أزمة روسيا وأوكرانيا تؤكد حاجة أميركا وأوروبا لإبرام صفقة طاقة كبرى
بسبب حاجة القارة إلى مصادر صديقة وآمنة للطاقة
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
يبرز سلاح الطاقة بشكل قوي مع اشتعال أزمة روسيا وأوكرانيا، كون موسكو منتجًا ومصدّرًا رئيسًا للوقود الأحفوري، ومع اعتماد أوروبا على النفط والغاز الروسي؛ الأمر الذي يؤكد أهمية وجود صفقة طاقة كبرى بين الولايات المتحدة والقارة العجوز.
وأصبحت القارة الأوروبية تدرك أهمية وجود مصادر صديقة وآمنة للطاقة، بدافع الفوضى التي خلّفتها أزمة روسيا وأوكرانيا، وفق مقال رأي لمحللة الاقتصاد العالمي، رنا فوروهار، نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
ورأت الكاتبة أنه من مصلحة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الاتفاق معًا حول الأمن الاقتصادي وتحقيق التنافس في عالم أصبح أكثر استقطابًا.
الحرب فرصة لعقد صفقة
ترى كاتبة المقال أن إبرام صفقة بين أميركا وأوروبا لا يقتصر فقط على مصادر آمنة للطاقة، بل يتطلب مسارًا واضحًا لتحقيق الحياد الكربوني والاستثمار في التقنيات النظيفة، التي ستقود إلى توفير وظائف وتحقيق نمو اقتصادي.
وتؤكد أن أزمة روسيا وأوكرانيا الراهنة فرصة أمام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للتوصل إلى صفقة كبرى بشأن أمن الطاقة وتغيرات المناخ، مشددة على ضرورة عدم تأخير إبرام تلك الصفقة في الوقت الحالي.
وتشير إلى أن المشكلة الأكثر إلحاحًا حاليًا مع الحرب، هي اعتماد القارة الأوروبية على النفط والغاز الروسي، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى الإدراك أخيرًا بأنه لا مفر من الاعتماد على الطاقة الروسية.
وبحسب المقال؛ تسرع دول الاتحاد الأوروبي من الانتقال لبدائل الوقود الأحفوري، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن إنكار حقيقة أن تلك الدول ستحتاج إلى الوقود الأحفوري لسد الفجوة خلال السنوات القليلة المقبلة.
وتساءلت الكاتبة عما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة تصدير المزيد من الوقود الأحفوري إلى دول القارة العجوز، وفق المقال الذي نقلته صحيفة فايننشال تايمز.
تحول كبير في سياسة بايدن
وفقًا للكاتبة، تأمل الولايات المتحدة في تصدير المزيد من الوقود الأحفوري إلى دول الاتحاد الأوروبي، مستشهدة بدعوة وزيرة الطاقة الأميركية، جينيفر غرانهولم، لشركات النفط خلال مؤتمر "سيراويك" بحفر المزيد من الحقول.
وهو ما اعتبرته "رنا فوروهار" تحولًا كبيرًا في سياسة الرئيس، جو بايدن، الذي بنى حملته الانتخابية على الانتقال للطاقة الخضراء؛ إذ يرى الديمقراطيون أن أزمة روسيا وأوكرانيا والتداعيات العالمية أكثر أهمية الآن من القيود البيئية على الأقل في المدى القصير.
في المقابل، يلقي الجمهوريون باللوم على قيود بايدن بشأن التنقيب عن الوقود الأحفوري، والتي كانت سبب ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة.
وهو ما اعتبره المقال أمرًا قد يضر بالرئيس الأميركي في انتخابات التجديد النصفي المقبلة المزمع عقدها نوفمبر/تشرين الثاني.
تحدي الاستثمار
يشير المقال إلى أن قطاع الطاقة في بورصة وول ستريت شهد انخفاضًا مؤخرًا؛ إذ يمر بمدد طفرة وكساد في الإنفاق الرأسمالي اعتمادًا على تحركات سعر برميل النفط.
كما تسبب التحرك نحو تقنيات الطاقة النظيفة في تفضيل المنتجين مدفوعات توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم بدلًا من حفر المزيد من حقول النفط والغاز.
ونقل المقال بيانات لموقع "غلوبال إنرجي مونيتور"، توضح توقف مشروعات للغاز المسال في أميركا تبلغ قيمتها 244 مليار دولار، بسبب عدم وجود ممولين ومشترين.
واعتبرت الكاتبة ذلك بمثابة دليل على أن المستثمرين ليسوا مهتمين، وهو ما يرجع جزئيًا إلى أن عصر الوقود الأحفوري في طريقه للزوال -بحسب رؤيتها-.
ومع استمرار أزمة روسيا وأوكرانيا، يتعرض توجه المستثمرين إلى وقف تمويل مشروعات الوقود الأحفوري للهجوم باعتباره قرارًا غير وطني.
وفي الوقت الذي تعيش فيه الدول الأوروبية حالة من التردد حيال الاستثمار في الوقود الأحفوري؛ فإنها تستورد مزيدًا من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة.
وبالفعل بدأت ألمانيا بناء المزيد من المحطات لاستقبال الغاز المستورد، حسب المقال.
عدم عرقلة الطاقة النظيفة
دعت الكاتبة إلى ضرورة عدم عرقلة الأزمة الأخيرة قصيرة المدى الهدف المتمثل في التحول للطاقة النظيفة؛ إذ ستساعد على توفير فرص العمل مع الابتكار.
وترى أن ذلك يتطلب أن يكون هناك تعاون بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية، خصوصًا فيما يتعلق بكيفية قياس غازات الاحتباس الحراري، وتحديد سعر سوق الكربون.
وعلى الرغم من صعوبة تحديد سعر الكربون المشترك على الفور؛ فإنه يمكن للولايات المتحدة وأوروبا الاتفاق على منهجية واحدة لقياس غازات الاحتباس الحراري.
كما يمكنهم كذلك تقديم التزامات مشتركة للبحث والتطوير في مجال الطاقة المتجددة، وأن يجتمعوا أيضًا على إستراتيجية لصناعة البطاريات الخضراء.
ودعت أيضًا إلى وجود خطة لكيفية نقل عمال الوقود الأحفوري الأميركيين إلى وظائف جديدة في مجال التكنولوجيا النظيفة.
وتؤكد "رنا فوروهار" أن هناك الكثير من الأمور التي يجب فعلها في ذلك الإطار، ولكن التفكير بشكل كافٍ -مع عدم التضحية بمستقبل الكوكب- هو السبيل لتجاوز أزمة روسيا وأوكرانيا.
موضوعات متعلقة..
- هل يشعل بايدن سعر البنزين والمشتقات النفطية في أميركا؟ (تقرير)
- تخزين الغاز في أوروبا يشهد نشاطًا ملحوظًا وسط زيادة الاحتياطيات
- كم تبلغ حصة أوروبا من صادرات الطاقة الروسية؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- قطر تدشن مشروعًا جديدًا لزيادة صادراتها من الغاز المسال - الطاقة
- الطاقة المتجددة في المغرب تعوض غياب إمدادات الغاز الجزائري
- أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى في أسبوعين.. وخام برنت يسجل 101 دولارًا