السيارات الكهربائية.. أسعار الليثيوم تهدد مصير المبيعات القياسية
طن الليثيوم يتجاوز 31 ألف دولار أميركي في الصين
هبة مصطفى
بينما تواصل السيارات الكهربائية تحقيق مبيعات قياسية عامًا بعد عام، يواجه الطلب العالمي على الليثيوم -اللازم لتصنيع بطارياتها- أزمة مقابل المعروض، وتزداد التوقعات بتضاعف الطلب عليه خلال السنوات العشر المقبلة.
وحذّر مختصون من تسبب نقص الليثيوم في رفع أسعاره، بجانب التأثير على تصنيع السيارات الكهربائية ومبيعاتها في ظل الاتجاه العالمي لخفض الانبعاثات في قطاع النقل.
وانعكست زيادة الطلب على الليثيوم على أسعاره في الأسواق الصينية، إذ سجل الطن أسعارًا قياسية تجاوزت 31 ألف دولار أميركي.
زيادة الطلب
توقع تقرير صادر عن وزارة الصناعة والعلوم والطاقة والموارد التابعة للحكومة الأسترالية، زيادة الطلب العالمي على الليثيوم خلال العام الجاري وحتى عام 2023.
وأوضح تقرير الوزارة الأسترالية أن الطلب العالمي على الليثيوم ازداد تدريجيًا من 305 آلاف طن كربونات ليثيوم مكافئ العام الماضي، ثم زادت توقعاته إلى 486 ألف طن العام الجاري، وإلى 724 ألف طن بحلول عام 2023.
وأرجع تقرير الوزارة تلك الزيادة في الطلب العالمي على الليثيوم إلى زيادة الإقبال على السيارات الكهربائية في العالم.
وفسر تلك الزيادة -المدفوعة بإجراءات حكومية- بانخفاض أسعار السيارات، وزيادة عدد الطرازات محل الاختيار.
مبيعات السيارات الكهربائية
فاقت مبيعات السيارات الكهربائية في العالم 3 ملايين وحدة العام الماضي، وسط توقعات بمبيعات تصل إلى 5 ملايين وحدة العام الجاري، متفوقة على التوقعات السابقة للمبيعات المقدرة بـ 4.4 مليون وحدة، طبقا للتقرير.
ورجّح تقرير الوزارة الأسترالية اتجاه مُصنعي السيارات إلى تصنيع السيارات الكهربائية، بدلًا من محركات الاحتراق، نظرًا إلى النقص العالمي في الرقائق الإلكترونية اللازمة لصناعة السيارات.
وتضمنت التوقعات طويلة الأمد ارتفاع الطلب على مبيعات السيارات بمعدل 30% سنويًا بحلول 2030، بعد تأكيد عدد من شركات تصنيع السيارات زيادة سعتها وتحقيقها مبيعات قوية مؤخرًا، وفق صحيفة كيتكو.
يأتي ذلك في غضون إصدار المفوضية الأوروبية مقترحًا يتضمن معايير قوية لانبعاثات المركبات، ما يتطلب خفض معدل انبعاثات السيارات الجديدة بحلول عام 2030 بنسبة أقل من العام الجاري، بما يُقدر بـ55%، لتصل نسبة خفض الانبعاثات إلى 100 بحلول عام 2035.
وتلبية لتلك المقترحات، أعلنت الإدارة الأميركية موافقتها على خفض الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 50 و52% عام 2030 مقارنة بنسب عام 2005.
أزمة المعروض
أوضح مُعدو التقرير أن تأمين إمدادات المواد الكيميائية اللازمة لتصنيع البطاريات قد يُشكل عقبة للعملاء، في ظل توقعات تشير إلى نقص منتجات فئات البطاريات.
ورصد التقرير وجود نقص -قصير الأمد- في الإسبودومين "من الأحجار التي تحتوي على الليثيوم"، ما دفع إلى ظهور مناقصات حالية للمزايدة حول كميات الليثيوم المتاحة غير المتعاقد عليها.
ولفت التقرير إلى أن إمدادات الليثيوم المتاحة لن تفي بالطلب عام 2023، حال تعرّض مشروعات المناجم والمياه المالحة لعقبات ضمن آثار تداعيات جائحة كورونا.
وتتطرق إلى الهيمنة الآسيوية على طلب منتجات الليثيوم، رغم تنوع مصانع البطاريات في أوروبا وأميركا.
السوق الصينية
انعكس نقص معروض الليثيوم مقابل الطلب على الأسواق العالمية، ففي الصين سجل الليثيوم المستخدم في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية أسعارًا قياسية، إذ وصل سعره إلى 200 ألف يوان (تجاوز 31 ألف دولار أميركي)، بالتوازي مع رصد نسب مرتفعة في المبيعات الإجمالية للسيارات.
ومنذ الخميس الماضي، قفزت الأسعار الفورية لدرجات بطاريات كربونات الليثيوم بنسبة 360% على أساس سنوي، مسجلة 200 ألف يوان للطن، مقارنة بـ53 ألف يوان في 4 يناير/كانون الثاني الماضي، طبقًا لمعلومات معهد تحليل المعادن والمعارض بسوق شنغهاي.
وكانت أسعار كربونات الليثيوم قد وصلت 168 ألف يوان للطن عام 2017، وهو الحد الذي جرى تجاوزه في 27 سبتمبر/أيلول الماضي.
ورغم ذلك، زادت نسبة مبيعات السيارات الكهربائية في الصين، إذ رصد اتحاد مُنتجي السيارات، في أكتوبر/تشرين الماضي، مبيعات قدرها 383 ألف سيارة كهربائية، بزيادة قدرها 135% على أساس سنوي، و7.2 على أساس شهري، فضلًا عن انضمام علامات تجارية جديدة شهرًا بعد شهرًا.
أسعار الليثيوم
توقع رئيس شركة غانفينغ ليثيوم المحدودة، لي ليانغ بين، عدم اتجاه أسعار الليثيوم المرتفعة إلى الاستقرار إلا في حالة بدء شركات تصنيع السيارات الكهربائية إنتاج كميات هائلة من بطاريات العلوم التطبيقية المختلفة.
ورجح ليانغ بين -خلال تصريحات لمجموعة كايشين الإعلامية الصينية- أن وضع إعادة تدوير البطاريات في الاعتبار بصفة رئيسية قد يُخفّض أسعار الليثيوم، وفق صحيفة أون لاين إيف.
واتفق معه أحد المتعاملين في تجارة الليثيوم، مشيرًا إلى أن أسعار الليثيوم لن تشهد انخفاضًا قبل فبراير/شباط المقبل، إذ يعكف عدد من المُنتجين على زيادة الإمدادات غير المكتملة لليثيوم طوال الربع الرابع من العام المالي.
وتوقع محللون من تيانفينغ سيكيوريتيز انخفاض أسعار الليثيوم في الربع الأخير من عام 2022، موضحين أن متوسط أسعاره سيظل في حدود التوقعات الحالية خلال عام 2022.
وأضافوا أن قدرة تصنيع الليثيوم المقدرة بـ403 آلاف و300 طن ما زالت قيد الملاحظة، تمهيدًا لإضافتها إلى القدرة العالمية.
استحواذ صيني
يسعى مُنتجون رئيسون بقطاع الطاقة الجديدة في الصين لدخول مجال تصنيع معدن الليثيوم.
ففي سبتمبر/أيلول الماضي، خاضت شركة تابعة لأكبر شركة تنتج بطاريات في الصين، أمبيريكس تكنولوجي، صفقة تكلفت 240 مليون دولار أميركي، للاستحواذ على نسبة قدرها 24% في مشروع مانونو لإنتاج الليثيوم بجمهورية الكونغو الديمقراطية.
كما حاولت الشركة في التوقيت ذاته شراء شركة مايلمنيال ليثيوم الكندية مقابل 297.7 مليون دولار أميركي، إلا أن منافسًا كنديًا فاز بالصفقة.
وأعلنت شركة تسينغشان هولدينغ أحد كبار مُصنعي كروم الفولاذ -منتصف الشهر الجاري- أنها تدرس استثمار 375 مليون دولار في أحد مشروعات الليثيوم بأميركا الجنوبية.
واشترت شركة غانفينغ المُدرجة في بورصة شنتشن إحدى شركات التعدين المكسيكية "باكانورا ليثيوم" المُدرجة في بورصة لندن، ضمن صفقة تُقدر بـ263.2 مليون دولار أميركي.
وبموجب الصفقة، يُسمح لغانفينغ بالمشاركة في مشروع سونورا لليثيوم والمعادن الطينية.
وخاضت شركة تابعة لغانفينغ في هونغ كونغ صفقة تُقدر بـ130 مليون دولار، للاستثمار بمنجم لليثيوم في مالي غرب أفريقيا.
اقرأ أيضًا..
- بايدن يعلن زيادة رسوم التنقيب عن النفط والغاز
- أفريقيا.. إمكانات هائلة لتوليد الكهرباء النظيفة والمحصلة معاناة في الظلام
- الغاز الطبيعي.. تقرير يرسم ملامح حقبة جديدة للوقود الانتقالي