مقال - ماذا يحدث للألواح الشمسية عند نهاية عمرها؟
هناك مشكلات متعلقة بالطاقة الشمسية نادرًا ما يُتحَدث عنها
إيمان عبدالله
ما الذي يحدث للألواح الشمسية عند نهاية عمرها؟ لعل هذا التساؤل يدور في أذهان الكثيرين من المهتمين بموضوع الاستدامة البيئية لموارد الطاقة المتجددة؛ ومنها مستقبل ألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية بعد نهاية عمرها الافتراضي.
مع تزايد الطلب على الطاقة الكهربائية المولدة من مصادر متجددة للطاقة، بدأ عدد من الباحثين والمهتمين بمستقبل هذا النوع من مصادر الطاقة قرع جرس الإنذار بضرورة التفكير في مرحلة نهاية عمر الألواح الشمسية، وتظل التساؤلات مشروعة حول ما إذا كان إنتاجها ونفاياتها تخلق ملوثات أكثر من الوقود الأحفوري الذي تهدف إلى استبداله.
حل لمشكلة قد يخلق أخرى
السباق مستمر لتوفير الكهرباء لنحو 940 مليون شخص في العالم يفتقرون للحصول والوصول إلى مصادر حديثة للطاقة، ولا أحد ينكر دور تقنيات الطاقة الشمسية خارج الشبكة في الأرياف والمناطق النائية؛ حيث أسهمت في تحسين حياتهم بشكل كبير سواء في الحصول على فرص التعليم أو الأعمال.
خلال السنوات المقبلة، من المتوقع أن تُباع عشرات الملايين من أنظمة الطاقة الشمسية خارج الشبكة في البلدان النامية والفقيرة، ومن المتوقع أن تنمو السوق بشكل كبير مع تنبؤات تشير إلى أن 740 مليون شخص سيستفيدون من مصادر الطاقة الشمسية بحلول عام 2022.
ما يقلق المحللين هو أنه على الرغم من أن توفير هذا النوع من الطاقة قد يُسهم في حل مشكلة توفير الطاقة؛ فإنه قد يخلق مشكلة أخرى تتمثل في النفايات التي تترتب عليها.
وأظهرت الدراسات أن المعادن الثقيلة في الألواح الشمسية -مثل الرصاص والكادميوم- يمكن أن تتسرب من الخلايا وتصل إلى المياه الجوفية، وكذلك تؤثر في النباتات، وهذه المعادن لها أيضًا سجل للتأثيرات الضارة في صحة الإنسان، ومن المعروف أن الرصاص يضعف نمو المخ لدى الأطفال، والكادميوم مادة مسرطنة!
ماذا يوجد في الألواح الشمسية؟
تتكون الألواح الشمسية بشكل أساسي من عدة ألواح من بلورات السيليكون تسمى الخلايا، كل خلية مكونة من لوحة شمسية محصورة بطبقة من الألومنيوم والزجاج، وتشكل معًا المكونات المنتجة للطاقة التي تحول ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية.
تتطلب الخلايا سيليكون عالي النقاء لتعمل بشكل صحيح، وعادةً ما يكون السيليكون قابلًا لإعادة التدوير، ولكن لتحسين الكفاءة الكهربائية للخلايا الشمسية، تُضاف المعادن مثل الكادميوم والرصاص.
هذه العملية تجعل من تدوير الخلايا الشمسية أمرًا معقدًا؛ حيث إنها تتطلب طاقة كبيرة لاستخراج المعادن المضافة في الخلايا الشمسية. في الواقع، غالبًا ما تكون تكلفة إعادة تدوير الألواح الشمسية أكثر من تكلفة إنتاج الألواح الشمسية!
مشكلة التخلص من الألواح الشمسية
وصلت أطنان من الألواح الشمسية التي رُكِّبت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى نهاية دورة حياتها، وسيتسبب التخلص منها بشكل تقليدي في مكبات النفايات في مشكلة نفايات خطيرة.
عادة ما تتمتع الألواح الشمسية بعمر تشغيلي يتراوح من 20 إلى 30 عامًا، منذ طرحها لأول مرة في عام 2000؛ إذ إن ممارسات التخلص من الألواح الشمسية الحالية بعيدة كل البعد عن أن تكون صديقة للبيئة.
غالبًا ما يتطلب تصنيع الألواح الشمسية استخدام العديد من المواد الكيميائية الضارة، عندما تترامى الألواح الشمسية في مدافن النفايات بشكل غير مسؤول، يمكن للمعادن السامة التي تحتويها أن تتسرب إلى البيئة وربما تشكل خطرًا على الصحة العامة إذا وصلت إلى إمدادات المياه الجوفية.
تحتوي أنظمة الألواح الشمسية على مكونات كثيرة؛ منها مادة السيليكون التي يمكن أن تتسبب في الإصابة بالأمراض، وتحتوي الألواح المطبوعة للخلايا الشمسية على الرصاص والكادميوم والنيكل، وتحتوي بطاريات الليثيوم أيون على أملاح الليثيوم السامة والمعادن الثقيلة والمعادن الثقيلة مثل الكوبالت والكروم والرصاص والنيكل.
المشكلة نفسها تلوح في الأفق لتقنيات الطاقة المتجددة الأخرى؛ فعلى سبيل المثال، يتوقع الخبراء خلال السنوات الـ20 المقبلة أن ينتهي الأمر بأكثر من 720 ألف طن من شفرات توربينات الرياح العملاقة في مدافن النفايات في الولايات المتحدة.
ووفقًا للتقديرات السائدة، يُعاد حاليًا تدوير 5% فقط من بطاريات السيارات الكهربائية، وهو أمر يؤرّق مصنعي السيارات الكهربائية.
ومعظم محطات إعادة التدوير بالطاقة الشمسية تُزيل الفضة الثمينة والنحاس من الخلايا ثم تُعيد تدوير الزجاج الملوث والأغلفة البلاستيكية عن طريق حرقها في أفران الأسمنت؛ نظرًا لأن العملية مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً، وتلجأ الشركات إلى التخلص من الألواح في مكبات النفايات أو دول أخرى تستقبل شحنات النفايات.
وغالبًا تكون الدول التي تستقبل هذا النوع من النفايات لا توجد لديها البنية التحتية اللازمة للتخلص من هذا النوع من النفايات، ناهيك عن غياب اللوائح التنظيمية المعنية بالتخلص من هذه النفايات على نحو آمن.
ومع استمرار المجتمع في تبني الطاقة الشمسية، قد تتفاقم هذه المشكلة في العقود المقبلة، مع توقع ما يقرب من 80 مليون طن من نفايات الطاقة الشمسية بحلول عام 2050.
حلول الاقتصاد الدائري
يهدف الاقتصاد الدائري إلى إبقاء المواد والمنتجات قيد التداول لأطول فترة ممكنة من خلال المرحلة الأولية لتصميم المنتج للتقليل من كمية حجم النفايات وإعادة استخدامها وإصلاحها وإعادة تصنيعها وإعادة استخدامها وإعادة تدويرها.
لذلك سيكون هذا النموذج للأعمال فرصة لتقنيات الطاقة الشمسية، من خلال تصميم أنظمة الطاقة الشمسية بحيث يمكن تفكيكها بأمان واستخراج المواد الخام وإعادة تدويرها بشكل آمن، بدلًا من اختيار الطريقة الأرخص لإلقاء الألواح في مكبات النفايات.
إن إعادة تدوير الألواح الشمسية يمكن أن يخفف من المخاطر التي تشكلها، على سبيل المثال، تمتلك شركة فيرست سولار، أكبر شركة للطاقة الشمسية في أميركا، منشآت يمكنها استخراج 90% من المواد الموجودة في الألواح، والتي يُعاد تدويرها بعد ذلك إلى ألواح شمسية أو إلكترونيات جديدة. كذلك افتتحت شركة فيوليا الفرنسية، أول مصنع في أوروبا مخصص فقط لإعادة تدوير الخلايا الشمسية.
وتعد الصين والولايات المتحدة أكبر مستخدمين للألواح الشمسية، لكن أوروبا فقط هي التي اتخذت تدابير لتحميل الشركات المصنعة المسؤولية عن نفاياتها، ويطالب الاتحاد الأوروبي شركات الطاقة الشمسية بجمع ألواحها وإعادة تدويرها، مع تضمين تكلفة إعادة التدوير في سعر البيع.
بهذه الطريقة، تُقلَّل نفايات الألواح وتأثيرها في البيئة إلى الحد الأدنى مع زيادة هامشية فقط في سعر الألواح الشمسية للمستهلكين، وفي الولايات المتحدة الأميركية تعد ولاية واشنطن هي الولاية الوحيدة التي تلزم المصنعين بالتخلص من الألواح في منشأة متخصصة.
موضوعات متعلقة..
- مقال - البلاستيك وسوء إدارة النفايات!
- مقال - هل الطريق ممهدة أمام صناعة التحول الأخضر؟
- "نعمة أم نقمة".. نفايات الطاقة الشمسية تتسبّب في أضرار بيئية كبرى
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة ترفع تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط مع أزمة الطاقة
- تباين توقعات الطلب العالمي على النفط خلال 2022 (تقرير)