التغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير الغازتقارير الكهرباءرئيسيةسلايدر الرئيسيةغازكهرباء

هل التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري وراء أزمة الطاقة الحالية؟

رغم التوسع في مصادر الطاقة المتجددة

داليا الهمشري

على الرغم من أن التوجهات العالمية كافّةً تميل نحو تحول الطاقة وتحقيق أهداف الحياد الكربوني، فإن هناك وجهة نظر مغايرة توصي بضرورة إدارة التخلي عن الوقود الأحفوري، محذرة من احتمال مواجهة أزمات طاقة متكررة في المستقبل حال التوجه نحو مزيد من الطاقة المتجددة.

ويرى الكاتب ستيفن بارثولوميوش -في مقاله في موقع صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد ‏الأسترالية- أن تجربة أوروبا والمملكة المتحدة تؤكد أن التخلي عن الوقود الأحفوري يجب أن يُدار بعناية، حتى لا يتحوّل هذا النوع من الأزمات المدمرة التي نشهدها الآن إلى سمة متأصلة في عالم منخفض الكربون.

وقال بارثولوميوش إن أزمة الوقود الفوضوية في المملكة المتحدة تحمل في طياتها عددًا من العناصر المحلية التي تؤجج الأزمة العالمية.

وأوضح أن المملكة المتحدة تشهد نقصًا حادًا في البنزين والديزل، وإغلاق للصناعات الرئيسة بعد اضطرابات شديدة في عمليات التسليم، فضلًا عن إغلاق محطات البنزين، وانهيار صغار موردي الكهرباء، وارتفاع أسعار الكهرباء، وانتشار حالة من الذعر بين المستهلكين.

قضايا داخلية وراء أزمة بريطانيا

أوضح الكاتب أن هناك بعض القضايا الداخلية التي تُفاقم أزمة الطاقة في المملكة المتحدة خاصًة، ومن بينها نقص السائقين نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وندرة الوصول إلى العمال الأوروبيين.

ويُضاف إلى ما سبق: الهيكل الصناعي، إذ يشتري تجار التجزئة الكهرباء من السوق الفورية ويبيعون للعملاء بعقود طويلة الأجل، إلى جانب إغلاق مناجم الفحم ومحطات الطاقة النووية.

ولفت بارثولوميوش إلى أن هذه العوامل لا تفسر سبب تعرّض أوروبا وآسيا لأزمة طاقة مماثلة.

أزمة الطاقة في الصين

تشهد الصين حملة لخفض الانبعاثات الكربونية أجبرت المصانع على الإغلاق أو تقليص الإنتاج، كما أوقفت تشغيل مناجم الفحم ومحطات الكهرباء وأطفأت أضواء الشوارع.

بينما بعض مسببات أزمة الطاقة في الصين ترجع إلى قرارات سياسية مدروسة، كما هو الحال في المملكة المتحدة وأوروبا.

الغاز الطبيعي - ارتفاع أسعار الغاز - مخزون الغاز

وتتمثّل الأزمة المشتركة بين المملكة المتحدة وأوروبا والصين في ارتفاع أسعار الغاز والفحم.

وأشار الكاتب ستيفن بارثولوميوش إلى أن هناك مجموعة معقدة من العوامل وراء الارتفاع المفاجئ في أسعار الطاقة في ظل المكونات المختلفة إلى حد ما في كل من هذه الاقتصادات، إلا أن العامل الشائع هو ارتفاع تكاليف الطاقة.

ارتفاع الأسعار

بدأت أسعار النفط -على سبيل المثال- هذا العام بنحو 50 دولارًا أميركيًا للبرميل، ولكنها تلامس الآن 80 دولارًا.

وكانت أسعار الغاز الطبيعي المسال المرتبطة بالنفط نحو 2.60 دولارًا أميركيًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ولكنها تضاعفت منذ ذلك الحين، وارتفعت الأسعار الفورية للغاز الطبيعي المسال في أوروبا وآسيا إلى نحو 25 دولارًا أميركيًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

وتضاعفت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في المركز الأميركي هنري هوب لأكثر من الضعف، وجرى تداول الفحم الأسترالي بسعر 86 دولارًا أميركيًا للطن في بداية العام، ولكنه يُباع الآن بأكثر من 180 دولارًا أميركيًا للطن.

وتتعلّق بعض القضايا في المملكة المتحدة وأوروبا بسياسات الطاقة الخاصة بهما التي تعتمد على التخلص التدريجي من الفحم والطاقة النووية وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والغاز.

ارتفاع الطلب على الكهرباء

لم تكن هذه المشكلة واضحة خلال الوباء، ولكن مع انتعاش الاقتصاد بشكل كبير عن العام الماضي، ارتفع الطلب على الكهرباء.

ولسوء الحظ، أدّت الرياح الضعيفة بشكل غير عادي في بحر الشمال إلى انخفاض توليد الكهرباء من مزارع الرياح البحرية في المملكة المتحدة وأوروبا.

وسلّط الكاتب ستيفن بارثولوميوش الضوء على تضافر عدد من الأسباب في وجود أزمة الطاقة الحالية، من بينها نقص مستويات تخزين الغاز -نتيجة البرد القارس خلال العقد الماضي-، وعدم رغبة روسيا -التي توفّر أكثر من 60% من الغاز الأوروبي- في زيادة الإمدادات، فضلًا عن زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال في آسيا.

نورد ستريم 2 - نورد ستريم2
عمال في موقع بناء خط أنابيب الغاز نورد ستريم2 - الصورة من وكالة رويترز

مشكلة روسيا

يشكّك الأوروبيون في روسيا، ويشتبهون في أنها تستخدم محنتهم لتأكيد قيمة خط أنابيب الغاز نورد ستريم2 المثير للجدل، فيما تواجه روسيا مشكلتها الخاصة التي تتمثّل في انخفاض مستويات التخزين بشكل غير عادي، وتحاول جاهدة إعادة بناء احتياطياتها المحلية قبل حلول فصل الشتاء.

وأسهم الوباء في تفاقم قضايا العرض والطلب، فمع تراجع الطلب العام الماضي، تضاءل كذلك الاستثمار في النفط والغاز الأميركيين.

وبرزت الولايات المتحدة مُصدّرًا رئيسًا للغاز الطبيعي المسال، لكن المنتجين قلّلوا من الاستثمار والحفر والاستكشاف في ظل الوباء.

كما تعهدت الصين بخفض كثافة انبعاثات طاقتها بنسبة 3% هذا العام ضمن هدفها المتمثل في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وتولّد -حاليًا- نحو ثلثي الكهرباء فقط لديها من الفحم.

إدارة تقليل الوقود الأحفوري

"تجربة أوروبا والمملكة المتحدة تؤكد أن التخلي عن الوقود الأحفوري يجب أن يُدار بعناية، حتى لا يتحول هذا النوع من الأزمات المدمرة التي نشهدها الآن إلى سمة متأصلة في عالم منخفض الكربون"، وفقًا لبارثولوميوش.

وأدى انتعاش الاقتصاد العالمي والطلب المتزايد على السلع الاستهلاكية إلى زيادة كبيرة في الطلب على الكهرباء، حتى إن حظر الفحم الأسترالي تسبّب في ارتفاع تكاليف الطاقة، فقد زادت أستراليا وارداتها من الغاز الطبيعي بنسبة 20% تقريبًا، وهو ما فاقم بدوره مشكلة الإمدادات ورفع تكلفة الغاز في المملكة المتحدة وأوروبا.

حقل الشمال في قطر
مشروع توسعة حقل الشمال في قطر - أرشيفية

مشروعات قيد التنفيذ

تعمل قطر على مشروعات ضخمة للغاز الطبيعي المسال، إلا أنها لا تزال في طور الإعداد، ولن تبدأ حتى النصف الثاني من هذا العقد، وكذلك أستراليا لديها مشروعات جديدة قيد التنفيذ، لكن هذه المشروعات لن تغيّر واقع نقص الإمدادات على المدى القريب.

وبعد أن نجحت أوبك في تحقيق الاستقرار في سوق النفط بتخفيض الإنتاج، لن تكون في عجلة من أمرها لرفع الإنتاج بشكل كبير إلى ما بعد الزيادات المتواضعة نسبيًا التي اتفق عليها أعضاؤها مؤخرًا، على الرغم من ضغوط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وعلى المدى الطويل، ستشهد الالتزامات العالمية بشأن تغير المناخ استثمارات أقل في الوقود الأحفوري وإنتاجًا أقل للنفط والغاز والفحم.

تجربة أوروبا والمملكة المتحدة

أثبتت تجربة أوروبا والمملكة المتحدة -الاقتصادات الأكثر تقدمًا- في استبدال مصادر الطاقة المتجددة بالوقود الأحفوري جزئيًا، أن الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري يجب أن يُدار بعناية لتجنب هذا النوع من الأزمات المدمرة.

واختتم الكاتب مقاله بتأكيد أن إدارة الطاقة عملية ليست محسومة دائمًا، ولا يمكن الاعتماد على إستراتيجية مستدامة في القرن الـ21.

بينما قدّم محللون حلًا آخر لأزمة نقص الطاقة، مشيرين إلى أن تخزين احتياطيات إستراتيجية قد يكون الحل الأمثل لتلافي أزمات مماثلة في المستقبل، وضمان استقرار الأسعار على المدى الطويل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق