أرقام صادمة في نسب الاحتياطيات الواجب "عدم استخراجها" للحد من الاحتباس الحراري
في تحليل أعده باحثون بكلية لندن الجامعية
هبة مصطفى
كشف تحليل جديد عن أرقام صادمة في نسب التخلّي عن الاحتياطيات العالمية في قطاعات النفط والغاز والفحم اللازمة للحدّ من الاحتباس الحراري.
وأظهر التحليل أنه للوصول لفرصة قدرها 50% فقط للحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري، يتعين على دول العالم التوقف عن حرق 60% من موارد النفط والغاز، فضلًا عن الإبقاء على 90% من احتياطات الفحم في أراضيها؛ لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ بحلول عام 2050.
جاء ذلك وفقًا لنتائج تحليل أعدّه باحثون بكلية لندن الجامعية، ونشرته الصحيفة الأكاديمية "نيتشر" الأسبوع الجاري، وقسّم الباحثون خلاله احتياطيات الوقود الأحفوري غير القابلة للاستخراج حسب المنطقة الجغرافية، مع مراعاة كمية الاحتياطيات والحاجة الاقتصادية لكل منطقة.
دفن الاحتياطيات
وجد الباحثون أنه لتحقيق هذا الهدف تحتاج أستراليا ودول المحيط الهادئ -التابعة اقتصاديًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية- لإبقاء 95% من احتياطيات الفحم لديها دون استخراجها من الأرض، وكذلك 40% من احتياطيات النفط و35% من احتياطيات الغاز يجب أن تبقى دون استخدام.
وحدّد البحث –الذي قاده الاقتصادي بكلية لندن الجامعية دان ويلسبي- تلك الكميات في محاولة للحدّ من الاحتباس الحراري بنسبة 50% إلى 1.5 درجة، باحتساب أن الخفض الكبير والسريع في كميات استخدام الوقود الأحفوري العالمي مهم للحفاظ على الانبعاثات العالمية عند المستويات التي أوصى بها العلماء، لتجنّب آثار تغيّر المناخ.
العالم يحتاج مزيدًا من الخفض
رجّح الباحثون أن تكون تقديراتهم لصناعة الوقود الأحفوري أقلّ مما يحتاجه العالم للتخلص من الاحتباس الحراري، ما يجب أن يدفع الدول لتقليص الإنتاج بشكل أكبر وأسرع.
وأوضحوا أن تقديراتهم يمكن أن تقلل من النسب المطروحة للوقود الأحفوري غير القابل للاستخراج، خاصة في ظل شكوك حول استجابة المناخ العالمي لارتفاع حرارة الأرض.
وأرجعوا تقديراتهم القاتمة إلى التشكك في استجابة النظام الأرضي للحدّ من الاحتباس عند 1.5 درجة مئوية بنسبة 50% فقط؛ ما يتطلب إبقاء المزيد من انبعاثات الكربون داخل الأرض لضمان الاستقرار عند هذا المستوى من درجات الحرارة.
ودعا الباحثون الدول والشركات المعتمدة على الوقود الأحفوري إلى إعادة تقييم التصور المستقبلي الذي أعدّوه، للتحرك بشكل سريع نحو صناعات الطاقة النظيفة.
وقالوا، إن تطوير قطاعات جديدة منخفضة الكربون من شأنها توفير فرص عمل جديدة وعائدات أفضل.
ضغوط على أستراليا
على الجانب الأسترالي، رأى مدير مركز اقتصاديات وسياسات المناخ في الجامعة الوطنية الأسترالية، فرانك جوتزو، أن العالم يستنزف الحدّ الأقصى المسموح به للانبعاثات بشكل سريع.
وأشار إلى أنه رغم عدم انتهاء المخزونات البشرية للفحم أو النفط أو الغاز، فإن الخيارات المتاحة أمام العالم تجاه نفايات الانبعاثات الكربونية قد نفدت.
ولفت إلى أن التحليل الذي خلص إليه الباحثون جاء للتذكير بمدى صغر حجم المساحة المتاحة لاستخدام الوقود الأحفوري بشكل مستمر.
وأوضح أن نتائج التحليل أشارت إلى الضغوط التي ستواجه الدول ذات الاقتصادات الثقيلة التي تستخدم الوقود الأحفوري مثل أستراليا، في الوقت الذي يتجه فيه الاقتصاد العالمي نحو التخلص من الكربون.
سياسة استباقية
في جانب مواز، رأت كبيرة المحاضرين بالجامعة الوطنية الأسترالية، ريبيكا كولفين، أن التحليل جاء إشارة لأهمية سياسة الطاقة الاستباقية للانتقال نحو مصادر طاقة ذات انبعاثات منخفضة.
ولفتت إلى أن الآثار الواقعة على الدول المعتمدة على الوقود الأحفوري لمواكبة التحول العالمي نحو الطاقة منخفضة أو معدومة الانبعاثات ستكون كبيرة.
وقالت، إن التخطيط لهذا الانتقال يكون أكثر نجاحًا إذا كان استباقيًا وليس وليد اللحظة، حتى يتماشى مع الأولويات المحلية للدول، ولدعم العاملين بقطاع الوقود الأحفوري.
عمل إجرامي
الحاصل على الدكتوراه الفخرية في العلوم والتكنولوجيا والمجتمعات بجامعة جريفيث الأسترالية، إيان لوي، أكد أنه يجب التخلي عن أنواع الوقود الأحفوري المعروفة لتجنّب تغيّر المناخ، إذ يرى ذلك أحد أشكال التقاط الكربون وتخزينه بشكل ناجح.
ووصف التوسع الأسترالي المستمر في صناعة الفحم بأنه "عمل إجرامي وغير مسؤول"، وهو ما ينطبق على الاقتراح الحكومي بفتح مناجم فحم أو حقول غاز جديدة أيضًا.
وعلى الصعيد الرسمي الأسترالي، رفضت الحكومة الأسترالية الحالية -برئاسة سكوت موريسون- تحديد أهدافها نحو تحقيق الحياد الكربوني، وواصلت نشاطها لدعم صناعات الوقود الأحفوري في أستراليا.
تمسّك رسمي بالفحم
كان وزير الموارد الفيدرالية، كيث بيت، قد رحّب خلال الأسبوع الجاري باستجابة أستراليا ودول متقدمة لمطالبات الأمم المتحدة بالتخلي عن الفحم بحلول 2030.
وشدد في الوقت ذاته على أن مستقبل الصناعات الحيوية ستحدده الحكومة الأسترالية، وليست جهات أجنبية تهدف لغلق تلك الصناعات دون الالتفات إلى تحمّل الاقتصاد الأسترالي أعباء آلاف الوظائف، وفقد مليارات الدولارات من الصادرات.
وقال، إن الفحم سيكون مسهمًا رئيسًا في الاقتصاد الأسترالي إلى ما بعد عام 2030؛ نظرًا للنمو في الطلب العالمي.
كما منحت وزيرة البيئة الفيدرالية موافقات بيئية تسمح بالتوسع في أعمال منجم روسيل فال شمال ولنغونغ.
اقرأ أيضًا..
- أستراليا تتمسك بمستقبل قائم على الفحم بعد 2030
- المقاطعة الاقتصادية بين الصين وأستراليا تعيد رسم خريطة صادرات الفحم
- أستراليا.. الطاقة المتجددة تتفوق على الفحم في توليد الكهرباء