صراع حول الطاقة الشمسية المنزلية في كاليفورنيا
دينا قدري
قادت كاليفورنيا الولايات المتحدة الأميركية في وضع أهداف وسياسات طموحة لتغير المناخ، إلا أن الصراع حول الطاقة الشمسية على الأسطح يهدد بتراجع مكانتها بين الولايات المختلفة.
إذ تشهد الولاية تنافسًا حول من سيبني اقتصاد الطاقة الخضراء، ويحصد أرباحًا بمليارات الدولارات من هذه الاستثمارات: المرافق أم الشركات الصغيرة التي تقوم بتركيب الألواح الشمسية والبطاريات في المنازل؟
وكافح المنظمون لإيجاد توازن بين تشجيع الطاقة الشمسية على الأسطح والحفاظ على أسعار الكهرباء في متناول الجميع، منذ أن أطلق الحاكم الجمهوري أرنولد شوارزنيغر مبادرة "مليون سقف للطاقة الشمسية" في الولاية عام 2006.
يتلخص الخلاف في سؤالين: كم يجب أن يُدفع لأصحاب المنازل مقابل الكهرباء الزائدة التي ترسلها الألواح الشمسية إلى الشبكة، والمبلغ الذي يجب أن يدفعه مستخدمو الطاقة الشمسية على الأسطح لتشغيل الشبكة، حسبما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز".
غضب وضغوط
حددت ولاية كاليفورنيا هدفًا يتمثل في توفير طاقة نظيفة بنسبة 100% بحلول عام 2045، واستمرت أعمال الطاقة الشمسية على الأسطح في النمو لسنوات، بنسبة تصل إلى 62% سنويًا.
أثار ذلك غضب المرافق ونقاباتها العمالية -التي سيطرت لمدة طويلة على إنتاج وبيع وتوزيع الكهرباء-، وضغطوا على قادة الدولة لكبح جماح أعمال الطاقة الشمسية على الأسطح، وهو جهد على وشك النجاح.
قال بعض خبراء الطاقة، إن الصراع الداخلي لا يمكن أن يأتي في وقت أسوأ من ذلك؛ إذ تعثّر الجهد التشريعي للرئيس بايدن لتحريك البلاد نحو الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية في الكونغرس، حتى مع انتشار الكوارث الطبيعية وموجات الحرارة المرتبطة بكوكب الاحترار.
وقفزت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة -التي انخفضت بشكل حادّ في عام 2020 بسبب الوباء- بنسبة 6.2% العام الماضي.
تحرّك لجنة المرافق العامة
تُعدّ كاليفورنيا رائدة -على نطاق واسع- في سياسة الطاقة والمناخ، إذ تُعدّ قراراتها مهمة خارج أراضيها، لأن الولايات الأخرى والحكومة الفيدرالية غالبًا ما تنسخها.
وتخطط لجنة المرافق العامة في كاليفورنيا للتصويت في الأسابيع القليلة المقبلة للحدّ من نمو الطاقة الشمسية في الولاية، والتي أضافت منها أكثر من أيّ ولاية أخرى.
واقترحت اللجنة تقليص الحوافز التي يتلقّاها أصحاب المنازل لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية على الأسطح.
ويجادل المسؤولون بأن التغييرات ستساعد في تقليل فواتير الخدمات للسكان ذوي الدخل المنخفض بنحو 10 دولارات شهريًا، عن طريق إجبار مستخدمي الطاقة الشمسية على الأسطح على دفع رسوم أعلى لدعم شبكة الكهرباء.
ويقول محللون في بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش، إن الاقتراح سيؤدي إلى انخفاض سنوي بنسبة 20% في أنظمة الطاقة الشمسية الجديدة على الأسطح في كاليفورنيا العام المقبل، قبل أن تبدأ في التعافي.
ويتوقع ممثلو أعمال الطاقة الشمسية انخفاضًا بنسبة تصل إلى 80%.
خفض الائتمانات.. والألواح الشمسية
سيجبر الاقتراح ولاية كاليفورنيا على الاعتماد بشكل أكبر على منشآت الطاقة الكبيرة، بما في ذلك مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وخطوط النقل لمسافات طويلة التي تديرها مرافق مثل باسيفيك غاس آند إلكتريك وساوثرن كاليفورنيا إديسون.
كل واط من الكهرباء لا يُنتَج على سطح المنزل، سيجري إنتاجه ونقله بواسطة المرافق أو شركات الكهرباء بالجملة.
يقول بعض خبراء الطاقة، إن المرافق لن تكون قادرة على إنتاج أو شراء ما يكفي من الطاقة المتجددة لتعويض ما يمكن أن يضيع من انخفاض الألواح الشمسية على الأسطح، التي وفرت 9% من كهرباء الولاية في عام 2020، أي أكثر من الطاقة النووية والفحم مجتمعين.
لا يزال الأشخاص الذين يركّبون الألواح الشمسية على أسطحهم أو ممتلكاتهم متصلين بشبكة الكهرباء، لكنهم يتلقّون ائتمانًا على فواتيرهم مقابل الكهرباء التي ينتجونها بما يتجاوز ما يستخدمونه.
سيخفض اقتراح كاليفورنيا قيمة هذه الائتمانات، التي تعادل تقريبًا أسعار الكهرباء بالتجزئة، بنحو 87%. بالإضافة إلى ذلك، سيفرض الإجراء رسمًا شهريًا جديدًا على مالكي الألواح الشمسية في المنازل بنحو 56 دولارًا لنظام الأسطح النموذجي.
ستقفز التكلفة الشهرية للطاقة الشمسية والكهرباء لأصحاب المنازل الذين لديهم نظام أسطح متوسط تخدمهم "باسيفيك غاس آند إلكتريك"، أكبر مرفق في الولاية، إلى 215 دولارًا، من 133 دولارًا، وفقًا لجمعية كاليفورنيا للطاقة الشمسية والتخزين.
الطاقة الشمسية والأجور
يخشى العديد من أعضاء النقابات -وهم دائرة انتخابية مهمة للديمقراطيين- من التخلف عن الركب في التحول إلى الطاقة الخضراء.
وتقول المرافق ونقاباتها العمالية وبعض مجموعات البيئة والمستهلكين، إن مالكي الطاقة الشمسية على الأسطح يتقاضون أموالًا كثيرة، لأن المرافق يمكن أن تنتج الكهرباء أو تشتريها من سوق الجملة بتكلفة أقلّ بكثير.
خلال جلسة استماع عامة افتراضية هذا الشهر، قال القيادي في نقابة عمّال الكهرباء، آل فورتير، إن الوظائف النقابية ذات الأجر الجيد في المرافق معرّضة للتهديد من نمو الطاقة الشمسية على الأسطح.
كما أعربت النقابات التي تمثّل عمّال مناجم الفحم والكهربائيين وغيرهم من العمّال، عن مخاوف مماثلة من أن الانتقال إلى الطاقة المتجددة سيؤدي إلى انخفاض الأجور.
وعارضت الشركات في هذا المجال عمومًا جهود التنظيم، وعادةً ما تدفع أقلّ من شركات الكهرباء القديمة.
حصل عمّال نقل المرافق في كاليفورنيا على راتب متوسط قدره 94 ألف دولار في عام 2020، في حين حقّق القائمون على تركيب الألواح الشمسية نحو 50 ألف دولار، وفقًا لبيانات حكومية.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة الشمسية تفشل في كسب ثقة الأميركيين (استطلاع)
- الطاقة الشمسية في أميركا.. توقعات نمو الصناعة مُعلّقة على "مشروع قانون"
- صناعة خلايا الطاقة الشمسية على سطح القمر.. هل تتحقق المعجزة؟
اقرأ أيضًا..
- سوق النفط في 2022.. مخاطر هبوطية على الطلب وزيادة المعروض (تقرير)
- الطلب على السفن العاملة بالغاز المسال يسجل مستويات قياسية في 2021
- السيارات الكهربائية.. المبيعات الأميركية أقل من الصين وأوروبا في 2021