هل تؤدي شاحنات الهيدروجين دورًا في تشغيل سلاسل التوريد المستقبلية؟
في ظل أزمة عالمية سببها جائحة كورونا
نوار صبح
- خلايا وقود الهيدروجين تمثّل وسيلة بديلة للكهرباء ضمن تحول الطاقة في قطاع النقل
- تنتج المركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين انبعاثات تقتصر على الماء
- 1 كغم من الهيدروجين يولّد كمية الكهرباء نفسها التي يولدها غالون من الديزل
- تسيير 60 ألف شاحنة هيدروجين على الطرق الأوروبية بحلول عام 2030
- تضيع كمية كبيرة من الطاقة في أثناء التحليل الكهربائي للماء لصنع الهيدروجين وتبريده ونقله
تقدم خلايا وقود الهيدروجين وسيلة بديلة للكهرباء في سياق تحول الطاقة في قطاع النقل وإزالة الانبعاثات من سلاسل التوريد، لكن الكهرباء -في هذه الحالة- لا تأتي من التيار الكهربائي وإنما تُوَلَّد نتيجة ربط الهيدروجين المخزن في المركبة بخلية كهروكيميائية.
وتنتج المركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين انبعاثات من أنبوب العادم تقتصر على الماء، ويمكن إعادة التزوّد بالهيدروجين بأسرع من تعبئة المركبات التقليدية، بالإضافة إلى توفير كمية كبيرة من الكهرباء في أثناء التشغيل، حسبما نشر موقع "إنرجي مونيتور".
ويمكن لـ1 كغم من الهيدروجين توليد كمية الكهرباء نفسها التي يولّدها غالون (3.78 لتر) من الديزل.
وفي ظل الأزمة التي تشهدها سلاسل التوريد في العالم، وتداعيات تفشي جائحة كوفيد-19 التي أسفرت عن انخفاض الطلب في أثناء عمليات الإغلاق في عام 2020، تتوالى الأخبار عن طوابير السفن التي تصطف لدخول المواني وحاويات الشحن الفارغة والمتكدسة.
ولا يقتصر الأمر على قطاع النقل البحري فحسب، فقد حذرت منظمة العمل الدولية، في نهاية العام الماضي، من أن سلاسل توريد الشحن البري شهدت سلسلة من قيود جائحة كوفيد-19 ونقصًا في عدد السائقين وزيادات كبيرة في أسعار الوقود.
جدير بالذكر أن تداعيات تفشي جائحة كورونا سلطت الضوء على مدى ضعف الاقتصاد أمام الصدمات الكبرى، إذ يُتوقَّع ظهور مزيد من الصدمات في السنوات المقبلة في سياق التحول السريع للطاقة العالمية، الذي يغير الأنظمة والتقنيات القائمة منذ عقود.
الاستجابة إلى تحول الطاقة
يقول المدير التنفيذي لجمعية الشحن الدولية البريطانية، روبرت وندسور: إن تحول الطاقة مهم للغاية، وإن بعض الشركات متعددة الجنسيات تتشارك في تجارب التكنولوجيا الجديدة، لكن العديد من الشركات لا تزال تحاول تحديد الآثار العملية لكيفية تأثيرها في أعمالها.
ويرى الأستاذ في كلية إمبريال كوليدج للأعمال بلندن البروفيسور، إدوارد أندرسون، أن تحول الطاقة سيزيد تعقيد عملية الحصول على الطاقة وتقلباتها.
ويضيف أن ذلك يرجع إلى ارتفاع حصة مصادر الطاقة المتجددة المتغيرة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فضلًا عن سلاسل توريد المعادن وأنظمة التوازن المعقدة، مشيرًا إلى أن كل عنصر من مكوّنات تحول الطاقة يمثل عامل تعطيل محتمل.
وانطلاقًا من أهمية إزالة الكربون عن قطاع النقل، أعلن الاتحاد الأوروبي رغبته في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الشاحنات بمقدار الثلث بحلول عام 2030 عن مستويات عام 2019، الأمر الذي حفّز شركات تصنيع المركبات الثقيلة في العالم على تطوير نماذج جديدة مستقبلية.
دور الهيدروجين
يسود اعتقاد بين المحللين بأن المركبات الكهربائية ستهيمن على سوق نقل الركاب في المستقبل، وتكافح الشركات العملاقة المصنِّعة للمركبات لتحقيق هذا الهدف، رغم أن استخدام البطاريات في التشغيل يُعدّ أكثر تعقيدًا بالنسبة إلى المركبات الثقيلة، حسبما نشر موقع "إنرجي مونيتور".
ويمكن لبطارية أيون الليثيوم تشغيل شاحنة تزن 44 طنًا، ما يقلل إلى حد كبير من المساحة المتاحة للشحن.
ويُضاف إلى ذلك أن تقنية البطاريات الحالية تتمتع بنطاق محدود ووقت شحن طويل، ما قد يؤثر في صافي أرباح شركات النقل.
تُجدر الإشارة إلى أن مصنِّعي المركبات الآسيويين يحتلون مرتبة الصدارة في سوق وسائط النقل العاملة بوساطة الهيدروجين، فقد أطلقت مجموعة هيونداي الكورية الجنوبية شاحنة هيونداي إكسيونت في السوق العام في عام 2020.
ويمكن للشاحنة إكسيونت السفر لمسافة 250 ميلًا (402 كيلومتر) عند امتلاء خزانها الذي يستغرق ملؤه من 8 إلى 20 دقيقة.
ويوجد مشروع تجريبي مستمر في سويسرا، إذ يُتنازل عن ضريبة الطرق للمركبات الخالية من الكربون، وتوفر الطاقة الكهرومائية كهرباء موثوقة خالية من الكربون، وتتولى شاحنات إكسيونت عمليات التسليم لـ7 متاجر سوبر ماركت وشركات لوجستية.
ومن المقرر أن تسلّم الشركة 1600 شاحنة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين إلى البلاد بحلول عام 2025.
تطوير البنية التحتية للهيدروجين
تستعد الحكومات الأوروبية لتسيير شاحنات الهيدروجين على الطريق، وقالت مفوضة النقل في الاتحاد الأوروبي، أدينا فوليان، في ديسمبر/كانون الأول 2021، إن المفوضية الأوروبية تتوقع تسيير 60 ألف شاحنة هيدروجين على الطرق الأوروبية بحلول عام 2030.
ومن جهتها، أعلنت إستراتيجية الهيدروجين في المملكة المتحدة، التي نُشرت في صيف 2021، أن مجلس الوزراء سيشارك بمجموعة من أنشطة البحث والابتكار التي ستركز على وسائط النقل التي يصعب نزع الكربون منها، مثل الشحن البري الثقيل.
ويتمثّل أحد التحديات الرئيسة حول إنشاء أنظمة نقل الهيدروجين في الحاجة إلى إمدادات الهيدروجين، إذ ينبغي أن يكون الهيدروجين نظيفًا لكي يُسهم في تحول الطاقة.
وقد تعرّض الاتحاد الأوروبي لانتقادات بسبب عدم التوسع الكافي في نشر نقاط شحن المركبات الكهربائية، إذ يتوفر نحو 225 ألف جهاز شحن عام في جميع أنحاء القارة في نهاية عام 2021.
وتُعدّ هذه الأرقام واعدة مقارنة بنقاط التزود بوقود الهيدروجين، إذ سجّلت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا مجتمعة 218 نقطة فقط، في نهاية عام 2020.
داعمو استخدام البطاريات
يعتقد بعض المحللين أن الهيدروجين يمكن أن يؤدي دورًا في سوق الشاحنات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن نشر البنية التحتية للإنتاج والتزود بالوقود غير مكتمل.
وتظل المركبات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود أغلى ثمنًا من المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، التي أُنفِق الكثير من الأموال عليها على مر السنين.
ومن ناحية ثانية، يُعدّ الهيدروجين وقودًا غير فاعل مقارنة بالكهرباء التي تُوفّر مباشرة للمركبة، وتضيع كمية كبيرة من الطاقة في عملية التحليل الكهربائي للماء لصنع الهيدروجين وتبريده ونقله، ثم تحويل الوقود مرة أخرى إلى كهرباء.
ويقدّر المحاضر من جامعة أبردين البريطانية، توم باكستر، أن فاعلية وقود الهيدروجين لا تتجاوز 38%.
وبما أن الهيدروجين مادة تسبّب التآكل وقابلة للاشتعال بدرجة كبيرة، يصبح نقل الوقود معقدًا دون تحويله إلى الأمونيا أو الميثانول.
ووفقًا لتحليل 2021 من وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، يُصنَع 0.1% فقط من الهيدروجين المنتج حاليًا في العالم من مصادر الكهرباء المتجددة، ولا تزال الغالبية العظمى من الهيدروجين تُصنَع من خلال إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار كثيف الكربون.
اقرأ أيضًا..
- البنزين المغشوش.. نيجيريا تتخذ عدة إجراءات لضبط سوق الوقود
- رينو وريفيان تدعمان وقف التعدين في أعماق البحار
- محتجون ضد التنقيب عن الليثيوم ينصبون الخيام أمام مبنى رئاسة صربيا (صور)