عودة فنزويلا إلى أسواق النفط الأميركية غير متوقَّعة حاليًا (مقال)
خوسيه شلهوب* ترجمة نوار صبح
- مهمة استبدال واردات النفط الروسية المحظورة مؤخرًا إلى الولايات المتحدة ليست سهلة
- يتعذر على شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية زيادة إنتاجها
- من المتوقع أن تأخذ إدارة بايدن في الحسبان الجوانب السياسية والإستراتيجية
- يوجد تحالف تولى جميع العمليات بعد خروج الشركات المختلفة نتيجة العقوبات
- عودة فنزويلا إلى الأسواق تتطلب معالجة الأضرار الكبيرة التي لحقت بشركة النفط الوطنية
وسط العلاقات المتوترة التي طال أمدها بين الولايات المتحدة الأميركية وفنزويلا، أثارت أنباء الزيارة الأخيرة، التي قام بها اثنان من مسؤولي البيت الأبيض إلى كاراكاس كأول محادثات في السنوات الأخيرة، توقعات بشأن العودة الافتراضية للنفط الفنزويلي إلى الولايات المتحدة.
ورغم سعي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إيجاد مصادر جديدة لواردات النفط بعد فرض حظر على واردات النفط الروسية نتيجة الغزو ضد أوكرانيا، فإن احتمالية حدوث ذلك تواجه مشكلات تشغيلية ومالية وسياسية مختلفة تعرقل رفع العقوبات نهائيًا عن قطاع النفط الفنزويلي.
استبدال واردات النفط الروسية
من غير المحتمل أن تكون مهمة استبدال واردات النفط الروسية المحظورة مؤخرًا إلى الولايات المتحدة سهلة بسبب المشكلات التشغيلية والمالية القائمة، على الرغم من حصول شركة شيفرون الأميركية على موافقة لبدء تداول وشحن النفط الفنزويلي.
ونتيجة العقوبات المفروضة منذ فترة طويلة على شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية (بي دي في إس إيه)، يتعذر على الشركة زيادة إنتاجها النفطي الذي يبلغ متوسطه حاليًا بين 600 و700 ألف برميل يوميًا بناءً على التقارير الأخيرة لأوبك.
في المقابل، تأثرت المشروعات المشتركة التي كانت شيفرون شريكًا فيها لعقود من الزمن بشكل كبير نتيجة لهذه المشكلة التي لم يتم حلها بعد بسبب سنوات من سوء الإدارة والفساد والمحسوبية والتسييس وتدنّي أجور العمال.
يضاف إلى ذلك، مشكلات مصافي التكرير، مما يجعل من غير المحتمل على المدى القصير على الأقل أن تضيف شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية إنتاج كميات إضافية فوق ما تنتجه حاليًا.
ولن تساهم زيادة الإنتاج عن 200 إلى 300 ألف برميل يوميًا في إحداث اتجاه تصاعدي مستقر يمكن أن يتحول إلى انتعاش كبير في إنتاج الشركة.
- فنزويلا تعتزم التوسع في صادراتها النفطية بعد توقعات بتخفيف العقوبات الأميركية
- حكومة بايدن تدرس تجديد تراخيص شيفرون في فنزويلا
الاستثمارات الجديدة المحتملة
لكي تتمكن واشنطن من العودة إلى المشهد النفطي الفنزويلي متمثلًا في وجود شركات النفط الكبيرة والصغيرة مثل كونوكو وإكسون موبيل وغيرها، من المتوقع أن تأخذ إدارة بايدن في الاعتبار الجوانب السياسية والاستراتيجية وتواصل نهج مقايضة المصالح.
ويشمل ذلك المطالبة بتنازلات سياسية من فنزويلا مثل الإفراج عن السجناء السياسيين، وإجراء انتخابات رئاسية حرة على الأرجح في نهاية ولاية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وقضية شركة سيتغو ووضعها القانوني كونها جزءًا من شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية.
ويقع مقر شركة سيتغو في الولايات المتحدة وتخضع لإدارة الموظفين المعينين من جانب زعيم المعارضة خوان غوايدو، وسيلعب موضوع اعتراف واشنطن بخوان غوايدو دورًا في هذه المفاوضات في مقابل رفع العقوبات المفروضة على شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية.
تحييد الشركات الروسية والصينية
في سياق المحادثات الاستكشافية الأولى بين فنزويلا وواشنطن، التي أثارت تكهنات متزايدة حولها على الرغم من وضعها الأولي، يمكن أن تمثل قضية وجود الشركات الروسية والصينية في صفقات مع شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية عقبة أما رفع العقوبات.
وقد تسعى واشنطن في محاولتها التفاوض بشأن عودة شركات النفط في مقابل رفع كامل للعقوبات، إلى المطالبة إما تقليص حجم عمليات تلك الشركات، حيث يوجد تحالف تولى جميع العمليات بعد خروج الشركات المختلفة نتيجة العقوبات.
وتسيطر شركة روسارو بيزنفط الروسية على نحو 100.000 برميل من الإنتاج في مشروعات مشتركة مع شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية.
أسباب تراجُع الإنتاج
تمتلك الكيانات الرسمية الفنزويلية المختلفة مثل شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية حسابات مختلفة في البنوك الروسية، التي تخضع الآن لعقوبات واسعة من قبل واشنطن بعد غزو موسكو لأوكرانيا.
ومن المتوقع مراجعة الآليات المختلفة التي بموجبها ستعمل المشروعات المشتركة الجديدة المحتملة، إضافة إلى زيادة الإنتاج في ظل الظروف الحرجة الحالية للخدمات العامة.
يضاف إلى ذلك، انقطاع التيار الكهربائي والتقنين في مناطق العمليات البرية والبحرية، والسرقات المتكررة لمعدات ومواد النفط في المناطق النائية.
كل هذا أثر بشدة في تضاؤل إنتاج النفط في فنزويلا، حتى قبل أن تفرض إدارة ترمب السابقة العقوبات في عام 2018.
جدير بالذكر أن روسيا ملأت تدريجياً الفراغ الذي تركه حليفتها الرئيسة في أميركا الجنوبية –فنزويلا-، وعوضت صادرات النفط الفنزويلية إلى الولايات المتحدة نتيجة العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دومالد ترامب.
من ناحية ثانية، اعتادت شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية تصدير نحو 1 مليون برميل يوميًا إلى مصافي التكرير الأميركية قبل فرض العقوبات. وتراجعت تلك الصادرات نتيجة لعدد لا يحصى من المشكلات التي تواجه قطاع الهيدروكربون في فنزويلا.
وتُعد الاستثمارات المالية الكبيرة ضرورية لإضافة إنتاج جديد في فنزويلا، مع الأخذ في الاعتبار الخيارات المتاحة لدى المزيد من اللاعبين الناشئين في إنتاج النفط مثل كولومبيا وغيانا.
ويتطلب ملأ الفراغ الذي خلفه حظر واردات النفط الروسي إلى الولايات المتحدة معالجة الأضرار الكبيرة التي لحقت بإنتاج النفط في شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية.
تعزيز وتطوير القدرات التشغيلية الحقيقية الحالية
ستعتمد إمكانية عودة النفط الفنزويلي إلى السوق الأميركية في المقام الأول على تطوير وتعزيز القدرات التشغيلية الحقيقية الحالية لدى شركة النفط الوطنية الفنزويلية الحكومية.
وعلى البيت الأبيض وشركات النفط الأميركية مواصلة الاستثمار لدعم القدرات الإنتاجية النفطية في فنزويلا وخصوصًا في استكشاف الآبار الجديدة واستعادة إنتاج بعض الآبار المتهالكة.
ولا تزال التكهنات قائمة بشأن تقييم الاعتبارات الجيوسياسية والسياسية بين الولايات المتحدة وفنزويلا، وعودتها إلى سوق النفط الأميركية.
*محلل المخاطر السياسية في قطاع الطاقة وخصوصًا البيئة الجيوسياسية لروسيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية. وتنشر "الطاقة" هذا المقال بعد موافقة الكاتب.
اقرأ أيضًا..
- مفاجأة.. هل حقق العراق البارحة أعلى عائدات نفطية في تاريخه؟
- كيف ستتأثر روسيا بقطع إمداداتها من الغاز عن أوروبا؟
- حقل أنشوا 2 المغربي.. بيان عاجل من شاريوت يحمل أنباء سارة