المملكة المتحدة تفضل تعزيز الرياح والطاقة النووية عن "تقنين" الغاز
وترفض مسار الدول الأوروبية المتخوفة من قطع الإمدادات الروسية
هبة مصطفى
تفتح المملكة المتحدة آفاقًا ومسارات مختلفة أمام إمدادات الطاقة، سواء للتحرر من قبضة يد الغاز الروسي، أو لمواصلة خطط انتقال الطاقة، والتركيز على التحول الأخضر.
وتسعى بريطانيا لتوفير سبل ضمان أمن إمدادات الطاقة، عبر التنوع في خطط تبتعد تمامًا عن الوقود الأحفوري، وتركز على الطاقة المتجددة والنووية وطاقة الرياح، خاصة بعدما أُعلن -رسميًا- في 8 مارس/آذار الماضي الاستغناء الكامل عن الإمدادات الروسية بحلول نهاية العام الجاري.
وجاء الغزو الروسي لأوكرانيا بمثابة جرس إنذار حول الاعتماد الأوروبي على الوقود الأحفوري، وسبل ضمان أمن إمدادات الطاقة.
الرد الأوروبي على الروبل الروسي
شرعت دول أوروبية في إعلان إجراءات طارئة لضمان أمن الإمدادات، عقب قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تفعيل دفع الدول الأجنبية مقابل إمدادات الغاز الروسية بالروبل "العملة الروسية".
ورفضت مجموعة الدول الـ7 التي تضم (المملكة المتحدة، وأميركا، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان) قرار بوتين الذي أكد سريان العمل به منذ مطلع الشهر الجاري.
وأعلنت السلطات في هولندا أنها ستدعو مستهلكيها لتقنين استخدام الغاز، في حين طلبت اليونان عقد اجتماع طارئ مع مُورّدي الغاز، وسعت هيئة تنظيم الطاقة الفرنسية لطمأنة المستهلكين تجاه مخاوف قطع الإمدادات.
لكن المملكة المتحدة كان لها موقف مختلف، إذ أوضح وزير النقل غرانت شابس أن المملكة المتحدة لن تسير على خطى الدول الأوروبية الباقية التي لجأت لحلول طارئة لتأمين الإمدادات بتقنين استخدام الغاز إذا قررت موسكو وقف تصدير إمداداتها لأوروبا.
طاقة الرياح في المملكة المتحدة
رأى وزير النقل البريطاني، غرانت شابس، أن غزو أوكرانيا جاء ليوقظ أوروبا والدول الغربية من اعتمادها على واردات النفط والغاز، رافضًا خطط تقنين الطاقة بالمملكة المتحدة.
وأكد شابس أن تقنين استخدام الطاقة بالمملكة أمر مستبعد، إذ إنه لم يكن جزءًا من خطّتها لضمان أمن الإمدادات، ولا يجب أن يكون جزءًا من تلك المرحلة.
ودعا وزير النقل إلى التركيز على إنتاج طاقة الرياح البحرية بصورة أكبر رغم تراجع خطط مضاعفتها بحلول عام 2030، مشيرًا إلى وجود مواقع عدّة ملائمة لبناء محطات كبيرة لطاقة الرياح البحرية.
يأتي ذلك بالتوافق مع دراسة وزراء بريطانيين رفع معدلات توليد الكهرباء من توربينات الرياح البرية إلى 30 غيغاواط بنهاية العقد الجاري، ارتفاعًا من 14 غيغاواط الحالية.
ورغم ترجيح شابس لدور طاقة الرياح البحرية في دعم مزيج الطاقة البريطاني بعيدًا عن الوقود الأحفوري والإمدادات الروسية، فإنه أكد أن الخيار الأنسب يذهب لصالح المفاعلات النووية المعيارية.
وتتّسق رؤية وزير النقل مع إعلان وزير الأعمال بالحكومة البريطانية، كواسي كوارتنغ، عزم بلاده بناء 7 محطات للطاقة النووية للتوسع في أمن الطاقة، حسبما أكد لصحيفة صنداي تليغراف.
الطاقة المتجددة.. وغاز "منخفض"
رغم الخطط الأوروبية الرامية لدعم تحول الطاقة والانتقال الأخضر والتوسع في مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، فإن العقوبات المفروضة على روسيا كشفت مدى الانخراط الأوروبي في الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري.
واتفق وزير الأعمال في حكومة الظل البريطانية، جوناثان رينولدز، مع تلك الرؤية، رافضًا السعي لشراء إمدادات الوقود الأحفوري من الدول الأخرى بديلًا للإمدادات الروسية، لافتًا أيضًا إلى أن "تقنين" استخدام الوقود يجب أن يكون خيارًا مستبعدًا.
وأشاد رينولدز بالاعتماد البريطاني "المنخفض" على إمدادات الغاز الروسي والتوسع بالتعامل مع مورّدين آخرين، لكنه استدرك محذرًا من زيادة الضغط على هؤلاء المورّدين الذي قد يتسبب في رفع الأسعار، إذا حظرت الدول الأوروبية استقبال الوارادات الروسية، حسبما نقلت صحيفة الغارديان عن تصريحات إعلامية له.
وطالب بنشر إستراتيجيات أمن الطاقة، والتي تهتم بتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة والنووية، وتطوير كفاءة الطاقة، مضيفًا أن الحكومة البريطانية يتعين عليها الاستعداد والتخطيط الجيد للمرحلة المقبلة.
لكن رينولدز استبعد الاعتماد على طاقة الرياح البرية، ونشر محطاتها ومزارعها بالمجتمع البريطاني، مشيرًا إلى أن تلك المزارع قد تتسبب في تشويه المظهر المجتمعي وزيادة الضوضاء.
الطاقة النووية
تُخطط المملكة المتحدة لبناء 7 محطات للطاقة النووية جديدة بديلًا للغاز الروسي، ضمن توسعات ضمان أمن الطاقة، عقب التلويح الروسي بإمكان قطع الإمدادات ودراسة الاتحاد الأوروبي حظر واردات الطاقة الروسية.
وبحلول عام 2050، ستقضي الخطط البريطانية بامتلاك ما يتراوح بين 6 أو 7 محطات نووية بمواقع مختلفة.
وتعوّل المملكة المتحدة على إسهام الطاقة النووية في تعزيز مزيج الكهرباء البريطاني بعيدًا عن الوقود الأحفوري، إذ يسعى رئيس الحكومة بوريس جونسون لرفع حصتها إلى 25% بحلول منتصف القرن.
لكن التعامل مع ملف الطاقة النووية في المملكة المتحدة يتطلب أكثر من مسار، من ضمنها إحياء المشروعات القديمة المتوقفة، وتفعيل خطط تجديد المحطات الحالية، بالإضافة للتوسع وبناء محطات جديدة.
في غضون ذلك، يتعين على المملكة المتحدة إيجاد حلول لكيفية توفير الدعم لمشروعات الطاقة النووية، بينما ما زال ملف إدراجها بالوثيقة الخضراء لدى الاتحاد الأوروبي معلقًا.
اقرأ أيضًا..
- إنتاج النفط في سلطنة عمان يترقب قفزة بنسبة 18.6%
- الغاز المسال.. الجزائر والمغرب والسعودية ضمن 6 دول تنتظر طفرة (تقرير)
- المغرب والجزائر يتنافسان على الغاز النيجيري.. هل يصبح بديلًا عن إمدادات روسيا؟
- مسؤول إيراني: احتياطيات النفط والغاز لدينا تكفينا 100 عام