الطاقة الشمسية في أميركا تتصدر مزيج الكهرباء في 2022.. فهل تستطيع خفض الانبعاثات؟

تواجه الولايات المتحدة معضلة كبرى خلال السنوات المقبلة، فرغم أن الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، ستتصدّر مزيج الكهرباء في عام 2022، هناك شكوك من أنها لن تستطيع السيطرة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

فوفقًا لأحدث تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، من المتوقع أن تمثّل الطاقة الشمسية قرابة نصف إضافات سعة توليد الكهرباء في الولايات المتحدة خلال عام 2022، يليها الغاز الطبيعي بنسبة 21% وطاقة الرياح بنسبة 17%.

لكن رغم الاتجاه الحالي لزيادة مصادر الطاقة المتجددة، فإن انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة ارتفعت بنسبة 6% تقريبًا في عام 2021 مع انتعاش الاقتصاد من جائحة كورونا.

ومع تعليق مشروع قانون "إعادة البناء بشكل أفضل" الذي اقترحه الرئيس الأميركي جو بايدن، ما زال الوضع مبهمًا حول قدرة الولايات المتحدة على الوفاء بتعهّد خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 خلال قمة كوب 26، حسب موقع رنيو إكونمي.

الطاقة الشمسية تتفوق

تتوقع إدارة معلومات الطاقة إضافة 46.1 غيغاواط إلى شبكة الكهرباء في عام 2022.

وستمثّل الطاقة الشمسية على نطاق المرافق 21.5 غيغاواط، متجاوزةً 15.5 غيغاواط في العام الماضي، وستكون أغلب هذه الإضافات في ولاية تكساس بنحو 6.1 غيغاواط أو 28% من الإجمالي الوطني، وتليها ولاية كاليفورنيا بقرابة 4 غيغاواط.

وهذه الإحصاءات لا تشمل الطاقة الشمسية الموزعة (صغيرة الحجم) الآخذة في الارتفاع -أيضًا-.

• معدل قياسي خادع لخفض الانبعاثات في الولايات المتحدة

في حين بلغت قدرة طاقة الرياح في عام 2021 17.1 غيغاواط، ومن المقرر تشغيل 7.6 غيغاواط خلال العام الجاري، وستستحوذ ولاية تكساس على أكثر من نصف السعة المضافة.

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، من المتوقع أن يوفر الغاز الطبيعي 9.6 غيغاواط من السعة المضافة، وستتمركز أغلبها في 4 ولايات، وهي أوهايو وفلوريدا وميشيغان وإلينوي.

في الوقت نفسه، ستزداد سعة تخزين البطاريات على نطاق المرافق بمقدار 5.1 غيغاواط في عام 2022 مع استمرار انخفاض التكاليف.

ومع تشغيل مفاعلين جديدين في محطة فوغلي للطاقة النووية بولاية جورجيا خلال عام 2022، ستضيف الطاقة النووية قرابة 5% إلى السعة الجديدة.

وبالنسبة للفحم، ستنخفض نسبة اعتماد البلاد عليه حتى مع الانتعاش المؤقت خلال العام الماضي.

فالمحطات التي تعمل بالفحم ستشكّل 85% من إجمالي السعة المخطط إغلاقها من توليد الكهرباء خلال العالم الحالي.

ومن المقرر إغلاق 14.9 غيغاواط من سعة توليد الكهرباء في الولايات المتحدة خلال الأشهر المقبلة.

ومع تقادم محطات الفحم الحالية في الولايات المتحدة، تواجه هذه المحطات القديمة والمسببة للتلوث منافسة شرسة من مصادر الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الضغط المتزايد لخفض الانبعاثات.

هل سيكون خفض الانبعاثات صعبًا؟

على الرغم من أن مزيج توليد الكهرباء في الولايات المتحدة يتجه إلى استخدام الطاقة النظيفة، فإن خفض الانبعاثات سيكون صعبًا.

وحتى مع انتقال قطاع الكهرباء إلى الطاقة المتجددة والنووية، فإن قطاعات النقل والتدفئة والصناعة ستستمر في انبعاث الكربون لحين الاعتماد على الطاقة الكهربائية.

وفي عام 2021، أدى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى زيادة استهلاك الفحم في محطات الكهرباء الحالية.

ومنذ بداية ولايته، قدّم الرئيس الأميركي جو بايدن مشروع قانون "إعادة البناء بشكل أفضل" قيمته 1.7 تريليون دولار أميركي، مع تخصيص 555 مليار دولار أميركي للقضايا المناخية، و320 مليار دولار للطاقة النظيفة وائتمانات ضرائب السيارات الكهربائية على مدى السنوات الـ10 المقبلة.

لكن من المتوقع أن يواجه بايدن معركة شاقة في سبيل الوفاء بتعهدات كوب26، ويرجع ذلك إلى حالة الانقسام داخل مجلس الشيوخ الأميركي بنسبة 50-50 بين الحزبين.

بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمال فقدان الديمقراطيين السيطرة على مجلس الشيوخ مع إجراء انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

كما إن هناك حدودًا لصلاحيات الرئيس بايدن المتعلقة بالأوامر التنفيذية أو التغيير في اللوائح.

ومن بين التحديات الأخرى، انحياز قاضٍ فيدرالي بولاية لويزيانا إلى 13 ولاية جمهورية طعنت في قرار بايدن لمنع عقود إيجار النفط والغاز على الأراضي الفيدرالية في يونيو/حزيران الماضي.

ومع ارتفاع أسعار النفط والغاز والبنزين خلال عام 2021، تخلّى بايدن عن معارضته لزيادة إنتاج النفط والغاز الأميركي خلال حثّه قادة العالم على وقف حرق الوقود الأحفوري.

وأصبح الرئيس بايدن في موقف لا يُحسد عليه بعد أيام قليلة من عودته من قمة المناخ كوب26، إذ باعت وزارة الداخلية قرابة 80 مليون فدان بخليج المكسيك في مزاد علني، وهو رقم قياسي جديد للتنقيب البحري.

ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى استخراج 1.12 مليار برميل من النفط و4.4 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي خلال مدة الإيجار البالغة 50 عامًا.

وزاد الوضع سوءًا بعد تعليق قانون "إعادة البناء بشكل أفضل" في مجلس النواب الأميركي بسبب معارضة السيناتور الديمقراطي جو مانشين، ورفع عدد من الولايات التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري وشركات الفحم قضية إلى المحكمة العليا تدّعي بأن وكالة حماية البيئة التابعة لبايدن قد تجاوزت سلطتها في محاولات خفض انبعاثات الكربون.

هل يحمي جو مانشين شركات الفحم؟

بعد أن أحبط السيناتور جو مانشين تمرير مشروع القانون والتوقيع عليه في مجلس الشيوخ في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حثّه اتحاد عمّال المناجم في أميركا، الذي يمثّل عمّال مناجم الفحم في ولاية فرجينيا الغربية، على إعادة النظر في معارضته خطّة بايدن.

وأشار اتحاد العمّال إلى أن مشروع القانون يتضمن تمديد عمل صندوق يوفر مزايا لعماّل مناجم الفحم الذين يعانون من مرض الرئة السوداء (سحار عمّال الفحم)، والذي من المقرر أن ينتهي نهاية العام، إلى جانب الحوافز الضريبية التي تشجع الاستثمار في حقول الفحم المهجورة، والتي قد توظف الآلاف من عمّال المناجم الذين فقدوا عملهم.

وأعرب رئيس الاتحاد، سيسيل روبرتس، عن خيبة أمله إزاء عدم تمرير مشروع القانون، قائلاً: "نحثّ السيناتور مانشين على إعادة النظر في معارضته، والعمل مع باقي الأعضاء لتمريره، وسيساعد ذلك في استمرار عمل العمّال، وسيكون له أثرٌ مُجدٍ على أعضاء الاتحاد وعائلاتهم والمجتمع".

• توليد الكهرباء في أميركا.. الطاقة الشمسية قد تُشكل نصف السعة المضافة

ويبدو أن مانشين، الذي يمتلك أسهمًا في شركة وساطة للفحم، أكثر اهتمامًا بمساعدة شركات تعدين الفحم.

كما يبدو أن هدف خفض الانبعاثات في الولايات المتحدة إلى النصف بحلول عام 2030 بعيد المنال دون دعم الكونغرس.

فمن المتوقع أن يحظى الرئيس بايدن بتأييد أقلّ بعد انتخابات التجديد النصفي، ومن ثم سيصبح عاجزًا عن تمرير أيّ تشريع جديد، وسيؤثّر ذلك في إحراز أيّ تقدّم بقطاعي الطاقة والبيئة خلال السنوات المقبلة.

اقرأ أيضًا..

• الغاز القطري.. الكشف عن شروط الدوحة لتأمين إمدادات طارئة إلى أوروبا
• وكالة الطاقة الدولية تتوقع تباطؤ نمو الطلب على الغاز عالميًا في 2022
• إنتاج النفط والغاز في الجزائر يشهد قفزة في 2021