مفاجأة.. دراسة تحذر من مخاطر مدمرة لـ"الليثيوم"
رغم الاعتماد عليه مؤخرًا في صناعة السيارات الكهربائية والهواتف
داليا الهمشري
في ظل التوجه العالمي نحو تحول الطاقة ومحاولة التغلّب على أزمة تغير المناخ، ظهر الليثيوم بمثابة بديل نظيف في صناعة الهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية.
وفي هذا السياق، تناولت دراسة حديثة أجراها فريق بحث علمي بلجيكي إثيوبي مشترك "أفضل بطارية لتخزين الكهرباء"، مشيرة إلى أن بطاريات الليثيوم أكثر قابلية للاستخدام من الناحية التقنية والاقتصادية.
إلا أن الكاتبة هايزل ساوثويل حذّرت من التبعات الخطيرة لاستخراج الليثيوم على البيئة، قائلة: "على الرغم من الطلب الضخم والمتزايد على الليثيوم لمعالجة الكوارث البيئية التي صنعناها، وصناعة السيارات التي نفضلها، فإنه لا يمكن تجاهل آثاره المدمرة على البيئة".
تلوث الدائرة القطبية
سلّطت هايزل الضوء على المشكلات التي واجهتها الدائرة القطبية الشمالية خلال السنوات القليلة الماضية، مثل ذوبان القمم الجليدية والتلوث البشري الهائل نتيجة أنشطة التعدين.
وأضافت أن الأمر لم يقتصر فقط على الإخلال بالتوازن البيئي، وإنما امتد إلى جعل أماكن التعدين منطقة إستراتيجية تستحق القتال من أجلها، وبمجرد اكتشاف الليثيوم في القطب الشمالي، أصبح من الصعب تجاهله.
"يُستخدم الليثيوم في كثير من الأشياء هذه الأيام، بما في ذلك بطاريات السيارات الكهربائية، ما جعل الاندفاع العالمي من قِبل الشركات المصنعة لامتلاكه بوصفه نوعًا من الاندفاع نحو الذهب"، وفقًا للكاتبة المشاركة هايزل ساوثويل في مقال موقع ذا درايف.
ويفتقر صانعو البطاريات إلي الدقة في تحديد مقدار ما يستخدمونه من الليثيوم، حيث تحتاج بطارية السيارة إلى عدة كيلوغرامات علي الأقل، وربما تصل إلى أرقام مضاعفة (أكثر من 22 رطلاً) إذا كانت سعة بطارية السيارة 100 كيلوواط/ساعة أو أكثر مثل معظم السيارات الكهربائية الجديدة والفخمة.
صعوبة الحصول على الليثيوم
لتلبية طموحات شركات السيارات -مثل جنرال موتورز ودايملر إيه جي وفولكس فاغن- لصناعة بطارية بسعة 240 غيغاواط/ساعة سنويًا خلال عقد من الزمان، فستحتاج كل شركة سيارات إلى 53 مليون رطل من الليثيوم سنويًا.
ويصعب الحصول على الليثيوم، لوجوده في أماكن لا ترغب في تدمير نظامها البيئي، وفقًا لمقال هيزل ساوثويل.
وتُعد رواسب الليثيوم الضخمة في مسطحات أتاكاما الملحية في تشيلي، أحد أماكن التعدين غير المُدمرة بيئيًا، على الرغم من تسببها في بعض المشكلات المحلية الرئيسة نتيجة استهلاكها كثيرًا من المياه.
تعدين مُلوث
هناك طرق أسوأ بكثير للحصول على الليثيوم، مثل تلك التي تستخدمها شركة "كورنيش الليثيوم" البريطانية، إذ تنطوي عملياتها على فصل الـ"ميكا" من الجرانيت، وتفجيرها إلى قطع صغيرة بالماء، ثم استخدام الطريقة نفسها لاستخراج الليثيوم.
وتُكسّر الشركة الصخور بصرف النظر عن الاعتبارات البيئية، بزعم أن أي ليثيوم مستخرجًا من بريطانيا سيكون أكثر صداقة للبيئة بشكل افتراضي، لأنه لن يحتاج إلى السفر لأميال.
كما تتبع شركة روساتوم الروسية الطريقة نفسها في التعدين في شبه جزيرة كولا، شمال غرب روسيا، على الرغم من سعيها لبناء منشآت طاقة نووية حديثة ونظيفة، لكنها تصب اهتمامها في القطب الشمالي على استخراج الليثيوم لاستخدامه في الرؤوس الحربية النووية الحرارية والمركبات الكهربائية، وفقًا لصحيفة بارنتس أوبزرفر.
أطماع في معادن أفغانستان
في الشهر الحالي تقترن المآسي البشرية المؤلمة لإعادة سيطرة طالبان على أفغانستان بمخاوف بشأن الثروات المعدنية غير المستغلة هناك، التي تُقدّر بتريليون دولار، بما في ذلك الليثيوم.
ومن المتوقع أن يقود الجشع إلى الوصول للموارد خلال العقد المقبل، بصرف النظر عن الكوارث المناخية المروعة.
ودفعت الدائرة القطبية الشمالية بالفعل الكثير من تكلفة صناعة المركبات الكهربائية، إذ يُعدّ منجم نوريلسك للنيكل أكثر الأماكن المُلوثة في العالم.
التعدين في أماكن محمية بيئيًا
وإذا بدأ التعدين في شبه جزيرة كولا، التي تقع في أقصي شمال روسيا، فسيكون في رواسب الصخور الصلبة الفريدة التي تقع بالقرب من بحر بارنتس، والتي تُعرف بـ "رواسب كولموزيرو".
وصُنفت هذه المنطقة مؤخرًا محمية طبيعية عام 2018، بوصفها منطقة مهمة للطبيعة ولـشعب "سامي" - وهو أحد الأقليات الـ5 المُعترف بها في السويد-
وتعترف الأمم المتحدة بتلك القومية بصفتها شعبًا أصليًا لهم الحق في الحفاظ على ثقافتهم وهويتهم وعاداتهم وتقاليدهم ولغاتهم وتطوير حِرَفهم، وتُعدّ تربية قطعان الرنّة جزءًا رئيسًا من هَويتهم وإرثهم التاريخي واقتصادهم.
ويتعرّض هؤلاء السكان للخطر بسبب تعدين الليثيوم في الوقت الحالي.
ويمثّل البحث عن مصدر أميركي لنفط هذا القرن "الليثيوم" تبريرًا للتعدين على الأرض المقدسة لأهالي بايوت شوشون في ولاية نيفادا.
وتقول شركة "ليثيوم أميركا" إن ممر ثاكر يحمل 2.6 مليار دولار من قيمة الليثيوم، وتعتمد خطتها على التحايل للخروج من المنطقة من خلال التعدين المكشوف للكتل، وهي عملية مدمّرة بشكل رهيب تتسبّب في حفر وديانًا عميقة ومدمرة من خلال الرواسب.
اقرأ أيضًا..
- أفضل بطارية لتخزين الكهرباء.. دراسة تكشف أسباب تفوق الليثيوم على الرصاص
- سوق البطاريات الأوروبية.. لائحة مشددة لمعايير الاستدامة والتدوير
- عيوب تصنيع البطاريات.. "إل جي كيم" الكورية تخسر 6 مليارات دولار