تأميم صناعة النفط في جنوب السودان.. خطوة جادة لتعزيز الاقتصاد
رغم تراجع الإنتاج إلى 130 ألف برميل يوميًا
مي مجدي
- الدولة تخطط لتأميم صناعة النفط لتعزيز الإيرادات
- الفيضانات تسفر عن تراجع إنتاج النفط إلى 130 ألف برميل يوميًا
- الافتقار إلى الخبرة والتمويل جعلها تلجأ إلى المساعدات الأجنبية
- خطة تأميم صناعة النفط ستستغرق 5 سنوات
يواجه جنوب السودان انخفاضًا في إنتاج الوقود الأحفوري، وفيضانات مستمرة، وتصاعد الصراعات والاضطرابات، ويمكن لسياسة تأمين صناعة النفط المساعدة في التصدي لأغلب هذه المشكلات ووجود حلول لها.
وفي هذا الإطار، كشفت جوبا، يوم الجمعة الماضية 6 مايو/أيار، عن بدء اتخاذ خطوات لتتولّى عمليات شركات النفط العالمية في البلاد، بغية زيادة حصتها من الإيرادات، حتى مع تراجع الإنتاج.
وصرّح وكيل وزارة النفط، أوو دانيال تشوانغ، بأن الوزارة بدأت الاستعداد لتأميم صناعة النفط، ووقف الاعتماد على المساعدات الخارجية.
تأميم صناعة النفط
تعكس الخطة، التي ستُنفَّذ على مدار السنوات الـ5 المقبلة، تحوُّل عدّة دول أفريقية أخرى لأداء دور حيوي في حقول النفط والغاز.
ويعكف جنوب السودان على تعزيز دور شركة النيل للنفط المملوكة للدولة، من خلال الاستحواذ على الأصول بمجرد انتهاء العقود، حسب بلومبرغ.
وقال وكيل وزارة النفط، أوو دانيال تشوانغ، خلال المؤتمر الصحفي يوم الجمعة الماضية 6 مايو/أيار، إن بلاده ستبدأ تأميم صناعة النفط بالاستعانة بما لديها من خبرات للتدريب، لكنها ستواصل الاستفادة من مهارات الأجانب لمدة وجيزة جدًا في المجالات التي لا تتوافر لديها الخبرة الكافية، حتى تكتسب الكوادر هذه المهارات.
ومن بين المشغّلين في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا المؤسسة الوطنية الصينية للنفط، وشركة "أو جي إن سي" الهندية، وشركة بتروناس الماليزية.
وأضاف تشوانغ: "عند الحديث عن المحتوى المحلي، فنحن نقصد تعظيم الفوائد وزيادة العاملين في صناعة النفط بأقصى قدر ممكن، لكن هذا لا يعني أنه سيكون 100%، فقد حققنا 90% حتى الآن".
وتابع: "ولتحقيق هذه المرحلة من التأميم، لن يستغرق الأمر أقلّ من 5 سنوات حتى يتوافر لدينا مهندسون ومديرون جودة، أمّا تكنولوجيا المعلومات فقد تستغرق نحو 5 سنوات".
كما أوضح أن الوزارة أنشأت مركز بيانات جيولوجية لاستخدامه في التدريب والعمليات الفنية، بصفته جزءًا من عمليات تأميم صناعة النفط، وفقًا لوكالة الأنباء الرسمية الصينية "شينخوا".
ويرى تشوانغ أن بلاده ستواصل الاستعانة بالقوى الأجنبية، لا سيما أن إنتاج النفط يستوجب وجود التكنولوجيا والمعرفة، قائلًا: "حتى أميركا ليس لديها إسهامات محلية بنسبة 100%".
وأشار في حديثه إلى شراء الحكومة 3 طائرات للاستعانة بها في رسم الخرائط الجيولوجية لمختلف المناطق في البلاد، ولتسهيل عملياتها، شيدت حظيرة للطائرات في المطار.
انخفاض الإنتاج
رغم هذه الخطوات الجادة لتأميم صناعة النفط، يكافح جنوب السودان لإعادة بناء اقتصاده المعتمد على النفط، بعد حرب أهلية مدمرة واتفاق سلام هشّ وُقِّعّ قبل عامين.
بالإضافة إلى ذلك، حدّت الفيضانات الأخيرة من إنتاج حقول النفط عند 130 ألف برميل يوميًا على مدار السنوات الـ3 الماضية، مقارنة بـ350 ألف برميل قبل الحرب.
وأوضح تشوانغ أن خطر الفيضانات سيظل قائمًا إذا لم تُتخَذ إجراءات احترازية؛ لذا بدأت بلاده العمل مع مصر لبناء السدود والجداول.
وخلال تقديم الميزانية المالية 2022/2021 أمام المجلس التشريعي الوطني الانتقالي، صرّح وزير المالية والتخطيط، أجاك أشويل لوال، أن الانخفاض المتوقع في إنتاج النفط يرجع إلى نضوب بعض آبار النفط، واستمرار الفيضانات، حسبما نشر موقع إيست أفريكان.
وحصل جنوب السودان على 1.4 مليار دولار من إجمالي عائدات النفط، منها 1.1 مليار دولار للتحويلات المباشرة، إلى جانب دفع 148 مليون دولار للسودان لتغطية تكاليف المعالجة والنقل ورسوم العبور.
ووفقًا للبنك الدولي، يُعدّ جنوب السودان أكثر الدول اعتمادًا على النفط في العالم، ويشكّل النفط إجمالي الصادرات تقريبًا، ونحو 70% من إجمالي الناتج المحلي.
ثروات جنوب السودان
لطالما ارتبطت ثروات جنوب السودان بالنفط، وأدى اكتشاف النفط في أواخر السبعينات إلى تفاقم حدّة التوتر بين جوبا والخرطوم، إذ يتنافس الجانبان للسيطرة على حقول النفط في المنطقة.
فجنوب السودان يحتلّ المرتبة الثالثة في احتياطيات النفط بين دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بقرابة 3.5 مليار برميل، ومع ذلك، نحو 90% من احتياطيات النفط والغاز غير مستغلة.
وبعد عدّة سنوات من الانفصال، يكافح جنوب السودان لتطوير صناعة النفط، خاصة أن أكبر حقول النفط تقع في أراضيه، لكنه يفتقر للخبرة والتمويل؛ لذا أصبح يعتمد على المساعدات الأجنبية.
ولجأت الحكومة لتوظيف مهندسين من الصين وماليزيا لإنتاج وتصدير الخام إلى السودان، إذ تقوم بمعالجته ونقله إلى السوق العالمية.
ويرى وزير النفط في حكومة جنوب السودان، بوت كانغ شول، أن اعتماد بلاده على القوى العاملة الأجنبية يعوق الاستقلال الكامل لبلاده.
وكشفت دراسة أجراها معهد "سود" في جنوب السودان، وهو منظمة بحثية مستقلة في جوبا، أن عددًا كبيرًا من العاملين المحليين في شركات النفط غير مؤهلين للوظائف.
اقرأ أيضًا..
- خريطة النفط حول العالم في 10 رسوم بيانية.. قبل 3 أزمات عالمية
- احتجاز الكربون وتخزينه.. آفاق ضبابية في جنوب شرق آسيا (تقرير)
- الموانئ الخضراء.. خطة أوروبا لخفض الانبعاثات في قطاع النقل البحري (تقرير)