا بمياه صالحة للزراعة والصناعة، إضافة إلى الاستهلاك المنزلي. كما يمكن أن تُقام بجانبها مشروعات سياحية ورياضية وترفيهية".
ويواجه العالم أزمات زيادة الكوارث الطبيعية من الفيضانات والجفاف بسبب تغير المناخ، لذا وعد المتحدث باسم معهد الطاقة الكهرومائية الدولي، بإيجاد حلّ لكل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتلك المتعلقة بالبيئة، وفق تعبيره.
مشكلات السدود
لمدة طويلة من الزمن، كانت مشروعات الطاقة الكهرومائية متهمة بالتسبب في مشكلات عديدة، يتمثل بعضها في خفض السدود لتدفّق المياه في الأنهار والمجاري المائية، ورفع درجة حرارتها، ومنع كل من هجرة الأسماك وتراكم الرواسب التي تغذّي الأرض والحياة البرية.
غير أن التطور الذي تشهده تقنيات تلك المشروعات، والبحث عن حلول جديدة، سيمكّن القارّة الأفريقية من الاستفادة من إمكانات الطاقة الكهرومائية لديها، وذلك من خلال عمل الحكومات ودعم الدول المتقدمة.
وقال الباحث وعالم الطاقة الكهرومائية في المفوضية الأوروبية، إيمانولي كوارنتا، إن التقنيات الجديدة يمكن أن تحسّن كفاءة ومرونة تشغيل السدود في ظل الظروف المختلفة، وتقلل التكلفة، وتخفض الآثار البيئية السلبية.
ورصد كوارنتا عددًا من هذه التقنيات مثل "زعانف التثبيت"، وهي عبارة عن أغشية قابلة للتعديل، وتسمح بالتكيف مع تدفّق المياه، وزيادة كفاءة التشغيل.
موضوعات متعلقة..
- ما أكبر 10 محطات لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا؟ (إنفوغرافيك)
- سد إنغا.. هل تصبح أفريقيا موطنًا لإنتاج المعادن الخضراء؟
- للمرة الأولى.. إثيوبيا تبدأ توليد الكهرباء من سد النهضة غدًا
- جنوب أفريقيا تواجه أزمة الكهرباء بإنشاء 15 محطة جديدة للطاقة الشمسية
- قطع الكهرباء في جنوب أفريقيا للمرة الثانية تجنبًا لانهيار الشبكة
اقرأ أيضًا..
- وزير جزائري: أنبوب الغاز النيجيري أكثر أمانًا وجدوى من المغرب
- واردات آسيا من النفط الروسي تقفز 347% وتتجاوز أوروبا
- مسؤول: الغاز الجزائري لن يلبي الطلب الأوروبي كاملًا.. "ونحن أحرار في التعاقد"