لوك أويل تقترح خفض إنتاج النفط الروسي.. وخبراء لـ"الطاقة": الأسعار قد تصل لـ 150 دولارًا
مي مجدي
- لوك أويل الروسية تدعو لخفض الإنتاج من 10 ملايين برميل يوميًا إلى 7-8 ملايين برميل يوميًا
- خبراء يرون أن الخطوة غير منطقية، ويتساءلون حول الأسباب التي دفعت لنشر هذه التعليقات
- خفض الإنتاج سيزيد من تفاقم التضحم، وسيؤدي إلى ارتفاع الأسعار
- قد تكون هذه التعليقات بحثًا عن حلول لشركات النفط الروسية لتعزيز الإيرادات
- لمواجهة العاصفة السياسية على روسيا الحفاظ على اتفاقية أوبك+
- التجربة الإيرانية مفيدة، لكن الوضع مختلف بالنسبة لروسيا
- روسيا تحتاج إلى دعم الاستثمارات في قطاع الناقلات الروسية، بعد زيادة تكلفة تأجير السفن
أثار نائب رئيس شركة لوك أويل الروسية، ليونيد فيدون، جدلًا واسعًا وسط المحللين في صناعة النفط، بعدما دعا إلى خفض إنتاج النفط الروسي من 10 ملايين برميل يوميًا إلى 7-8 ملايين برميل يوميًا، بعد تشديد القيود وفرض عقوبات لحظر نفط موسكو، بسبب الحرب الأوكرانية.
وأشار فيدون، في مقال نشرته وكالة "آر بي سي" الروسية، إلى أن هذه الخطوة ستمكّن بلاده من الحصول على سعر أفضل للخام، وتجنّب بيعه بسعر رخيص.
في الوقت نفسه، يعتقد فيدون أن الأسواق ستشهد ارتفاعًا في الطلب العالمي وأسعار النفط، ومن ثم لن تخسر روسيا الإيرادات في ميزانية الدولة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد فيدون أنه سيكون من الصعب استبدال النفط الإيراني بالروسي، لأن حصة موسكو في أسواق النفط العالمية أعلى مقارنة بطهران.
خفض إنتاج النفط الروسي
يرى نائب رئيس شركة لوك أويل أن الفرص تولد من رحم الأزمات، مؤكدًا أن الدلائل تشير إلى أن صناعة النفط الروسي لن تنجو فحسب، بل ستشهد تطورات ومستجدات استثنائية.
ومن وجهة نظر فيدون، فإن النمو السريع في إنتاج ومعالجة الهيدروكربونات سيسفر عن ظهور بعض المشكلات، بما في ذلك شبح "الداء الهولندي"، الذي يصيب البلدان المنتجة للمواد الأولية، عندما يمكن أن تؤدي الزيادة في عائدات النقد الأجنبي إلى تعزيز الروبل، ومن ثم تتأثر كفاءة التصدير والقدرة التنافسية للسوق المحلية.
وتساءل فيدون عن سبب إنتاج وتصدير سلع أكثر مما يتطلبه النمو الاقتصادي والازدهار، موضحًا أنه من المنطقي التركيز على توفير احتياطيات غير مستغلة للاستهلاك في المستقبل، وإنشاء بنية تحتية بدلًا من تراكم التزامات الديون المشكوك في تحصيلها، والتي تخفض سنويًا بسبب انخفاض قيمة العملة الخارج عن السيطرة.
وتساءل: "لماذا يجب أن توفر روسيا إنتاج 10 ملايين برميل من النفط يوميًا إذا كان بإمكاننا استهلاك وتصدير 7 ملايين إلى 8 ملايين برميل، دون خسائر في ميزانية الدولة والاستهلاك المحلي ودعم الواردات؟".
هل تبدو أفكاره منطقية؟
بدت أفكار نائب رئيس شركة لوك أويل الروسية، ليونيد فيدون، بضرورة خفض الإنتاج، غير منطقية لبعض المحللين في أسواق الطاقة.
ويرى خبير اقتصادات وسياسات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، أن الفكرة في ظاهرها تبدو منطقية، لا سيما حال تعرُّض الاقتصاد العالمي إلى ركود وانخفاض الطلب على النفط، إلّا أن المنطق ينتفي إذا كانت الأسعار ستنخفض بعد الحرب، ومن ثم ليس من المنطقي توقّفهم عن بيع النفط بـ80 دولارًا للبرميل لبيعه بأقلّ من ذلك لاحقًا.
وتساءل الحجي قائلًا: "إلّا أن السؤال المهم في هذا السياق هو: لماذا يقوم رئيس شركة نفطية روسية كبيرة بكتابة مقال كهذا باللغة الروسية للنشر في الإعلام الروسي؟ هل هو رسالة للجنرالات أن هناك مشكلة في تسويق النفط الروسي؟ هل هناك مشكلة في استيراد قطع الغيار اللازمة لاستمرار الإنتاج في المستويات الحالية؟ هل هو تهديد غير مباشر للاتحاد الأوروبي؟ أم أنها تعكس انقسامًا في دائرة الرئيس بوتين الخاصة حول مايتعلق بالحرب وتبعاتها؟".
في السياق ذاته، تعتقد مؤسّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة، فاندانا هاري، أن الفكرة قد تكون مجدية إذا لم تتمكن روسيا من العثور على مشترين للنفط، وسيتعين عليها تخزينه، ويُعني ذلك أن الإيرادات ستتدفق إلى تكاليف التخزين، وفور استنفاد مرافق تخزين النفط طاقتها، سيتعين عليها تقليص الإنتاج.
وقالت- في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة-: "حال الإعلان رسميًا عن خفض قدره 2-3 ملايين برميل يوميًا، فإن أسعار النفط سترتفع، وتعوض جزئيًا الخسارة في حجم المبيعات، والأهم من ذلك، سيزيد من تفاقم التضخم بالاتحاد الأوروبي، ويدفعه إلى الركود".
وتابعت فاندانا هاري: "قد يكون هذا مجرد فكرة تهدف إلى تحذير الاتحاد الأوروبي من المضي قدمًا في خطّته للتخلص التدريجي من واردات النفط الروسية".
ما هو الأفضل لروسيا؟
طرح نائب رئيس شركة لوك أويل، ليونيد فيدون، سؤالاً مهمًا يتعلق بما هو الأفضل الآن لروسيا، هل ببيع 10 براميل من النفط الخام بسعر 50 دولارًا أو 7 مقابل 80 دولارًا؟!
كما تساءل: "هل ضروري الحفاظ على حجم الصادرات قبل الأزمة بالموافقة على خفض الأسعار بنسبة 30%، وأحيانًا تصل إلى 40%؟".
وفي هذا الصدد، يقول الخبير في أسواق النفط، مايكل لينش، إن تصريحات فيدون في هذا التوقيت توضِّح ببساطة أنه يلوح بقبضتيه.
وتباينت آراء لينش مع رأي مؤسّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة، فاندانا هاري، إذ يرى أنه من الأفضل لروسيا البيع بالأسعار الحالية، موضحًا أن النفط الروسي مربح حتى مع بيع موسكو النفط بخصم 30 دولارًا عن خام برنت.
وتابع: "بعد الحرب ومع انخفاض الأسعار، ربما يندم على عدم البيع -حاليًا، لكن في حال خفض الإنتاج، سيعزز ذلك ارتفاع الأسعار العالمية بقدر 25 دولارًا، والتي يمكن أن تؤدي دورًا في الركود التضخمي والكساد الاقتصادي".
غير أن الشريك في شركة الاستثمارات الكندية بمجال الطاقة ناين بوينت، إريك نوتال، يختلف مع هذا الرأي، قائلًا، إن الأسعار ستواصل ارتفاعها بعد الحرب.
وتابع: "حال خفض الإنتاج بمقدار 2-3 مليون برميل يوميًا ستتجاوز أسعار النفط الـ150 دولارًا، وسيؤدي ذلك إلى استبعاد خسارة الإيرادات من خفض الإنتاج".
وتابع: "أعتقد أن سعر 100 دولار لخام غرب تكساس سيكون بمثابة أرضية أساسية للسنوات المقبلة، رغم أن سعر النفط سيكون عرضه للتقلبات التي تحركها الأسواق المالية".
وأوضح محلل السلع في بنك يو بي إس في سويسرا، جيوفاني ستانوفو، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن العقوبات الذاتية للعديد من شركات الطاقة وحظر بعض الدول استيراد النفط الروسي أسفرت عن بيع الخام الروسي بخصم كبير مقارنة بأسعار النفط القياسية مثل برنت.
وأشار إلى أن تعليقات ليونيد فيدون تبحث عن طرق يمكن من خلالها لشركات النفط الروسية تعزيز الإيرادات، عن طريق خفض العرض وتقييد أسواق النفط، متوقعًا ارتفاع الأسعار نتيجة لذلك.
الجدل في تويتر
كما أثارت تعليقات نائب رئيس شركة لوك أويل الروسية، ليونيد فيدون، جدلًا في موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
ونشر رئيس شؤون الطاقة والسلع في بلومبرغ، جاك فارشي، تغريدة يقول فيها، إن تعبير فيدون عن رأيه بضرورة خفض روسيا إنتاج النفط الخام بنسبة 30% بدلًا من بيعه بخصم كبير مثير للاهتمام.
Interesting op-ed from Lukoil's Leonid Fedun, who argues that Russia should cut production to 7-8 million b/d (down ~30%) rather than selling its #oil at a huge discounthttps://t.co/vLhwD5DmDw
— Jack Farchy (@jfarchy) May 30, 2022
في حين يرى رأي آخر أن بيع روسيا بسعر مخفض ما يزال مناسبًا، ودون خصم قد ترى الدول أنه ليس من المجدي المخاطرة بالتعامل معها.
Selling at a discount allows for them to still remain relevant. Without the discount, countries may not deem it worthwhile to go through the risk of dealing with them. As much output as Russia can provide to countries, further determines its relevance in the long-term. Rubles...
— Kai (@KaiFund) May 30, 2022
الحفاظ على اتفاقية أوبك+
في الوقت نفسه، تناول نائب رئيس شركة لوك أويل الروسية، ليونيد فيدون، العديد من القضايا المثيرة للجدل في مقاله المنشور اليوم الإثنين 30 مايو/أيار، ويعتقد أنه من المرجح أن تزداد الحاجة إلى الموارد الطبيعية في العقود المقبلة، وسترتبط تكلفتها بالتضخم الحقيقي.
وقال: "من المضحك أن نرى كيف أن السياسيين الذين تحدثوا عن الهيدروكربونات بصفتها سلعة ذات قيمة مشكوك فيها، والانتقال إلى حقبة خالية من الهيدروكربونات، يحثّون الآن شركات النفط على زيادة الاستثمار في التنقيب والتطوير.. لقد تغيّر الوضع السياسي".
وفي مواجهة هذه العاصفة السياسية، يرى فيدون ضرورة الحفاظ على اتفاقية أوبك+، إذ يعتقد أن المنتجين العرب هم فقط من يتمتع بقدرات قادرة على استبدال صادرات النفط الروسي في المدى القصير.
وقال: "ليس هناك شكوك في أنه سيكون من الأفضل تنسيق الخطوات اللاحقة لتحسين إمدادات النفط مع شركائنا بموجب الاتفاقية.. بمرور الوقت، مع نمو الطلب العالمي على الهيدروكربونات وتطوير البنية التحتية للتصدير الموجهة للشرق، ستتاح لروسيا الفرصة لزيادة إنتاج النفط مرة أخرى، والحفاظ على اتفاقية أوبك+".
تجربة النفط الإيراني
إلى جانب ذلك، تطرَّق نائب رئيس شركة لوك أويل، ليونيد فيدون، في مقاله، إلى التجربة الإيرانية، وقدرتها على البقاء في ظل العقوبات الحالية.
وقال، إن حصة روسيا في ميزان النفط العالمي أعلى 3 مرات من حصة إيران، وسيكون من الصعب استبدالها دون أن تُحدث تقلبات واضطرابات خطيرة.
وأوضح أن صفقات المقايضة إجراء مشكوك فيه لصناعة النفط الروسية، إذ يمكن أن تصبّ في مصلحة المشترين، لكن سيكون واقعها سلبيًا على المصدرين.
في الوقت نفسه، أشاد بنظام التصدير الإيراني المرن، قائلًا: "هذه التجربة مفيدة دون شك في مواجهة الضغوط الاقتصادية والعقوبات الثانوية".
كما دعا -أيضًا- إلى تعزيز الاستثمارات في أسطول الناقلات الروسية، إذ أدت قيود العقوبات إلى الزيادة في تكلفة تأجير السفن.
وقال: "في رأيي، من المهم التركيز على المشكلات اللوجيستية، وعلى رأسها إعادة التأمين على السفن والبضائع".
وتابع: "تتمثل الخطوة المهمة الأخرى في زيادة قدرة أسطول الناقلات الوطني، ومن بينها ناقلات النفط النهرية، لخلق ممرات نقل بديلة لصادرات النفط الروسية عبر تركيا وإيران ودول آسيا الوسطى".
اقرأ أيضًا..
- بطاريات الليثيوم مقابل الهيدروجين.. ما الأفضل لصناعة السيارات؟
- توليد الكهرباء في الفضاء.. بريطانيا تدرس مشروعًا غير مسبوق
- هل ينقذ النفط الروسي الرخيص باكستان من أزمتها الاقتصادية؟