وصول الصين للحياد الكربوني قبل 2060 يعود بالنفع على العالم (تقرير)
وكالة الطاقة ترى أن الصين تلعب دورًا مهمًا في جهود العالم لمكافحة تغير المناخ
سالي إسماعيل
الصين هي كلمة السر في الحد من تغير المناخ ومساعدة العالم على الاقتراب أكثر من تحقيق الأهداف المناخية المشتركة، بالنظر لكونها أكبر مستهلك للطاقة عالميًا، وأكبر دولة مطلقة للانبعاثات الضارة بالبيئة -ثلث انبعاثات العالم الكربونية- وثاني أكبر اقتصاد حول العالم.
وبعبارة أخرى، لا يوجد مسار معقول للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية دون الصين، وستكون وتيرة خفض الانبعاثات في الدولة عاملاً مهمًا في الجهود العالمية في هذا الشأن.
وأظهر تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية، اليوم الأربعاء، تحت عنوان "خارطة طريق قطاع الطاقة لتحقيق الكربوني في الصين"، أن البلاد لديها الوسائل التي تمكنها من تحقيق انتقال أسرع من شأنه أن يضع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في انخفاض واضح بعد عام 2025.
كما توصل التقرير إلى أنه بحلول عام 2030 ستكون انبعاثات الكربون في الصين أقل بنسبة 20% تقريبًا عن المستويات الحالية.
وفي هذا الشأن، قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة، فاتح بيرول: "هذا التحول المتسارع من شأنه تحقيق فوائد اجتماعية واقتصادية أكبر للشعب الصيني، إضافة إلى زيادة فرص العالم في الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية.. وأن يفتح إمكانية وصول الصين إلى الحياد الكربوني قبل عام 2060، سيكون هذا مفيدًا للصين وللعالم".
خطة طموحة
تقول وكالة الطاقة الدولية، إن هدف الصين المتمثل في تحقيق الحياد الكربوني قبل حلول عام 2060 يمكن أن يدفع نمو الطاقة النظيفة في العقود المقبلة على نطاق مماثل لما شهدته أنواع الوقود الأحفوري في الأعوام الـ20 الماضية.
وحال نجاح الصين في تحقيق خطتها لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، يمكنها بمفردها خفض درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.25 درجة مئوية كما تشير بعض التقديرات، مقارنة بالارتفاع المتوقع، ولكن كل ذلك يظل رهينة تحويل الخطة الطموحة إلى واقع ملموس.
وتأتي الرؤية الجديدة لمستقبل الصين وسط تقارب متزايد بين كبرى اقتصادات العالم بشأن الحاجة للوصول إلى الحياد الكربوني عالميًا بحلول منتصف هذا القرن.
انبعاثات قطاع الطاقة
يُشكل قطاع الطاقة مصدر نحو 90% من انبعاثات غازات الدفيئة للصين؛ ما يعني أن سياسات الطاقة ينبغي أن تقود عملية التحول لتحقيق الحياد الكربوني.
وفي حين تضاعف استهلاك الطاقة في الصين منذ عام 2005 وحتى الآن، لكن كثافة الطاقة في الناتج المحلي الإجمالي قد تراجعت بشكل كبير في المدة نفسها.
ويمثل الفحم -أكثر مصادر الوقود الأحفوري تلويثًا للبيئة- نحو 60% من توليد الكهرباء، كما أن محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم ما تزال تُشيد، ومع ذلك، فإن إضافات السعة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية تجاوزت أي دولة أخرى.
وفي حين أن بكين هي ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، لكنها -أيضًا- موطن لنحو 70% من سعة تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية عالميًا.
وتوفر الصين أكثر من نصف إنتاج الصلب والأسمنت في العالم، إلا أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من هذين القطاعين فقط في الصين أعلى من إجمالي انبعاثات الكربون في الاتحاد الأوروبي.
ذروة الانبعاثات
كان الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أعلن في سبتمبر/أيلول عام 2020، أن الصين تهدف لبلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل حلول عام 2030، وتحقيق حياد الكربون قبل عام 2060.
وبحسب تحليل وكالة الطاقة، فإن خفض انبعاثات الكربون حتى نهاية العقد الحالي يأتي أساسًا من زيادة كفاءة الطاقة وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة وتراجع استخدام الفحم.
وبحلول عام 2060، من المخطط أن تُولد الطاقة المتجددة كهرباء بما يعادل 7 مرات الكهرباء المنتجة حاليًا من المصدر نفسه، حسبما أفاد التقرير.
ويقول فاتح بيرول، إن الصين تُعد مركزًا للطاقة النظيفة، كما أدّت دورًا رائدًا في العديد من قصص النجاح العالمية حتى الآن من الطاقة الشمسية إلى السيارات الكهربائية.
وتابع: "جهود الصين لتحقيق طموحها في حياد الكربون سيؤدي لازدهار مجموعة واسعة من التقنيات منخفضة الكربون، فضلاً عن انخفاض كبير في استخدام الوقود الأحفوري في العقود المقبلة".
وعلى الجانب الاستثماري، ترى وكالة الطاقة أن مستوى الاستثمارات المطلوبة كي تتمكن الصين من تحقيق أهدافها يتوافق مع إمكانياتها المالية.
وتخطط بكين لوصول إجمالي الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة لنحو 640 مليار دولار سنويًا بحلول 2030 وإلى 900 مليار دولار في 2060، وهو ما يمثل زيادة 60% مقارنة مع السنوات الأخيرة.
تحديات وحلول
حققت الصين تقدمًا ملحوظًا في مسار تحولها نحو الطاقة النظيفة، وفق ما ذكرته وكالة الطاقة الدولية في تقريرها، لكنها ما تزال تواجه بعض التحديات الكبرى.
ويكمن أبرز هذه التحديات في اعتماد الصين على الفحم لتوليد 60% من الكهرباء، فضلاً عن مواصلة البلاد بناء محطات كهرباء جديدة محليًا تعمل بالفحم.
وفي الوقت نفسه، فإن الوصول للأهداف المناخية للصين لا يمكن أن يعتمد على نشر مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية فحسب.
وأمام ذلك، يجب تضمين حلول لمعالجة الانبعاثات من أسطولها الضخم الحالي من محطات الكهرباء العاملة بالوقود الأحفوري، وكذلك مصانع الصلب والأسمنت وغيرها من المنشآت الصناعية.
وكان الرئيس الصيني أعلن الأسبوع الماضي، أن الصين ستتوقف عن بناء محطات كهرباء جديدة تعمل بالفحم في الخارج، فيما يعد بمثابة خطوة إيجابية للحد من الانبعاثات العالمية.
وتوضح خارطة الطريق أن توليد الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة، وخاصةً طاقة الرياح والطاقة الشمسية قد يزيد 7 أمثال في المدة بين عامي 2020 و2060، ليمثل ما يقرب من 80% من مزيج الطاقة في الصين بحلول ذلك الوقت.
ومع تزايد التقنيات المبتكرة الناشئة، مثل الهيدروجين واحتجاز الكربون، بقوة بعد عام 2030، من المرجح أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من القطاع الصناعي بنحو 95% بحلول عام 2060.
موضوعات متعلقة
- لتعزيز إنتاج النفط والغاز.. الصين تعتزم إنفاق 123 مليار دولار
- رغم كورونا.. كيف نجحت الصين في قيادة تعافي صناعة السيّارات عالميًا؟
اقرأ أيضًا..
- أوبك تتوقع نموًا قويًا في الطلب العالمي على النفط حتى 2035
- وكالة الطاقة: تعهدات الحياد الكربوني غير كافية.. وخارطة طريق لتفادي الأزمة