أستراليا تطلق أكبر مشروع لطاقة الرياح والشمس والبطاريات
وولاية الجنوب تحقق رقمًا قياسيًا جديدًا في الطاقة المتجددة
مي مجدي
تُحطم جنوب أستراليا يومًا بعد يوم الأرقام القياسية العالمية لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إذ تجاوزت كل التوقعات بعد إغلاق محطات الفحم والصلب منذ منتصف عام 2016.
في إضافة جديدة لجهودها، أطلقت شركة "نيون" الفرنسية رسميًا المرحلة الأولى من مشروعها الرائد "غويدر رنوابلز زون" في جنوب أستراليا، والذي يعدّ أكبر مشروع لطاقة الرياح والطاقة الشمسية وتخزين البطاريات في البلاد.
وأعلنت الشركة، اليوم الإثنين، أنها بدأت العمل في مزرعة الرياح "غويدر ساوث"، وتعدّ أولى مراحل أكبر مشروع لطاقة الرياح والطاقة الشمسية بالقرب من مدينة بورا، والذي يمكن أن يصل إلى 1200 ميغاواط من طاقة الرياح و600 ميغاواط من الطاقة الشمسية، إلى جانب تخزين البطاريات بسعة تتراوح بين 900 ميغاواط إلى 1800 ميغاواط/ساعة.
ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الأولى بسعة 412 ميغاواط، وستكون أكبر مزرعة رياح في الولاية وخطوة مهمة لدفع المنطقة نحو هدف الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بالكامل بحلول عام 2030، وربما قبل ذلك، بحسب موقع رنيو إكونومي الأسترالي.
طاقة الرياح والطاقة الشمسية
حصلت شركة نيون -التي تمتلك وتدير مزرعة رياح هورنزديل بقوة 315 ميغاواط في جنوب أستراليا ومحطة "هورنزديل باور رسيرف" المجاورة- على عقد مدّته 14 عامًا مع حكومة منطقة العاصمة الأسترالية (إيه سي تي) مقابل 100 ميغاواط من قدرة مزرعة "غويدر ساوث".
ومن المتوقع إنجاز المرحلة الأولى بحلول عام 2024، وربطها بالشبكة، بالقرب من محطة روبرتستاون الفرعية، وهي نقطة الانطلاق لمشروع "إنرجي كونيكت" الذي يربط بين جنوب أستراليا ونيو ساوث ويلز.
وستضم المرحلة الأولى 75 توربينًا من نوع "دي إي 5.5-129 سيبرس"، وستوفر أكثر من 400 وظيفة خلال مرحلة البناء و12 وظيفة دائمة.
وبمجرد اكتمال مشروع الربط الكهربائي مع نيو ساوث ويلز بحلول عام 2025، سيمهد الطريق لتوسيع مزرعة "غويدر ساوث".
ووصف رئيس الشركة في أستراليا، لويس دي سامبوسي، مشروع "غويدر ساوث" بأنه "أكثر مشروعات الشركة تنافسية"، مؤكدًا إضافة الطاقة الشمسية وتخزين البطاريات في المستقبل لتوفير كهرباء متجددة ومستقرة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
وقال: "نودّ أن نشكر حكومة جنوب أستراليا وحكومة منطقة العاصمة الأسترالية على تجديد الثقة ودعمهما المستمر".
وتابع: "من خلال هذا المشروع العالمي، سندعم طموحات جنوب أستراليا في تصدير الطاقة المتجددة والإسهام في تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2045".
وتبني الشركة الفرنسية أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في أستراليا بولاية كوينزلاند بقدرة 400 ميغاواط، وانتهت مؤخرًا من تشييد أكبر بطارية في البلاد بسعة 300-450 ميغاواط/ساعة بالقرب من منطقة غيلونغ في فيكتوريا.
تخزين البطاريات
بموجب العقد مع حكومة منطقة العاصمة الأسترالية، وافقت الشركة الفرنسية على بناء بطارية ضخمة في منطقة كانبرا، وبدأت تشييد بطارية كبيرة بسعة 100 إلى 200 ميغاواط/الساعة.
في حين ستكون البطارية المقررة لمشروع "غويدر ساوث" أكبر بسعة 900 ميغاواط وقدرة تخزين ساعتين، وسيعتمد تنفيذ المشروع بكامل طاقته المتوقعة على نجاح مشروع إنرجي كونيكت وإنجاز مشروعات الهيدروجين الأخضر الرئيسة الجارية مناقشتها.
وفي هذا الصدد، قال وزير الطاقة في جنوب أستراليا، فان هولست بيلكان، إنه يمكن تنفيذ المشروع بفضل الربط الكهربائي بين مشروع إنرجي كونيكت ونيو ساوث ويلز، الذي سيؤمّن شبكة جنوب أستراليا، وسيسمح بتصدير الطاقة المتجددة الوفيرة.
وتابع: "يسلّط مشروع غويدر ساوث الضوء على قدرة الطاقة المتجددة ذات الصدارة العالمية بجنوب أستراليا، مما يساعد في توفير الكهرباء بأسعار أرخص وأنظف، بالإضافة إلى توفير مئات الوظائف ومليارات الدولارات للاستثمار في الولاية".
توفير مصادر الطاقة المتجددة
بلغ متوسط طاقة الرياح والطاقة الشمسية في جنوب أستراليا أكثر من 62% من الطلب المحلي خلال الـ12 شهرًا الماضية، وارتفع إلى أكثر من 73% في الشهر الماضي بعد تخفيف القيود المفروضة على الإنتاج مع بداية تشغيل 4 مكثفات متزامنة.
وتوفر هذه المكثفات قوة النظام للشبكة المحلية، وتسمح لمشغّل السوق بالحفاظ على أمن الشبكة بكمية ضئيلة من الغاز (أحيانًا أقلّ من 5%).
وقال وزير التغير المناخي والاستدامة في حكومة منطقة العاصمة الأسترالية، شين راتينبيري، إن بناء المرحلة من "غويدر ساوث" سيضمن مواصلة الحكومة في توفير مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 100% في السنوات المقبلة، حتى مع استخدام الكهرباء في عمليات النقل والبناء.
وأضاف أن مشروع طاقة الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات سيسمح باستيعاب النمو السكاني، ونمو مبادرات الطاقة المتجددة، مثل السيارات الكهربائية وانتقال الاقتصاد بعيدًا عن الغاز.
أرقام قياسية
في الأيام الأخيرة من 2021، سجلت جنوب أستراليا رقمًا قياسيًا جديدًا في قطاع الطاقة المتجددة، واستطاعت طاقة الرياح والطاقة الشمسية بالولاية توفير ما يزيد قليلاً عن 100% من الطلب المحلي لمدة أسبوع تقريبًا، وفقًا لما نشره موقع ذا سيدني مورنينغ هيرالد الأسترالية.
ووثّق الحدث محلل البيانات "جيف إلدريدج" في موقع "نملوغ" المتخصص في تحليل سوق الكهرباء الوطنية التي تغطي ولايات الساحل الشرقي الأسترالي وجنوب أستراليا.
وأظهرت البيانات أن الولاية أنتجت في المتوسط 101% من مصادر الطاقة المتجددة لمدة 156 ساعة أو 6.5 يومًا حتى يوم الأربعاء الموافق 29 ديسمبر/كانون الأول.
وخلال الـ6 أيام المحددة، أنتجت الولاية احتياجاتها من الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الشمسية على الأسطح، بالإضافة إلى جزء ضئيل من الغاز لضمان استقرار الشبكة.
ووفقًا للرسوم البيانية التي قدّمها موقع نملوغ، بلغ متوسط حصة الرياح خلال تلك الأيام 64.4%، بينما بلغ متوسط الطاقة الشمسية على الأسطح 29.5%، وبلغ متوسط حصة الطاقة الشمسية على نطاق المرافق 6.2%، أمّا متوسط حصة الغاز فتراوح بين 43 ميغاواط و405 ميغاواط.
اهتمام دولي
رغم أن أستراليا تتلقى انتقادات حادة في الصحافة العالمية بسبب سياساتها المناخية، فإن التطور السريع لمصادر الطاقة المتجددة في البلاد يحظى باهتمام دولي.
وسلّط محللو الطاقة العالميون في مجموعة وود ماكنزي خلال حلقة إذاعية من برنامج "ذي إنرجي غانغ" الضوء على نجاح أستراليا في ربط مصادر الطاقة المتجددة بشبكتها بنسبة 24%، وقدرتها على استخدام تقنيات تخزين البطاريات على نطاق الشبكة لضمان استقرار النظام، الذي صُمم لنقل الكهرباء من كبرى الشركات، مثل محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
ويقول محلل الطاقة الأميركي، فريدون سيوشانسي، إن أستراليا خفضت تكاليف مصادر الطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، من خلال تعرفة التغذية الكهربائية والتنظيم الفعّال.
على النقيض من السياسات الأميركية، إذ فرضت حكومات بعض الولايات رسومًا أبطأت الاستفادة من الطاقة الشمسية بعد الضغط من شركات المرافق، على حدّ قوله.
وأوضحت الأرقام الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن تكلفة تركيب الطاقة الشمسية السكنية في أستراليا أرخص بكثير مما هي عليه في الولايات المتحدة وأوروبا.
وأضاف مدير مركز سياسة الطاقة في فيكتوريا، بروس ماونتن، أنه على الرغم من الصعوبات التي واجهت جنوب أستراليا، فإن نجاحها في قطاع الطاقة المتجددة يرجع إلى التصميم على تسريع انتقال الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- هل تصدر الجزائر الهيدروجين في أنابيب الغاز؟.. بن عتو زيان يتحدث للطاقة
- وزير الطاقة السعودي يعلق على سحب إدارة بايدن من احتياطي النفط الإستراتيجي
- سلطنة عمان توقع اتفاقيتين لدعم الطاقة المتجددة وتطوير الهيدروجين