الطاقة الشمسية في مصر.. مشروع عالمي للتنبؤ بأعطال الألواح (خاص - صور وفيديو)
داليا الهمشري
جذبت مشروعات الطاقة الشمسية في مصر الأنظار إليها مؤخرًا، خاصة في ظل اهتمام حكومي بالتحول إلى الطاقة النظيفة، وأيضًا اهتمام المستثمرين بهذا القطاع الواعد.
وتوصّل باحثون بالجامعة الأميركية في القاهرة إلى مشروع هو الأول من نوعه على مستوى العالم، لرصد ومتابعة عمل الألواح الشمسية لتحديد الوحدات التالفة، والتنبؤ بالألواح التي توشك على التلف، في إطار التوجه المصري نحو التوسع في مجال الطاقة المتجددة،
وفي تصريحات خاصة إلى "الطاقة"، قال رئيس مركز إلكترونيات وأجهزة النانو بالجامعة الأميركية، الدكتور يحيى إسماعيل، إن هناك العديد من العوامل التي تؤثر في إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة الشمسية، مثل تراكم الغبار والإشعاع والتظليل وما إلى ذلك.
وتابع: "لا يوجد في الوقت الحالي أنظمة رصد موضعية مفصلة لكل لوحة شمسية، والتي يمكن أن تسمح لمشغّلي المحطات باتخاذ إجراءات سريعة لتفادي أو إصلاح المشكلات الطارئة".
وقال، إن كل محطة طاقة شمسية كهروضوئية بحجم 1 ميغاواط تخسر 360 ألف جنيه مصري (22.9 ألف دولار أميركي) من إنتاج الطاقة سنويًا بسبب هذه المشكلات، بجانب أكثر من 100 ألف جنيه مصري (6.36 ألف دولار) تكاليف صيانة.
تطورات الطاقة الشمسية في مصر
أوضح الدكتور يحيى إسماعيل أن المشروع يوفر حلًا لإدارة المحطات الشمسية عن طريق رصد القياسات والتحكم في المحطات باستخدام أحدث التقنيات، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة (بيغ داتا) وإنترنت الأشياء؛ ما يسمح بإجراء صيانات تنبؤية للمحطات الكهروضوئية لأول مرة على الإطلاق.
وأضاف في تصريحاته إلى "الطاقة"، أن المشروع "سيمنحنا القدرة على اتخاذ قرارات وإجراءات في الوقت الحقيقي بناءً على نتائج طرق الحوسبة الذكية؛ ما يجعل عمليات وإدارة المحطات أكثر كفاءة وأمنًا وقابلية للتطبيق من الناحية الاقتصادية".
وتوقّع إسماعيل أن يكون للمشروع تأثير كبير في سوق الطاقة المصرية، مع وجود خطة لغزو الأسواق الأوروبية والأميركية.
أعطال ألواح الطاقة الشمسية
يقدّم المشروع نظم مراقبة وتحكّم ذكية، وينقسم إلى جزأين: الأجهزة والبرامج، وتتكون الأجهزة من شبكة واسعة النطاق من أجهزة استشعار وتشغيل آلي تجمع بيانات كثيرة من أنواع مختلفة من المستشعرات، وتوصلها بأمان باستخدام أحدث أنواع قوانين الاتصالات الفاعلة والآمنة؛ ما ينتج عنه كمية هائلة من البيانات.
ويعالج البرنامج هذه البيانات باستخدام طرق الحوسبة الأكثر تقدمًا، ثم تُعرض البيانات عبر منصات مرئية مختلفة قابلة للتخصيص على نظام أساسي واحد بمستويات وصول مختلفة.
من جانبه، قال الباحث بمركز الكترونيات وأجهزة النانو، أحد القائمين على المشروع، المهندس عمر مرسي، في تصريح خاص إلى "الطاقة"، إنه عادة ما تحدث أعطال في الألواح الشمسية بالمحطات الضخمة المكونة من عشرات الآلاف من الألواح، مثل محطة بنبان في أسوان، ويؤدي ذلك إلى نقص إنتاجية المحطة بنسبة تتراوح ما بين 10 و20%، ويُسبب نقص كمية الكهرباء المتولدة خسائر مالية.
وأضاف أنه نظرًا لصعوبة الكشف على هذه الأعطال وإصلاحها، يضطر مشغّلو المحطة إلى تركها تعمل بكفاءة أقلّ.
وضرب على ذلك مثالًا بأنه قد تكون هناك محطة بقدرة 1 ميغاواط وتتكون من 1000 لوح شمسي، وقد يحدث العطل في لوح واحد منها.
وأشار إلى أنه كي تستعيد المحطة كفاءتها الإنتاجية الكاملة، لا بد من تحديد مكان العطل وإصلاحه، وهو أمر صعب للغاية في ظل وجود عدد ضخم من الألواح الشمسية.
إصلاح العطل
قال المهندس عمر مرسي، إن المشغّل يضطر في العادة إلى وقف المحطة تمامًا أو الجزء المعطل وفك أسلاك الألواح وتركيبها على جهاز قياس -بعد تحديد نطاق العطل إن أمكن- حتى التوصل لموقع اللوح أو الألواح التالفة.
إلّا أن هذه العملية -بحسب مرسي- يترتب عليها وقف توليد الكهرباء وإهدار مبالغ طائلة على قياس الألواح الشمسية، وقد تستغرق عملية تحديد موقع الألواح التالفة وقتًا طويلًا.
وأضاف أن أشكال الأعطال تتنوع ما بين كسر في الزجاج الخارجي أو تلف في الخلايا الشمسية التي تحترق نتيجة ارتفاع حرارتها، وتتحول من منتجة إلى مستهلكة للكهرباء، ومن ثم تصبح عبئًا على المحطة، ثم ينتشر العطل من خلية إلى أخرى ومن لوح إلى الألواح المجاورة، حتى يمتدّ التلف إلى نطاق واسع من المحطة.
وأوضح أن بعض الأعطال تتمثل في المحطات الصغيرة والمتوسطة في وجود ظل يحجب أشعة الشمس عن جزء من الألواح الشمسية، مما ينتج عنه نقص في الإنتاجية، وإذا استمر هذا الحجب لمدة طويلة فإنه يتسبب في حدوث تلف للألواح الشمسية.
فكرة المشروع
اعتمادًا على تصنيفات الثورة الصناعية الرابعة في إدارة المحطات الكهروضوئية وإنترنت الأشياء، تقوم فكرة المشروع على وضع مستشعر صغير جدًا خلف كل لوح شمسي بتكلفة ضئيلة للغاية تقدَّر بـ5% من ثمن اللوح الشمسي الواحد.
وقال عمر مرسي: "يمكّننا هذا المستشعر من عمل قياسات مستمرة على جميع الألواح الشمسية بالمحطة بسهولة من خلال برنامج بسيط ينبّه مشغّل المحطة بوجود عطل في موقع محدد".
وأضاف: "تكون المستشعرات موصلة مع بعضها من خلال شبكة لاسلكية لتوفير تكلفة تركيب الأسلاك، ويعتمد تشغيل المستشعر على الكهرباء المنتجة من اللوح الشمسي نفسه".
وتابع: "باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي، وبعد تجميع عدد كافٍ من القياسات، يمكن التنبؤ بالأعطال، إذ يستطيع البرنامج إبلاغ مشغّل المحطة بأن هناك لوحًا شمسيًا معينًا معرضًا للتلف خلال مدة زمنية معينة (أسبوعين على سبيل المثال)".
الأولى في العالم
يوفر المشروع -التنبؤ بأعطال الطاقة الشمسية في مصر- للمشغّل وقتًا لشراء وتركيب قطع غيار، بالإضافة إلى أنه باستخدام هذه البيانات، نستطيع عمل رسم مفصل لشكل المحطة خلال التشغيل ومتابعة القياسات لكل لوح شمسي على حدة من خلال برنامج بسيط.
وقال مرسي: "للمرة الأولى تقاس أعطال الألواح الشمسية من خلال مستشعر بهذا الحجم الدقيق مكون من دائرة إلكترونية مطبوعة بحجم 10×10، وما نزال مستمرين في تطويره ليكون بحجم أصغر وتكلفة أقلّ".
وأضاف: "لتطوير هذا المستشعر بنينا محطة طاقة شمسية صغيرة بتكنولوجيا عالية بسعة 30 كيلو واط تسهم بقدر من الكهرباء لتغذية مبنى الجامعة، إلّا إنها مبنية في الأساس للأغراض البحثية".
الشريك الإسباني
تعمل الجامعة الأميركية في القاهرة على هذا المشروع بالتعاون مع "تي إس كي" الإسبانية شريكًا بالخبرة، وهي من أكبر الشركات العاملة في مجال إنشاء وتشغيل وصيانة محطات الطاقة الشمسية في أوروبا، إلى جانب الشريك المصري شركة إم باور لأنظمة الطاقة، وبتمويل من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (آي تي آي دي إي).
وأضاف مرسي: "حاليًا انتهينا من تركيب المستشعرات على المحطة، ونجمع البيانات منها لمعايرة البرامج لسهولة ودقة اكتشاف الأعطال، ومن المتوقع نشر هذه المستشعرات في محطات الطاقة الشمسية الكبرى في مصر".
وكانت شركة "تي إس كي" قد تولّت عملية التشغيل التجريبي للمحطة الشمسية بمدينة كوم أمبو بأسوان، والتي تصل قدراتها إلى نحو 26 ميغاواط.
وتجاوزت استثمارات المشروع 350 مليون جنيه (22.27 مليون دولار)، موّلته الوكالة الفرنسية للتنمية من خلال قرض ميسّر بقيمة 40 مليون يورو (45.22 مليون دولار أميركي)، على أن يُستخدم فائض القرض في تمويل مشروعات طاقة متجددة أخرى.
إستراتيجية وطنية
تتبنّى مصر إستراتيجية وطنية للطاقة المتجددة تهدف إلى الوصول إلى 20% من إجمالي الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2022، والوصول إلى أكثر من 37% من إجمالي الطاقة المنتجة من مصادر متجددة بحلول عام 2035.
وفي هذا الإطار، نجحت في تركيب وتشغيل 3 آلاف ميغاواط من محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وتستهدف بناء 10 أضعاف هذا الرقم بحلول عام 2035.
يُذكر أن محافظة أسوان يقام بها أكبر محطة شمسية في مصر بقرية بنبان، وتستهدف توليد 1465 ميغاواط من الكهرباء النظيفة من خلال ربط 32 محطة توليد الطاقة الشمسية بمحطات المحولات لربطها على الشبكة الموحدة للكهرباء.
موضوعات متعلقة..
- مسؤولة: مصر تقود التحول الأخضر على مستوى المنطقة وأفريقيا
- مصر تبحث مع البنك الدولي تعزيز التعاون في تمويل المشروعات الخضراء
- أحدث تطورات الطاقة المتجددة في مصر (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- الوظائف الخضراء.. هل تجد نساء أفريقيا فرص عمل في الطاقة النظيفة؟
- باحث فرنسي يشكك في الغاز المغربي.. ويصف الاكتشافات بـ"المخاطرة"
- قمة معادن المستقبل.. السعودية تتطلع إلى استثمارات ضخمة (تقرير)
Salamoalaycom chokran 3ala tanwirina fi 3alam taka
I interresd to this project
Im phd from Tunisia