الفحم والغاز يهددان تحول الطاقة في ألمانيا بحلول 2030
في ظل ارتفاع أسعار الكهرباء وغلق محطات الطاقة النووية
هبة مصطفى
رغم الخطط الألمانية الطموحة لتحقيق أهداف مهمة في رحلة تحول الطاقة بحلول 2030؛ فإنه ما زال احتمال مرافقة الفحم والغاز لتلك الرحلة قائمًا بقوة حتى نهاية العقد الجاري.
وتسعى الحكومة الألمانية الجديدة، برئاسة المستشار أولاف شولتس، إلى تعزيز حصة الطاقة المتجددة ضمن مستهدفاتها لمزيج الكهرباء بحلول عام 2030، إلا أنها تصطدم بواقع عدم قدرتها على التخلي عما يقدر بـ"ربع" مخزون الفحم، رغم إعلان عدة دول أوروبية خططها للتخلص منه.
ويظل الوضع الشائك لملفي الفحم والغاز في رحلة تحول الطاقة بألمانيا، رغم تحديد مستهدفات طموحة تُقدر بضعف مستهدفات الحكومة السابقة برئاسة أنغيلا ميركل.
الفحم رفيق الرحلة
تصطدم الخطط الطموحة المعلنة لرحلة تحول الطاقة في ألمانيا بواقع استمرار احتياجها إلى الفحم والغاز، خلال العقد الجاري، بصورة كبيرة، خاصة بعد التخلي عن 12% من مزيج الكهرباء المُنتجة عبر الطاقة النووية عقب إغلاق تلك المحطات العام الجاري.
وتتوافق تلك التوقعات مع إقدام الحكومة الألمانية على بناء محطة فحم جديدة عام 2020، وفي خضم ذلك سجل الطلب الألماني على الفحم لتوفير إمدادات الكهرباء طلبًا متزايدًا.
وكشفت توقعات رابطة مستوردي الفحم واتحاد الصناعات الألمانية عن أن واردات الفحم الصلب سترتفع إلى 42 مليون طن بنسبة 7.7% خلال عام 2022 الجاري، وهو الأمر الذي تكرر العام الماضي بارتفاع واردات الفحم بنسبة 24.5% عن العام السابق له؛ إذ تُعد ألمانيا أكبر مستوردي الفحم في أوروبا.
وتسبب ارتفاع أسعار الغاز في تسجيل حصة الكهرباء المُنتجة عبر الفحم أعلى مستوياتها في 8 سنوات، حسبما أشارت بيانات معهد فراونهوفر "أي إس إي" في يونيو/حزيران العام الماضي.
- تزايد الطلب على الفحم في ألمانيا رغم خطط التحول إلى الطاقة المتجددة
- خط يامال-أوروبا.. ألمانيا تتحدى روسيا وتعكس إمدادات الغاز إلى بولندا
الغاز ونورد ستريم2
بينما تحاول الحكومة الجديدة لشولتس الانحياز لدعم الطاقة المتجددة والتخلي عن الوقود الأحفوري، وتُخطط لمضاعفة مستهدفات تحول الطاقة، تواجه الحكومة حقيقة استمرار حاجتها إلى الغاز الطبيعي للتغلب على الأسعار المرتفعة للكهرباء في أنحاء أوروبا كافة.
وبينما تُركز الحكومة على خطط تحول الطاقة وتتبنى مستهدفات مضاعفة، يجري الحديث عن خطط تطوير خطوط أنابيب الغاز بدلًا من إعلان خطط وقف تشغيلها، وفق صحيفة ريثينك ريسيرش بيز.
ورغم أن مساهمة الغاز لم تتخطَّ 15% في مزيج الكهرباء الألماني العام الماضي؛ فإنه -بخروج حصة الطاقة النووية من المزيج- تصبح حقيقة عدم القدرة على التخلي عن الغاز في التوقيت ذاته حقيقة مباشرة.
وهنا يبرز المشروع الروسي الضخم لخط أنابيب الغاز نورد ستريم2، الذي طالته العقوبات الألمانية على روسيا وقررت تجميده وعدم اعتماده عقب اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمنطقتين انفصاليتين وغزو أوكرانيا.
وتحاول الدول الأوروبية التغلب على احتياجها لإمدادات الغاز في ظل تجميد نورد ستريم2 وتأثر الإمدادات الروسية بغزو أوكرانيا، عبر إقرار "التدفق العكسي" وبيع ألمانيا الغاز الروسي مرة أخرى إلى دول أوروبية بالأسعار الأوروبية؛ ما دفع بوتين لاتهام برلين بالوقوف وراء أزمة أسعار الغاز الأوروبية.
الطاقة الشمسية وتحول الطاقة
سبق لألمانيا أن أعلنت مستهدفات تحول الطاقة بحلول عام 2030، من ضمنها زيادة مساهمة الطاقة الشمسية إلى 200 غيغاواط، ارتفاعًا من 59 غيغاواط حاليًا، والرياح البحرية إلى 30 غيغاواط من 8 غيغاواط حاليًا.
وفيما يتعلق بالهيدروجين تستهدف ألمانيا الحصول على 10 غيغاواط، ورفع قدرة طاقة الرياح من 20 غيغاواط إلى 100 غيغاواط، بجانب التخلي عن 40 غيغاواط تحصل عليها ألمانيا عبر محطات الفحم، وفق صحيفة كلين تكنيكا.
ويبرز التساؤل حول دور الطاقة الشمسية باعتبارها بديلًا يوفر إمدادات الكهرباء، خاصة أن معدلات تطور الطاقة الشمسية في ألمانيا تنخفض عن المتوسطات العالمية، لكن هل خطط تطوير مشروعاتها وتقنياتها حاليًا في ألمانيا تسمح بالتوسع للاستغناء عن الفحم والغاز؟
لتحقيق ذلك، ولتنفيذ مستهدفات تحول الطاقة الطموحة لدرجة الضعف في خطط الحكومة الحالية، توالت مقترحات عدة من ضمنها تعميم تركيب الأنظمة الشمسية والألواح على الأسطح، وتطويرها بصورة إلزامية خاصة في المباني الجديدة والتجارية، وترجيحها للمباني السكنية.
وتَدعم خطط نشر الطاقة الشمسية السنوية تحقيق مستويات جيدة بحلول 2030؛ إذ تشير التوقعات إلى مساهمتها في تدفئة المنازل بنسبة 50%، وتوفيرها 80% من الكهرباء النظيفة.
اقرأ أيضًا..
- التحول الأخضر يتصدر أولويات سياسة الطاقة في الاتحاد الأوروبي (مقال)
- إجراء عقابي.. بي بي البريطانية تبيع حصتها في روسنفط الروسية
- خدعة محطات الفحم.. شركات أوروبية تتحايل على إجراءات خفض الانبعاثات