الطاقة النووية بارقة أمل لتفادي حرب المياه القادمة (تقرير)
تقنية المفاعلات تسهم في تحلية مياه البحر
محمد فرج
- يوجد نصف محطات تحلية المياه في دول الشرق الأوسط
- تتطلب تحلية المياه كميات هائلة من الطاقة الحرارية أو الكهربائية
- تعدّ الطاقة المستخدمة عنصرًا جوهريًا في تقدير التكلفة الكلّية للمياه المحلاة
- عدد من الدول العربية تدرس تحلية المياه باستخدام الطاقة النووية
تسعى العديد من الدول لاستغلال الطاقة النووية في ضمان أمن المياه من خلال استخدامها في تحلية مياه البحر وإنتاج الهيدروجين وتدفئة الأحياء السكنية.
وأفادت دراسة أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرّية أن قرابة 2.3 مليار نسمة من سكان العالم يعيشون في مناطق فقر مائي، بينهم 1.7 مليار يبلغ نصيب الفرد منهم من المياه العذبة أقلّ من 1000 متر مكعب في العام.
وفي الوقت الذي تعدّ فيه المياه العذبة العامل الأساس للتنمية، فإن المخزون المائي الحالي بالإضافة إلى المياه الجوفية ومعالجة مياه الصرف الصحي، لا تكفي احتياجات التنمية، ويكمن الحل في مشروعات التحلية لسدّ النقص في الاحتياجات.
استخدام الطاقة النووية في تحلية المياه
تتطلب تحلية المياه كميات هائلة من الطاقة الحرارية أو الكهربائية أو كليهما معًا.
وتعدّ الطاقة المستخدمة عنصرًا جوهريًا في تقدير التكلفة الكلية للمياه المحلاة المنتجة في عملية التحلية، وتصل تكلفة الطاقة إلى 60% من إجمالي تكلفة المياه المحلاة.
وتعتمد محطات التحلية العاملة على الوقود الأحفوري -مثل الغاز والنفط والفحم-، ويتجاوز عدد محطات التحلية في العالم أكثر من 50 ألف محطة، وفقًا لبيانات صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرّية.
ويوجد نصف محطات تحلية المياه في دول الشرق الأوسط، و13% في الولايات المتحدة الأميركية، و9% بدول شمال أفريقيا، وغالبية هذه المحطات تستخدم مياه البحر في التحلية بقرابة 60%.
معظم محطات التحلية في دول العالم تستخدم الوقود الأحفوري مصدرًا للطاقة؛ ما يساعد على زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
تقنية تحلية المياه
تعتمد عملية تحلية المياه على تقنية استخدام الأغشية، وتسمى تقنية التناضح العكسي، وهي تعمل بالكهرباء، وفي هذه التقنية يُستخدم غشاء نصف نافذ يُعرف بغشاء التناضح العكسي، ويسمح هذا الغشاء بمرور الماء العذب في اتجاه الضغط المنخفض وعدم مرور الملح من خلالها.
ويحتاج ذلك إلى زيادة الضغط على الناحية التي تملؤها مياه البحر من الغشاء، ويبلغ هذا الضغط نحو 70 ضغطًا جويًا، وعادة ينتج هذا الضغط بمضخّات تعمل بالكهرباء.
وتعتمد هذه التكنولوجيا على الطاقة الكهربائية؛ لذلك فهي لا تعتمد على نوع توليد الكهرباء، ولا تحتاج للربط بها، ويمكن أن تستخدم الكهرباء مباشرة من الشبكة الكهربائية.
أمّا التقنية الأخرى، فتجري باستخدام التبخير بالحرارة، وتلك التقنية معروفة باسم التقطير.
وتعتمد هذه التقنية على استخدام طاقة حرارية لرفع درجة حرارة المياه المالحة إلى درجة الغليان، وتكوين بخار الماء الذي يجري تكثيفه بعد ذلك إلى ماء مقطر، فيكون الماء المقطر خاليًا من الملح.
والماء المقطر ليس له طعم، ويعالج بإضافات ليكون صالحًا للشرب أو الري.
كما إن الطاقة الحرارية المستخدمة قد تكون ناتجة من الغاز الطبيعي أو الفحم أو الطاقة النووية، لذلك فإن هذه التكنولوجيات تعتمد على الربط بمحطة توليد الكهرباء.
ويعدّ من أشهر التقنيات المستخدمة في التقطير، التقطير الومضي متعدد المراحل، وتعتمد هذه التقنية على الحقيقة التي تقرّ بأن درجة غليان السوائل تتناسب طرديًا مع الضغط الواقع عليها، فكلما قلّ الضغط الواقع على السائل انخفضت درجة غليانه.
وفي هذه الطريقة تمرّ المياه المالحة بعد تسخينها إلى غرف متتالية ذات ضغط منخفض، فتحول المياه إلى بخار ماء يجري تكثيفه على أسطح باردة، ويُجمع ويُعالج بكميات صالحة للشرب.
دول عربية تدرس تحلية المياه عبر الطاقة النووية
قال نائب رئيس هيئة الطاقة النووية المصرية، عبدالحميد الدسوقي، إن عددًا من الدول العربية تدرس تحلية المياه باستخدام الطاقة النووية، مضيفًا أن مصر قامت بإجراء دراسة للاستفادة من مشروعات الطاقة النووية السلمية في تحلية المياه.
وأضاف أن المفاعلات النووية الصغيرة والمتوسطة هي أنسب المفاعلات للربط مع تقنيات التحلية النووية الحرارية، وهذه المفاعلات تصمّم لأغراض مزدوجة لإنتاج الكهرباء والتحلية التي تعتمد على الطاقة الحرارية.
تجارب عالمية سابقة
تقدّر الخبرات في مجال التحلية النووية بقرابة 150 مفاعل في العديد من الدول، مثل قازاخستان والهند واليابان.
وتمتلك قازاخستان خبرات في التحلية النووية من خلال ربط المفاعل الوحيد "بي ان -350" من نوع المفاعلات السريعة المنجبة بقدرة 135 ميغاواط بوحدة تحلية مياه بقدرة 80 ألف متر مكعب في السنة من المياه المحلاة.
كما كان يُستفاد من المفاعل في إنتاج الحرارة التي كانت تُستخدم في التدفئة. وظل المفاعل يعمل لمدة 27 عامًا، حتى تفكيكه عام 1999.
الهند قامت -أيضًا- بالعديد من التجارب في سبعينات القرن الماضي بمجال التحلية بالطاقة النووية.
وفي عام 2002، قامت بإنشاء وحدة تجريبية لربط محطة تحلية حرارية بمفاعل قدرتة 170 ميغاواط من نوع مفاعلات الماء الثقيل المضغوط.
كما قامت بعمل أبحاث خاصة بربط محطة تحلية بقدرة 4500 متر مكعب يوميًا بالمفاعل نفسه.
وفي عام 2009، قامت بربط محطة تحلية حرارية بأحد المفاعلات الصغيرة من نوع مفاعلات الماء الثقيل المضغوط.
أمّا اليابان، فقد أنشأت بعض الوحدات التجريبية بربط محطة تحلية حرارية بمفاعل نووي من نوع مفاعلات الماء العادي المضغوط لإنتاج 14 ألف متر مكعب في السنة.
كما ربطت محطة تحلية تزاوجيه بمفاعل نووي من نوع مفاعلات الماء العادي المضغوط.
وقامت روسيا في عام 2010 بربط محطة تحلية تزاوجية بمفاعل نووي من نوع مفاعلات الماء العادي المضغوط لإنتاج 9600 متر مكعب من المياه المحلاة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
-
الغاز الطبيعي.. تعرّف على اتجاهات الإنتاج والاستهلاك عالميًا
-
كوب 26.. دراسة: العالم لا يتحرك بسرعة كافية لعلاج تغير المناخ