خطط تمويل الوقود الأحفوري تضع الحكومة البريطانية في ورطة
ونشطاء يلجؤون إلى المحكمة العليا ملاذًا أخيرًا
مي محدي
تواجه خطط تمويل الوقود الأحفوري في المملكة المتحدة معارضة شديدة من نشطاء المناخ، وهو ما وضع الحكومة في موقف لا تُحسد عليه بعد رفع القضية أمام المحكمة العليا بحجّة أن الخطط تتعارض مع الأهداف المناخية في البلاد.
خلال العام الجاري، لجأ نشطاء المناخ إلى المحاكم ملاذًا أخيرًا لمنع الاستثمار في مشروعات النفط والغاز التي تقود إلى تفاقم الأزمة المناخية.
وكان آخر الإجراءات عندما تحدّى 3 نشطاء -من جماعة الضغط "بيد تو بليوت"- الحكومة البريطانية بسبب خططها لتمويل شركات الوقود الأحفوري والدعم المالي لمشروعات النفط والغاز في بحر الشمال.
إستراتيجية غير مجدية
عارضت الناشطة المناخية ميكايلا لوتش، ومديرة مركز "ثينك تانك" كيرين فان سويدن، وعامل سابق في قطاع النفط يدعى جيريمي كوكس، إستراتيجية هيئة النفط والغاز (إو جي إيه) الجديدة، والتي دخلت حيز التنفيذ في فبراير/شباط، وتُلزمها بـ"تعظيم الانتعاش الاقتصادي" من موراد النفط والغاز المحلية، ويرون أنها لن تعمّ بالفائدة على البلاد عمومًا.
ويقول المدّعون الثلاثة، إن الإعفاء الضريبي لعمليات التنقيب الجديدة عن النفط والغاز، بالإضافة إلى الدعم المالي المقدّم لتكاليف وقف التشغيل يعدّ بمثابة إعانة مالية، وهو وصف ترفضه الحكومة، بحسب ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.
فقد بلغ إجمالي التدفقات الضريبية السالبة خلال (2015-2016) مليوني جنيه إسترليني (2.641 مليون دولار أميركي)، و359 مليون جنيه أسترليني في العام التالي، أي أكثر مما دفعته شركات النفط والغاز من ضرائب للمملكة المتحدة.
(جنيه أسترليني= 1.32 دولارًا أميركيًأ)
ووفقًا للنشطاء، دفعت حكومة المملكة المتحدة 3.2 مليار جنيه أسترليني من الأموال العامة لشركات النفط والغاز في بحر الشمال بصفة إعانات، وخفضت معدلات الضرائب لشركات صناعة الوقود الأحفوري منذ أن وقّعت اتفاقية باريس، وهي معاهدة ملزمة قانونًا وافق فيها قادة العالم على العمل لمنع ارتفاع درجات الحرارة العالمية عن 1.5 درجة مئوية بين عامي 2030 و2050.
وزعموا أن شركة بريتيش بتروليوم تلقّت صافي 675 مليون جنيه أسترليني من الحكومة بعد الضرائب بين عامي (2015-2019).
الحكومة تحت المراقبة
استهلت المحكمة العليا أولى جلساتها، أمس الأربعاء، بتسليط الضوء على الجوانب الاقتصادية لصناعة الوقود الأحفوري، وأثارت التساؤلات حول مدى توافق عمليات إنتاج النفط والغاز مع هدف الحياد الكربوني للبلاد.
وزعم ممثل المدّعين في المحكمة، ديفيد وولف، أنه كان من الخطأ أن تُقصي هيئة النفط والغاز الإعفاء الضريبي من حساباتها الاقتصادية.
وقال: "إنه لا يحقّ للهيئة أن تدّعي بأنها تعمل من أجل المصلحة الوطنية، ما دامت لا تميز بين الأموال التي تذهب إلى خزانة الدولة أو إلى صناعة الوقود الأحفوري."
كما تشير الدعوى إلى أن العديد من شركات النفط في بحر الشمال أجنبية، وأغلب الأموال المنفقة لدعم الصناعة تتدفق خارج المملكة المتحدة.
فقد قدّر أحد التقارير أن المملكة المتحدة قدّمت إعانات سنوية لصناعة الوقود الأحفوري بمقدار 12.5 مليار جنيه أسترليني.
جدال واسع
رغم أن لجنة تغيّر المناخ أوصت مؤخرًا وزارة الخزانة البريطانية بإعادة النظر في دور النظام الضريبي بتحقيق الحياد الكربوني، وفرضت الإستراتيجية الجديدة لهيئة النفط والغاز التزامات على الصناعة، من بينها خفض انبعاثات الإنتاج، ودعم مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه، ودفع إنتاج الهيدروجين النظيف، يرى المدعون بأن ذلك يتعارض مع تعهّد البلاد بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وتتعلق حجّتهم بأن ذلك سيؤدي إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري نتيجة حرق الوقود الأحفوري، الذي كان من المفترض بقاؤه في باطن الأرض، وخلق أصولًا عالقة من البنية التحتية اللازمة لاستخراجه.
ويرون أن ذلك يقدّم المزيد من الأدلة على أن الحكومة اتخذت قرارًا "متهورًا" عند موافقتها على إستراتيجية الهيئة.
الحصول على الدعم
يأتي ذلك في وقت يضغط فيه منتجو النفط والغاز ببحر الشمال على الحكومة لدعم 18 مشروعًا جديدًا للوقود الأحفوري.
وفي الوقت نفسه، تراجعت شركة شل الأسبوع الماضي عن خطط تطوير حقل كامبو النفطي المثير للجدل، وأشاد النشطاء بهذه الخطوة التي ستغيّر المشهد الاستثماري لهذه الصناعة.
في حين أشارت وزارة الأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية في بيان لها إلى أن حاجة البلاد من النفط والغاز ستتناقص على مدى السنوات المقبلة، بينما تكثّف جهودها لزيادة قدرة الطاقة المتجددة.
اقرأ أيضًا..
- حقل تندرارة بديل المغرب عن الغاز الجزائري.. ماذا تعرف عنه؟ (صور وفيديو)
- أسعار النفط تتحول للهبوط.. وخام برنت يتراجع تحت 76 دولارًا - (تحديث)
- مشروع نور للهيدروجين في موريتانيا يواجه أزمة تمويل قد تؤخر انطلاقه