مع أزمة الطاقة.. هل حان الوقت لإنهاء القيود على صناعة النفط والغاز؟
ترجمة - أحمد عمار
- العواقب السلبية المتوقعة لنقص استثمارات التنقيب عن النفط بدأت تطل برؤوسها
- شركات النفط الأميركية لم تستجب لزيادة المعروض بسبب ضغوط الحوكمة البيئية
- شركات النفط الحكومية بأميركا اللاتينية والشرق الأوسط قامت بسدّ نقص المعروض
- قيام الدول الكبرى المنتجة للنفط بزيادة الإنتاج يعني أن خفض الانبعاثات قد يستغرق عقودًا
- أكبر منتج للنفط في حوض برميان يعترف بالقيود الذي يحدثه المستثمرون في قطاع النفط
مع أزمة الطاقة التي ضربت مناطق كثيرة في العالم والصعود التاريخي للأسعار، هل أصبحت معايير الحوكمة البيئة والاجتماعية وحوكمة الشركات مناسبة في الوقت الراهن، خصوصًا أنها تفرض قيودًا على صناعة الوقود الأحفوري نتيجة انبعاثات الكربون؟
ويقيس معيار الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، أو ما تُعرف اختصارًا بـ(ESG)، الاستدامة والعوامل البيئية للشركات، وتُولي المؤسسات التي تندرج تحت هذا التصنيف اهتمامًا كبيرًا للكثير من الإسهامات الإيجابية في المجتمع والبيئة، فضلًا عن التركيز على النمو المستدام.
ويرى محلل الطاقة، ديفيد بلاكمون، خلال تحليل نُشر على موقع فوربس، أنه مع زيادة الطلب على النفط والغاز الطبيعي عالميًا، ينبغي إبلاغ مجتمع المستثمرين الذي يعتمد على معيار (ESG)، ويفرض قيودًا على إنتاج النفط والغاز خصوصًا في الولايات المتحدة وأوروبا الأكثر التزامًا بالمعايير البيئية، بأن الوقت قد حان لوضع حدّ لتلك القيود المفروضة على صناعة النفط، لمواجهة أزمة الطاقة الراهنة.
وفي غضون 18 شهرًا تغيّر عالم الطاقة بالكامل، إذ تراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط يوم 20 أبريل/ نيسان من العام الماضي خلال جلسة تداول واحدة بنسبة 306%، ليغلق عند سالب 37.63 دولارًا للبرميل.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وصل سعر الخام الأميركي فوق 83 دولارًا للبرميل، أيّ بزيادة قدرها 120 دولارًا، ولا شك أن عالم الطاقة سيتغير مرة أخرى في الـ18 شهرًا المقبلة.
ضغوظ أمام زيادة الإنتاج
أدى الضغط الذي يُشكّله مستثمرو الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على شركات النفط الأميركية، لعدم الاستجابة بزيادة المعروض من النفط والغاز، وهو الإجراء المتوقع عند حدوث ارتفاع في أسعار السلع الأساسية.
وفي المقابل، قامت الشركات المملوكة للدولة في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا بسدّ النقص في المعروض، وفقًا لما نقله الكاتب عن صحيفة نيويورك تايمز، إذ لا تتعرض هذه الشركات لنفس ضغوط خفض الإنتاج وانبعاثات الوقود الأحفوري.
ويرجع ذلك إلى أن حكومات تلك الدول لا تركز على تحقيق أهداف اتفاقيات باريس للمناخ كما تفعل الولايات المتحدة وأوروبا، والتي وصفها الكاتب بأنها أهداف غامضة وغير قابلة للتنفيذ.
وفي الغالب، يدفع صنّاع السياسات في تلك الدول تدفع شركات النفط لزيادة الإنتاج من أجل المساعدة في سداد الديون وتمويل البرامج الحكومية، بالإضافة إلى خلق فرص للعمل، بحسب التقرير.
ونقل الكاتب عن نيويورك تايمز قولها، بأن قيام الدول الكبرى المنتجة للنفط بزيادة الإنتاج يعني أن التوجه نحو خفض الانبعاثات عبر تقليل إنتاج الوقود الأحفوري قد يستغرق عقودًا.
وهذا الرأي تؤيده إدارة معلومات الطاقة الأميركية، بتوقع استمرار زيادة الطلب على النفط والغاز الطبيعي على المستوى العالمي حتى حلول عام 2050 وما بعده.
ورغم ماسبق، كانت استجابة الشركات في الولايات المتحدة لصعود أسعار النفط والغاز الطبيعي ضعيفة بشكل كبير، مع زيادة الإنتاج؛ بسبب الضغوط على صناعة النفط من قبل الحكومة ومجموعات المستثمرين المصنفة تحت بند الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، والتي تسيطر على الكثير من رأس المال الآن، وفقًا للتحليل.
ووفق مؤشر إنفيروس اليومي لرصد منصات الحفر، فإن العدد الإجمالي لمنصات الحفر في الولايات المتحدة زاد بمقدار 72 حفارة على مدى 79 يومًا منذ 1 أغسطس/آب الماضي، ما يعني أن وتيرة تنشيط المنصات كانت تقلّ عن منصة واحدة في اليوم، وهو ما يتناقض مع مدة الازدهار، والتي تشهد على الأرجح زيادة من 3 إلى 4 منصات تُضاف للسوق يوميًا.
ورغم تضاعف عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة خلال العام الماضي، فإنها تظل أقلّ من نصف ما كانت عليها في أواخر عام 2019، قبل تفشّي فيروس كورونا.
وأقرّ الرئيس التنفيذي لشركة بايونير ناتشورال ريسورسز -أكبر منتج للنفط في حوض برميان- بالتأثير الكبير المقيد الذي يحدثه المستثمرون في قطاع النفط مؤخرًا.
ويضيف سكوت شيفيلد، أن تلك الشركات ستلتزم بالمعايير البيئية بغض النظر عن سعر خام برنت حتى إذا وصل إلى 100 دولار للبرميل.
وتلعب الضغوط ذات الصلة بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة المؤسسات دورًا مهمًا في تشجيع شركات التنقيب وإنتاج الوقود الأحفوري على تقليل الانبعاثات الناجمة عن أعمالها.
قضية حرق الغاز أكبر النتائج
مع ذلك، لم تسفر تلك الضعوط عن نتائج سوى فيما يتعلق بقضية حرق الغاز الطبيعي، إذ أعلنت شركة أباتشي الأميركية أنها نجحت في القضاء على جميع عمليات الحرق في عملياتها البرية داخل الولايات المتحدة، والتي حدث جزء كبير منها في حوض برميان وتكساس.
وأرجعت أباتشي نجاحها في تحقيق ذلك إلى الاستثمارات الكبيرة المنفذة خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى مراجعة معايير مكافأة الموظفين على أساس تحقيق الأهداف المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
وفي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أظهر تقرير حديث أصدرته لجنة تكساس للسكك الحديدية أن معدل الاحتراق الكلي في الولاية انخفض بنسبة 75% منذ عام 2019، ليتراجع من 2.57% من إجمالي الإنتاج في ذاك العام إلى 0.57% بنهاية يوليو/تموز 2021.
كما انخفضت عمليات حرق الغاز بشكل كبير مؤخرًا في حوض باكين للنفط الصخري بولاية داكوتا الشمالية، مع مواصلة بناء أول مصفاة نفط خام في الولايات المتحدة منذ عام 1979 وهي مصفاة دافيس بطاقة إجمالية 94.5 ألف برميل نفط يوميا في وسط الولاية الأميركية.
ومن المقرر أن يصل إنتاج هذه المصفاة عند تشغليها -المخطط له عام 2023- إلى 360 مليون غالون من الديزل و280 غالون من البنزين سنويًا.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة ميريديان إنرجي -المطور والمشغلة للمصفاة-، بيل برينتيس، أن اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لعبت دورًا رئيسًا في تصميم المشروع، إذ ستكون أنظف مصفاة وأكثرها استدامة في الولايات المتحدة، بحسب التقرير.
مخاوف أزمة الطاقة
على الصعيد العالمي، مع ذلك، فإن العواقب السلبية المتوقعة لسنوات من نقص الاستثمارات الجديدة للتنقيب والتطوير في قطاع النفط والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى التأجيل السابق لأوانه لمحطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم والغاز الطبيعي، بدأت تطل برؤوسها القبيحة الآن، وفقًا لوصف الكاتب.
ويخشى جزء كبير من أنحاء القارة الأوروبية حدوث أزمة طاقة على مستوى واسع خلال فصل الشتاء؛ بسبب إغلاق محطات الغاز الطبيعي والتي وصفها المقال بأنها جهود كانت سابقة لأوانها، وهي المشكلة نفسها التي تتعرض لها الصين وأجزاء أخرى من آسيا.
ويأتي كل ذلك مع استمرار أسعار السلع في الارتفاع، وسط تدافع البلدان المستهلكة للطاقة بشكل كبير في تأمين الإمدادات.
توفير الإمدادات
تساءل الكاتب ما إذا كان المنتجون من شركات النفط الأميركية سيصلون إلى نقطة سعر مشجعة لدرجة إبلاغ مستثمريهم في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بأن الوقت قد حان للحفر والتنقيب بجدّية.
وتوصّل التحليل إلى أنه لا يوجد سبب يمنع صناعة النفط في الولايات المتحدة للاستجابة لزيادة العرض بطريقة آمنة ونظيفة ومستدامة، قائلاً: "العالم يطلب المزيد من النفط والغاز الطبيعي، ويمكن للصناعة الأميركية أن تلعب دورًا كبيرًا في توفير هذه الإمدادات".
موضوعات متعلقة..
- بوتين: ارتفاع أسعار الطاقة "مُصطنع" لكنه سيؤثر على غازبروم
- هل تتجاوز أسعار النفط 90 دولارًا نهاية العام؟.. غولدمان ساكس تجيب
- أميركا.. تعزيز إنتاج النفط والغاز الحل لمواجهة تسارع تكاليف الطاقة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- إسرائيل تعتزم مد خط أنابيب جديد إلى مصر لزيادة صادرات الغاز
- تطور مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه في العالم (إنفوغرافيك)
- جنرال موتورز تطرح سيارات كهربائية بأسعار مخفضة.. هل تسحب البساط من تيسلا؟