البرنامج النووي الإيراني وخيارات الاتفاق أمام طهران؟ (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • إيران ليس لديها خيار آخر سوى تفسير الغموض في برنامجها النووي
- • التخفيض المحدود للعقوبات المفروضة على طهران يمكن أن ينقذ خطة العمل الشاملة المشتركة
- • إيران ستردّ ردًّا فعالًا وسريعًا على أيّ إجراء يُتَّخَذ ضدّها.
- • عدم التوصل إلى اتفاق دفع إيران للعودة إلى سياسة الالتفاف على العقوبات
- • الاقتصاد الإيراني ليس في وضع يمكّنه من تحمّل العقوبات
- • ليس من الممكن التنبؤ على وجه اليقين بموقف روسيا المستقبلي
تماشيًا مع التوقعات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، أصدر مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية، الأسبوع الماضي، قرارًا انتقد عدم تعاون إيران مع الوكالة، ودعاها إلى التعاون الكامل في تقديم تفسيرات بشأن منشأ اليورانيوم المخصب في 3 مواقع غير معلنة.
وصادق على قرار الوكالة ضد إيران 30 دولة، وعارضته روسيا والصين، وامتنعت 3 دول (الهند وباكستان وليبيا) عن التصويت، وسيجعل إصدار هذا القرار مهمة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة أكثر تعقيدًا.
وقال المبعوث الأميركي لمجلس المحافظين، إن هذه الخطوة لا تهدف إلى مواجهة الدوافع السياسية.
تجدر الإشارة إلى أنه قبل اعتماد هذا القرار، قام المدير العامّ للوكالة الدولية للطاقة الذرّية، رافاييل غروسي، بزيارة إيران، وقال غروسي، عقب الزيارة، إن هناك شكوكًا جدّية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، قال غروسي، إنه ليس لدى طهران خيار آخر سوى تفسير الغموض بشأن البرنامج النووي الإيراني.
برنامج إيران النووي
قبل 16 عامًا، وبعد عرضها على مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، انتقل البرنامج النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي، وفُرضت عقوبات دولية على إيران، بالإضافة إلى العقوبات الأميركية والأوروبية أحادية الجانب.
انسحاب حكومة حسن روحاني كان يعدّ انجازًا كبيرًا.
وفقًا لآخر تقرير صادر عن الوكالة الإيرانية لاحتياطيات اليورانيوم المخصب، سُجِّل أكثر من 3800 كيلوغرام، أي نحو 18 ضعف السقف التقريبي البالغ 200 كيلوغرام الذي حددته خطة العمل الشاملة المشتركة، و 43 كيلوغرامًا من اليورانيوم وصل تخصيبها إلى 60%.
بالطبع، يتطلب تصنيع سلاح نووي تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد عن 90%.
في المقابل، زعمت طهران مرارًا وتكرارًا أنها تسعى فقط لتحقيق أهداف سلمية في البرنامج النووي الإيراني، ولا تسعى إلى صنع أسلحة نووية.
في الشهر الماضي، أخبر كبير المبعوثين الأميركيين الخاصين لإيران، روبرت مالي، مجلس الشيوخ الأميركي، بأن الجهود المبذولة لإحياء اتفاقية 2015 قد واجهت مشكلات.
وأشار روبرت مالي إلى أن التخفيض "المحدود" للعقوبات المفروضة على طهران يمكن أن ينقذ خطة العمل الشاملة المشتركة قبل الاتفاق.
وصرّحت إيران، بعد تبنّي القرار الذي انتقد تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، بأنها ستردّ "بشكل فعّال وسريع" على أيّ إجراء يُتَّخَذ ضدّها في مجلس محافظي الوكالة.
بعد تمرير القرار ضد إيران، أصدرت وكالة الطاقة الذرّية شريط فيديو تعلن فيه إغلاق عدد كبير من كاميرات المراقبة التابعة للوكالة.
وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرّية الإيرانية، بهروز كمالوندي، إن بلاده قررت وقف بعض التعاون الذي يتجاوز اتفاق الضمانات، الذي يكون جزءًا من التزامات إيران، وجرى بحسن نيّة، على سبيل المثال، تسجيل بعض الأنشطة بوساطة آلات التصوير وجهاز قياس التخصيب عبر الإنترنت.
وأضاف كمالوندي أن إيران أصدرت أوامر بوقف نشاط هذه الكاميرات ،رغم أنه في الماضي لم يكن من المفترض أن تعطى معلومات هذه الكاميرات إلّا إذا قبلت إيران الشروط، مشيرًا إلى هذا العمل يتوقف أساسًا على اتخاذ أمر برفع العقوبات وحماية المصالح الإيرانية.
تداعيات تعليق المحادثات
يعتقد بعض الخبراء أن تعليق المحادثات والفشل في التوصل إلى اتفاق دفع إيران للعودة إلى سياسة الالتفاف على العقوبات وزيادة الضغط النووي من خلال تخصيب اليورانيوم إلى مستوى يتجاوز 60% الحالي.
وأدت هذه التطورات بإيران لأن تكون على وشك التحول إلى الأسلحة النووية، أو "التهرّب من الالتزامات النووية".
بعبارة أخرى، سيتّجه البرنامج النووي الإيراني نحو العسكرة، وهو أحد الاهتمامات الرئيسة للولايات المتحدة والغرب وإسرائيل.
علاوة على ذلك، فإن عودة طهران إلى استخدام سياسة زيادة مستوى التخصيب بمثابة أداة ضغط على القوى الدولية، وخصوصًا الولايات المتحدة، من أجل الحصول على تنازلات منها، وتحقيق أهدافها، يعني المغامرة والمقامرة بنتائج اتفاق يمكن أن ترهق البلاد.
وأدى تأجيل رفع العقوبات وإصلاح اقتصاد البلاد الذي مزّقته الأزمة إلى تعريض إيران لخطر انفجار داخلي بسبب انتشار الفقر وعجز الحكومة عن تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها.
وقد أصبحت شروط العودة إلى الاتفاق النووي وإحيائه أكثر صعوبة.
لقد اعترفت إيران بأن البرنامج النووي يُعدّ خطًا أحمر، وهي تريد على أيّ حال مواصلة البرنامج النووي في إطار سياسة الردع، لكن الاقتصاد الإيراني ليس في وضع يمكّنه من تحمّل العقوبات.
أهمية التوصل لاتفاق نووي
إذا كانت أولوية مجموعة 5 + 1 وإيران هي إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، فسيكون من الضروري استئناف محادثات فيينا والمرونة في تبادل التنازلات من جهة ومحاولة حلّ الخلافات التقنية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرّية بشأن المواقع الـ3 القديمة من جهة أخرى.
وسيسمح التوصل إلى اتفاق بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة بالتسوية النهائية للنزاعات التقنية، ويرى بعض الخبراء الإيرانيين أنه إذا فشلت محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة، فليس من الواضح بعد ماذا ستكون نتيجة إحالة إيران إلى مجلس الأمن في سبتمبر/أيلول أو ديسمبر/كانون الأول.
ونظرًا للعلاقة العدائية بين روسيا والغرب، فمن المحتمل أن تلجأ روسيا هذه المرة إلى استخدام حق النقض "الفيتو" لمنع تحرّك جديد ضد إيران في مجلس الأمن.
ومع ذلك، تسمح الفقرتان 11 و 12 من قرار مجلس الأمن رقم 2231 لأعضاء معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بإعادة تفعيل القرارات السابقة المناهضة لإيران، من خلال اللجوء إلى آلية التدخل دون تصويت جديد.
وفي هذه الحالة، لن تتمكن روسيا والصين من منع إحياء تلك القرارات.
في المقابل، تكمن قوة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، على عكس إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، في تنسيقها وتعاونها مع الحلفاء، وهو ما تبلور في الجولة الأولى بتصويت 30 من أصل 35 صوتًا في مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرّية.
مما لا شكّ فيه أن قرار روسيا النهائي سيعتمد على ظروف الحرب الأوكرانية وسوق الطاقة والعلاقات مع الغرب في الأشهر الـ3 إلى الـ6 المقبلة، وليس من الممكن التنبؤ يقينًا بموقف روسيا المستقبلي.
*الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
اقرأ أيضًا..
- أزمة الكهرباء في الوطن العربي.. هل الحل في الطاقة المتجددة؟ (تقرير)
- 5 معلومات عن مشروع الطاقة الشمسية العملاق المفكك في الصين (إنفوغرافيك)
- بالأرقام.. هل تستغني الهند عن نفط الخليج العربي؟