هل ينجح تصدير الهيدروجين اقتصاديًا من المغرب والجزائر ومصر؟.. خبير دولي يجيب
داليا الهمشري
أثارت الدراسة التي نشرتها منصة الطاقة المتخصصة حول الجدوى الاقتصادية للبرامج التي وضعتها دول المغرب والجزائر ومصر لتصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا، حالة من الجدل بين الخبراء في هذه الصناعة الواعدة.
وكانت الدراسة -التي أجراها مركزان بحثيان غربيان- قد تمخضت عن أن تكاليف إنتاج الهيدروجين تجعله أغلى 11 ضعفًا من الغاز الطبيعي، دون أخذ تكاليف التخزين والنقل في الحسبان.
وأثارت هذه الدراسة التساؤلات حول مستقبل الشراكات التي قامت بها دول المغرب والجزائر ومصر مع العديد من الدول الأوروبية؛ لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى أوروبا.
أهم المعوقات
قال المدير التنفيذي الدولي للصناعات الهيدروجينية لمجموعة شركات هاودن الدولية (ومقرّها غلاسكو في المملكة المتحدة) عضو مجلس الهيدرجين العالمي، رئيس المجموعة الصناعية في منظمة هيدروجين أوروبا (ومقرّها بروكسل)، المهندس صلاح مهدي، إن القضية الرئيسة التي أثارها التقرير واعتمد عليها في استنتاجاته "هي قضية محتوى الطاقة القليل للهيدروجين، مقارنةً بالغاز الطبيعي، والذي يُقدَّر بثلث قيمته.
وأضاف -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن هذا يعني في العموم الحاجة لثلاثة أضعاف كمية الهيدروجين للحصول على الطاقة نفسها التي يمكن الحصول عليها من الغاز الطبيعي.
وأوضح أن هذه المعلومة ليست بالجديدة، لافتًا إلى أنها أحد أسس التطويرات المزمع حدوثها في هذه الصناعة، وأهم المعوقات التي تواجه تلك الصناعة على الإطلاق في نطاق البحث العلمي.
تحديد السعر المناسب
أشار عضو مجلس الهيدرجين العالمي إلى أن العديد من الهيئات المختصة والشركات ومعاهد الأبحاث قد أجرت دراسات لتحديد السعر المناسب لتصدير الهيدروجين، والذي يجعله منافسًا، وأفضت هذه الدراسات مجتمعة إلى أن هذا السعر يتراوح ما بين 1.5 و2 دولارًا لكل كغم من الهيدروجين.
وأضاف المهندس صلاح مهدي، في تصريحاته إلى منصة الطاقة، أن الوصول لهذا المستوى من الأسعار أصبح الهدف الرئيس لهذه الصناعة؛ كونها الخطوة التي ستُدخل الهيدروجين المنافسة التجارية الحقيقية، وقودًا أو مصدرًا للطاقة، بجانب دوره المهم في محاربة التغير المناخي.
وأوضح أن العديد من الشركات في عدّة دول، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية أو حتى في الصين والهند، قد أعلنت -بالفعل- بدء خططها للوصول إلى هذا المستوى من الأسعار، ووضعت ميزانيات كبيرة لتحقيق هذا الهدف.
واستطرد أن التسارع الذي شهدته هذه الصناعة يدعو إلى التفاؤل في هذه المرحلة من عمر هذه الصناعة الناشئة.
وتعليقًا على ما ورد في التقرير من خطورة الهيدروجين على خطوط أنابيب النقل، قال المهندس صلاح مهدي: إن "التقرير لم يوضح أن الأمر يقتصر على حالة واحدة فقط، وهي استخدام الهيدروجين في خطوط الغاز الطبيعي الموجودة حاليًا".
تصدير الهيدروجين في أنابيب الغاز الطبيعي
أفاد مهدي أنه -بالفعل- لا يمكن ضخّ الهيدروجين في أنابيب الغاز الطبيعي إلّا بنسب خلط لا يمكن أن تتجاوز الـ 20%، نظرًا لأن هذه الخطوط والمعدّات المستخدمة معها غير مُصممة في الأساس لضخّ غاز الهيدروجين.
وأوضح أن استخدام الهيدروجين في خطوط أنابيب الغاز الطبيعي كان حلمًا للكثيرين لتسريع عملية انتقال الطاقة، وتقليل تكلفة ذلك، ولكن الدراسات بيّنت أنه لا يمكن تجاوز نسبة خلط الـ 20% مع الغاز الطبيعي.
وتابع مهدي، أن هذا ما حدا بالعديد من الدول بالبدء في دراسات إنشاء خطوط أنابيب جديدة لنقل الهيدروجين بين أماكن الإنتاج وأسواق الاستهلاك، مثل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، كما وقّعت الحكومة الألمانية منذ أسابيع قليلة مذكرة تفاهم مع الحكومة النرويجية لبناء خط أنابيب جديد لنقل الهيدروجين بين البلدين.
وفيما يتعلق بما ذكره التقرير حول أفضلية ربط الشبكات الكهربائية بين شمال أفريقيا، وخاصة المغرب وأوروبا، قال المهندس صلاح مهدي، إن هذه الخطوة قد بدأت، وهناك خطوات جدّية قد اتُّخِذت في هذا المجال بين مصر واليونان من ناحية، والمغرب والمملكة المتحدة من ناحية أخري، إلّا أنه لفت إلى أن العائق الأكبر يتمثل في تخزين الطاقة الكهربائية في حال هبوط الأحمال، موضحًا أن الهيدروجين يُعدّ الحلّ الأمثل لهذه المشكلة.
وتساءل عضو مجلس الهيدرجين العالمي: "لماذا ركّز التقرير على بيان الدور الذي يمكن أن تؤديه الدول الـ3: مصر والمغرب والجزائر -على وجه التحديد- بسدّ احتياجات القارّة الأوروبية من الهيدروجين، في ظل أزمة الطاقة المتسارعة، ليس في أوربا فقط، بل في العالم أجمع؟"، مؤكدًا أن كل المعوقات التي ذكرها التقرير هي معوقات عامة لا تختصّ بدول أو منطقة بعينها.
موضوعات متعلقة..
- مستثمرون: سعر الهيدروجين الأخضر العقبة الرئيسة لتوسع إنتاجه في أوروبا
- كيف يصبح الهيدروجين عنصرًا فاعلًا في إزالة الكربون؟ (تقرير)
- المغرب يخطط لتصدير الهيدروجين عبر خطوط الغاز إلى أوروبا
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية تنتصر قضائيًا ضد محاولة تغريمها 18 مليار دولار
- قطاع المحروقات في الجزائر.. بشائر آبار جديدة واتفاقيات لزيادة الصادرات
- الزلازل وآبار النفط.. 10 أجوبة من هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (تقرير)
- إنتاج الهيدروجين قد يساعد الدول النفطية في رحلة تحول الطاقة (تقرير)